مبادرة المركزي الالكترونية دونها عوائق.. واقتصاد الكاش أقوى
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
أصدر مصرف لبنان بياناً شجع فيه على العودة إلى إستعمال وسائل الدفع الالكترونية، وتخفيف استعمال الدفع النقدي-الكاش في السوق اللبناني، وذلك بالتوافق مع المعايير الدولية لا سيما تلك المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب.
فقد بادر مصرف لبنان الى اعادة تشجيع استعمال بطاقات الدفع وذلك بالتنسيق مع المعنيين لا سيما شركتي (MasterCard
و(VISA)والمصارف والمؤسسات المالية المعنية بإدارة وإصدار البطاقات.
ليست المرة الأولى التي يشجع فيها مصرف لبنان على العودة لإستعمال البطاقات المصرفية خاصةً وأن مصرف لبنان في عام 2023، عدل سابقاً التعميم رقم 69 المتعلق بالمدفوعات الالكترونية، وأعطى تراخيصا لعدد من المحافظ الالكترونية (Mobile Wallets) المستوفية للشروط .
إن هذه المحافظ الالكترونية تسمح لمستخدميها بتحويل الأموال في ما بينهم تجاراً وافراد، بشكل فوري وآمن وفقاً للقوانين والأنظمة ذات الصلة. وكان تعديل التعميم 69 يهدف أيضاً إلى التشجيع على تفعيل التحويلات والدفع الإلكتروني والتخلي عن تنفيذ العمليات بواسطة النقد الكاش الذي لطالما شكل، بحسب أستاذ الاقتصاد والخبير المالي بلال علامة، خطراً على سلامة التعاملات المالية وعلى سلامة الوضع النقدي لما يمكن أن يتضمنه من مخاطر تتعلق بتبييض الأموال وتسديد قيمة العمليات القذرة والمشبوهة.
وتجدر الاشارة إلى أن مصرف لبنان أيضا ً أصدر قبل عدة أشهر التعميم 165 المتعلق بإنشاء مقاصة جديدة لتسوية الشيكات والتحاويل النقدية بالدولار الفريش والليرة اللبنانية عبر مصرف لبنان ويكون مكان المقاصة في لبنان وليس في الخارج.
مجمل هذه التعاميم، بحسب ما يؤكد علامة لـ"لبنان24" حركت السوق قليلاً وبدأت التحاويل الإلكترونية وشيكات الفريش بالارتفاع بعد أن عادت شيكات الفريش وسيلة دفع أساسية وأمنة وبديلة عن الدفع النقدي (الكاش).
خلال سنتين حاول مصرف لبنان من خلال تعميمين وبيان تشجيعي الدفع باتجاه استعمال وسائل الدفع الإلكترونية ولكن من دون القدرة على معالجة المشكلة الأساسية المتعلقة بالخسائر المحققة في القطاع المصرفي ومشكلة الودائع المحتجزة لدى المصارف، فهاتان المشكلتان أعمق وأكبر من أن يستطيع تعميم هامشي وبيان تشجيعي شكلي من أن يتخطى مفاعيلهما التي أصابت مقتلاً من الأنظمة الإقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية في لبنان، يقول علامة.
ويسأل علامة كيف يمكن أن يكون الحل بالتحول من الكاش إلى التشجيع على استعمال البطاقات المصرفية حتى ولو تم التنسيق مع الشركات العالمية التي تصدر البطاقات، في وقت ما زالت بعض المصارف في لبنان تقلص أعمالها وتتهرب من تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها وعاجزة عن المشاركة في الحياة الإقتصادية والمالية من خلال لعب دورها في تقديم التسليفات لتنشيط القطاعات الإنتاجية.
بالنسبة إلى علامة، فإن المصارف غير قادرة على القيام بهذا الدور وغير قادرة على تطبيق سياسة الأموال المشتقة التي قد تتسبب بها العمليات المالية التي تنفذ بواسطة البطاقات المصرفية ووسائل الدفع الإلكترونية, والمشكلة الأكبر أيضا تتعلق بالمدفوعات على المستوى الدولي لا سيما وأن تسوية هذا الأمر يتطلب تسوية مع مصارف عالمية مراسلة.
ولذلك يرى علامة أن الثقة بالقطاع المصرفي وبالشركات التي تصدر بطاقات الدفع المصرفية لن تعود إلا بعد هيكلة المصارف وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة بالقطاع المصرفي.
