الإحساس بالآخر .. البابا تواضروس يشرح طرق تقديم المحبة
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالمقر البابوي بالقاهرة، دون حضور شعبي.
استكمل قداسته سلسلة "طرق تقديم المحبة"، وتناول جزءًا من الأصحاح الثالث عشر في إنجيل لوقا، والأعداد (١٠ - ١٧)، وتأمل في "كيف تُقدم المحبة من خلال الخدمة" وذلك من خلال شفاء السيد المسيح لمريض بِركة "بيت حسدا" في إنجيل يوحنا والأصحاح الخامس، وشفاء المرأة المنحنية منذ ثماني عشرة سنة في إنجيل لوقا والأصحاح الثالث عشر، كالتالي:
- أنهما كانا مقيديْن تحت وطأة الشيطان، "«هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ»" (يو ٥: ١٤)، "وَهذِهِ، وَهِيَ ابْنَةُ إِبْراهِيمَ، قَدْ رَبَطَهَا الشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً" (لو ١٣: ١٦).
- السيد المسيح ذهب إليهما بدون أن يطلبا منه، حيث ذهب إلى البِركة وإلى المجمع دون دعوة.
- وجود معاندين (اليهود) أثناء شفاء مريض بِركة بيت حسدا، ورئيس المجمع أثناء شفاء المرأة المنحنية، والذين لديهم ازدواجية في المعايير، "يَا مُرَائِي! أَلاَ يَحُلُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ثَوْرَهُ أَوْ حِمَارَهُ مِنَ الْمِذْوَدِ وَيَمْضِي بِهِ وَيَسْقِيهِ؟" (لو ١٣: ١٥).
- اختيار السيد المسيح لعمل المعجزتين في يوم سبت، وذلك لسببيْن هما: شفاء المريضين، وتعليم الجموع أن عمل الرحمة وتقديم الخدمة يكون في أي وقت، "السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ" (مر ٢: ٢٧).
- شفاء المخلّع بعد ثمان وثلاثين سنة والتي ترمز لعدد سنوات التيه لشعب بني إسرائيل قبل دخول أرض كنعان، بسبب عدم إيمانهم، وفي المقابل شفاء المرأة المنحنية بعد ثماني عشرة سنة، ورقم (١٠) يرمز إلى حرف "يوتا" ورقم (٨) يرمز إلى حرف "إيتا" في اللغة اليونانية أو العبرية القديمة، وهما أول حرفين في اسم "يسوع"، مما يعني أن الذي أعطاهما الشفاء والاستقامة هو اسم المسيح المقدس.
وأعطى قداسة البابا خمس معان للتعبير عن تقديم الخدمة، وهي:
١- الإحساس بالآخر دون أن يطلب، كما فعل السيد المسيح مع المخلّع "«أَتُرِيدُ أَنْ تَبْرَأَ؟»" (يو ٥: ٦)، وكذلك مع المرأة المنحنية "فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ دَعَاهَا" (لو ١٣: ١٢)، "لِتَثْبُتِ الْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ... اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ، وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي الْجَسَدِ" (عب ١٣: ١ - ٣).
٢- احتواء ضعف الآخر بمحبة ورعاية، "رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ، وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ" (إش ٦١: ١).
٣- تقديم الخدمة بدون حساب أو حدود إلى كمالها، وبحسب غِنى الإنسان سواء في المال أو المجهود، ودون انتظار مقابل، "تَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ. وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا" (أف ٣: ١٩، ٢٠).
٤- تقديم الخدمة حتى مع وجود مضايقات ومعاندين، بل واحتمال أي ألم من أجل المسيح، "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ" (يو ٣: ١٦).
٥- تقديم الخدمة بمحبة تماثل محبة الله للإنسان، وبحسب أعماله معنا، "لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالًا، حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا" (يو ١٣: ١٥)، فالعالم جائعًا لأعمال المحبة الكاملة "فَإِنَّكُمْ تَذْكُرُونَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ تَعَبَنَا وَكَدَّنَا، إِذْ كُنَّا نَكْرِزُ لَكُمْ بِإِنْجِيلِ اللهِ، وَنَحْنُ عَامِلُونَ لَيْلًا وَنَهَارًا كَيْ لاَ نُثَقِّلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ" (١ تس ٢: ٩).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: قداسة البابا قداسة البابا تواضروس الثاني البابا تواضروس الثاني المقر البابوي بالقاهرة طرق تقديم المحبة السيد المسيح تقدیم الخدمة السید المسیح
إقرأ أيضاً:
بصيرة الحسين عليه السلام في كلمة السيد القائد .. مسؤوليتنا لا تقبل التراجع
في رحاب ذكرى عاشوراء، ذكرى مظلومية الإمام الحسين عليه السلام واستشهاده في كربلاء، يقف المؤمنون في كل زمان ومكان وقفة استلهام وتزود من مدرسة الصبر والثبات، مدرسة التوحيد والكرامة، مدرسة التضحيات الخالدة التي مثلها سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام.
