قدم جيمس إلدر، المتحدث الرسمي باسم اليونيسف على مستوى العالم، وصفاً مروعاً للوضع المزري الذي يتكشف في غزة، وخاصة في مدينة رفح، في تقريره الأخير الذي نشرته الجارديان. 

ويتجلى التأثير المدمر للحرب على الأطفال بشكل صارخ في الوقت الذي تكافح فيه المستشفيات للتعامل مع تدفق الأطفال المصابين بجروح خطيرة والمحتضرين، الذين وقع الكثير منهم ضحايا للغارات الجوية التي دمرت منازلهم ومجتمعاتهم.

يصف التقرير المشهد المؤلم في المستشفى الأوروبي في رفح، حيث يتم حشر الأطفال في أسرة العناية المركزة المكتظة، وحياتهم معلقة في الميزان على الرغم من الجهود الحثيثة التي يبذلها المهنيون الطبيون. ويروي المصير المأساوي لمحمد البالغ من العمر تسع سنوات، والذي انتهت حياته بشكل مأساوي بسبب انفجار ضرب منزل عائلته، وتركه في غيبوبة لم يتعاف منها.

لقد وصل العنف المتصاعد في غزة إلى مستويات مثيرة للقلق، مع تزايد الخسائر في صفوف المدنيين وتدمير البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك المستشفيات، بشكل منهجي. ويحذر إلدر من العواقب الكارثية للهجوم العسكري على رفح، التي يسكنها أكثر من 1.4 مليون مدني، يعاني معظمهم بالفعل من ظروف مزرية تتفاقم بسبب نقص المياه ومرافق الصرف الصحي.

إن المستشفى الأوروبي، الذي كان في السابق منارة أمل للمرضى والجرحى، أصبح الآن مثقلاً بالحجم الهائل للأزمة، حيث يبحث عشرات الآلاف من المدنيين عن ملجأ داخل أسواره. لقد ترك تدمير النظام الصحي في غزة المستشفيات تكافح من أجل التعامل مع تدفق المرضى، مما ترك الكثيرين دون إمكانية الوصول إلى الرعاية الطبية المنقذة للحياة.

وعلى الرغم من الدعوات لوقف فوري لإطلاق النار والتدخل الإنساني، لا تظهر أي علامات على تراجع العنف، مما يترك سكان غزة في حالة من اليأس وعدم التصديق. ويشدد إلدر على الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، وإطلاق سراح الرهائن، والوصول غير المقيد للإغاثة الإنسانية لمنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

وفي مواجهة الفظائع المتصاعدة، يشكك إلدر في صمت العالم ويحث المجتمع الدولي على اتخاذ إجراءات لمعالجة الأزمة الإنسانية التي تتكشف في غزة. ومع التهديد الذي يلوح في الأفق بشن هجوم على رفح، فإن المخاطر لم تكن أعلى من أي وقت مضى، ولم تكن الحاجة إلى التدخل الفوري أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. وبينما يراقب العالم، يعد تقرير إلدر بمثابة تذكير صارخ بالتكلفة الإنسانية للحرب والحاجة الملحة إلى بذل جهود متضافرة لإنهاء معاناة شعب غزة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

نقل الرفات إلى مقابر رسمية يجدّد حزن العائلات السودانية

الخرطوم – خلال فترة الحرب في ولاية الخرطوم، اضطرت إيمان عبد العظيم إلى دفن شقيقها في فناء المنزل بمدينة بحري بمساعدة جيرانها، بعد أن أصبح الوصول إلى المقابر مستحيلا بسبب المعارك، وتقول للجزيرة نت إن حزنهم تجدد وعاشوا ألم الفقد مرة ثانية، بعد نقل رفاته إلى مقبرة عامة.

ومثل إيمان، عاشت مئات الأسر في الخرطوم مشهد دفن جثامين ذويها مرتين، الأولى كانت تحت أزيز الرصاص وفي ساحات المنازل والمدارس والمساجد وحتى الميادين العامة، حينما كان الخروج إلى المقابر الرسمية ضربا من المستحيل أثناء المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالعاصمة.

أما الثانية فتجري اليوم وسط ترتيبات رسمية وحملة حكومية تهدف إلى نقل الرفات إلى مقابر مخصصة، لتبدأ معها مرحلة جديدة من الألم.

عمال سودانيون ينبشون قبورا لاستخراج جثث مدفونة داخل مدرسة لنقلها إلى مقابر عامة للدفن (الفرنسية)حملة منظمة

وأعلنت ولاية الخرطوم مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، بدء حملة منظّمة لحصر ونقل الرفات من مواقع الدفن الاضطراري إلى مقابر مجهزة، وشُكّلت لجانا ولائية (نسبة للولايات) ومحلية تضم ممثلين من الطب العدلي والدفاع المدني والهلال الأحمر السوداني، إضافة إلى لجان التسيير والخدمات بالأحياء.

وقال المدير التنفيذي لمحلية بحري عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن، للجزيرة نت، إن هذه الحملة تهدف إلى تخفيف العبء النفسي على الأسر وتنظيم المشهد الصحي والإنساني في الخرطوم.

ووفق عبد الرحمن، تشرف على هذه الحملة "اللجنة العليا لجمع رفات المتوفين أثناء معركة الكرامة"، وتستهدف نقلها من الميادين والأحياء السكنية.