أما الخبير الاقتصادي نديم السبع فيعتبر من جهته لـ"لبنان24" أن خطوة "المركزي" مطلوبة، لكنها ليست جديدة فمصرف لبنان أصدر تعميما في هذا الشأن في وقت سابق، وما يحصل اليوم لا يتعدى فتح كوة في جدار أزمة كبيرة، فإصدار البطاقات سيكون عبر المصارف التي لا تزال عاجزة عن إعطاء زبائنها ودائعهم، وبالتالي الخدمة المصرفية اليوم لم تعد كما كانت عليه في السنوات التي سبقت العام 2019، وهناك مصارف تمتنع عن فتح حسابات بالفريش دولار، وبعضها حصر ذلك فقط بالموظفين.
وليس خافياً أن جميع اللبنانيين يستخدمون بطاقات الفريش والمراكز التجارية لديها pos للفريش دولار، وهذا الأمر ليس بجديد، ولذلك يمكن القول إن قرار مصرف لبنان ليس خطوة أساسية يمكن الرهان على أن تحدث فرقا في القطاع المصرفي أو الاقتصاد الكاش، فاقتصاد الكاش تبلغ قيمته10 مليار دولار ولا تحل مشكلته ببطاقة إلكترونية، مع إشارة السبع، إلى أن هناك عددا كبيرا من اللبنانيين لا يريد التخلص من الاقتصاد الكاش لاعتبارات عدة تتصل بالتهرب الضريبي ولذلك لا يهم هؤلاء العودة إلى التعامل مع المصارف. أما في ماخص معالجة تبييض الأموال فهذه المعضلة تحتاج إلى خطوات مختلفة ولا تحل باتفاق مع فيزا وماستر كرد. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بطاقات الدفع مصرف لبنان لا سیما
إقرأ أيضاً:
التماسيح تظهر في مصارف محافظة مصرية.. ما التفسير العلمي؟
لم تأخذ واقعة العثور على تمساح في أحد شواطئ مدينة الإسكندرية المصرية قبل شهور زخما كبيرا، إذ كان الاحتمال الأقرب الذي مالت له سلطات التحقيق البيئية أن شخصا ألقاه في مياه البحر، لاستحالة وصوله بشكل طبيعي إلى هناك.
لكن في المقابل، كان العثور قبل أيام على عده تماسيح في مصرف زراعي بإحدى قرى محافظة الشرقية المصرية "شمال شرق القاهرة"، مثيرا للجدل والذعر في نفس الوقت، لاقتراب المصرف من مجرى نهر النيل، وهو ما دفع البعض إلى التساؤل حول ما إذا كان هذه التماسيح قد أفلت من توربينات السد العالي جنوب مصر، و تسللت إلى مجرى نهر النيل، ومنه إلى هذا المصرف الزراعي؟
ورغم أن مواصفات مياه المصرف الزراعي بنسبة ملحوتها العالية وما تحتويه من ملوثات، تجعل هذا التساؤل غير منطقي، لأنها ليست بيئة مناسبة لتماسيح المياه العذبة، إلا أن أصحاب هذا التساؤل، لم يجدوا صعوبة في الالتفاف على هذه الملاحظة باستخدام مصطلح "التحول السلوكي"، والذي بات متداولا إعلاميا في سياق الحديث عن تداعيات التغيرات المناخية، إذ يشير إلى حدوث تعديل في سلوك الكائن الحي بسبب تغيرات في البيئة ناتجة عن فقدان موائل أو تلوث أو تغير مناخ أو تغير في مصادر الغذاء، ومن ثم عادوا للقول: "ربما لم تعد بيئة نهر النيل ملائمة لهم، فحدث تحول سلوكي نحو المصارف".
ويتميز نهر النيل في مصر بكثافة سكانية عالية جدا على ضفافه، حركة مراكب وسفن مستمرة، نشاط زراعي وصناعي كثيف، وصيد مكثف، وهذا يمثل تهديدا مباشرا يجعل أي تمساح يصل إلى هناك صدفة غير قادر على الاستقرار أو التكاثر، ومن ثم قد يجد ضالته بحسب أصحاب هذا الرأي، في بيئة أكثر هدوءا وهي المصارف الزراعية.
فرص معدومة للوصول لمجرى النهرويرفض الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة هذا الاحتمال، ويستبعد شراقي وجود أي فرصة ولو بنسبة 1 في المئة تسمح بتسلل التماسيح من بحيرة ناصر إلى مجرى نهر النيل.
