يقوم تمويل معظم الجامعات الأمريكية، على نظام يشبه بنظام الوقف في الدول الإسلامية، حيث تمتلك كل جامعة، قيمة من الأموال تم تحصيلها من الهدايا والتمويل، تعد تلك الأموال وقفا تعليميا خاصة بالجامعات، ويضاف إليه سنويا مصاريف الطلاب، أو التبرعات الجديدة، تعمل الجامعات باستثمار تلك الأموال عبر شراء أسهم في شركات ومصانع واستثمارات كبرى، ولذلك يمكن أن تجد جامعة أمريكية لها أسهم في الكثير من الشركات المحلية الأمريكية، أو الدولية، ومن هنا كانت شرارة ثوورة الغضب الطلابي لجامعات أمريكا.

وبحسب تقرير مفصل نشرته شبكة  CNN الأمريكية، فإن الصدام الذي حدث بين طلاب الجامعات الأمريكية، وإدارتها، لم يكن في الأساس التظاهر والفعاليات الداعمة لقضية الفلسطينية، ولكن الخلاف ظهر عندما بدأت بعض الجامعات بالحديث عن قطع التعاون مع أي جهة إسرائيلية أو تتعاون معها، وهو ما حدث من طلاب جامعة كولومبيا، والتي كانت الشرارة الأولى لتلك الأزمة، وهو الأمر الذي رفضته إدارة الجامعات، وهنا صعد الطلاب بتنفيذ تهديداتهم، وقرروا الاعتصام وتعطيل العملية التعليمية لحين استجابة الجامعات لهم، وهنا نرصد تفاصيل تلك الأزمة.

 

   

استثمارات ضخمة.. كولومبيا 14 مليار دولار

 

 

وتكشف الشبكة الأمريكية مدى ضاخمة تلك الأموال الخاصة بالوقف، ففي جامعة كولومبيا، يريد الطلاب أن تقوم مدرستهم بسحب وقفها البالغ 13.6 مليار دولار من أي شركة مرتبطة بإسرائيل أو الشركات التي تستفيد من الحرب بين إسرائيل وحماس، ومع استمرار الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في اجتياح الجامعات الأمريكية الكبرى، ظهرت رسالة موحدة، تتبنى موقف تلك الجامعة، فمن جامعة برينستون في نيوجيرسي إلى جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس، يمكن سماع نفس الهتاف: "اكشف! تجريد! لن نتوقف، لن نرتاح!".

وتعرض اللافتات التي تحدد محيط مخيم الطلاب في الحديقة الغربية لجامعة كولومبيا رسالة مماثلة - من مجموعة نزع الفصل العنصري بجامعة كولومبيا - تقول: "سحب جميع الموارد المالية، بما في ذلك الوقف، من الشركات التي تستفيد من الفصل العنصري الإسرائيلي والإبادة الجماعية والاحتلال في إسرائيل".

 

 

ليس الشركات الإسرائيلية فقط.. السلاح والتعاون العلمي

 

 

وتختلف تفاصيل مطالب الطلاب المتظاهرين بسحب الاستثمارات من مدرسة إلى أخرى، إذ يريد هذا التحالف في جامعة كولومبيا أن تسحب الجامعة وقفها البالغ 13.6 مليار دولار من أي شركة مرتبطة بإسرائيل أو الشركات التي تستفيد من الحرب بين إسرائيل وحماس، وقد ذكر قادة الاحتجاج بيع أسهم الشركات الكبرى في خطاباتهم، فيما يطالب طلاب آخرون، مثل طلاب جامعة كورنيل وجامعة ييل، مدارسهم بالتوقف عن الاستثمار في شركات تصنيع الأسلحة.

 

وتشمل المواضيع المشتركة الأخرى مطالبة الجامعات بالكشف عن استثماراتها، وقطع العلاقات الأكاديمية مع الجامعات الإسرائيلية ودعم وقف إطلاق النار في غزة، وحتى الآن، رفضت الجامعات في الأغلب التزحزح عن أي منها، ويشكك بعض الخبراء في فعالية مثل هذه الحملة. لكن الطلاب ما زالوا صامدين في مطالبهم.