وتعتمد عملية النقل على 4 مراحل:

حصر مواقع الدفن الاضطراري داخل الأحياء. إبلاغ العائلات وإشراك ممثلين عنهم في كل خطوة من النبش وحتى الدفن. نبش الرفات تحت إشراف مختصين من الطب العدلي. إعادة الدفن في مقابر مخصصة مع توثيق كامل للبيانات. إعلان

من جهته، أوضح مدير هيئة الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين -في حديث للجزيرة نت- أن عمليات نقل رفات الضحايا بدأت منذ سيطرة الجيش السوداني على الولاية، حيث قامت فرق ميدانية بدفن جثامين لمواطنين ومقاتلين في مقابر رسمية.

وأكد أن الربع الأول من العام 2026 سيشهد خلو الخرطوم بمحلياتها السبع من أي قبر مدفون خارج المقابر المخصصة، وأشار إلى تحديات تواجه عمل الفرق الميدانية المعنية بعمليات النبش والدفن، منها نقص الأكياس المخصصة للجثامين، "مما قد يؤثر على سير العمل بالصورة المطلوبة".

الحملة يشارك فيها الطب العدلي والدفاع المدني والهلال الأحمر السوداني ولجان التسيير والخدمات بالأحياء (الفرنسية)تخريب

وحسب زين العابدبن، قامت قوات الدعم السريع بتخريب وحدات الحمض النووي (دي إن إيه) المخصصة لحفظ عينات أعداد من الجثامين المدفونة، وهو ما صعّب مهمة التعرّف على الكثير من الضحايا، وأوضح أنهم لجؤوا لحلول بديلة من خلال ترقيم الجثامين وتوثيق مراحل الدفن، ومن ثم دفنها في مقابر جُهزت خصيصا لمجهولي الهوية.

ودعا مدير هيئة الطب العدلي الجهات الفاعلة والمنظمات والمواطنين إلى مساعدتهم في تجهيز القبور، وأكد أن العمل الذي ينتظرهم كبير ويحتاج لتضافر الجهود بين الحكومة والمواطنين.

من جانبها، قالت نائبة رئيس لجنة التسيير والخدمات بحي شمبات بمدينة بحري شيرين الطيب نور الدائم، للجزيرة نت، إن اللجنة قامت بعمليات حصر للقبور الموجودة داخل المنازل والمساجد والميادين في عدد من الأحياء، كخطوة أولية قبل وصول الفرق الطبية وبدء عمليات النبش ونقل الجثامين.

وأضافت أن الحملة انطلقت في عدد من المناطق بمدينة بحري يوم الاثنين الماضي بمشاركة الجهات الحكومية والمنظمات.

أدوار المشاركين في الحملة تشمل تحديد مواقع القبور الاضطرارية وتجميع البيانات (الفرنسية)أدوار

وحول دورهم فيها، أفادت نور الدائم بأنهم يقومون بإبلاغ ذوي الضحايا للحضور ومتابعة الإجراءات الرسمية مع الفرق القانونية والطبية حتى تتم عملية النقل والدفن. وفي حالة عدم حضور أحد من أقارب المتوفين يتم إيقاف عملية النبش وفقا لتوجيهات عمل "اللجنة العليا لجمع رفات المتوفين".

وتشمل أدوارهم في حملة نقل الرفات:

الحصر الميداني، وتحديد مواقع القبور الاضطرارية، وتجميع البيانات، والتواصل المباشر مع الأسر. التنظيم الميداني ودعم الفرق في عمليات النبش والدفن. التنسيق بين الفرق الميدانية وأهالي المتوفين وضمان حضور الأسرة أو ممثل عنها.

وطالبت نائبة رئيس لجنة التسيير والخدمات بحي شمبات المواطنين بالتبليغ عن أماكن وجود القبور الاضطرارية حتى تتمكن الفرق الميدانية من الوصول إليها.

وأشارت إلى أن البلاد تحتاج إلى مزيد من الجهود لاستكمال عمليات البناء وإعادة الإعمار، وأن ما يقومون به هو "عمل يمهّد لتهيئة بيئة سليمة لعودة المواطنين".

وعلى الرغم من صعوبة أن يعيش الناس وداعا ثانيا لأحبائهم، فإن عمليات النبش ونقل رفات المتوفين تمثل في جوهرها خطوة من خطوات التعافي وإعادة ترتيب ما خلفته الحرب في ولاية الخرطوم.

إعلان

مقالات مشابهة

  • منظمة “أنقذوا الأطفال” تدعو لتسريع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • الخولي: تبرير العتمة بتفادي الأسوأ أو كسب الوقت لم يعد مقبولاً
  • منظمة «انقذوا الأطفال» تطالب بالإسراع في إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة
  • مكتمين على الحادثة.. نائب بمجلس النواب يحذر من واقعة تحرش جديدة بمدرسة شهيرة
  • “السعودي الألماني” تفتتح عيادة جديدة في الشارقة
  • اليونيسف: الأوضاع الحالية في غزة تهدد سلامة الأطفال بشكل متزايد
  • نقل الرفات إلى مقابر رسمية يجدّد حزن العائلات السودانية
  • استشاري نفسي: ظاهرة التحرش بالأطفال ليست جديدة
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • تصنيفات صادمة.. برشلونة الأسوأ في «أبطال أوروبا»!