موقع النيلين:
2024-06-16@11:36:53 GMT

عام على الفراق

تاريخ النشر: 10th, April 2024 GMT


ها هو عامنا القمري الأول يمضي منذ أن اصطفاك ربك شهيدة في الأيام الأولى لتمرد و حرب المليشيا المجرمة الإرهابية التي استهدفت منزلنا بصاروخ موجه لتلحقي بأخيك شهيد الميل 40 شمس الدين الأمين (شميس) ، و بوالدتك الحاجة مريم إسماعيل شيبون المرأه الصالحة التقية التي سبقتك إلى ربها بنحو سنتين في أبريل 2021 و كنت دائماً ما تقولين لي بأنك ستكونين أول اللاحقين بها !!

أذكر في ذلك اليوم الخامس عشر من أبريل 2023 الموافق الرابع و العشرين من رمضان 1444 و أنا نائم بعد أن أنجزت أعمالي الصباحية جاءني صوتك عند الساعة التاسعة تقريباً ( أصحى إنت ما سامع صوت الضرب) فصحوت و قلت لك إنها الحرب التي كنا و غالبية الشعب السوداني نتوقعها و نحن نشاهد و نتابع حشد مليشيا الدعم السريع لقواتها و آلياتها في كل مكان داخل العاصمة منذ عدة أسابيع و الذي تصاعد في الأيام الأخيرة عندما رأى الجميع الجرارات و هي تحمل الدبابات و المدرعات قادمة من دارفور ، و كنا قد تابعنا قبل ثلاثة أيام من ذلك اليوم توجه عشرات العربات القتالية المجهزة تحمل مئات الجنود من قوات الدعم السريع و هي تحاصر مطار مروي !!
كانت ترتيباتك للتعامل مع الوضع سريعة و بجدية و صرامة :
– المراتب أرضاً و النوم أرضاً !!

– شراء الإحتياجات اللازمة من المواد الغذائية الجافة (و كنت قبل ذلك ألاحظ تجفيفك لبقايا الرغيف منذ بداية رمضان) !!

و أذكر أنك أحضرت من الدكان أيضاً كمية غير معتادة من (القرنفل) و عندما سألتك إبتهال عن سبب ذلك كان ردك بالحرف الواحد (إذا الواحد مات ما يلقى حاجة يحنطوه بيها) !!
– شراء الكهرباء عبر بنكك و بسرعة !!
– التأكد من تعبئة الصهريج و كل إناء يمكن تعبئته بالماء !!

– نصحك لنا بعدم متابعة ما تنقله القنوات من أخبار خاصة قناتي العربية و الحدث و كذلك ما تنشره مواقع التواصل الإجتماعي عن الحرب !!
– التواصل مع معظم الأهل للإطمئنان عليهم !!

– مواصلة إكمال تجهيزات و ترتيبات العيد (النظافة – تركيب الستائر – تجهيز الخبائز) و غيرها !!
لقد كان تعاملك مع الحرب بصورة جادة أكثر منا جميعآ !!
أما اليوم الأخير من رمضان و الحرب قد مضى على بدايتها خمسة أيام فقد كان كل شيئ في بيتنا يوحي بوقوع حدث ما !!

فقد كان حديثك خلال جلستنا التي تلت الإفطار كله منصب حول تذكيرنا بنعم الله علينا و قد عددت منها الكثير الذي لم نكن نفطن له ، و كان حديثك عن الكيفية التي تعدين بها وجباتنا : (أنا أكلكم ده بدخلو معمل عديل كده ثم بعد ذلك أقوم بطبخه) و كأنك تنقلين (الملف) إلى إبتهال التي كنت قد أحسنت تربيتها و علمتيها الثقة بالنفس و الكثير ، حتى فنون الطبخ التي يبدو أنها قد تفوقت عليك في بعض أصنافها !!

ثم كان حديثك الذي يشبه الوصية الأخيرة (المرحلة الجاية من حياتكم مختلفة فاستعدوا لها) !!
و كانت وصيتك لي و أنا في طريقي لأداء صلاة العشاء و كنت إماما للمصلين في الأيام الأخيرة بعد سفر إمام مسجدنا في إجازة العيد (ما تطول الصلاة لأنو الدنيا حرب) !!