إعلانوقال في تصريحات للجزيرة نت: "منذ اكتمال بناء السد العالي بأسوان، تكون حاجز مادي ضخم غير قابل للاختراق، يفصل بين موائل التماسيح الطبيعية جنوبا (بحيرة ناصر – السودان – أفريقيا الاستوائية)، والمجرى الرئيسي لنهر النيل شمال السد (أسوان – دلتا النيل)، ذلك لأن التماسيح لا تستطيع تسلق السد أو المرور عبر توربيناته المائية شديدة الخطورة، هذا فضلا عن أنه بعد بناء السد، أصبح نظام جريان النيل أبطأ، وأقل حرارة في بعض الفصول، وأقل في النباتات الطبيعية على الضفاف، وأكثر تحكما صناعيا، بينما تحتاج التماسيح إلى ضفاف طينية رخوة لوضع البيض، ارتفاع موسمي للمياه لصيد الفرائس، ومناطق كثيفة النباتات للاختباء، وغياب هذه الخصائص جعل النيل غير مناسب بيئيا لها شمال السد".
وفي المقابل، يشير شراقي، إلى أن التماسيح وجدت في منطقة بحيرة ناصر بيئة مناسبة، فرغم أنها بحيرة اصطناعية نشأت بفعل السد العالي، فإنها تحولت بمرور الزمن إلى واحد من أنسب المواطن للتماسيح، فالحرارة المرتفعة والمستقرة في هذه المنطقة الجنوبية توفر لها المناخ المثالي لنشاطها اليومي وتكاثرها، كونها من الكائنات ذات الدم البارد التي تعتمد على حرارة البيئة لتنظيم وظائفها الحيوية، حيث يتراوح النشاط الأمثل لها بين 28 و33 درجة مئوية.
ولا تقتصر الأهمية على المناخ فقط، بل تمتد إلى طبيعة ضفاف البحيرة التي تغلب عليها التكوينات الطينية والرملية، وهي بيئة مثالية لتعشيش التماسيح ووضع بيضها، كما أن استقرار مستوى المياه هناك، نتيجة التحكم الذي يفرضه السد العالي، يوفر بيئة أكثر أمانا للأعشاش، كما توفر البحيرة مخزونا غذائيا غنيا، يشمل أنواعا متعددة من الأسماك والطيور المائية والكائنات الصغيرة، مما يجعلها منطقة جذب مثالية لحيوان يوصف بأنه مفترس انتهازي يعتمد على تنوع الفرائس واستمراريتها.
ومن العوامل الحاسمة أيضا انخفاض الكثافة السكانية حول البحيرة وقلة الحركة الملاحية، مقارنة بمجرى النهر شمالا، وهو ما يمنحها مساحة آمنة نسبيا بعيدا عن الصيد الجائر.
وانطلاقا من ذلك، يخلص شراقي إلى أن "فرص تسلل التماسيح من بحيرة ناصر إلى مجرى النهر تكاد تكون معدومة، وفي حال حدث هذا السيناريو المستبعد تماما فإنه لا يوجد طريق تسلكه التماسيح للانتقال من مجرى النهر إلى المصارف الزراعية، لأنه لا يوجد أي اتصال بينهما".
والمصارف جزء من نظام الصرف الزراعي الذي تم تصميمه لتجميع المياه الزائدة عن حاجة الأراضي الزراعية لمنع تملح التربة وتدهورها، وذلك للحفاظ على جودة مياه نهر النيل كمصدر رئيسي للمياه العذبة للشرب والري.
وبناء على ما سبق، يميل أستاذ الموارد المائية إلى سيناريو أشبه بحادثة شاطئ مدينة الإسكندرية في سبتمبر/أيلول الماضي، وهو أن مواطنا كان يربي هذه الكائنات في منزله تخلص منها في مياه المصرف.
التكيف من أجل البقاءوإذا كانت مبررات شراقي لاستبعاد "التحول السلوكي" تبدو منطقية، فإن السؤال الأهم هو "كيف استطاعت التماسيح العيش في بيئة المصارف الزراعية، بعد أن تم إلقاؤها فيها؟".
إعلانونشر مواطنوا قرية الزوامل التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية على مواقع التواصل الاجتماعي، مشاهد أظهرت وجود أكثر من تمساح بأحجام مختلفة، كما نقلت وسائل إعلام روايات عده عن مواطنين بالقرية قالوا إنهم لاحظوا اختفاء بقرة نافقة وضعت بالقرب من المصرف خلال ساعات، مما يشير إلى أن تلك التماسيح استولت عليها.
