سماحة المفتي:
المسائل الشرعية والأحكام الفقهية تواجه تحدياتٍ كبرى تحتاجُ إلى جهود نوعية

د. العيسى:
تصدي كبار فقهاء الأمَّة للمستجدِّات الشرعية يُحْسَبُ في طليعة واجباتهم العلمية

الأمين العام لمنظمة التعاون:
الاجتهاد المعاصر ضرورةٌ ملحة لبقاء الأمة في مسار الأحداث التي يشهدها العالم

ابن حميد:
العلماء أهلٌ لأن يرسِّخوا في الأمة قيم الوحدة والتكافل ويُجنِّبوها خطر الفُرْقة والتنازع

 

شهدت العاصمة الرياض، اجتماع كبار فقهاء الأمة الإسلامية تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي برئاسة سماحة المفتي العام للمملكة، رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس مجلس المجمع الفقهي، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، بحضور مفتي العالم الإسلامي وكبار علمائه، حيث يشهدون في العاصمة الرياض أعمال الدورة الثالثة والعشرين للمجمع الفقهي الإسلامي.


وسيناقش كبار المفتين والعلماء والباحثين، القادمين من الدول الإسلامية ودول الأقليات، خلال هذه الدورة، عددًا منَ القضايا المُعاصِرة، لإصدار قرارات فقهية حِيالَها، ثم ترجمة تلك القرارت مع التوصياتِ إلى عِدَّة لغاتٍ عالميةٍ، ونشرها في وسائل الاعلام، إذ يُعنى “المجمع الفقهي الإسلامي” ببيان الأحكام الشرعيَّة التي تُواجِه المسلمين من مشكلاتٍ ونوازل، وإبراز إبداع الفقه الإسلامي، إضافةً إلى نشر التُّراث الفقهيِّ الإسلاميِّ وتوضيح مصطلحاته بِلُغَة العصر.

اقرأ أيضاًالمملكةالمملكة ترفع تقديراتها لثروتها المعدنية إلى 9.4 تريليون ريال

واستهلَّت الجلسة الافتتاحية للدورة أعمالها بكلمة لسماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية، أكد فيها أنَّ “الفقه الإسلامي بما يشتمل عليه من الأصول العامَّة، والقواعد الكلية، والثروة الضخمة من الفروع الفقهية، والفتاوى، والبحوث في مختلف الموضوعات التي أورثها الأسلاف، من شأنه أن يثمر لدى المتضلِّع منه من فقهاء عصرنا مرونةً واسعة وأفقاً رحباً في النظر إلى واقع أمته، وما يستجد فيه من قضايا ونوازل، ويمنحه قدرة على دراستها وفهمها ومعالجتها من الوجهة الشرعية، ليرفع بذلك الحرج والمشقة عن بني جنسه”.
وشدَّد سماحته على أن المسؤولية على علماء الشريعة وفقهاء الإسلام أصبحت اليوم مضاعفة في ظل تطور تقنية المعلومات، ووسائل الاتصال الحديثة، وانتشار البث الفضائي ومواقع التواصل التقني والمعلوماتي، مبيناً سماحته أنَّ “المسائل الشرعية والأحكام الفقهية تواجه تحدياتٍ كبرى؛ تحتاجُ معها من أهل التخصص إلى جهود نوعية من البحوث الدقيقة والدراسات القويمة، تقدم حلولاً ومعالجات للمستجدات والمشكلات التي مسَّت الأفراد والمجتمعات، وتضبط ممارستها ونشرها، وترشد إلى توظيف التقنية الحديثة في التعاون والتنسيق بين جهات الإفتاء المختلفة من الأفراد والهيئات والمجامع”.
وحثَّ المفتي العام على بذل المزيد من الجهود في إطلاق البرامج الهادفة، والمبادرات النافعة، التي تساعد في التنسيق والتعاون المثمر بين الفقهاء والمفتين، والهيئات الشرعية، والمجامع الفقهية، في تناول المسائل الشرعية ودراسة النوازل المعاصرة والأحكام المستجدة، وفق اجتهاد جماعي في إطار مؤسسي معتمد موثوق، يقرِّب الرأي، ويُضيِّق من شقة الاختلاف، ويراعي مصالح الجميع، بما يحقق للشعوب المسلمة الحياة الهنيئة السعيدة، ويخدم قضاياها ويحل مشكلاتها، ويعزز للمجتمعات والأوطان طمأنينتها واستقرارها.