و بعد أن تناولنا وجبة العشاء إنصرف كل منا إلى ما تبقى واجباته :
أنت لترتيب و مراجعة نظافة الحوش ، إبتهال للنظافة الداخلية ، و أنا لإكمال كي ملابسي !!
و سبحان الله فمنذ تلك اللحظات كان التواصل بيننا عبر النظر فقط ، و كانت آخر نظرة لك لإبتهال عبر الشباك عندما سمعنا صوت إنفصال الصاروخ الذي أطلقته علينا المليشيا المتمردة عند الساعة 12:26 ص من شارع مدني جوار مباني جمعية قطر الخيرية و كانت إبتهال حينها تناديك (يا ماما أدخلي ، يا ماما أدخلي) و مع آخر نداء لها كان الصاروخ قد سقط و انفجر فأصابتك شظاياه و سمعناك و سمعك الجيران و أنت ترددين الشهادة و كانت تلك آخر كلماتك و بعدها لم نسمع لك صوتا رغم محاولات إسعافك التي بذلت فيها إحدى الطبيبات الفاضلات دكتورة دانية عتباني بعد أن حولت منزلها في مربع (84) إلى مركز للإسعافات هي و طاقمها المساعد مجهودا كبيراً لإسعافك ، و كنا قد وصلناه بعد بحث مضن عن أي مستشفى عامل في تلك اللحظات ، لكن قضاء الله كان نافذا و الإصابات كانت مؤثرة و قاتلة ففاضت روحك الطاهرة إلى بارئها عند الساعة الثانية و النصف صباحاً فجر عيد الفطر المبارك فأكرمنا الله بأن صلت عليك جموع كبيرة من المصلين و الجيران و الأهل و الأصدقاء و الآحباب و الزملاء قبل أن يوارى جثمانك الثرى في مقابر الجريف غرب (الشيطة) .

اللهم اغفر لأم إبتهال و ارحمها و ارض عنها و ارفع درجتها و ارزقها أعالي الجنان و اجمعنا بها و الأهل و الأحباب في جنات النعيم .
و لا نقول إلا ما يرضيك عنا (إنا لله و إنا إليه راجعون)
أبو إبتهال

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

العيد.. في عيون المبدعين

سعد عبد الراضي (أبوظبي)
للعيد وقع خاص في قلوب المبدعين، لما يملكونه من فرط في الإحساس، ومستشعرات استقباله في الوجدان، تجعلهم يشكلون منه صورة، يتأملون تفاصيلها وكأنها لوحة مفعمة بالفرح والعطاء والمودة والحب، وبالرغم من أن لكل مبدع ذاكرته الخاصة التي تشكلت من مواقف وذكريات في العيد، إلا أنهم جميعاً يشتركون في أن الصورة دائماً جميلة ومبهجة، ومهما اختلفت وسائل التعبير بينهم إلا أن الإبداع هو الإبداع، معينه واحد رغم اختلاف جداوله. 
«الاتحاد» استطلعت آراء عدد من المبدعين حول رؤيتهم للعيد وذكرياتهم فيه...

شعور إنساني 
بداية، قال الأديب حارب الظاهري: العيد مناسبة سعيدة لها خصوصيتها من عادات وتقاليد وطقوس، نشأنا وتربينا عليها، ويرتبط بها وجداننا، ومن بينها الالتقاء بالأهل والأصدقاء، ولأن العيد ينتمي دائماً للشعور الإنساني فهو ينتمي أيضاً بشكل أو بآخر للكتابة وعالمها الإبداعي.
وعن ذكريات العيد، أشار: ذكريات العيد، ستظل عالقة في الذهن لا تمحى من الذاكرة، مهما مر العمر، ومن أهمها تلك التي ترتبط بالطفولة، فطفولتنا في العيد تشكل نسيجاً جميلاً من الذكريات، حتى وإن كان بعضها حزين، إلا أن تطواف الفرح يكمن في العيد، مهما كانت الذكريات المصاحبة له.

صورته حاضرة 
وقال الفنان ياسر النيادي: العيد عبارة عن صورة حاضرة في الذاكرة، تذكرني بحبات سكر النبات التي كان يعطينا إياها جدي قبيل الفجر ونحن ذاهبون لأداء صلاة العيد، أيضاً صورة العيدية والأيادي المخضبة بالحناء في هذا اليوم الجميل، ولا أنسى حالة التواصل التي كانت تتم في مجتمع الحارة والفرجان التي كنا نسكنها، حيث نتنقل من بيت إلى بيت، ونحن نتبادل التهاني والسلام، وأضاف: بالنسبة لي صورة العيد لا تزال حاضرة في وجداني منذ الطفولة مهما تقدم بي العمر، وأشعر أن العيد تجربة تخاطب جميع الحواس الخمس، من مشاهد رأيتها وأصوات وضحكات سمعتها، إلى عبق وروائح وعطور منتشرة في الأرجاء استنشقتها.
وتابع: أن ملمس عدة أشياء نعرفها تشكل جزءاً من هذا العيد، فالعيد بالنسبة لي تجربة عامرة وحاضرة في ذاكرتي، وتجديدها كل عام يؤكد أن حالة الفرح به تظل دائماً موجودة. 

