عربي21:
2025-06-01@14:34:55 GMT

اعترفوا أولاً بإنسانية الفلسطينيين

تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT

يجلس الرجال الذين يرتدون القمصان البيضاء وربطات العنق في واشنطن ونظرائهم في إسرائيل حول الطاولات ويضعون خططاً لما بعد أن تنهي إسرائيل الهجوم البشع الذي تشنه على غزة (إذا قامت بإنهائه). ومما قرأته، فإن خططهم إما غير حساسة إلى حد كبير أو واهمة تماماً، حيث تركز فقط على من يدير ماذا وكيف سيتم إدارته، متجاهلة الجراح التي أحدثتها هذه الحرب التي ستحدد الواقع لجيل أو أكثر.

إن الخسارة والصدمة التي لحقت بملايين الضحايا الفلسطينيين لا تؤخذ في الاعتبار أبداً في حسابات الإسرائيليين أو مساعديهم في واشنطن. بالنسبة لهم، كان الفلسطينيون دائماً مجرد بيادق على رقعة الشطرنج.وهنا يكمن أصل الصراع برمته. منذ البداية، لم ينظر البريطانيون ولا القادة الصهيونيون الأوائل إلى السكان العرب الأصليين على أنهم بشر كاملون. وعندما علم الأميركيون بالخطط البريطانية لتأمين الانتداب وتسليمه إلى الحركة الصهيونية لإقامة مستعمرة يهودية في فلسطين، أرسلوا فريقاً لاستطلاع الرأي العربي.

ووجدوا رفضاً عربياً شبه كامل لكل من الانتداب والمشروع الصهيوني. وعند سماع النتائج، نُقل عن اللورد البريطاني بلفور قوله: «في فلسطين، نحن لا نقترح أو نستشير رغبات السكان الحاليين في البلاد. الصهيونية، سواء كانت على حق أم على خطأ، جيدة أم سيئة، هي ذات أهمية أكبر بكثير من رغبات وأحكام الـ 700.000 عربي الذين يسكنون الآن تلك الأرض القديمة». وقد شارك مؤسسو الحركة الصهيونية هذا الشعور. لقد سعوا أولاً إلى الحصول على «أرض بلا شعب... من أجل شعب بلا أرض». عند العثور على سكان أصليين هناك، كتب «هرتزل» أنه سيتم استخدامهم لتطهير المنطقة من الحيوانات الخطرة، ثم يتم إجلاؤهم إلى أراضٍ أخرى. وكتب الصهاينة الأوائل أن الشعب اليهودي كان «أكثر اجتهاداً وأكثر قدرة من المواطن الأوروبي العادي، ناهيك عن التحدث إطلاقاً عن الآسيويين والأفارقة الخاملين». لقد اعتقدوا أن مستعمرتهم ستكون «متراساً لأوروبا ضد آسيا، ومعقلاً للحضارة في مواجهة الهمجية». ووجدت هذه العقلية العنصرية العميقة أفضل تعبير لها
في فيلم «إكسدس» (أو الخروج) عام 1960 الذي نقل قصة «رعاة البقر والهنود» الأميركيين إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني - حيث صور الإسرائيليين كرواد يسعون إلى الحرية لعائلاتهم، ويواجهون جحافل من المتوحشين الذين سعوا فقط إلى قتلهم. وتم اختزال الصراع إلى «الإنسانية الإسرائيلية مقابل المشكلة الفلسطينية». لقد كانوا بحاجة إلى طريقة للتغلب على «المشكلة» أو إخضاعها حتى تتمكن الإنسانية الإسرائيلية من تحقيق أحلامهم. ولا يزال العديد من صناع القرار السياسي في واشنطن يمتلكون هذه الرؤية. وبينما كانوا يحزنون على الإسرائيليين بسبب صدمة السابع من أكتوبر، اعتبروا الإسرائيليين أشخاصاً حقيقيين، في حين بقي الفلسطينيون صورة مجردة لا تحظى إلا بالقليل من التعاطف. لقد استغرق الأمر شهوراً حتى بدأت تظهر أي تعبيرات حقيقية عن التعاطف مع عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين قُتلوا وما يصاحب ذلك من دمار للمنازل والمدن الفلسطينية. في وقت مبكر من هذه الحرب، تحدثت مع مسؤول كبير في البيت الأبيض الذي عبر عن ألمه بسبب فظائع السابع من أكتوبر.