 

 

إذن ما الذي يطالبون به بالضبط؟

 

وتتحدث الـCNN، عن تفسير وأثر تلك المطالب، وتقول في تقريرها، ماذا يعني تلك المطالب، فيبدو مفهوم سحب الاستثمارات بسيطا إلى حد ما في ظاهره - يقوم المستثمر أو المؤسسة ببيع أسهمه في الشركة لتجنب التواطؤ في الأنشطة التي يعتبرونها غير أخلاقية أو ضارة، ولا يهدف هذا الإجراء إلى إعادة تخصيص الأموال لاستثمارات أكثر أخلاقية فحسب، بل يهدف أيضًا إلى الإدلاء ببيان عام يمكنه الضغط على شركة أو حكومة لتغيير السياسات، فهناك تاريخ من الناشطين الطلابيين الذين استهدفوا الأوقاف أثناء المظاهرات، وفي الثمانينيات، نجح الطلاب في إقناع جامعة كولومبيا بسحب استثماراتها من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

وفي الآونة الأخيرة، تخلت جامعة كولومبيا وغيرها من الجامعات عن الوقود الأحفوري والسجون الخاصة، لكن نظرة سريعة تحت الغطاء تظهر أن الأمور ليست بهذه البساطة، ويرى المنتقدون أنه في حين أن سحب الاستثمارات يمكن أن يكون تعبيرا فعالا عن الرفض ودعوة للتغيير، فإن تأثيره الفعلي على سلوك الشركات واتجاهات السوق أكثر ضعفا، وتظل أسعار الأسهم ثابتة، فقد توصلت الأبحاث إلى أن هناك علاقة قليلة جدًا بين حملات سحب الاستثمارات وقيمة الأسهم أو سلوك الشركة، كما قال فيتولد هينيس، نائب العميد ومدير هيئة التدريس للمبادرة البيئية والاجتماعية والحوكمة في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، لشبكة CNN. .

 

 

أبعاد أخرى تستحق الدراسة

 

 

وبحسب الشبكة الأمريكية، فقد درس الاقتصاديون من نظام جامعة كاليفورنيا تأثير حركات سحب الاستثمارات واسعة النطاق على جنوب إفريقيا في الثمانينيات ووجدوا أنه لم يكن هناك أي تأثير تقريبًا على سعر السهم، وافترض الباحثون أن السبب في ذلك هو أن "المقاطعة في المقام الأول أعادت تخصيص الأسهم والعمليات من المستثمرين "المسؤولين اجتماعيا" إلى مستثمرين ودول غير مبالين، ويقول هينيسز: عندما تبيع الأسهم، فإنك تمنح شخصًا لا يهتم كثيرًا بالقضية صوتًا وتتخلى عن صوتك، وقال إن سحب الاستثمارات قد يكون أمراً طيباً، "لكنه قد يؤدي إلى نتائج عكسية".

وأضاف أنه من النادر حقًا أن يكون هناك عدد كافٍ من البائعين وعدد قليل من المشترين لتغيير تكلفة رأس المال فعليًا، لكن فى المقابل يرى أنصار سحب الاستثمارات أن قيمته تكمن في رفع مستوى الوعي ووصم الشراكات مع الأنظمة أو الصناعات المستهدفة، ولفك تشابك المصالح، فقد أصبحت الاستثمارات الجامعية الآن أكثر تعقيدا مما كانت عليه في الثمانينات، وتتم إدارة العديد من الأوقاف من قبل مديري الأصول ويتم استثمارها في صناديق أسهم خاصة مبهمة، ويقول نيكولاس ديركس، المستشار السابق لجامعة كاليفورنيا في بيركلي: "لقد أصبح الاقتصاد عالميًا للغاية الآن، لدرجة أنه حتى لو قررت إحدى الجامعات أنها ستصدر تعليمات لمجموعاتها الإدارية المهيمنة بالتخلي عن إسرائيل، فسيكون من المستحيل تقريبًا فك الارتباط".