وفي ختام كلمته أعرب سماحة المفتي العام، باسم رابطة العالم الإسلامي والمفتين والفقهاء والعلماء والباحثين المشاركين في هذه الدورة، عن الشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظهما الله ورعاهما – على ما يبذلانه من جهود مشكورة موفقة في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، والدعم السخي للعلم والعلماء، والعناية بكل ما يخدم مصالح المسلمين في العالم، ويحقق السعادة والاستقرار لهم، داعياً الله عز وجل أن يديم عليهما الصحة والعافية، ويحفظهما ذخراً للإسلام والمسلمين.
كما شكر سماحة المفتي رابطةَ العالم الإسلامي بقيادة معالي أمينها العام، على المساعي المتواصلة في خدمة الشعوب الإسلامية وجمع كلمتهم على هدي الكتاب والسنة، وبيان منهج الإسلام الصحيح فيما يتصل بأمور دينهم ودنياهم.
من جانبه أشار معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين نائب رئيس المجمع الفقهي الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى في كلمته إلى أنَّ الدورة الثالثة والعشرين لمجلس المجمع تستعرض عدداً من المسائل الشرعية المستجدة التي يختص بالنظر فيها، مسبوقةً باستطلاعات بحثية أكاديمية متعمقة، قام بها باحثون متميزون.
وأكد العيسى أنَّ “تصدي كبار فقهاء الأمة الإسلامية لتلك المستجدَّات يُحْسَبُ في طليعة واجباتهم العلمية، وعلى قدر بذل الوسع في البحث والدراسة والاجتهاد في إيضاح حكمها الفقهي، على قدر ما نضطلع بواجبنا الشرعي تجاه ديننا بعامَّة، وتجاه ما حُمِّلنا من أمانة العلم بخاصَّة، وكذلك تجاه ما يجب من إبراز قدرة فقهنا الإسلامي على التصدي لكافَّة المستجدات أيّاً كانت”.
ولفت العيسى النظر إلى أنَّ المجمع الفقهي الإسلامي “يتميز بأنه أقدم مجمع فقهي في التاريخ الإسلامي، وأنَّ الانتسابَ إليه يُراعَى فيه الوزنُ العلمي المجرَّد، مع تقدير الوصف الرسمي المصاحب لأصحاب السماحة والفضيلة والمعالي”، مشدداً على أنَّ المجمع حظي، بحمد الله، عبر تاريخه الطويل بثقة شعوب العالم الإسلامي بعامَّة ومؤسساته الأكاديمية والبحثية بخاصة، وأصبحت فتاواه وبياناته وعموم إسهاماته العلمية محلَّ الحفاوة والاهتمام والتداول.
وعبَّر معاليه عن الشكر الجزيل والامتنان العميق للحفاوة الكريمة والتقدير الكبير لعلماء الأمه الإسلامية من قياده المملكة العربية السعودية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود – يحفظهما الله-سائلاً الله أن يجزل مثوبتهما على ما قدَّما ويقدمان من خدمات جليلة للإسلام والمسلمين.
بدوره قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي: إنَّ هذه الدورة تُعقَدُ في فترة حرجة يمرُّ بها عالمنا الإسلامي، مليئةً بالتحديات الفكرية والسياسية العميقة، معتبراً أنَّ استضافة المملكة العربية السعودية لهذا الاجتماع المهم، بمشاركة أصحاب السماحة والفضيلة والمعالي، رؤساء هيئات كبار العلماء والمفتين في العالم الإسلامي، يؤكد مكانتها باعتبارها فاعلًا حقيقيًّا في دعم التوجهات الإيجابية لأمتنا، والعمل على نهضتها وحمايتها من كل الأخطار المحدقة بها.