أخبار ذات صلة «العيدية».. بهجة الصغار أغاني العيد.. «أنشودة الفرح»

فرحة لا توصف 
وأكد الخطاط والفنان التشكيلي ورسام الكاريكاتير الإماراتي علي الأميري: بالنسبة لي فإن عيد الفطر وعيد الأضحى يعكسان لي الشعور بفرحة لا توصف، ولدي فيه طريقة خاصة بي كفنان، حيث أقوم بتجهيز بطاقة تهنئة أستخدم فيها الخط العربي، في لوحات الرسم التشكيلي المعتاد أو الرسم الكاريكاتيري الذي يناسب الأعياد، لأقوم بعد ذلك بإرساله للأهل والأصدقاء.
وعن ذكرياته في العيد، قال: أحب الجلوس على البحر في مكان هادئ، حيث أقوم بالكتابة بالخط العربي على رمال الشاطئ، بحيث يمنحني فرصة التعبير بلوحة تشكيلية تحاكي مشاعري الخاصة بالعيد.
ويضيف: أحس بشعور الفنان عندما أرسم على شواطئ البحر، وكأن البحر يحاكيني ويحاكي فرشاتي، وعندما أرسم على الرمال، أشعر بفرحة البحر بي، وأنا أنثر إبداعاتي على شاطئه، كما أستشعر صوت الموج كأنه يحاكيني ويحاكي إبداعاتي ورسوماتي وخطي.
ويتابع: من ذكريات العيد في الصغر، كنت لا أستطيع النوم في ليلة العيد، من فرط الفرح بقدومه وانتظار ارتداء الثوب الجديد، وبعد ذلك أتوجه إلى المصلى لأداء صلاة العيد، وبعد الرجوع إلى البيت والسلام على الأهل وخاصة الوالدين، أقوم بالخروج مع الأصدقاء إلى أماكن الألعاب، والمشاركة في وجبتي الغداء والعشاء معهم.

حنين وشوق 
وتقول الأديبة شيخة الجابري: الحديث عن العيد دائماً ذو شجون، لما نحمله له في داخلنا من ذكريات، وشعور عميق بالحنين والشوق إلى الأيام التي كنا فيها صغاراً، نتقافز من مكان إلى آخر، نبحث عن العيدية وننشد الأهازيج الشعبية، التي كانت متداولة في أيام الطفولة، وأتمنى أن يستطيع أبناؤنا معاودة ترديدها بذلك الترحاب والفرح الذي كان يعتمل نفوس الأطفال، وهم ينتقلون من منزل إلى منزل ليلتقطوا العيدية، التي كانت رغم ضآلة قيمتها وقتها، تمثل لهم فوزاً بما لم يفز به غيرهم، وأضافت لن ننسى طفولتنا والأطفال يذهبون بعد صلاة العيد إلى حيث توجد الألعاب الشعبية، ثم يؤدون الطقوس والعادات المتمثلة في زيارة الأهل والأقارب، ولذلك أقول إن للعيد صورة نمطية رفيعة لا يعرفها إلا من عاش تفاصيلها.
العيد قديماً أحلى 
وقال الأديب سعيد البادي «للعيد فرحته وبهجته دائماً، وربما يسأل سائل، ويقول: لماذا كان العيد قديماً أحلى، وأجيب: ربما لأن إنسانية الإنسان كانت أجمل، وكانت الحياة بسيطة وأقل تعقيداً، ومستويات المعيشة كانت متقاربة، والعلاقات بين الناس كانت قوية ومتينة رغم صعوبتها، حيث كان الفرد يفكر في الجار والرفيق والأخ أكثر من تفكيره في نفسه، ولعل لوسائل التواصل الاجتماعي حالياً، تأثير كبير في تغير الكثير من المظاهر التي كانت مرتبطة بالعيد قديماً.

مقالات مشابهة

  • المساعي الاميركية للجم التصعيد مستمرة وقلق أممي من صراع أوسع نطاقًا
  • إسرائيل تهيّئ أميركا للحرب وحزب الله يتسلّح بـانتصاراته؟
  • العيد.. في عيون المبدعين
  • بين تكبيرات العيد ودمع الفراق.. وداع مهيب لوالد نجم الأهلي السابق فى المنيا
  • هيروشيما.. ضحية يورانيوم الكونغو الديمقراطية
  • تحت أصوات المدافع والرصاص.. أهل غزة يبحثون عن بصيص فرحة بعيد الأضحى
  • حسابات معقّدة أمام هجوم إسرائيلي واسع على حزب الله اللبناني
  • حج الموعودين وأرواح المشتاقين
  • القلق الشديد يخيم على جبهة الجنوب.. وحذر شديد من تصاعد المواجهة
  • خبير عسكري لبناني: أمريكا تدير الحرب منذ بدايتها في غزة ولبنان