يمانيون / تحليل / خاص
وفي هذا السياق، تأتي كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) في هذه المناسبة العظيمة بوعيٍ قرآني، وتُجدّد بها مفاهيم الحق في وجه الباطل، والإيمان في وجه الطغيان، وتربط الماضي الثوري الحسيني بالواقع الثوري المقاوم المعاصر، مؤكداً أن عاشوراء ليست تاريخاً يُروى، بل موقفاً يُحتذى، ومسؤولية تُحمل، وجبهة تُواجه فيها قوى الظلم في هذا العصر، وعلى رأسها أمريكا والكيان الصهيوني ،
كلمة السيد القائد .. دروس زاخرة بالمعاني والدلالات الإيمانيةعاشوراء كقضية مستمرة لا ذكرى عابرة
شدد السيد القائد على أن إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام ليس مجرد طقس عاطفي، بل موقف مبدئي يتصل بجوهر الإسلام وروحه المقاوِمة ، الإمام الحسين هو “صاحب قضية”، وقضيته هي الإسلام الحقيقي، الإسلام الذي يُقاوم الظلم ولا يخضع له ، بالتالي، فإن إحياء عاشوراء هو مواساة لرسول الله ﷺ، وتجديد للولاء لمبادئ الإسلام الأصيل.
الإسلام الحسيني مقابل الإسلام المحرّفأشار السيد القائد يحفظه الله إلى أن الحسين عليه السلام قاتل من أجل الإسلام الذي يصنع السلام لا الاستسلام، مما يفضح مشاريع تزييف الإسلام التي تبرر الخضوع للطغاة ، دعا إلى التمييز بين الإسلام الحقيقي و”الإسلام الأمريكي” الذي يخدم الاستكبار.
مسؤولية الأمة في وجه الطغيانأكد حفظه الله أن ما يفعله العدو الصهيوني والأمريكي في فلسطين وغيرها من البلدان من إبادة وفساد، يُلزم الأمة بـتحمل المسؤولية الإيمانية والجهادية ، مقاومة الطغيان ليست خياراً سياسياً، بل واجب ديني، والخنوع للطغاة هو خسارة في الدنيا والآخرة.
الثقة بوعد الله والنصررغم التحديات والصعوبات، فإن النصر وعد إلهي لعباده المؤمنين، وهذا يبعث برسالة أمل وثقة لكل الأحرار،
المشروع القرآني الذي يتبناه أنصار الله يستمد شرعيته وقوته من هذا الوعد الإلهي، لا من حسابات مادية أو آنية.
نماذج حية للصمود والمقاومةاستشهد السيد القائد بنماذج بارزة في الواقع المعاصر ( غزة في صمودها ، لبنان في ثباته ، إيران في دعمها للمقاومة، العراق في حراكه المقاوم ،واليمن في نهضته القرآنية المباركة) ، هذه النماذج تمثل الامتداد العملي لمسيرة الإمام الحسين، وتُجسد روح عاشوراء.
مشروع قرآني شاملشدد السيد القائد على أن الانطلاقة ليست فئوية أو مذهبية، بل هي إيمانية قرآنية عالمية ، تتمحور حول التمسك بالقرآن الكريم ، وحمل راية الإسلام الأصيل ، والتحرك في سبيل الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
عاشوراء موقف وليست طقساًالسيد القائد أوضح أن إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام هو مواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وامتداد لموقع الهداية، لا مجرد إحياء شعائري أو بكائي. إنها قضية مستمرة تحمل معاني الوعي والثبات، والتصدي للظالمين، والسير على خطى أهل البيت في مقارعة الطغيان.
رفض الطاعة للطغاة والخنوع للمستكبريناعتبر السيد القائد أن الطاعة لأمريكا و”إسرائيل” تعني الذل والخسارة في الدنيا والآخرة، بينما الموقف الحر المقاوم مهما بلغت كلفته هو خيار العزة والنجاة والتمكين، وهو خيار لا رجعة عنه.
الثقة بوعد الله والانطلاق القرآنيأكّد أن مشروع أنصار الله هو مشروع قرآني إيماني يقوم على الثقة بوعد الله بالنصر، لا على التبعية ولا على التفاهم مع المستكبرين. وأوضح أن التمسك بالقرآن، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي ركائز هذا المشروع المبارك.
موقف ثابت في نصرة فلسطين ومحور المقاومةوجّه السيد القائد تأكيداً واضحاً على الثبات في نصرة الشعب الفلسطيني والوقوف بوجه المشروع الصهيوني، مشيراً إلى أن ما يتعرض له محور المقاومة من حملات إعلامية وضغوط سياسية لا يثنيه عن موقفه، لأن هذا هو الخيار الحاسم الذي لا رجعة عنه.
دروس عاشوراء في وجه الاستكباركلمة السيد القائد في هذه المناسبة العظيمة تُجسّد المعنى الأعمق لعاشوراء، وتجعل من كل مؤمن حسيني مشروع مقاومة، ومن كل موقف إيماني خطوة على طريق التمكين.
وهي دعوة مفتوحة إلى أحرار الأمة أن يكونوا كما أرادهم الحسين عليه السلام: “أحرارًا في دنياهم”، وأن لا يقبلوا بالضيم والخنوع، وأن يحملوا راية الإسلام الأصيل في مواجهة الطغيان الحديث ، والتمسك بالحق، والتضحية من أجله، حتى لو كان الثمن غالياً، لأن النتيجة هي الكرامة والنصر والعزة .