واشنطن بوست: الشرع يواجه تحدي الأجانب الذين ساعدوه في الإطاحة بالأسد
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية تقريرا مطولا عن التحدي الذي يواجهه الرئيس السوري أحمد الشرع المتمثل في وجود مقاتلين أجانب كانوا قد ساعدوه في الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وبعد مرور 6 أشهر من دخول الثوار السوريين دمشق أواخر العام المنصرم، أصبح الشرع رئيسا للبلاد. لكن الصحيفة تحذر من أن هؤلاء المقاتلين الإسلاميين، الذين قدِموا من مناطق بعيدة مثل أوروبا وآسيا الوسطى للانضمام إلى الثورة، يشكلون تحديا عميقا لمستقبله السياسي.
وقد عيّن الشرع بعضا منهم في مناصب عليا في وزارة الدفاع، واقترح تجنيس عديد منهم من ضباط الصف والجنود، بيد أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تشترط طرد جميع المقاتلين الأجانب لتخفيف العقوبات التي شلّت الاقتصاد السوري.
ويقول جيروم دريفون المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية إن الحكومة السورية حاولت عزلهم، لكنها تواجه مشكلة حقيقية في تنفيذ المطلب الأميركي، وتحديدا في تعريف من هم "الإرهابيون"، وحتى إذا تم طردهم فإن بلدانهم لا تريد عودتهم.
ووفقا لجماعات الرصد التي تراقب الأوضاع في سوريا، فإن المقاتلين الذين شاركوا في هجوم دموي قبل شهرين على المجتمعات الساحلية السورية، وقتلوا مئات من أبناء الطائفة العلوية، كانوا من المسلحين الأجانب، وتهدد هذه التوترات الطائفية بزعزعة استقرار المرحلة الانتقالية الهشة.
إعلانوأفادت واشنطن بوست بأن الأكثر تشددا من بين المقاتلين الأجانب بدؤوا يصبون جام غضبهم على "رفيق سلاحهم السابق"، وذلك بسبب عدم فرضه الشريعة الإسلامية في سوريا حتى الآن، ويزعمون أنه يتعاون مع الولايات المتحدة والقوات التركية لاستهداف الفصائل المتطرفة.
ونقلت عن أحد المقاتلين الأوروبيين -الذي تحدث في مقابلة أُجريت معه في مدينة إدلب الشمالية شريطة عدم الكشف عن هويته- قوله إن "الجولاني يهاجمنا من الأرض، وأميركا من السماء"، مستخدما الاسم الحركي لأحمد الشرع عندما كان يقاتل النظام السابق.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن عشرات الآلاف من الأجانب تدفقوا إلى سوريا والعراق المجاور على مدى العقدين الماضيين للقتال إلى جانب الثوار السوريين خلال الحرب التي استمرت زهاء 14 عاما. وقد انضم عديد منهم إلى جماعات متطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية، في حين التحق آخرون بفصائل أقل تطرفا.
يقدِّر باحثون أن 5 آلاف من المقاتلين الأجانب لا يزالون في سوريا، وقد اندمج عديد منهم في المجتمعات المحلية، خاصة في أقصى شمال غربي البلاد، وهم متزوجون الآن من سوريات وأنجبوا أطفالا
ويقدِّر باحثون أن 5 آلاف من هؤلاء الأجانب لا يزالون في سوريا، وقد اندمج عديد منهم في المجتمعات المحلية، خاصة في أقصى شمال غربي البلاد، وهم متزوجون الآن من سوريات وأنجبوا أطفالا.
ونسبت الصحيفة إلى محللين سياسيين ومقاتلين أن حكومة دمشق أمرت الأجانب بالتواري عن الأنظار وعدم التحدث علنا، في حين يعمل الشرع جاهدا لتحقيق توازن يبدو صعبا.
