واشنطن-سانا

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي بشكل طفيف للعام الجاري إلى 3.2 بالمئة وفقاً لأحدث تقرير لآفاق الاقتصاد العالمي نشر اليوم.

وأوضح صندوق النقد الدولي أن “الاقتصاد العالمي يتجه لعام آخر من النمو البطيء والمطرد في الوقت نفسه، إذ تدفع قوة اقتصاد الولايات المتحدة الناتج العالمي ليتجاوز الرياح المعاكسة الناجمة عن استمرار التضخم المرتفع وضعف الطلب في الصين وأوروبا وتداعيات حربين إقليميتين”.

ويتوقع الصندوق نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العالمي 3.2 بالمئة لعامي 2024 و2025 وهو المعدل ذاته لعام 2023.

وجرى تعديل توقعات عام 2024 بالرفع 0.1 نقطة مئوية عن تقديرات تقرير آفاق الاقتصاد العالمي السابق في كانون الثاني الماضي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى المراجعة الصعودية الكبيرة لتوقعات نمو الاقتصاد الأمريكي.

ورفع الصندوق توقعاته لعام 2024 لنمو الاقتصاد الأمريكي إلى 2.7 بالمئة بزيادة 0.6 نقطة مئوية عن التوقعات السابقة في كانون الثاني.

وأظهرت أحدث توقعات لصندوق النقد الدولي تباينات صارخة مع دول أخرى بما في ذلك منطقة اليورو، حيث تم تخفيض توقعات النمو لعام 2024 إلى 0.8 بالمئة نزولاً من 0.9 بالمئة في كانون الثاني، ويرجع ذلك أساساً إلى ضعف معنويات المستهلكين في ألمانيا وفرنسا.

كما تم تخفيض توقعات النمو في بريطانيا لعام 2024 بمقدار 0.1 نقطة مئوية إلى 0.5 بالمئة، حيث تكافح البلاد مع ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم المرتفع المستمر.

وحذر صندوق النقد الدولي أيضاً من ضعف أداء الدول منخفضة الدخل مقارنة ببقية العالم، حيث خفض الصندوق تقديراته لنمو هذه الدول وشهدت هذه البلدان تضخماً أعلى من المتوقع بسبب الدولار الأمريكي وتأثير ارتفاع تكاليف الغذاء والوقود والأسمدة.

كما قال صندوق النقد الدولي في تقريره: إنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الروسي بنسبة 3.2 بالمئة هذا العام ارتفاعاً من التوقعات السابقة البالغة 2.6 بالمئة والتي نشرت في كانون الثاني.

وترك صندوق النقد توقعاته لنمو الصين دون تغيير عند 4.6 بالمئة في عام 2024، وحول بعض دول الأسواق الناشئة رفع الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد البرازيلي في عام 2024 بمقدار نصف نقطة مئوية إلى 2.2 بالمئة، وزاد توقعات النمو الاقتصادي في الهند بمقدار 0.3 نقطة مئوية إلى 6.8 بالمئة.

وأشار التقرير إلى أن مجموعة العشرين من دول الأسواق الناشئة الكبرى تلعب الآن دوراً أكبر في النظام التجاري العالمي ولديها القدرة على تحمل المزيد من أعباء النمو في المستقبل.

ولفت صندوق النقد إلى أن “الدول النامية منخفضة الدخل لا تزال تعاني من إجراءات التكيف بعد الجائحة ومستويات أعلى من الندوب الاقتصادية مقارنة بالأسواق الناشئة متوسطة الدخل”.

وتم تخفيض توقعات نمو هذه الدول النامية منخفضة الدخل في عام 2024 إلى 4.7 بالمئة من تقدير سابق بلغ 4.9 بالمئة في كانون الثاني.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

‏اقتصاد ليبيا بخير وفق مؤشرات صندوق النقد الدولي

‏على الرغم من البنية الهشة من حيث الأساس للاقتصاد الوطني الليبي نتيجة اعتماده على النفط مصدرا شبه وحيد للدخل، ونتيجة لطبيعته الريعية منذ عقودٍ اتسمت بانفراد الدولة بكل شيء على حساب تضاؤل دور القطاع الخاص، هذا عدا أنه اقتصاد منكشف على الخارج بشكل شبه كامل، ‏إلا أن مؤشرات تعافي اقتصادنا وفق توقعات صندوق النقد الدولي حقيقية؛ إذ توقع الصندوق نمو الناتج المحلي الإجمالي (GDP) لليبيا بنسبة 8 في المئة عام 2024، وهو بلا شك مؤشر ناطق على قدرة ليبيا على تحقيق انتعاش اقتصادي قوي ومستدام، وهو ذات التوجه الذي أيد فيه خبراء مجلس التطوير الاقتصادي رأي خبراء صندوق النقد الدولي.