 

 

فيما يتعلق بالدعوات إلى سحب الاستثمارات من أي شركة لها روابط إسرائيلية، يقول ديركس: "ليس من الواضح بالنسبة لي أنه من الممكن حقًا سحب الاستثمارات بالكامل من الشركات التي تمس بطريقة ما دولة لها مثل هذه العلاقات السياسية والتجارية الوثيقة مع الولايات المتحدة".

 

 

كيف يمكن أن تنتهي؟

 

 

وتجيب الشبكة عن كيفية أن تنتهي الأزمة، وهنا يقول طلاب الجامعات في المدارس في جميع أنحاء الولايات المتحدة إنهم لن ينهوا احتجاجاتهم حتى يلبي مديرو الجامعات مطالبهم، وتتقدم المفاوضات بين إدارة كولومبيا والطلاب المتظاهرين لكنها لا تزال مثيرة للجدل، ويقول ديركس، وهو أيضًا نائب الرئيس السابق لكلية الآداب والعلوم في كولومبيا، إنه من غير المرجح أن توافق معظم الكليات على سحب الاستثمارات أو الإدلاء بأي تصريحات مشحونة سياسيًا،  وأضاف: "هناك أهداف مشتركة بين الناس، وهي التأكد من أن الطلاب يمكن أن يكونوا طلابًا وأن أعضاء هيئة التدريس يمكنهم ممارسة بعض الأدوار الإدارية".

وتابع: "المحادثات حول إعادة الطلاب الموقوفين ومحو سجلاتهم ستكون على الأرجح نقاط تفاوض، وسيحاولون إيجاد طريقة للوصول إلى نهاية العام وجعل الطلاب ينهون دروسهم ويتخرجون".

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة المنصورة: تدويل التعليم العالي محور أساسي في استراتيجية تطوير التعليم والبحث العلمي

قال رئيس جامعة المنصورة الدكتور شريف خاطر إن تدويل التعليم العالي أصبح أحد المحاور الأساسية في استراتيجية الجامعة لتحقيق أهداف رؤية "مصر 2030"، وتعزيز التنافسية في التصنيفات الدولية، وتطوير منظومة التعليم والبحث العلمي وفقًا للمعايير العالمية.


جاء ذلك خلال مشاركة رئيس جامعة المنصورة في فعاليات اليوم الثاني من مؤتمر العراق للتعليم 2025 في نسخته الثانية، الذي يُعقد بجامعة بغداد خلال الفترة من 11 إلى 13 أكتوبر الجاري، بحضور نخبةٍ من رؤساء الجامعات العربية والدولية، وممثلي مؤسسات التصنيف العالمية، وبالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني.


وخلال مشاركته في جلسة حوارية بعنوان: «دور المجلس الثقافي البريطاني في تدويل التعليم العالي»، استعرض الدكتور شريف خاطر ورقةً بحثيةً تناولت تجربة جامعة المنصورة في تدويل التعليم العالي، موضحًا أن جامعة المنصورة قطعت شوطًا كبيرًا في ملف التدويل من خلال عقد شراكاتٍ أكاديميةٍ وبحثيةٍ متميزةٍ مع عددٍ من الجامعات الدولية، مشيرًا إلى أن هذه الشراكات تمثل جسورًا للتواصل الأكاديمي وتبادل الخبرات وبناء القدرات البحثية، بما يخدم أهداف التنمية المستدامة.


وتناول رئيس جامعة المنصورة -في كلمته- أبرز النماذج التي تجسِّد نجاح الجامعة في هذا المجال، من بينها التعاون الأكاديمي الممتد لأكثر من عشرين عامًا مع جامعة مانشستر البريطانية في القطاع الطبي، والذي يُعَدّ من أقدم وأهم الشراكات الأكاديمية بين الجامعات المصرية والبريطانية؛ إذ بدأ التعاون من خلال برنامج المنصورة–مانشستر للتعليم الطبي المشترك منذ عام 2006، ثم برنامج طب الأسنان، ثم انطلاق برنامج الصيدلة الإكلينيكية لأول مرة هذا العام، الأمر الذي يمثل نموذجًا متطورًا للتعليم الدولي القائم على التكامل الأكاديمي وتبادل المناهج والخبرات التعليمية.