وأشارت إلى أن مراسليها التقوا -في 3 مناسبات منذ سقوط الأسد- مقاتلين أجانب في عدة مناطق من البلاد. ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، كان مقاتلون أتراك متمركزين في الطريق المؤدية إلى مدينة حماة (وسط البلاد)، حيث مقام الإمام علي زين العابدين، بينما كان مقاتلون عراقيون يجوبون المدينة على أنهم سياح.
وفي مارس/آذار الماضي، سيطر مقاتلون من آسيا الوسطى على نقطة تفتيش تقطع الطريق إلى جبل قاسيون الشهير في دمشق. ثم في أوائل مايو/أيار الماضي، اختفى جُلَّهم من نقاط التفتيش وشوارع وسط وجنوب سوريا على الأقل.
الحكومة السورية تتوخى الحذر في الوقت الراهن، مخافة أن يُنظر إليها على أنها تستهدف المقاتلين الذين ظلوا على ولائهم أو استفزاز المتشددين الذين أصيبوا بخيبة أمل
وتحدث مقاتل فرنسي إلى الصحيفة -بشرط الاكتفاء بذكر اسمه الأول وهو مصطفى- قائلا إنه سافر من باريس للانضمام إلى القتال ضد قوات الأسد عام 2013، في البداية مع فصيل صغير يتألف في معظمه من مصريين وفرنسيين، ثم مع جبهة النصرة سابقا قبل أن تتحول إلى هيئة تحرير الشام.
وقال حلاق يُدعى محمد كردي -لصحيفة واشنطن بوست– إن بعض زبائنه كانوا مقاتلين من بيلاروسيا والشيشان وأوزبكستان وأماكن أخرى.
غير أن الخبراء الذين يراقبون الجماعات الإسلامية يقولون إن المقاتلين ككل أصبحوا أقل تطرفا بمرور الوقت، رغم أن معظمهم لا يزالون محافظين بشدة. ولم يرغب أي ممن التقاهم مراسلو الصحيفة في مغادرة سوريا بحجة احتمال تعرضهم للاعتقال أو حتى لعقوبة الإعدام في بلدانهم الأصلية.
إعلانوطبقا لتقرير الصحيفة الأميركية، فإن الحكومة السورية تتوخى الحذر في الوقت الراهن، مخافة أن يُنظر إليها على أنها تستهدف المقاتلين الذين ظلوا على ولائهم أو استفزاز المتشددين الذين أصيبوا بخيبة أمل.
وفي اعتقاد المحلل دريفون أن الحكومة لا تريد أن تخونهم، لأنها لا تعرف كيف سيتصرفون، مضيفا أنهم قد يختفون، أو قد ينضمون إلى جماعات أخرى، وربما ينخرطون في أعمال عنف طائفي، وقد تسوء الأمور أكثر.
وتعتقد الصحيفة أن حكومة الشرع قد تسعى إلى دمج معظم المقاتلين الأجانب في جيش البلاد الجديد، مشيرة إلى أن 6 منهم عُيِّنوا بالفعل في مناصب عليا في وزارة الدفاع، وهي خطوة يرى الخبراء أن الشرع يستهدف منها تحصينه ضد الانقلابات المحتملة من خلال وضع مواقع أمنية -مثل حرسه الرئاسي- في أيدي موالين أجانب لا يتمتعون بمصادر قوة مستقلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات المقاتلین الأجانب واشنطن بوست فی سوریا
إقرأ أيضاً:
واشنطن بوست: خطة المساعدات الإسرائيلية لغزة خطيرة وغير قابلة للتنفيذ
قالت صحيفة واشنطن بوست إن معاناة غزة استمرت مدة طويلة، وإن الاستجابة للجوع والحرمان المستشريين هناك كانت ضئيلة للغاية، ولكن استئناف المساعدات الإنسانية الكافية لا يمكن إلا بانتهاء الحرب.
