الخرطوم– بعد أكثر من عام على اندلاع القتال في السودان، أعلن مجلس السيادة فرض حالة الطوارئ في العاصمة، بناء على توصية والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، في خطوة اتبعها الأخير بتشكيل خلية أمنية.

وقال حمزة للجزيرة نت إن الخطوة تهدف لإرساء الأمن ومحاربة "المظاهر السالبة" في حين أبدى مراقبون مخاوفهم من استخدام "الطوارئ" لقمع المعارضين.

ويسيطر الجيش على محلية كرري شمالي مدينة أم درمان حيث تنشط ولاية الخرطوم، وكذلك على أحياء أم درمان القديمة، بينما تنتشر قوات الدعم السريع في أجزاء من مناطق أم بدة غرب أم درمان وصالحة جنوبها، وجنوب وشرق العاصمة، ووسط الخرطوم بحري وشرقها.

وأصدرت سلطات ولاية الخرطوم قرارا بتكوين ما سمّتها الخلية الأمنية في أعقاب موافقة رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، على إعلان حالة الطوارئ في العاصمة.

وأوضحت وكالة الأنباء الرسمية "سونا" أن الخلية تختص بمهام عدة، منها العمل كجهاز إنذار مبكر لبقية القوات النظامية، والتركيز على المعلومات الاستخباراتية والأمنية العاجلة التي "تشكل تهديدا ماثلاً".

كما تتولى الخلية مراقبة وتفتيش ومداهمة المواقع التي تأكد "وجود نشاط عدائي بها، والاستجواب المشترك للمقبوض عليهم وتعزيز ومساندة عمل القوات النظامية". وتعمل تحت إشراف اللجنة العليا للتنسيق الأمني والعملياتي وترفع تقارير دورية لها.

حمزة: حال الطوارئ لن تستخدم للحد من الحريات العامة والشخصية (الصحافة السودانية) حماية المواطنين

وقال والي الخرطوم للجزيرة نت إن هناك تحديات أمنية عدة دفعت حكومته إلى رفع توصية بشأن فرض حالة الطوارئ إلى البرهان، وتوقّع أن تؤدي الخطوة لفرض الأمن والاستقرار ومحاربة "الظواهر السالبة" مثل نهب ممتلكات المواطنين، وإنشاء أسواق عشوائية لبيعها، وتعاون "بعض ضعاف النفوس" مع "مليشيا" الدعم السريع.

وأوضح أن ولايته "تؤوي عشرات الآلاف من الأجانب من دول مجاورة وصديقة، لكن بعضهم استغل التسامح والمعاملة الحسنة وانخرطوا في القتال مع الدعم السريع". وقال إنهم أبلغوا مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أن من حملوا السلاح لا يمكن تصنيفهم لاجئين ويجب ترحيلهم إلى دولهم.

وأكد حمزة أن حال الطوارئ لن تُستخدم للحد من الحريات العامة والشخصية، وأن فرضها من أجل تأمين وحماية المواطنين وممتلكاتهم، مرجحاً أن يكون لها تأثير واضح في هذه الجوانب قريبا.

تطبيق متعذر

من ناحية أخرى، قلل بكري الجاك المتحدث باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) من أهمية إعلان ولاية الخرطوم حالة الطوارئ، مشيراً إلى أنه من الصعب تنفيذ القرار في الوضع الراهن.

وتساءل الجاك في حديث لوكالة أنباء العالم العربي "هل يملك الجيش طريقة لتنفيذ هذا القرار، والأهم ما قيمة استصدار قرار لا يمكن تنفيذه؟".

ويرى أن الجيش ربما يكون بصدد القيام بحملات عسكرية، ويرغب في عمل تغطية بإعلان حالة الطوارئ.

وتوقع أن تقوم سلطات ولاية الخرطوم بشن حملة اعتقالات للمناوئين للجيش، خصوصاً الرافضين للحرب أو الواقفين على الحياد على أقل تقدير.

وأضاف "هذا أصلاً بدأ يحدث، فهناك تصور أن من هم ضد الحرب هم ضد الجيش، وبالضرورة مع الدعم السريع، وكأنما الدعم السريع ليس طرفاً في الحرب".

وتابع الجاك "ربما سيكون هنالك تأثير في مناطق سيطرة الجيش في محلية كرري شمال أم درمان، ولا أدري ماذا سيكون تأثيره في المناطق المتنازع عليها وفي مناطق سيطرة الدعم السريع".

غير أن الخبير العسكري اللواء متقاعد مازن إسماعيل يرى أن حالة الطوارئ تفرض نفسها في أوقات الكوارث الطبيعية أو بفعل البشر، مما يتطلب من الحكومة القيام بمهام كبيرة، لكن القوانين تقيد فاعلية الحكومة، الأمر الذي يدفعها لفرض الأحكام العرفية.

ويوضح إسماعيل -في حديث للجزيرة نت- أن حالة الطوارئ تسمح للحكومة بتنفيذ السياسات خارج إطار المؤسسات التقليدية، واتخاذ الإجراءات الاستثنائية.

ولذلك، يتساءل المتحدث ذاته عن دواعي تأخير فرض الطوارئ 13 شهراً منذ بدء الحرب وتوسعها في عدة ولايات بعدما كانت بالخرطوم، وعد ذلك "تذويباً للدولة" لا يجد له تبريراً.

