كتب- مصراوي:

قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إن النسخة الثالثة من ملتقى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بعنوان "اسمعْ وتكلَّمْ" تمثل حلقةً جديدة في سلسلةٍ متَّصلةٍ بدأت نسختُها الأولى في شهرِ مايو عام 2018م، وتتأكَّدُ أهميَّةُ هذا الملتقى في ظلِّ عالمٍ مشحونٍ باشتباكاتٍ فكريَّةٍ، واستقطابٍ حادٍّ، ومحاولاتٍ مستميتةٍ لتدميرِ دولٍ وشعوبٍ باستخدامِ أساليبَ متنوِّعةٍ، تستهدفُ المادَّةَ الصُّلبةَ للوطنِ، وهم الشَّبابُ، وتسعى إلى قطعِ الشَّبابِ عن عقيدتِهم، وتاريخِهم، وهويَّتِهم.

وأضاف وكيل الأزهر، اليوم الأربعاء، خلال كلمته بالملتقى الذي عقد بمركز الأزهر للمؤتمرات، أنه وإذا كانَ لكلِّ أمَّةٍ ثروةٌ تعتزُّ بها، ورصيدٌ تدَّخرُه لمستقبلِها وقوَّةٌ تبني عليها مجدَها ونهضتَها، فإنَّ في مقدِّمةِ هذه الثَّروةِ الشَّبابَ الَّذي يعدُّ الدُّعامةَ الأساسيَّةَ في المجتمعِ، والثَّروةَ الحيَّةَ الحقيقيَّةَ فيه، والأملَ المرتجى على الدَّوامِ. وإنَّ مِن مظاهر التَّحضُّرِ والرُّقيِّ لدى الأممِ أن تُعنى بالشَّبابِ، وأن تهيِّئَ لهم ما يجعلُهم رجالًا أكفاءَ أقوياءَ تقومُ الأوطانُ على سواعدِهم.

وقال الضويني إن عنوان الملتقى يُنبِّه الجميعَ إلى مهارةٍ حياتيَّةٍ أوشكت أن تُفقدَ من حياةِ النَّاسِ على اختلافِ درجاتِهم ومستوياتِهم، وهي مهارةُ الكلامِ والاستماع؛ وعلومُنا الأزهريَّةُ تخبرُنا أنَّ الكلامَ هو اللَّفظُ المفيدُ على حدِّ تعبيرِ جمالِ الدِّينِ بنِ مالكٍ في قولِه: كلامُنا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ * وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ.

وأشار وكيل الأزهر إلى أنَّ الكلامَ ليس مجرَّدَ حركةِ اللِّسانِ في فمِ الإنسانِ، فما أكثرَ المتكلِّمين إذن، وإنَّما الكلامُ الَّذي نعنيه هو على حدِّ قولِ الحسنِ البصريِّ رحمه الله تعالى: "لِسَانُ الْعَاقِلِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ، فَإِذَا أَرَادَ الْكَلامَ تَفَكَّرَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ، وَقَلْبُ الْجَاهِلِ مِنْ وَرَاءِ لِسَانِهِ، فَإِنْ هَمَّ بِالْكَلامِ تَكَلَّمَ لَهُ وَعَلَيْهِ"، وهو المعنى الَّذي اختصره الأخطلُ في قولِه: إِنَّ الْكَلَامَ لفي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا * جُعلَ اللِّسَانُ على الْفُؤَادِ دَلِيلًا.

وتابع الضويني: وراء الكلامِ قلبٌ يَقِظٌ والألسنةُ مغارفُ، أو هكذا يجبُ أن يكونَ، ووراء الكلامِ عقلٌ مدركٌ لمعاني الكلامِ ومراميه، أو هكذا يجبُ أن يكونَ، ومع الكلامِ إدراك لزمانِ الكلامِ ومكانِه، أو هكذا يجبُ أن يكون، وأيَّ متكلِّمٍ لو راعى مثل هذه الضَّوابطِ قبل أن ينطلقَ لسانُه بما يعرفُ وما لا يعرفُ، وبما ينفعُ وما لا ينفعُ لتخلَّى عن كثيرٍ من الكلامِ، ولجنَّبَ مجتمعاتِنا وشبابَنا ويلاتِ الانحرافِ الفكريِّ والأخلاقِّي.