وأوضحت الصحيفة -في افتتاحيتها- أن أي مساعدات إنسانية لقطاع غزة يجب أن تكون موضع ترحيب، ولكن الفوضى التي صاحبت إطلاق نظام توزيع المساعدات تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، أظهرت عدم فائدة هذا النظام الجديد الذي تديره مؤسسة غزة الإنسانية الخاصة المرتبطة بحكومتي إسرائيل والولايات المتحدة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2اختفاء بلدة في سويسرا من الخريطة بسبب حادث غير مسبوقlist 2 of 2سجن وتغريم إمام بفرنسا في منشور عن طوفان الأقصىend of listورأت واشنطن بوست أن هذا النظام رد من إسرائيل على تحذيرات حلفائها بأن المجاعة الجماعية في قطاع غزة أمر غير مقبول، وذلك بعد أن أوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المساعدات إلى غزة في مارس/آذار الماضي متذرعا، دون تقديم أدلة، بأن المساعدات التي كانت توزعها الأمم المتحدة ووكالات إغاثة دولية أخرى سابقا كانت تختلس وتباع من قبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ويرى نتنياهو أن جميع المساعدات ستمرر بموجب النظام الجديد عبر مؤسسة غزة الإنسانية، التي تعتمد على متعاقدين عسكريين أميركيين خاصين لتوفير الأمن وتوصيل طرود غذائية في مراكز محددة ومحاطة بالجنود والدبابات الإسرائيلية، ولكن هذه الخطة -حسب الصحيفة- غير كافية وخطيرة وغير قابلة للتنفيذ في نهاية المطاف.
إعلان خطة خطيرةوأوضحت واشنطن بوست أن أربعة مراكز غير كافية لتقديم المساعدات لنحو مليوني غزي، خاصة أن إسرائيل أعلنت أنها سترسل حوالي 100 شاحنة يوميا، خمسة أيام في الأسبوع إلى قطاع غزة، مع أن غزة قبل الحرب كانت تصلها يوميا 500 شاحنة تقريبا، وكانت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى تنقل الغذاء إلى مئات مراكز التوزيع داخل القطاع.
ونبهت الصحيفة إلى أن إسرائيل تسعى لحصر مراكز توزيعها في الجزء الجنوبي من القطاع، مما يجبر الفلسطينيين الجائعين في الشمال للذهاب إليها، ويخشى الناس عند ذلك أن تكون الفكرة هي تهجير السكان قسرا، ربما تمهيدا لطردهم من غزة في نهاية المطاف، وقد عزز نتنياهو شكوكهم هذه عندما قال إن الفكرة هي "إنشاء منطقة معقمة في جنوب غزة يتحرك نحوها جميع السكان لحمايتهم".
ورأت الصحيفة أن هذه الخطة خطيرة لأنها تجبر الفلسطينيين على المرور عبر نقاط تفتيش عسكرية إسرائيلية مسيجة والخضوع لفحص الهوية، وبالقرب من المتعاقدين الخاصين المسلحين الذين يحرسون عمليات التسليم، مما يعني عسكرة توزيع المساعدات وينذر بالمزيد من الفوضى وإطلاق النار مثل ما حدث يوم الثلاثاء الماضي عندما قُتل فلسطيني وجرح 48 بنيران القوات الإسرائيلية.
وكان المدير التنفيذي لمؤسسة غزة الإنسانية جيك وود قد استقال يوم الأحد الماضي قائلا إن خطط المجموعة تتعارض مع "المبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال"، كما استقال رئيس العمليات فيها.
وخلصت واشنطن بوست إلى أن هذه الخطة لن تنجح على المدى الطويل حتى لو استطاعت إسرائيل تقديم الحد الأدنى من المساعدات لسكان غزة في بيئة محكمة الرقابة، لأنها تواجه موجة متزايدة من الانتقادات من حلفائها بما في ذلك بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وحتى الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرأي العام الإسرائيلي لم يعودا يرغبان في استمرار القتال.
إعلان