وأكد طه أنَّ “الاجتهاد المعاصر ضرورةٌ ملحة لبقاء الأمة الإسلامية في مسار الأحداث الفكرية والثقافية والاقتصادية التي يشهدها العالم”، مشدِّداً على أنَّ اجتماع كبار العلماء والمفتين من كافة الدول الإسلامية، على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم على صعيد واحد، هو اجتماع لكلمة المسلمين وتوحيد لجهودهم في خدمة دينهم.
وثمَّن طه “الجهود الحثيثة لرابطة العالم الإسلامي بكافة مؤسساتها وأذرعها، وعلى رأسها المجْمع الفقهي الإسلامي، هذه الهيئة العلمية الإسلامية المستقلة والمكونة من مجموعة مختارة من فقهاء الأمة الإسلامية وعلمائها، وما تضطلع به من دور مهم في تبيان الأحكام الشرعية، فيما يواجه المسلمين في أنحاء العالم، من مشكلات ونوازل وقضايا مستجدة، ونشر التراث الفقهي الإسلامي، وتوضيح مصطلحاته، وتشجيع البحث العلمي في مجالات الفقه الإسلامي إضافةً إلى التصدي لما يثار من شبهات وما يرد من إشكالات على أحكام الشريعة الإسلامية”.
من جانبه قال معالي رئيس مجمع الفقه الاسلامي الدولي، إمام وخطيب المسجد الحرام، عضو هيئة كبار العلماء، المستشار في الديوان الملكي، عضو المجمع الفقهي الإسلامي، الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد: إنَّ العلماء بفضل ما منحهم الله من علم وحكمة، أهلٌ لأن يرسِّخوا في الأمة قيم الوحدة والتعاون والتكافل والاعتزاز بالثوابت، ويُجنِّبوها خطر الفُرْقة والتشتت والتنازع، مؤكّداً أنه ليس للأمة طريق يعيد إليها قوتها ومهابتها ومكانتها سوى الالتزام بقوله عزَّ شأنه: ((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا)).
وشدد معاليه على أنَّ الأمة ستتخلص من كل الأدواء، إذا استبدلت الفرقة والاختلاف بالتعاون والتآلف، والتعصب والتشدد بالحكمة والتسامح، والعنف والإرهاب بالترفق والتراحم، والغلو والتطرف والانحلال بالاعتدال والوسطية.
وأشار ابن حميد إلى أنَّ الموضوعات التي تناقشها الهيئات والمجامع تتنوع ما بين السياسة الشرعية والأسرية والطبية والاقتصادية والمالية والفكرية، وكلُّها تهمُّ الأمة، وتُكْتَبُ فيها بحوثٌ قيمة تناقشها في دوراتها ولجانها وورش عملها.
من جانبه قال معالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور قطب مصطفى سانو: “إننا مطالبون جميعاً بالعمل على توحيد الأحكام في البلاد الإسلامية في كل شؤون الحياة، على مقتضى أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك هو السبيل الأوحد لتحقيق الوحدة الإسلامية بين الشعوب الإسلامية”.
وأشاد سانو بجهود المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، مشيراً إلى أنَّ مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، سُرَّ بتوقيعه اتفاقية تعاون وتواصل وتآزر وتساند مع المجمع الفقهي الإسلامي، اعتباراً بأنَّ المجمعين يتكاملان ويتآزران ويتساندان ويتعاونان من أجل تلبية حاجة الأمة الإسلامية.
وأضاف: إنَّ الأمل معقود أن تشهد الأيام القادمة تعاوناً وثيقاً ومشاركة متواصلة سواءً على مستوى تنظيم المؤتمرات والندوات المشتركة، أم على مستوى دراسة النوازل والمستجدات التي تهم المسلمين في جميع أرجاء المعمورة.