‏ولم يكن التعافي المرصود مفاجئا لنا أو وليد الصدفة، بل هو ناتج عن عوامل لعل أهمها:

‏زيادة إنتاج النفط والغاز؛ إذ ساهمت الجهود الوطنية باستعادة القطاع عافيته، وتجاوز الإنتاج معدل مليون ومائتي ألف برميل يوميا، وجاري تنفيذ مشاريع استراتيجية تستهدف رفع معدلات الإنتاج والتصدير إلى مليون وأربعمائة ألف برميل يوميا بحلول نهاية العام الجاري 2024، والوصول إلى معدل مليوني برميل يوميا خلال السنوات الثلاث القادمة. ولعل تحقيق إيرادات سيادية من هذا القطاع خلال السنوات الثلاث الأخيرة تتجاوز 75 مليار دولار أمريكي أودعت خزانة مصرف ليبيا المركزي؛ مؤشر واضح على تعافي هذا القطاع.

لعل من أبرز عوامل التعافي الغائبة منذ سنوات؛ حالة التنافس على التنمية وإنجاز المشاريع في شتى أنحاء البلاد، في ميادينٍ للحياة بدلا من التنافس في ميادين الحرب والدمار والموت والدم والدموع والتهجير التي كانت سمة العقد الماضي
يضاف إلى ذلك، الاكتشافات المسجلة للاحتياطيات المؤكدة من الغاز التي تصل إلى تريليوني قدم مكعب. وقد كان للميزانية الاستثنائية التنموية التي خُصصت لقطاع النفط والغاز دور أساسي في تحقيق هذا النمو، ولا يستهان بالجهود الجبارة للعاملين في القطاع والساهرين على حمايته من مختلف أنحاء البلاد، شرقا وغربا وجنوبا ووسطا، هذا بالإضافة إلى حالة الوعي الوطني التي أبدتها كافة الأطراف بتحييد هذا القطاع الهام عن أي تجاذبات أو صراعات، وهو بحد ذاته مؤشر إيجابي يدعو إلى التفاؤل.

‏أن تمتع ليبيا باحتياطيات من الذهب والنقد الأجنبي تتجاوز قيمتها 86 مليار دولار أمريكي لدى مصرف ليبيا المركزي، عدا مجموعة أصولٍ للمؤسسة الليبية للاستثمار (الصندوق السيادي الليبي) تتجاوز في قيمتها 72 مليار دولار أمريكي، لتكوِّن في مجملها خط دفاعٍ للاقتصاد الوطني بقيمة تتجاوز 158 مليار دولار أمريكي؛ يُعد مؤشرا على قدرة اقتصادنا على استدامة النمو والتعافي.

‏إن ما بُذل ويبذل من جهود استثنائية في مشروعات التنمية وإعادة إعمار البنية التحتية، لعل أهمها زيادة معدلات إنتاج الطاقة الكهربائية بضعف معدلات الإنتاج السابقة لتصل إلى حوالي تسعة آلاف ميجاواط والإنتاج في تصاعد، بعد معاناة انقطاع الكهرباء التي أرهقت المواطن لعقدٍ أو أكثر من الزمان، لهي نقلةٌ مهمةٌ ما كانت لتتحقق لولا جهود العاملين بقطاع الكهرباء في شتى أنحاء بلادنا مدعومين بميزانية استثنائية تخصص لأول مرة في تاريخ القطاع، يضاف إلى ذلك جملة من مشاريع الطرق والجسور والمياه والصرف الصحي والمطارات، عدا عن برامج تطوير الموانئ والمناطق الحرة وتخطيط المدن.

عودة المستثمرين الأجانب لليبيا بعد غيابٍ طال، وتعمقهم في دراسات جدوى ومفاوضات جادة للاستثمار في قطاعات جبارة كالطاقة المتجددة وغيرها من القطاعات الاستراتيجية، يعد من أبرز مؤشرات التعافي للاقتصاد الوطني
‏ولعل من أبرز عوامل التعافي الغائبة منذ سنوات؛ حالة التنافس على التنمية وإنجاز المشاريع في شتى أنحاء البلاد، في ميادينٍ للحياة بدلا من التنافس في ميادين الحرب والدمار والموت والدم والدموع والتهجير التي كانت سمة العقد الماضي.

‏لقد كنت متفاخرا بما تشهده بلادي من تحسن، وأنا أعدّد لزميلي الأمريكي الذي يخطط لزيارة ليبيا خطوط الطيران ومدن العالم التي يمكنه الوصول من خلالها إلى طرابلس وبنغازي، كروما ودبي ومالطا وإسطنبول والقاهرة والإسكندرية وتونس ودمشق وقريبا الدوحة وغيرها من مدن العالم، وذلك بعد أن أضحت مطاراتنا خلال سنواتٍ عجافٍ سابقةٍ بيئة طاردة لخطوط الطيران العالمية.

‏إن عودة المستثمرين الأجانب لليبيا بعد غيابٍ طال، وتعمقهم في دراسات جدوى ومفاوضات جادة للاستثمار في قطاعات جبارة كالطاقة المتجددة وغيرها من القطاعات الاستراتيجية، يعد من أبرز مؤشرات التعافي للاقتصاد الوطني التي نعول عليها في خلق تنوعٍ في مصادر الدخل على المدى المتوسط والطويل.

