لماذا فشلت خمس محاولات لإقامة دولة كردية ؟
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
آخر تحديث: 11 أبريل 2024 - 10:16 صبقلم: أحمد صبري استكمالًا لِمقالِنا السَّابق الَّذي حمَل عنوان (بغداد ـ أربيل هل الطَّريق سالكة) المنشور في هذه الصحيفة الغراء (الوطن العُمانيَّة) مؤخرًا، نستعرض مسار العلاقة الشَّائكة بَيْنَ أكراد العراق ودوَل العالَم، لا سِيَّما دوَل الجوار الكردي بعد أكثر من (100) عام على أوَّل تجربة إقامة دَولة كرديَّة، في محاولة لاستجلاءِ الموقف من سَعيِ الأكراد لإقامة دَولة، ولماذا فشِلَت المحاولات الخمس ودَوْر العامل الخارجي في إجهاضها، فضلًا عن الظُّروف الَّتي رافقت تلك المحاولات الَّتي وصفها رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني بأنَّ تجربة المئة عام كانت فاشلة، ولَمْ تستجبْ لِطُموحاتِ ومشاغل الشَّعب الكردي.
وحتَّى نضعَ مسار العلاقة في سياقها الصَّحيح بَيْنَ بغداد وأربيل، من المناسِب التوقُّف عِنْد تجربتَيْنِ كادتا تُمهِّدان لِتَصويبِ تلك العلاقة وتضعانها في مسارها وخواتيمها المرجوَّة بشراكة حقيقيَّة بَيْنَ الطرفَيْنِ.. الأولى كانت في بيان الـ(11) من آذار ـ مارس 1970 عِنْدما اتَّفقت القيادة العراقيَّة مع القيادة الكرديَّة على حلٍّ واقعي نال موافقة جميع الأطراف وصدور بيان الحادي عشر من آذار ـ مارس الَّذي رسمَ مسار وأُفق العلاقة بَيْنَ الطرفَيْنِ عَبْرَ الشَّراكة وتحديد مناطق الحُكم الذَّاتي للأكراد الَّتي لَمْ تعمرْ طويلًا وانتهت بالفشل. فيما كانت التجربة الثَّانية عام 1991 بعد حرب الخليج الثَّانية عِنْدما عرضت القيادة العراقيَّة على الوفد الكردي برئاسة البرزاني والطَّالباني صيغة مطوَّرة وموسَّعة لِلحُكم الذَّاتي لِلأكرادِ مع ضمانات بالالتزام بمفرداتها، غير أنَّ هذه المحاولة فشِلَت أيضًا بسبب الضُّغوط الأميركيَّة على الوفد الكردي الَّتي أكَّدت لَهُم أنَّ واشنطن بوارد إسقاط النِّظام، ورأتْ في اتِّفاق الأكراد معه ما يقوِّيه ويُعرقل المحاولات الأميركيَّة لإضعافِه ثمَّ تغييره، الأمْرُ الَّذي ظلَّت هذه العلاقة غير مستقرَّة ومرهونةً بقرار العامل الخارجي الَّذي وضعَ القضيَّة الكرديَّة في متاهات، وأُفشلت بسببه خمس محاولات لإقامة دَولة كرديَّة. ولِلتَّوضيحِ، فإنَّ الوفد الكردي الَّذي زار بغداد عام 1991 ضمَّ جميع الأحزاب الكرديَّة بَقِيَ في بغداد نَحْوَ ثلاثة أشْهُر بانتظار موافقة قياداته على الصِّيغة الموسَّعة لِلحُكم الذَّاتي الَّتي اقترحَتْها بغداد حينذاك، والسَّبب كما راجَ في تلك الفترة أنَّ القيادة الكرديَّة كانت تريد ضمانات دوليَّة لاتِّفاقها مع بغداد، وعِنْدما التقيتُ (أنا) بالبرزاني وأجريتُ معه حوارًا نُشر في الصُّحف العراقيَّة سألتُه عن سببِ تأخير توقيع الاتِّفاق مع بغداد، والمعلومات الَّتي أشارت إلى مطالبة الأكراد بضمانات دوليَّة لأيِّ اتِّفاق مع العراق؟ أجابني بالحرف الواحد: إنَّ صدام حسين هو ضمانة الأكراد في أيِّ اتِّفاق مع الحكومة العراقيَّة، ومردُّ هذا التَّأكيد هو أنَّ الحلَّ ينبغي أن يكُونَ عراقيًّا، وأنَّ اللجوء إلى العامل الخارجي ربَّما لا يُحقِّق لِلأكرادِ ما يصبون إِلَيْه بسَببِ النُّفوذ والمصالح والأطماع الخارجيَّة. وتاريخيَّا شهدت المئة عام خمس محاولات لِقيامِ دوَل كرديَّة ولَمْ تعمرْ أيٌّ مِنْها طويلًا، كما هو متداول في وسائل إعلام كرديَّة ومن أرشيفها. وأوَّل دَولة كرديَّة أسَّسها الشيخ محمود الحفيد في مدينة السليمانيَّة عام 1922 وعاشت سنتَيْنِ فقط قَبل أن تزحفَ القوَّات العراقيَّة مدعومةً من بريطانيا لإجهاضِها، فيما تكرَّرت المحاولة الثَّانية عام 1923 واستمرَّت حتَّى العام 1929 واتَّخذت من منطقة ناجورنو كاراباخ وطنًا لهَا، وهي منطقة مُهِمَّة تقع بَيْنَ أرمينيا وأذربيجان.وشهد العام 1929 التجربة الثَّالثة بِتأسيسِ جمهوريَّة لاجين برئاسة وكيل مصطفاييف، ولكن لَمْ يُكتبْ لهَا النَّجاح وانهارت بسرعة، فلجأَ مصطفاييف إلى إيطاليا. وعِنْد انتهاء الحرب العالَميَّة الثَّانية مستغلَّةً ضعف الحكومة الإيرانيَّة ودعمَ الاتِّحاد السوفيتي للأكراد أسَّست المعارضة الكرديَّة جمهوريَّة مهاباد، وهي التجربة الرَّابعة. وانهارت مهاباد سريعًا بفعل تحالفات الشَّاه مع بريطانيا والولايات المُتَّحدة، وتخلِّي ستالين عن الأكراد مقابل صفقة نفط مع الشَّاه، فغرقت مهاباد في بحر المصالح الدوليَّة المُتشابكة من غير أن تجدَ دَولة واحدة تساعدها. والتجربة الخامسة: هي آرارات بعد إعلان إحسان نوري باشا ثورة في مناطق جبال آرارات التركيَّة عام 1930 باسم «ثورة آغري». واستنادًا إلى ما تقدَّم فإنَّ جديد المواقف بمسار العلاقة بَيْنَ بغداد وأربيل تدعو لِلحذَر والقلَق معًا؛ جرَّاء قرار القيادة الكرديَّة بمقاطعة الانتخابات المُقبلة، والتَّلويح بانسحاب الأكراد من العمليَّة السِّياسيَّة؛ جرَّاء غياب موقف حكومي واضح من مسار العلاقة مع أربيل الَّتي يكتنفها الغموض وعدم الثِّقة، ومفتوحة على جميع الخيارات. ونخلص بالسؤال: هل تستخلص القيادة الكرديَّة الدُّروس من تلك التجارب الَّتي شهدتها خلال المئة عام؟ أم أنَّها تدفعُها لِلبَحثِ عن خيار جديد يجنِّب العراق وكردستان مآسي وحروبًا سيكُونُ الخاسر فيها العراق ومستقبلُه، لا سِيَّما أنَّ دوَل الجوار الكردي تقف بالضدِّ من تكرار التجارب السَّابقة، وتؤسِّس لِمرحلةٍ جديدة قاعدتها الثِّقة والشَّراكة في إطار العراق الموَحَّد؟ لأنَّ الرِّهان على الخارج طبقًا لِمواقفِ دوَل الجوار وحتَّى الدوَل الكبرى غير مضمون ومتوافر في الوقت الحاضر، رغم أنَّ العامل الخارجي خذَل وأفشَل حلم الدَّولة الكرديَّة سابقًا؛ لأنَّ الواقع وليس الآمال ما ينبغي أن يدركَه الأكراد في أيِّ خطوة يخطوها في ظلِّ حقلِ الألغام الَّذي يَسيرون فيه. ولِتفادي انفجار حقول الألغام فإنَّ الاستدارة نَحْوَ الحوار وحلِّ القضايا العالقة مع بغداد وفق رؤية لِعلاقةٍ جديدة هي مَن تؤسِّس لِبناءِ الثِّقة والشَّراكة والعيش المشترك بعيدًا عن الإملاءات الخارجيَّة الَّتي تتقاطع مع تطلُّعات العراقيِّين عربًا وأكرادًا في بناء وطن موَحَّد تسُودُه العدالة ويحكُمه القانون الَّذي يضْمَن حقوق الجميع.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: مسار العلاقة ة الکردی
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية إسبانيا يؤكد تأييد بلاده الرسمي لإقامة دولة فلسطينية
أكد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، أن بلاده تؤيد بشكل رسمي إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة وجغرافيا متصلة، وعاصمتها "القدس الشرقية"، مضيفا أن "هذا شرط لا غنى عنه لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة".
