خطيب الجامع الأزهر: مواسم العبادة تتيح للمسلم فرصة للتأمل ومحاسبة النفس
تاريخ النشر: 26th, April 2024 GMT
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر ، الدكتور حسن الصغير، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية للتدريب، والتى دار موضوعها حول "مواسم الخيرات وفضائل الأعمال ومكانة سيناء".
الإفتاء المصرية توضح فضل من مات يوم الجمعة وليلتها حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة.. الإفتاء توضحوقال الصغير، إننا كنا في الموسم الأعظم للعبادة حيث الصيام والقيام، والقرآن والبر، والصدقات والتزاحم في المساجد، ثم انتقلنا بعد عيد الفطر المبارك إلى موسم طاعة جديد نعيش الآن أيامه وهو موسم الحج.
وبيّن خطيب الجامع الأزهر ، أنه بعد انتهاء كل موسم للطاعة يرصد أهل العلم أخبار الناس لينظروا ماذا أثر موسم الطاعة فيهم، وهل تغير الحال أم لا؟ وهذا يوضح اهتمامات الناس بالعبادة والطاعة فيما يصلح أمر دينهم ودنياهم، حيث يخرجون من هذه المواسم بالتقوى التي هي مراد الله عزّ وجلَّ لهم، قال تعالي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.
يجب شكر الله تعالى على ما أنعم علينا في رمضان من خير وفضلوتابع الدكتور حسن الصغير، بقوله : يجب شكر الله تعالى على ما أنعم علينا في رمضان من خير وفضل، فالمولي سبحانه وتعالي لم يفرض علينا عبادة إلا ولها فائدة تنعكس على السلوك والأعمال في الحياة الدنيا ويكون لها الثواب في الآخرة، قال تعالي: ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ (56) مَآ أُرِيدُ مِنۡهُم مِّن رِّزۡقٖ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ (57) إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ﴾، فالغاية التي خلق الله الجن والإنس من أجلها، وبعث جميع الرسل يدعون إليها، هي عبادته، المتضمنة لمعرفته ومحبته، والإنابة إليه والإقبال عليه، والإعراض عما سواه، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى، فإن تمام العبادة، متوقف على المعرفة بالله، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه، كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله، فما خلقهم لحاجة منه إليهم.
وأشار خطيب الجامع الأزهر، إلى أن العبد ينتقل من موسم الصيام والقيام، والطاعة والعبادة إلي عبادة أخري وهو الإستعداد لموسم الحج، فالحج فريضة عظيمة فرضت في أشهر معلومات لا رفث فيها ولا فسوق ولا جدال، فهو تجنب المعاصي عامة وتشمل كل المخالفات الدينية والدنيوية، بل هو التزود بالتقوي والعمل الصالح الذي هو من تمام الإيمان. قال تعالي: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾.
ثم انتقل، للحديث عن أرض سيناء وذكرى تحريرها، والاحتفال بهذه المناسبة العظيمة، تلك البقعة المباركة التي هي كنانة الله في الأرض، والتي خطت فيها أقدام الأنبياء والمرسلين، والتي ذكرت في مواضع كثيرة من كتاب الله عزّ وجلَّ. قال تعالي: ﴿وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ (3) لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ﴾، وقال تعالي: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾، وقال أيضاً: ﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾، فتدل هذه الآيات وتعطينا إشارة إلى بركة هذه البقعة المباركة، وأنه مهما حدث على مر العصور والأزمان فإن الله سبحانه وتعالي حافظ لها من شر المعتدين وكيد الكائدين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجامع الأزهر خطبة الجمعة خطيب الجامع الأزهر قال تعالی
إقرأ أيضاً:
رؤية الحج الإنسانية التي تتسع للعالم أجمع
يبدأ حجاج بيت الله الحرام غدًا الأربعاء في التوجه إلى مدينة الخيام في منى لقضاء أول أيام موسم الحج وهو يوم التروية استعدادًا للنسك الأعظم في الحج وهو الوقوف بصعيد عرفات الطاهر. ومشهد حجاج بيت الله الحرام وهم يؤدون مناسك الحج مشهد متكرر كل عام، ولكنه لا يفقد دهشته ولا عمقه، ملايين البشر يأتون من أقاصي الأرض، مختلفي اللغات والأعراق والانتماءات، ليقفوا على صعيد واحد، ولباس واحد، وأمام رب واحد. لا يوجد مشهد أكثر عظمة وأعمق دلالة من هذا المشهد الذي يحقق معنى المساواة والكرامة والاندماج الروحي بين الناس.
والحج إضافة إلى أنه الركن الخامس من أركان الإسلام فهو أيضا تجربة وجودية شاملة، تهذّب الروح، وتعيد ضبط علاقتها مع الآخر، وتغرس في النفس معاني التواضع والسكينة والعدالة. وفي الحج يمكن أن يقرأ الإنسان الكثير من القيم التي فطر الله الناس عليها، إضافة إلى دلالات مستمدة من يوم القيامة؛ حيث لا تقاس قيمة الإنسان بماله أو سلطته ولكن بامتثاله للحق، وبقدرته على تجاوز أنانيته نحو فهم أوسع للوجود البشري المشترك.
وإذا كان الحس الإنساني يتراجع اليوم أمام صراعات الهوية والتعصب والماديات القاتلة، فإن فريضة الحج تقدم نموذجا بديلا، فإضافة إلى شعار التوحيد فإن الحقائق التي يقرها الحج تتمثل في حقيقة الأخوة الإنسانية، ورسالة السلام، ومنهج الرحمة. ولعل المكان الوحيد في العالم الذي يتساوى فيه الجميع هو صعيد عرفات، والموقف الوحيد الذي تذوب فيه الحدود، هو الطواف. والمشهد الوحيد الذي تتحول فيه الجموع إلى روح واحدة مندمجة، هو الحج.
ومع اكتمال وصول حجاج بيت الله الحرام إلى جوار بيته العتيق فإننا نحتاج إلى أن نتأمل فريضة الحج وطقوسها لا بوصفها ممارسة فردية ولكن بوصفها منظومة قيمية قادرة على إنقاذنا من الانحدار الأخلاقي. فالحج يعلّمنا أن العظمة في التواضع، والقوة في الصفح، والكرامة في المساواة. ومن كان حجه مبرورا، فليجعله بداية لا نهاية، وليكن ما تعلمه هناك هو ما يزرعه هنا: في بيته، وفي عمله، وفي وطنه، وفي العالم بأسره.
وإذا كانت شعائر الحج تنتهي في مكة المكرمة فإنها تبدأ في نياتنا، وفي صدقنا، وفي استعدادنا لأن نكون أفضل مما كنا.
كل عام، تمنحنا هذه الرحلة فرصة جديدة، لنسأل أنفسنا: هل يمكن أن نكون حجاجا حتى وإن لم نذهب؟ هل يمكن أن نعيش مبادئ الحج ونحن في بيوتنا؟ هذا هو المعنى الحقيقي لحج لا ينتهي بعد أن تكون أرواحنا قد صقلت وملئت بالقيم الإنسانية النبيلة.