د.حماد عبدالله يكتب: إفتقادنا للهوية المصرية!!
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
الأمم العظيمة سواء في حضاراتها أو في ثقافاتها أو في إقتصادها أو في قوتها العسكرية أو السياسة الخارجية – تعتمد أساسًا على عقول أبنائها وسواعدهم، وكلما قويت سواعد أبناء الوطن، وتطورت عقولهم – وكلما تلاحمت عناصر الأمة في تركيبة نسجية إجتماعية تجعل من قوتها وصلابتها – درع لا يقوى أحد على إختراقه أو الإعتداء عليه.
ونحن في مصر على طول تاريخنا القديم والمعاصر حمل أبناء هذا الوطن من المهنيين والمثقفين والفنانين وكذلك رجال قواتنا المسلحة ورجال الأمن في جهاز الشرطة المصرية، كل هؤلاء حملوا لواء تقدمنا بين الأمم، وزعامتنا لأمتنا العربية ( دون أيه طرف عين) – فمصر هي الأمة ومصر هي المحور وهي المنبر وهي المحراب وهي في العصر القديم (قدس الأقداس) ليس ذلك شعرًا ولا ميلًا للنرجسية والعنصرية الوطنية، ولكنها الحقيقة مجردة، كل ذلك ناتج أبناء هذا الوطن الجميل. فالحب كان هو الرابط الوحيد بين أبناء الطوائف وكان لكل طائفة شيخ أو (شهبندر)، وهو من يعود إليه عند الشكوى أحد أهل الطائفة أو العكس، وظل هذا السياق في المجتمع حتى عصر غير بعيد حينما سيطر على (الحواري) والأحياء بعض الأقوياء (بدنيًا ) وممن لهم سلطة السطوة وهم (البلطجية) وكانت بدايات لدفع (الدية) للحماية – وتلك الظواهر كانت هي مؤشر لضعف الدولة (كإدارة) – وأيضًا حينما يخيب أهل الطوائف ولا يتفرقوا ولا يجتمعوا على كلمة رجل واحد – مثل شيخ البلد أو شهبندر التجار أو حكيم الطائفة.
ولعل مع تقدم وسائل الحياة وتعدد أساليب ونظم الحكم والإدارة والتوسع في الأنشطة وإتساع جغرافية البلاد، وزيادة تعداد السكان وتنوع المهن وإختلاف المشارب والمصالح وتعارضها في بعض الأحيان، حل مكان تلك النظم القديمة ما يسمى جمعيات أو إتحادات ونقابات ومكونات مدنية وشعبية ومهنية، إلا أن تعطل بعض هذه الأدوات عن العمل وسيطرة إيدولوجيات سياسية ودينية وعرفية على بعض تلك التجمعات النافعة القصد من إنشائها – أبعدها عن أهدافها فتعطلت فيها الحياة، وعانى أعضائها الطيبون من أثار سلبية نتيجة تصلب وتجلط شرايين هذه المؤسسات.
كما أننا أمام ظاهرة خطيرة وهي تصدع بعض المهن بسبب سوء سلوكيات بعض من أبنائها فنجد الهندسة مثل الطب مثل الصيدلة - مهن كثيرة أصبحت في مهب الريح، رغم سيادتنا للعالم كله في هذه التخصصات، ولعل الوهن الذي يصيب مهنة أصحاب الرأي والكتابة والإعلام والثقافة في بلادنا وهذه المهنة هي ( هيكل عظمي الأمة)، ينخر فيها الفساد، والوهن من أشكال مختلفة، سباب وإتهامات وتهكم البعض على الأخر، فالمجتمع يشبه لي بإصابته بهبوط في الدورة الدموية فهل هناك أمل في أن نعود إلى ما إتصفنا به من حكمة وعقل أم هناك دعوة لعودة الروح من "توفيق الحكيم" و"عباس العقاد" و"طه حسين" و"المازني" و"أحمد بهاء الدين" و"إحسان عبد القدوس" و"يوسف إدريس "و "مأمون الشناوي"
و "التابعي" و" مصطفى أمين" وأديبنا العظيم " نجيب محفوظ".
رحم الله أساتذه الرأي والأدب ورحم الله المصريون من أفعال بعض أبنائها.
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
إيمان الراشدي.. تحوّل الجدار إلى مرآة للهوية
خولة علي (أبوظبي)
تُعتبر الفنانة الإماراتية إيمان الراشدي، أحد الأسماء البارزة في فن الجداريات المعاصرة في دولة الإمارات، فمن خلال أعمالها، تسعى إلى توظيف الجدار كوسيط فني يعبر عن قضايا الهوية، والانتماء، والدور الفاعل للفن في تشكيل وعي بصري جماعي. رؤيتها تتجاوز الجانب الجمالي إلى بعد اجتماعي وثقافي، يجعل كل جدارية مشروعاً بصرياً ينبثق من خصوصية المكان ويتفاعل مع الجمهور بشكل حي ومستمر.