وأوضح وكيل الأزهر أن الاستماع كذلك له آدابُه الَّتي تنتجُ مع آدابِ الكلامِ حوارًا إيجابيًّا راقيًا، وعنوان لقائنا اليوم "اسمعْ وتكلَّمْ" وليس "تكلَّمْ واسمعْ"؛ فالأصلُ أن تسمعَ أوَّلًا، وأن تتعلَّمَ أولًا، وأن تفهمَ أوَّلًا ثمَّ تتكلَّم، فيأتي الكلامُ مستندًا إلى ركنٍ ركينٍ من العلمِ والفهمِ والحكمةِ والأدبِ.

واستشهد وكيل الأزهر بواقعة من السيرة النبوية قبلَ ألفٍ وأربعِمئةِ سنةٍ يوم أن قامَ عتبةُ بن ربيعةَ في أصحابِه الَّذين يصدُّون النَّاسَ عن دعوةِ رسولِ اللهِ/ ﷺ، ويبذلون في ذلك ما يستطيعون؛ فقال لهم: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَلَا أَقُومُ إلَى مُحَمَّدٍ فَأُكَلِّمَهُ وَأَعْرِضَ عَلَيْهِ أُمُورًا لَعَلَّهُ يقبلُ بعضَها فَنُعْطِيهِ أَيَّهَا شَاءَ، وَيَكُفُّ عَنَّا؟ فَقَالُوا: بَلَى يَا أَبَا الْوَلِيدِ، قُمْ إلَيْهِ فكلمْه؛ فَقَامَ إلَيْهِ عُتبة حَتَّى جَلَسَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فقال: يا ابن أَخِي، إنَّكَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ علمتَ مِنْ السِّطَة فيِ الْعَشِيرَةِ، وَالْمَكَانِ فِي النَّسَبِ، وَإِنَّكَ أَتَيْتَ قومَك بِأَمْرِ عَظِيمٍ فرَّقت بِهِ جَمَاعَتَهُمْ وسفهتَ بِهِ أحلامَهم وعِبتَ بِهِ آلِهَتَهُمْ وَدِينَهُمْ وكفَّرت بِهِ مَنْ مَضَى مِنْ آبَائِهِمْ، فَاسْمَعْ مِنِّي أعرضْ عَلَيْكَ أُمُورًا تَنْظُرُ فِيهَا لَعَلَّكَ تَقْبَلُ مِنْهَا بَعْضَهَا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "قُلْ يَا أبا الوليد، أسمع"، قال: يا ابنَ أَخِي، إنْ كنتَ تُرِيدُ بِمَا جئتَ بِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَالًا جَمَعْنَا لَكَ مِنْ أَمْوَالِنَا حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ شَرَفًا سَوَّدْنَاكَ عَلَيْنَا، حَتَّى لَا نَقْطَعَ أَمْرًا دُونَكَ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِهِ مُلكًا مَلَّكْنَاكَ عَلَيْنَا، وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيكَ رَئِيًّا تَرَاهُ لَا تَسْتَطِيعُ رَدَّهُ عَنْ نفسِك، طَلَبْنَا لَكَ الطِّبَّ، وَبَذَلْنَا فِيهِ أَمْوَالَنَا حَتَّى نُبْرِئَك مِنْهُ، حَتَّى إذَا فَرَغَ عُتْبَةُ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَعَمْ قَالَ: (فَاسْمَعْ مِنِّي)؛ قَالَ: أَفْعَلُ. فَقَرأ عليه من سورةِ (فصِّلت)، وأمَّا عُتْبَةُ فقد أَنْصَتَ لَهَا، وَأَلْقَى يَدَيْهِ خلفَ ظَهْرِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا يَسْمَعُ مِنْهُ؛ ثمِ انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَى السَّجْدَةِ مِنْهَا، فَسَجَدَ ثُمَّ قَالَ: قَدْ سَمِعْتَ يَا أبا الوليد ما سمعتَ، فأنت وذاك.