أخبرته أنني أفهم ذلك وطلبت منه أن يأخذ في الاعتبار أيضاً الصدمة الفلسطينية. لكنه رفض بغضب طلبي ووصفه بأنه «توجيه اتهام مضاد»، مشيراً إلى أن نيتي كانت تبرير معاناة الإسرائيليين أو التقليل منها. ذكّرته بأن المعاناة ليست فلسطينية أو إسرائيلية، بل معاناة الطرفين. وبعد مرور خمسة أشهر، ومع مقتل 32 ألف فلسطيني ووقوع غزة على شفا المجاعة، بدأت الإدارة أخيراً تهتم بالأمر. ولكن هذا قليل جداً، ومتأخر جداً. وعلى الرغم من تركيز البيت الأبيض على الأزمة الإنسانية - نقص الغذاء والماء والدواء والإسكان - فإن الخسائر الأعمق التي لحقت بالفلسطينيين لا تزال غير موضع تقدير. وإذا أدركوا الخسائر الحقيقية، فلن يقوموا بإسقاط وجبات غذاء من السماء أو بناء رصيف بحري، ولن يفكروا في أن قيام سلطة فلسطينية مقوَّمة تؤدي العمل الشنيع الذي تقوم به إسرائيل هو سيناريو مقبول «لليوم التالي».

فإذا رأوا الفلسطينيين كبشر متساوين، فسيطلبون من الإسرائيليين وقف القصف، وإزالة الحظر المفروض على وكالة «الأونروا»، ودعم قرار الأمم المتحدة بإرسال قوات دولية إلى غزة والضفة الغربية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني لكليهما. وكانوا سينشئون جهوداً دولية للإغاثة وإعادة الإعمار لإعادة بناء غزة، ويرسلون فرقاً من الأطباء لمعالجة الجروح الجسدية والنفسية التي خلفتها الحرب. وبعبارة أخرى، فإنهم سيظهرون الشعور بالإلحاح والرحمة والرعاية التي يستحقها البشر.

(الاتحاد الإماراتية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الضحايا امريكا غزة ضحايا مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

لن نعود إلى هنا.. مئات آلاف الإسرائيليين يفكرون بالمغادرة

وأشار إلى الارتفاع الهائل في الأسعار، موضحا أن ما كان يُدفع له 5 شواكل أصبح 12 شيكلا، ومن المتوقع أن يصل إلى 15 أو حتى 80 شيكلا، مضيفا أن المشكلة ليست مسألة أسعار الحرب فقط، بل كلما دامت الحروب أكثر، زاد تأثيرها على الاقتصاد الإسرائيلي وعلى المجتمع.

ووفقا لما ورد في فيلم "الوطن الأخير" ضمن سلسلة "الحرب على إسرائيل" الذي يمكن مشاهدته هنا، فإن تكلفة الحرب تُقدر بملايين الدولارات يوميا، بينما يتحدث بعض الخبراء عن 135 مليار شيكل كقيمة إجمالية للخسائر.

وقد أغلقت أكثر من 46 ألف شركة منذ بداية الحرب، كما ارتفعت نسبة البطالة إلى أكثر من 8% مقارنة بالسنوات الماضية.

وفي السياق ذاته، تأثرت قطاعات اقتصادية حيوية بشدة، خاصة قطاع البناء الذي فقد جزءا كبيرا من قوة العمل بعد منع دخول العمال الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

كما توقف قطاع السياحة تماما، حيث لا يأتي السياح إلى إسرائيل، الأمر الذي الحق ضررا كبيرا بكافة مجالات السياحة مثل الفنادق والمطاعم وغيرها.

وأكد أحد المختصين أن أكثر من 300 ألف عامل إسرائيلي تم استدعاؤهم للجيش، مما أثّر على قدرة البلاد على تشغيل الاقتصاد.

إعلان

وإلى جانب الانهيار الاقتصادي، تواجه إسرائيل أزمة نزوح داخلي حادة، حيث أُجبر نحو 140 ألف إسرائيلي على ترك منازلهم بسبب الحرب، منهم 75 ألفا في الجنوب و65 ألفا في الشمال بسبب حزب الله.

وحسب أحد سكان "الكيبوتس"، فإن الكيبوتس الذي كان يسكنه 600 شخص مغلق بالكامل، وأصبح فارغا ولا يوجد به أحد سوى فريق الحماية.