هوية المكان
اختارت إيمان الراشدي هذا النمط من التعبير كجزء جوهري من ممارستها الفنية، وإيمانها راسخ بأن الفن في الشارع ليس للجدران فقط، بل هو للناس، للمدينة، وللهوية، لافتة إلى أن الجداريات تفتح الحوار مع الناس في المساحات العامة. وأوضحت أن هذه التجربة تختلف تماماً عن الرسم على اللوحات، فبينما تظل اللوحة غالباً محصورة في دائرة معينة من الجمهور، تفرض الجدارية حضورها على المشهد العام، وتشكل مواجهة مباشرة مع الناس والمكان.
صياغة الرؤى
وتؤمن الراشدي بأن للمكان العام دوراً كبيراً في صياغة الرؤية الجمالية للجدارية، إذ ترى أن كل موقع يحمل ذاكرته الخاصة، وإيقاعه، وطبيعة سكانه. لذا تحرص دائماً على فهم السياق العمراني والثقافي قبل البدء بالرسم، مشيرة إلى أن الفكرة كثيراً ما تنبثق من تفاصيل المكان نفسه، لا من الخيال فقط. وقالت: هناك وعي دائم بأن الأثر البصري سيبقى لسنوات، وهذا يحملني مسؤولية تقديم عمل محترم ومعبر يليق بالمساحة التي يشغلها.
فردي وجماعي
وبين العمل الفردي والجماعي، أوضحت الراشدي أنها تفضل العمل الفردي عندما تكون الفكرة شخصية وعميقة، لكنها لا تخفي استمتاعها بالمشاريع الجماعية، خصوصاً تلك التي تتطلب تنوعاً في الخبرات وتنجز على نطاق واسع.
خصائص مختلفة
أما التحدي التقني الأكبر الذي تواجهه، فأوضحت الراشدي أنه يتمثل في تباين طبيعة الأسطح، حيث إن لكل جدار خصائص مختلفة تتطلب معالجات دقيقة للحفاظ على جودة الألوان وثباتها، وهذا ما يتطلب جهداً أكبر من فنان الجداريات.
تراث الليل
وتتحدث الراشدي عن آخر أعمالها جدارية بعنوان «تراث الليل»، والتي قدمتها ضمن «مهرجان سكة» للفنون والتصميم في دبي، حيث احتفت فيها بالهوية الثقافية والمرأة الإماراتية، كرمز حي للتراث المحلي، دمجت فيها عناصر من الفن العالمي، مستخدمة خلفية مستوحاة من لوحة «ليلة مرصعة بالنجوم» للفنان العالمي فان جوخ، في محاولة لصنع حوار بصري يربط بين التراث الإماراتي والرموز الفنية العالمية.
روح العصر
وأكدت الراشدي أنه دائماً ما تظهر المرأة الإماراتية كصوت فاعل في المشهد المعاصر، لا كمجرد عنصر جمالي، حيث تراها رمزاً للتماسك والوعي، والهوية النشطة، وهذه الرؤية تتجلى من خلال إعادة صياغة الرموز والألوان والأنماط التراثية بأسلوب بصري حديث، يصنع جسراً بين الماضي وروح العصر.
حدس وتخطيط
لا تعتمد الراشدي على الحدس وحده، ولا تسير وفق التخطيط فقط، بل تجمع بين الاثنين، حيث تبدأ بمخططات مدروسة، لكنها تترك مساحة للحدس أثناء التنفيذ، موضحة أن إيقاع الجدار والمكان، قد يغيران مسار الفكرة أحياناً. كما تتقن الراشدي استخدام الأكريليك في الجداريات، نظراً لسرعته وملاءمته للأسطح الكبيرة، بينما تفضل الألوان الزيتية في اللوحات، لما تمنحه من عمق وغنى بصري. ومن بين الفنانين المعاصرين، ترى في Banksy مصدر إلهام خاص، لما يحمله من ذكاء بصري في تحويل الجدران إلى رسائل اجتماعية بليغة.
وسائط رقمية
بدأت الراشدي في إدخال الوسائط الرقمية في تجربتها، حيث باتت تستخدم التحضيرات الرقمية لتصميم الجداريات، ما يساعدها على تصور النتيجة النهائية بدقة، كما تعاونت مؤخراً مع مكتب دبي الإعلامي في تنفيذ أعمال رقمية، ما فتح لها أفقاً جديداً في التعبير الفني. وعلى صعيد المعارض، شاركت في مهرجانات محلية، وفعاليات دولية في إسبانيا والمغرب.