محللون سياسيون: والي الخرطوم يسعى لتطبيع الحياة المدنية بالعاصمة في غياب الشرطة (الجزيرة) ضرورات أمنية

من جهته، يرى المحلل السياسي الصديق عبد الرحيم أن سلطات ولاية الخرطوم تسعى إلى فرض سيطرتها على المناطق التي توسع فيها الجيش، وتوسيع دائرة الأمن لإعادة الحياة وإقناع المواطنين بالعودة لمنازلهم والتضييق على المتعاونين مع الدعم السريع.

وحسب حديث المحلل السياسي للجزيرة نت، فإنه في ظل عدم انتشار الشرطة وغياب النيابة عن غالب محليات ولاية الخرطوم، تسمح حالة الطوارئ للجيش، و"قوات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة" التابعة لجهاز المخابرات، بالعمل على فرض الأمن ومحاربة كل ما يعتبرونه مهدداً للدولة والمجتمع، وإنشاء محاكم عسكرية لردع مهربي السلع والمحروقات والمتعاونين مع الدعم السريع.

ويُرجح عبد الرحيم أن يكون فرض حالة الطوارئ إجراء اقتضته ضرورات أمنية وليست عسكرية، لأن الجيش يعمل وفق قانونه، بينما يسعى والي الخرطوم لتوسيع دائرة الأمن وتطبيع الحياة المدنية وفرض سلطاته عبر الطوارئ.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات فرض حالة الطوارئ مع الدعم السریع ولایة الخرطوم والی الخرطوم للجزیرة نت أم درمان

إقرأ أيضاً:

«التجمع الاتحادي» ينادي بضرورة إعلان هدنة إنسانية في الفاشر

حزب التجمع الاتحادي، نادى بوقف التصعيد العسكري والإسراع في استئناف التفاوض بمنبر جدة من أجل الوصول لوقف إطلاق النار الشامل في السودان.

الخرطوم: التغيير

دعا حزب التجمع الاتحادي، لضرورة إعلان هدنة إنسانية في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفتح ممرات آمنة لإجلاء المدنيين من مناطق الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

ومنذ بدايات مايو الحالي، تصاعدت المعارك العنيفة بين الجيش مسنوداً بالقوة المشتركة وبين الدعم السريع، واستخدمت خلالها الأسلحة الثقيلة والخفيفة، وشهدت الفاشر عدة اشتباكات منذ اندلاع الحرب بين الطرفين في 15 ابريل 2023م، وهي آخر معاقل الجيش في دارفور بعد سيطرة “الدعم” على نيالا، الضعين، زالنجي والجنينة.

وناشد حزب التجمع الاتحادي في بيان، السبت، بفتح ممرات لإيصال الغوث الإنساني للمحاصرين ونقل الجرحى والمصابين إلى مناطق آمنة ليستكمل علاجهم بها.

كما دعا لوقف التصعيد العسكري والإسراع في استئناف التفاوض بمنبر جدة من أجل الوصول لوقف إطلاق النار الشامل في البلاد.

وعبر الحزب عن قلقه البالغ لتصاعد وتيرة الأحداث والعمليات العسكرية في الفاشر وما حولها خلال الأسابيع الأخيرة، ونبه لتدهور الأوضاع الأمنية بصورة كبيرة جراء الحصار العسكري الذي تفرضه قوات الدعم السريع وتصاعد العمليات العسكرية وقصف الطيران والتدوين المدفعي على الأحياء بشرق المدينة وشمالها، مما أدى لنزوح معظم ساكنيها للاتجاه الجنوبي.

وقال إنه يوجد بالفاشر حالياً قرابة المائة مركز للإيواء، استقبلت خلال الأشهر الماضية نازحين من كل ولايات دارفور تقدر أعدادهم بنحو 500 ألف مواطن، معظمهم فروا من أهوال الحرب في الجنينة ونيالا وزالنجي ومن بعض المحليات بشمال دارفور، وآخر الواصلين هم النازحون من القرى غرب وشمال الفاشر جراء هجوم الدعم السريع الأخير عليها.

وأضاف أنه مع استمرار الحصار والتصعيد المتزايد والخلافات بين طرفي النزاع حول إيصال المساعدات توسعت الفجوة الغذائية بالفاشر وباقي الولاية، مما فاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية في الفاشر بشكل أكبر.

وناشد التجمع الطرفين المتحاربين لوقف الصراع الدموي، وكل الأطراف المتحاربة للاستجابة لما يحافظ على سلامة مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء المحاصرين في الفاشر وما حولها.

الوسومالتجمع الاتحادي الجنينة الجيش الدعم السريع السودان الفاشر المساعدات الإنسانية زالنجي شمال دارفور نيالا

مقالات مشابهة

  • السودن:«الدعم السريع »تتهم «الجيش» بقصف مصفاة الجيلي وقتلى بأمدرمان بنيران الدعم السريع
  • مقتل الملازم محمد صديق في معارك شمال الجيلي
  • مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات
  • قوات الدعم السريع تتهم الجيش بمنع المدنيين من مغادرة الفاشر
  • «التجمع الاتحادي» ينادي بضرورة إعلان هدنة إنسانية في الفاشر
  • معركة عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع على حدود ولاية نهر النيل وكشف تفاصيل عملية استدراج وخسائر
  • اشتباكات في الفاشر والجيش السوداني يتحدث عن دحر الدعم السريع
  • فزع أممي من تصاعد العنف في الفاشر غرب الخرطوم (شاهد)
  • المضادات الجوية للجيش تصد مسيرتين جنوب البلاد
  • فزع أممي من تصاعد العنف في الفاشر غرب السودان