وللتذكير فإن أعمال الدورة ستستمر حتى يوم الاثنين 13 شوال الموافق 22 أبريل، من خلال عدد من الجلسات العلمية التي تبحث مجموعة من القضايا والنوازل الفقهية المعاصرة، وستصدر عنها قرارات وبيانات بشأن هذه القضايا تلبية لحاجة الأمة الإسلامية إلى معالجة اجتهادية موثوقة لما ينزل بها من قضايا ومستجدات.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية المجمع الفقهی الإسلامی العالم الإسلامی لمنظمة التعاون الفقه الإسلامی الأمین العام سماحة المفتی کبار العلماء المفتی العام سلمان بن آل سعود التی ت إلى أن على أن ة التی

إقرأ أيضاً:

لقاء قبلي مسلح شرق تعز إعلاناً للنفير العام في مواجهة العدو الصهيوني

يمانيون |
في مشهد تعبويّ يختزل الروح اليمنية الأصيلة، شهدت مديريات المربع الشرقي في محافظة تعز، اليوم الأحد، لقاءً قبلياً مسلحاً واسعاً، عبّر فيه أبناء المنطقة عن موقفهم الصريح والمبدئي تجاه معركة الأمة، معلنين النفير العام والجهوزية التامة لمواجهة أي تصعيد أمريكي صهيوني، ومؤكدين أن مناصرة غزة ليست خياراً بل واجب ديني وإنساني لا حياد عنه.

عُقد اللقاء تحت شعار: “لن نتهاون أمام إبادة غزة وتجويع أبنائها”، بحضور قيادات اجتماعية ورسمية وأمنية، في مقدمتهم عضو مجلس الشورى محمد حنش، ومسؤول الوحدة الاجتماعية بالمحافظة حامس الحباري، ومدير مديرية خدير فارس الجرادي، إلى جانب مسؤولي التعبئة العامة بمديريتي خدير والصلو، وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية، وجموع من أبناء المديريات.

وأعلن المشاركون استعدادهم الكامل لتنفيذ أي خيارات يوجّه بها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وباركوا العمليات التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية في إطار الدعم العملي لغزة ومواجهة عدو الأمة.

وأكد البيان الصادر عن اللقاء أن أبناء مديريات المربع الشرقي في تعز على جهوزية عالية لتطهير الأرض من الاحتلال وأدواته، وأنهم لا يخشون تهديدات أمريكا والعدو الصهيوني، محذرين من محاولات إشغال الشعب اليمني عن أولويته العقائدية في مناصرة غزة، ومؤكدين أن تلك المحاولات مكشوفة ولن تمر دون رد.

كما دان البيان صمت الأنظمة العربية والإسلامية أمام ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية وتجويع ممنهج، واعتبر أن كل من يصمت شريك في الجريمة، محمّلاً قادة أمريكا والكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة عن الجرائم التي تُرتكب بحق الأطفال والنساء والمدنيين في غزة.

وفي تعبير عن التلاحم الشعبي والولاء للقيادة، جدّد المشاركون عهدهم لقائد الثورة، مؤكدين الثبات على النهج المقاوم حتى النصر أو الشهادة، ومعبرين عن فخرهم بالخيارات الاستراتيجية التي أعلنها السيد القائد لمواجهة العدو، ودعمهم الكامل لأي قرارات تُتخذ في هذا المسار.

واختُتم اللقاء بتقديم قصيدة شعرية جسّدت عظمة الموقف وروح الجهاد، وسط حضور جماهيري واسع، عكس حالة التعبئة العالية والتفاعل الشعبي مع معركة الأمة المركزية في فلسطين.

مقالات مشابهة

  • رابطةُ العالم الإسلامي تُرحِّبُ بإعلان بريطانيا عزمَها الاعتراف بدولة فلسطين
  • أمين البحوث الإسلامية يبحث مع وفد الجامعة المحمدية الإندونيسية التعاون العلمي
  • نفير مسلح لقبائل ماوية وشرعب السلام والرونة يناصر غزة ويحذر من أي تصعيد (صور)
  • الأمين العام لهيئة كبار العلماء: الصهاينة غاضبون من الأزهر الشريف وذلك يسعدنا
  • لقاءان قبليان في تعز يجددان النفير العام نصرة لغزة
  • لقاء قبلي مسلح في مقبنة بتعز دعمًا لغزة وإعلانًا للجاهزية
  • مشيدة بموقف المملكة.. رابطة العالم الإسلامي: مؤتمر «حلّ الدولتين» فرصة للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ
  • "العالم الإسلامي" تشيد بموقف المملكة الدؤوب والمساند للقضية الفلسطينية
  • لقاء قبلي مسلح شرق تعز إعلاناً للنفير العام في مواجهة العدو الصهيوني
  • رابطة العالم الإسلامي: مؤتمر “حلّ الدولتين” فرصة لدول العالم للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