إن جهود فرض سيادة القانون واستعادة هيبته والحيلولة دون الإفلات من العقاب التي يكابدها مكتب النائب العام ومن خلفه المحامون العامون في سائر أنحاء البلاد في ظل ظروف استثنائية؛ لهو عامل أساسي ومؤثر في النمو الحاصل.

‏إن للمبادرات المجتمعية التي أُطلقت لتحسين معيشة المواطن خلال الثلاث سنوات الأخيرة كرفع الحد الأدنى للأجور وصرف منحة الزوجة والأبناء وصندوق الزواج؛ أثرٌ نسبي في تحسين الأوضاع المعيشية وتخفيف المعاناة، مع النظر إلى أنها معاناة عادت للسطح مجددا بسبب قرار إضعاف قوة الدينار الليبي ليهوي إلى ما يتخطى حوالي سبعة دنانير للدولار الأمريكي، بعد أن كان عند معدل حوالي أربعة دنانير ونصف للدولار الأمريكي.

الوصول لحالة التعافي التام المنشود يتطلب جملة من التدابير والسياسات الأخرى التي سيتسع لها المقام في سانحةٍ أخرى، ولعل ليس أقلها الاستمرار في جهود مكافحة الفساد وحفظ المال العام، وإصلاح السلطة النقدية التي باتت نشازا أمام حالة التعافي ومعرقلا لها، وأيضا إحداث التناغم المفقود بين السياسات المالية والتجارية والنقدية، وإصلاح التشوّه في هيكل الإنفاق العام، واستعادة القطاع المصرفي لدوره
‏ودون أدنى شك فإن العوامل السابقة ما هي إلا العوامل الأبرز فقط، وتضاف لها عوامل أخرى تساندت جميعها لتحقيق المؤشرات الإيجابية الصادرة عن صندوق النقد الدولي، كما أن الوصول لحالة التعافي التام المنشود يتطلب جملة من التدابير والسياسات الأخرى التي سيتسع لها المقام في سانحةٍ أخرى، ولعل ليس أقلها الاستمرار في جهود مكافحة الفساد وحفظ المال العام، وإصلاح السلطة النقدية التي باتت نشازا أمام حالة التعافي ومعرقلا لها، وأيضا إحداث التناغم المفقود بين السياسات المالية والتجارية والنقدية، وإصلاح التشوّه في هيكل الإنفاق العام، واستعادة القطاع المصرفي لدوره المعدوم في تمويل المشروعات وتقديم خدمات بنكيةٍ تليق بالمواطنين، ورفع القيود غير المدروسة على النقد الأجنبي، والتي ساهمت في تخفيض قيمة الدينار الليبي واحتكار العملة الصعبة في يد قلةٍ قليلةٍ، كما ساهمت في تنامي دور السوق السوداء واقتصاد الظل وتقييد حركة التجارة والإنتاج.

‏يضاف إلى ذلك، واجب إطلاق حزمة أخرى من المبادرات الاجتماعية كالإقراض الاسكاني وتمويل المشروعات الصغرى والمتوسطة، وإعادة صرف منحة الزواج، هذا بالإضافة إلى الاستمرار في جهود مكافحة تهريب الوقود وإصلاح الدعم وتخصيص الفائض في دعم شبكات الحماية الاجتماعية، فضلا عن تحسين خدمات الرعاية الصحية والعلاج بما يحفظ أرواح وكرامة المواطنين.

‏ختاما، نكرر أن اقتصاد بلادنا يتعافى وبخير، ولا بد أن ينعكس هذا التعافي فورا على تعزيز قوة الدينار الليبي، وتحسين معيشة المواطن، وأن لا يكون الاقتصاد ميدانا لتصفية الحسابات السياسية وزيادة المعاناة. الاقتصاد الليبي هو مناخٌ اقتصادي مهيأ للانفتاح؛ فلا لتقييده ونعم لتحسين المعيشة لا لزيادة المعاناة، ولا نقبل التسويف لعقود وننتظر أن يتحول اقتصادنا لاقتصاد نموذجي، بل علينا المضي في مبادرات لإنعاشه.

(العضو الممثل لليبيا في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي)

مقالات مشابهة

  • البنك الدولي: النمو العالمي يحقق استقرارًا للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات
  • البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2024
  • البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 2.6 %
  • البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد المصري 4.2% في العام 2024-2025 
  • البنك الدولي يتوقع بقاء النمو العالمي ثابتا عند 2.6% في 2024
  • أوبك+ تبقي توقعات نمو الطلب العالمي على النفط
  • النفط: سنقلل حرق الغاز المنتج الى أدنى مستوى له نهاية العام
  • «الوزراء»: توقعات دولية بتسارع النمو في مصر إلى 4.9% خلال 2024- 2025
  • ‏اقتصاد ليبيا بخير وفق مؤشرات صندوق النقد الدولي
  • النقد الدولي يتوقع حصول نمو في الاقتصاد العراقي