ويفسر الدكتور محمد عادل قدري، أستاذ علم الحيوان بجامعة القاهرة، تلك المشاهد وهذه الروايات بما يسمى بـ"التكيف القسري"، ويعني أن التمساح لم تكن عنده فرصة للاختيار، إذ وجد نفسه في المصرف، وبالتالي طرأت تغيرات على سلوكه أو بيئته أو وظائفه الفسيولوجية استجابة لضغوط شديدة فرضتها البيئة التي وضع فيها قسرا، بحيث يصبح التكيف في هذه الحالة، ضرورة للبقاء وليس اختياريا.
وقال قدري إن "التماسيح تتمتع بمجموعة من السمات التي تساعدها على تنفيذ هذا التكيف القسري الذي يمكنها من العيش في بيئة أكثر ملوحة وتلوثا من بيئتها الطبيعية، أهمها "التكيف الأسموزي وتنظيم الأملاح"، حيث تمتلك جهازا متخصصا لتنظيم توازن الأملاح والماء في جسمها، يعرف باسم الغدد الملحية الموجودة في اللسان أو حوله، والذي يساعدها على التخلص من الأملاح الزائدة، والحفاظ على توازن السوائل الداخلية حتى عند تغير جودة المياه، وهذا يجعلها قادرة على البقاء في مياه مختلفة الجودة، بما في ذلك المصارف الزراعية الغنية بالأملاح والمعادن والأسمدة".
ولا تجد التماسيح مشكلة مع نقص غذائها الأساسي، وهو الأسماك في المصارف الزراعية، ويضيف "هي كائن انتهازي التغذية، أي أنه يتغذى على ما هو متوفر في بيئته مثل الضفادع، القوارض، الطيور، بقايا الحيوانات، وهذا يجعل المصارف، رغم سلبياتها، بيئة مناسبة لتوافر الغذاء".
ومن التحديات المهمة في المصارف الزراعية نقص الأكسجين والملوثات الصناعية، وكلا المشكلتين لهما عند التماسيح حل أيضا، كما يوضح د.قدري.
ويقول: "تستطيع التماسيح تحمل مستويات مرتفعة نسبيا من النترات والفوسفات الناتجة عن الأسمدة الزراعية، المواد العضوية الناتجة عن تحلل النباتات، وبعض الملوثات الكيميائية، ويرجع ذلك إلى بطء معدل الأيض، وقدرة الكبد العالية على إزالة السموم، أما في تعاملها مع نقص الأكسجين، فهي تستطع حبس أنفاسها من 30 دقيقة إلى أكثر من ساعة، وإبطاء دقات القلب لتقليل استهلاك الأكسجين".
وغم القدرة على البقاء، بسبب تلك المزايا، فإن العيش في المصارف ليس تكيفا مثاليا، كما يوضح د.قدري.
ويقول: "سيحدث لها مع الإقامة الطويلة، انخفاض في متوسط العمر بسبب زيادة التعرض للأمراض والسموم، كما سيحدث لها اضطراب في التكاثر".
وعلى ذلك، يخلص قدري إلى أن إقامة التماسيح في المصارف لن تكون دائمة، وليست تحولا سلوكيا مستمرا، لكنها إقامة مؤقتة بسبب قدرتها على التكيف القسري، لكن هذه الإقامة تمثل خطرا كبيرا على البشر بسبب وجودها بالقرب من أماكن معيشتهم، وهو ما يقتضي وأد تلك المشكلة في مهدها.
ويرى أن الحل يكون في تشديد الرقابة على أسواق بيع وتداول هذه الحيوانات، حتى لا يكون مصيرها هو الإلقاء في موائل غير موائلها الطبيعية.
وتوفر التشريعات المصرية مظلة قانونية تساعد على تنفيذ هذا الحل، إذا يمنع القانون رقم 29 لسنة 2023 تربية أو تملك أو بيع الحيوانات الخطرة (بما فيها الزواحف) من دون ترخيص، ومن يخالف هذا النص، يُعرض نفسه لغرامة مالية تتراوح بين 10 آلاف و500 ألف جنيه مصري.
وفي حال تسبب الحيوان في تهديد حياة أو ممتلكات الغير، حتى لو لم تقع إصابة فعلية، ينص القانون على حبس لا يقل عن 3 أشهر وغرامة تتراوح بين 30 ألفا ومليون جنيه، أو إحدى العقوبتين.
إعلانأما إذا استخدم الحيوان في اعتداء على شخص، سواء كان القصد القتل أم لا، وأسفر الاعتداء عن وفاة الضحية، فقد تصل العقوبة إلى السجن من 15 إلى 20 سنة مع الأشغال الشاقة، أو حتى الحكم بالإعدام وفق ظروف الواقعة.