ريهام العادلي تكتب: عمال مصر والجمهورية الجديدة
تاريخ النشر: 30th, April 2024 GMT
يحتفل عمال مصر غداً بعيدهم الذي يحتفي بهم الوطن فيه، ولمَ لا وهم عماد أي نهضة اقتصادية وشعلة أي تقدم صناعي وحجر الزاوية في أي إنتاج.
وتسعى الجمهورية الجديدة بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يسعى دائماً إلى تحسين ظروف هذا القطاع الهام وتكريم المتميزين فيه، إلى تطوير اقتصادها ليكون أكثر تنافسية وانفتاحا على العالم وإلي بناء قوى عاملة مؤهلة وعالية الإنتاجية ومؤسسات عامة مرنة تستجيب للمتطلبات المتغيرة لأسواق العمل وتناغم قوي مع معايير منظمة العمل الدولية.
وهو ما يرفع طموحات عالم العمل والعمال، في تحسين بيئة العمل وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال ورفع الأجور، والتدريب على مهارات المستقبل، وتعزيز مشاركة المرأة ورفع نسبة التمكين في قطاعات اقتصادية ذات قيمة مضافة، وابتكار وظائف جديدة في التغيرات مستقبلية التي تحتم الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في سوق العمل.
وتاريخياً يمثل اليوم الأول من مايو مناسبة للاحتفال بالطبقة العاملة، ويعرف باليوم العالمي للعمال أو عيد العمال العالمي، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من قرن ونصف.
يمكن تتبع جذور هذا الحدث في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما كانت هناك ثورات عمالية واحتشاد لمنظمات العمال الصناعيين في العديد من دول الغرب والولايات المتحدة.
وكان الهدف هو الطلب بتقليل ساعات العمل من 12 إلى 15 ساعة يوميًا إلى ثماني ساعات.
وقد كان للبيان الذي كتبه كارل ماركس وإنجلز في عام 1848م تأثير كبير على العمال في مختلف البلدان الذين شعروا بحرارة أجواء التصنيع القاسية.
هناك العديد من الأسباب التي تضافرت لتجعل العمال يطالبون بحقوقهم في تلك الآونة، منها اندلاع ثورات واسعة ضد الإقطاع الأوروبي عرفت بـ "ثورات 1848م" التي نتج عنها ميلاد رابطة العمال الدولية أو "الأممية الأولى".
وسبب الغضب على الإقطاعيين ارتبط بفشل جني المحاصيل والزراعة.
وكانت تلك الرابطة عبارة عن جمعية جامعة لجميع المنظمات الاشتراكية المطالبة بحقوق العمال، وانطلقت من التجمع العمالي في لندن.
في عام 1876م تم حل رابطة "الأممية الأولى" بسبب خلافات أيديولوجية، لتظهر "الأممية الثانية" في عام 1889 باعتبارها جماعة موحدة من الأحزاب الاشتراكية والعمالية ، هذه الجماعة هي التي أعلنت الأول من مايو يومًا عالميًا للعمال .
من المهم اليوم التفكير في قضايا وتحديات العمل المعاصرة التي تواجه العمال على المستوى العالمي، ومن أكثر القضايا إلحاحًا التوازن بين العمل والحياة، وهو أمر مهم للحفاظ على الصحة البدنية والعقلية . بالإضافة إلى ذلك ، أدى ظهور اقتصاد الوظائف المؤقتة إلى ظهور مجموعة جديدة من التحديات للعمال ، بما في ذلك انعدام الأمن الوظيفي ونقص المزايا . بينما نمضي قدمًا ، من المهم معالجة هذه القضايا والعمل على إنشاء نظام عمل أكثر إنصافًا وعدالة.
لقد سعت أغلب الحكومات إلى توفير الكثير من مستلزمات دعم العمال، وتحقيق الأمن الوظيفي لهم من خلال المؤسسات التي ترعاهم، وتحفظ لهم حقوقهم، كما توجد للعمال نقابات في كثير من الدول، وينتخب العمال ممثليهم بكلّ حريةٍ وديمقراطيةٍ، مهمة هذه النقابة حماية حقوق العامل والمشاركة مع المؤسسات التشريعية الأخرى للوقوف على التشريعات والقوانين التي تخصّ العمال، كما توفر الكثير الدول مراكز التدريب والتطوير من أجل رفع مستوى المعرفة عند العامل، وزيادة مهاراته بمختلف أنواع المهن والأعمال، فالعامل المتعلّم المدرَّب جيداً يساهم في الإنتاج بنسبة أكبر، فيمارس عمله بعلمٍ به الأمر الذي يجعل إنتاجه أكثر جودةً، وبأقل التكاليف خاصة وأن باب التنافس بين الشركات والمؤسسات المنتجة للسلع يستوجب تطوير مهارات العمال، وزيادة معرفتهم بواجباتهم، وحقوقهم. فكلما تحققت حياة كريمة للعامل زاد نشاطه وحبه لعمله، فرقيّ الدول يتم من خلال احترام وتقدير جهود عمالها.