كما عرض الدكتور شريف خاطر تجربة التعاون بين شركة «انطلاق»، الذراع التقنية لجامعة المنصورة، وشركة «قواسم» التعليمية بالسعودية، التي تأتي في إطار تعزيز التعاون العربي في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي والجودة الأكاديمية، وتشمل إنشاء جامعةٍ أهليةٍ بالسعودية بالشراكة مع جامعة المنصورة؛ لتطبيق أحدث النُّظم التعليمية والتكنولوجية المستمدة من التجربة المصرية في تطوير التعليم الجامعي.


واستعرض رئيس جامعة المنصورة أيضًا الشراكة مع جامعة المستقبل العراقية، التي تمثل نموذجًا متميزًا للتكامل العربي في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي؛ إذ يشمل التعاون تنفيذ برامج دراساتٍ عليا مشتركةٍ تستضيفها جامعة المستقبل في مقرها بالعراق، إلى جانب إنشاء مركزٍ دوليٍّ للتدريب والابتكار بمدينة المنصورة الجديدة، بالإضافة إلى تبادل الخبرات الأكاديمية في مجالات الطب والهندسة والعلوم الإنسانية؛ بما يُسهِم في نقل الخبرة المصرية إلى الجامعات العراقية، ويفتح آفاقًا جديدةً للتعليم العربي المشترك.


وأكَّد الدكتور شريف خاطر أن تجربة جامعة المنصورة في التدويل تقوم على تحقيق التوازن بين التميز الأكاديمي والمسؤولية المجتمعية، وتسعى إلى بناء شراكاتٍ نوعيةٍ مع الجامعات والمؤسسات الدولية؛ بما يدعم الابتكار ويرفع من كفاءة خريجي الجامعة في سوق العمل الإقليمي والعالمي.


وفي ختام كلمته، قدَّر الدكتور شريف خاطر جهود وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية في تنظيم هذا المؤتمر العربي المتميز، مؤكدًا أن مشاركة جامعة المنصورة تأتي امتدادًا لدورها الريادي في إطار التعليم العربي المشترك، وتبادل الخبرات الأكاديمية والبحثية، وترسيخ أواصر التعاون بين الجامعات المصرية والعربية.
 

طباعة شارك رئيس جامعة المنصورة الدكتور شريف خاطر جامعة المنصورة تدويل التعليم العالي رؤية مصر 2030 تطوير منظومة التعليم والبحث العلمي

مقالات مشابهة

  • جامعة قناة السويس توقع بروتوكول تعاون مع مصر الخير لدعم الطلبة غير المقتدرين
  • رئيس جامعة الأزهر يؤم طلاب المدينة الجامعية ويلقي درسا من كتاب رياض الصالحين
  • التمثيل التجاري المصري في إسطنبول يبحث جذب استثمارات تركية جديدة
  • رئيس جامعة المنصورة: تدويل التعليم العالي محور أساسي في استراتيجية تطوير التعليم والبحث العلمي
  • رئيس جامعة المنصورة يستعرض تجربة تدويل الجامعة خلال مؤتمر العراق للتعليم
  • جامعة الفيوم ضمن أفضل الجامعات عالميًّا بتصنيف التايمز البريطاني 2026
  • نائب رئيس جامعة قازان لـ«صدى البلد»: طلاب مصر يجدون لدينا بيئة دراسية مريحة وآمنة
  • رئيس جامعة الأزهر ونائبه يؤديان صلاتي المغرب والعشاء مع طلاب المدينة
  • جامعة حلوان تحتفل بتخرج دفعة جديدة من طلاب كلية الفنون الجميلة
  • عبدالصادق: انتظام طلاب جامعة القاهرة الأهلية بالمعامل والوحدات