وصرح وزير الخارجية الإسباني بأن العمليات العسكرية الجارية في قطاع غزة "لم تعد تهدف سوى إلى تحويله إلى مقبرة كبرى"، مجدداً موقف بلاده الرافض لاستمرار الحرب وما تخلفه من "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".
ودعا ألباريس إلى تعليق اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والاحتلال الإسرائيلي، في ظل ما وصفه بـ"الانتهاكات المتواصلة للقانون الدولي وحقوق الإنسان" في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
El último hospital de Gaza ha dejado de funcionar. Los bombardeos continúan hoy cerca de un centro de reparto de ayuda. Israel tiene que parar ya esta guerra inhumana. Los gazatíes, sus niños y niñas, merecen salud, educación y dignidad. (1/2) — José Manuel Albares (@jmalbares) June 1, 2025
كما أكد الوزير دعم بلاده للتحقيقات الدولية الجارية بشأن احتمال وقوع "إبادة جماعية" في غزة، مشيراً إلى أن مدريد تشارك رسمياً في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
إسبانيا تدين بناء 22 مستوطنة
وأدانت وزارة الخارجية الإسبانية، الجمعة الماضي، قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بالموافقة على إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، واعتبرته انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، وخطوة تهدد فرص تحقيق السلام في المنطقة.
وقالت الوزارة، في بيان رسمي، إن الحكومة "تستنكر بشدة" هذه الخطوة، وتُبدي بالغ أسفها لتصاعد الهجمات العسكرية الإسرائيلية في الضفة، بما في ذلك على مخيمات اللاجئين، محذرة من أن الاستيطان يقوض إمكانية تطبيق حل الدولتين.
وأوضح البيان أن تسعاً من هذه المستوطنات تُعد جديدة كلياً، وفقاً لمنظمة "السلام الآن" الإسرائيلية، فيما أُقيمت 12 منها خلال السنوات الأخيرة كمزارع غير مرخصة أو وحدات استيطانية سيتم تقنينها بموجب القرار الجديد، بينما ستُدمج المستوطنة الأخيرة ضمن مستوطنة أكبر، مع الاعتراف بها ككيان مستقل.
وشددت الخارجية الإسبانية على أن تحقيق السلام يتطلب إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، عاصمتها القدس الشرقية.
وبدعم من وزير الخارجية الإسباني، عقد اجتماع مشترك لوزراء خارجية دول أوروبية وعربية ضمن إطار "مجموعة مدريد"، لبحث مستجدات الأوضاع في قطاع غزة وسبل الدفع نحو تنفيذ حل الدولتين.
Hace exactamente un año, España reconoció el Estado de Palestina.
No hay otra vía para la paz en Palestina y para la paz en Oriente Medio que la aplicación de la solución de dos Estados.
Gaza es una herida abierta en la humanidad. España va a seguir alzando la voz y actuando. pic.twitter.com/cpRPgwjaVi — José Manuel Albares (@jmalbares) May 28, 2025
وأوضح الوزير الإسباني أن هدف الاجتماع يتمثل في "حشد الجهود الدولية لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة"، والتي وصفها بأنها "لا تهدف إلا إلى تحويل القطاع إلى مقبرة واسعة"، داعياً إلى إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري، ومن دون عراقيل أو تدخلات سياسية.
كما أكد ألباريس أن من غير المقبول أن يحدد الاحتلال الإسرائيلي هوية المتلقين للمساعدات وكمياتها، مضيفاً أن الاجتماع يسعى إلى دعم إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، موحدة جغرافياً بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتخضع لسلطة فلسطينية واحدة، وتكون القدس الشرقية عاصمتها.
ودعا ألباريس المجتمع الدولي إلى الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، معتبراً أن الاعتراف هو "الخطوة الأولى نحو سلام دائم في الشرق الأوسط".