كل عام وعمال مصر المخلصين بألف خير ، وبارك الله في كل عطاء وطني يساهم في بناء هذا البلد الأمين بإخلاصٍ وحبٍ ووفاء.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
الخليج الذي نُريد
د. سليمان المحذوري
abualazher@gmail.com
منذ عام 2011 والمنطقة العربية تشهد أحداثًا متسارعة، وتغيرات جذريّة، وما زالت المنطقة تكتوي بنيران العواصف السياسية التي لم تهدأ بعد، ودول الخليج العربية جزء لا يتجزأ من هذا الإقليم، تقع شرق الخارطة العربية، ووسط دول الشرق الأوسط، كما أنّها تشرف على بحار مهمة، مثل بحر العرب وبحر عُمان والبحر الأحمر والخليج العربي التي تشكل شرايين أساسية للمحيط الهندي.
ولا ريب أنّ وجود الحرمين الشريفين يُعطي المنطقة أهمية كبيرة باعتبارها مقدسات إسلامية لجميع المسلمين، إضافة إلى توفر مصادر الطاقة النفط والغاز وبكميات كبيرة يُعلي من القيمة الاقتصادية لهذه المنطقة، فضلًا عن عوامل أخرى لا مجال للتفصيل فيها في هذا المقام.
وانطلاقًا من تلكم الأبعاد أدركت دول الخليج مبكرًا حجم التحديات التي تواجهها الداخلية منها والخارجية؛ لذا تم تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981. ويُعد "المجلس منتدى للتنسيق والتكامل بين دول الخليج العربية، ويهدف إلى تعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء في جميع المجالات". ولم يأت هذا التوجه من فراغ؛ فالواقع التاريخي والثقافي والاجتماعي لدول الخليج فرض نفسه، والسمات المشتركة، والإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف عزّز الشعور بأهمية ميلاد كيان يرمز إلى وحدة دول الخليج.
ورغم التجاذبات السياسية الدولية، والتوترات الإقليمية المستمرة؛ إلا أنّ مجلس التعاون ظلّ صامدًا يجاهد في التعامل الإيجابي مع القضايا التي باتت تتناسل يومًا بعد يوم داخليًا وخارجيًا. وإذا نظرنا إلى العالم من حولنا يبدو جليًا أننا نعيش في زمن التكتلات سواء كانت سياسية أو عسكرية أو اقتصادية ونحوها مثل دول حلف "الناتو"، ودول "بريكس"، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وغيرها.
وهذا يدعونا إلى التأكيد على ضرورة التمسك بهذا الكيان وتعضيده، وتفعيل منظومة مجلس التعاون، وتغليب المصالح المشتركة لجميع الدول الخليجية بعيدًا عن المصالح الآنية الضيقة. ومن الأهمية بمكان تقوية الروابط البينية، وحلحلة الملفات الشائكة برؤية خليجية بحتة. وما نحتاجه فعليًا الإيمان بأهمية وجود مظلة واحدة تجمع دول الخليج، وتعظيم الفوائد المرجوة منها، وتوجيه البوصلة الخليجية نحو رؤية تكاملية لا تنافسية إزاء التعامل مع مختلف التحديات الإقليمية والدولية.
وما من شك أنّ سياسة "رابح رابح" هي الأجدى لجميع دول مجلس التعاون فإن كانت هنالك ثمة فائدة ستعمّ على جميع الدول، وحتمًا سينعكس ذلك إيجابيًا على التنمية الشاملة التي تشهدها دول الخليج؛ مما يعزّز ويمتن العلاقات بين شعوب الدول الخليجية التي تُعد الركيزة الأساسية لهذا البناء حتى تعبر السفينة بسلام وسط الأمواج العاتية.
رابط مختصر