وأضاف أن المكان ليس آمنا للأطفال وحتى للبالغين، مؤكدا أن الحصول على أمان في الكيبوتس أمر صعب جدا خاصة هذه الأيام.

الهجرة الجماعية

وفي ظل هذه الأوضاع المتدهورة، يشهد المجتمع الإسرائيلي موجة هجرة متزايدة، حيث أكد أحد الخبراء أن مئات الآلاف من الإسرائيليين يغادرون البلاد ويعملون خارجها، بسبب الحرب وعدم شعورهم بالأمان.

وحذر الخبير من "الهجرة الإستراتيجية" التي لها علاقة بمستقبل دولة إسرائيل، مشيرا إلى أن هذه الهجرة ستؤدي إلى إضعاف إسرائيل من الداخل لأنها ستكون هجرة أبدية فيها تخلٍّ عن المشروع الصهيوني.

وفي هذا الصدد، عبّر الإسرائيليون عن فقدان الشعور بالأمان، حيث قال أحد السكان: أعتقد أن مجتمع إسرائيل هو المكان الأقل أمنا لليهود في العالم، وهذا ليس بسبب وجود إسرائيل فحسب ولكن بسبب سياسات الحكومة.

وأضاف آخر: صعب أن أؤمن بأنه بعد السابع من أكتوبر يمكننا أن نتخلص من هذا الوضع بسلام، هذا ليس حدثا يمكننا التخلص منه بسهولة.

تحذيرات دولية

ومن جهة أخرى، انعكست تداعيات الحرب على التصنيف الائتماني لإسرائيل، حيث أشار تقرير إلى أن إسرائيل ما عادت بيئة استثمارية مستقرة نتيجة تداعيات الحرب، وهذا ما يعكسه تقرير جديد من شركة فيتش العالمية لتصنيف الائتمان التي خفضت تصنيفها لإسرائيل إلى مستوى سلبي.

وعلى الصعيد الداخلي، تظاهر الآلاف للمطالبة بصفقة تبادل وإطلاق سراح الأسرى في غزة، حيث إن الجدل لم يعد فقط حكرا على المعارضة أو على ما يسمى اليسار في إسرائيل أو على عائلات الأسرى، بل هناك انتقادات باتت تُسمع من داخل الائتلاف الحاكم.

إعلان

كما ذكرت هيئة البث الإسرائيلي أن عشرات من جنود الاحتياط في الوحدة الطبية بالجيش الإسرائيلي أعلنوا أنهم غير مستعدين للعودة للقتال في قطاع غزة.

وفي ضوء هذه التطورات المتلاحقة، حذّر خبراء من أن استمرار إسرائيل في الحرب بهذه الطريقة سيجعلها تخسر أكثر، مؤكدين أن الكثير من الإسرائيليين لن يعودوا إلى إسرائيل عندما تنتهي الحرب.

وتوقع أحدهم أن "30% أو 40% من النازحين لن يعودوا"، معربا عن قناعته بأن الذين سيبقون سيكونون متدينين ومتطرفين، وليس الناس الذين تحتاجهم إسرائيل للتطور والنمو الاقتصادي.

الصادق البديري30/5/2025

مقالات مشابهة

  • سفارة الإمارات في تل أبيب تهنئ الإسرائيليين بعيد شافوعوت
  • واشنطن بوست: الشرع يواجه تحدي الأجانب الذين ساعدوه في الإطاحة بالأسد
  • بعد تسهيلات التجنيس.. عدد الأجانب الذين يحصلون على الجنسية الألمانية يفوق 250 ألفا عام 2024
  • أسر الرهائن الإسرائيليين: المحتجزون الأحياء لن يظلوا على قيد الحياة
  • اختبار ذكاء اصطناعي جديد يتنبأ بالأشخاص الذين سيستفيدون من دواء سرطان البروستاتا
  • لن نعود إلى هنا.. مئات آلاف الإسرائيليين يفكرون بالمغادرة
  • ترددت كثيراً قبل أن أكتب عن واحد من ضباطي الذين شاركوا معي في الحركة التصحيحية
  • وزير المالية السوداني: وقف الحرب أولا وشعبنا سيحكم نفسه بنفسه
  • القسطل قرية فلسطينية دمرتها العصابات الصهيونية لتفتح الطريق إلى القدس
  • «علي جمعة»: الذين ينكرون السنة لا يفهمون صحيح البخاري