وأكد وكيل الأزهر أن هذه الواقعة يظهر ما فيها من سموٍّ أخلاقيٍّ وجمالٍ سلوكيٍّ وصفاءٍ قلبيٍّ ودعوةٍ إلى الله بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، ونتوقف عن هذه العباراتِ: "أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟"، "فَاسْمَعْ مِنِّي"، وأخيرًا قال له: "قَدْ سَمِعْتَ يَا أبا الوليد ما سمعتَ، فأنت وذاك". فأيُّ لغةٍ تلك الَّتي تصف هذا الجمال والجلال؟!

وتحدَّث الضويني عما حوته هذه الواقعة في فنِّ الإصغاءِ، ذلك الفنُّ الَّذي لا يحسنُه كثيرٌ من الشَّبابِ، ولا يصبرُ عليه كثيرٌ من العقلاءِ، وإن أحسنه بعض النَّاسِ أدبًا فإنَّهم لا يحسنونه فنًّا، فالإصغاءُ أدبٌ وفنٌّ في آنٍ واحد، لافتًا إلى أن عتبة تكلَّمَ وعرَّضَ بالتُّهمِ في سياقِ كلامِه عمَّا يعدُّه فرصةً طيِّبةً لصاحبِ الدَّعوةِ، وجمعَ كلَّ حُججِه وبراهينِه، وقدَّم بين يدَي عرضِه واقعًا مبالغًا فيه، في محاولةٍ تزييفٍ وإقناعٍ.

وعقَّب وكيل الأزهر بموقف رسول الله ﷺ مما قاله عتبة، فاستقبل ﷺ كل هذا بالإنصات والإصغاء والاهتمام والإقبال، وهذا الأدب وهذه العناية وهذا الذَّوقَ حين يقولُ، وهو الرَّسولُ المؤيَّدُ بالوحيِ: "أَقَدْ فَرَغْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ؟"، "فَاسْمَعْ مِنِّي"؟ فهل نجدُ هذا الأدَب العظيمَ، والخلَق الكريمَ، في واقعِنا ومجالسِنا ومنتدياتِنا، واجتماعاتِنا العامَّةِ والخاصَّةِ؟

وناقش الضويني أهمية الإصغاء في حياة كل الناس؛ فقال إنَّ الطَّبيبَ لن يحسنَ تشخيصَ المرضِ إذا لم يحسن الاستماعَ إلى المريضِ، وإنَّ التَّاجرَ قد يخسرُ عملاءَه إذا لم يحسن الاستماعَ إلى وجهاتِ نظرِهم، وإنَّ المسؤولَ قد لا يحسن توظيفَ قدراتِ موظَّفيه إذا لم يحسن اكتشافَ مواهبِهم، وأمَّا الدُّعاةُ والمصلحون الَّذين يحرصون على هدايةِ النَّاسِ، فهم أحوجُ ما يكون إلى فنِّ الإصغاءِ والاستماعِ.

ورأى وكيل الأزهر أن هذه اللِّقاءاتِ الَّتي تجمعُ الشَّبابَ، وتتيحُ الفرصةَ للاستماعِ منهم، والكلامِ إليهم ضرورةٌ؛ حتَّى يكونَ شبابُنا على معرفةٍ واعيةٍ بما يدورُ حولَهم في هذا العالمِ سريعِ التَّغيُّرِ، وأيضًا حتى نستفيدَ من رُؤيتهم، ونتفهَّمَ احتياجاتِهم، وخصوصًا تلك القضايا الحسَّاسةُ الَّتي يعملُ مرصدُ الأزهرِ الشَّريفِ على مواجهتِها، والَّتي تُعرضُ في هذا المنتدى من قِبَلِ متخصِّصين، آملين أن تَجِدَ الإشكالِّياتِ جوابًا معرفيًّا يَبُثُّ في النَّاسِ الأَمَلَ ويبعثُهم على الرُّقيِّ والحضارةِ، وهذا هو منهجُ الأزهرِ الشَّريفِ.

وبيَّن وكيل الأزهر أن الإسلامَ عقيدةٌ صافيةٌ تنيرُ قلبَ المؤمنِ، وشريعةٌ تنبضُ بما يُصلِحُ حالَ الإنسانِ في حياتِه ومعادِه، ومنظومةٌ أخلاقيَّةٌ ساميةٌ تُعطِّرُ حياةَ المجتمعِ؛ فيفوحُ منها أريجُ السَّلامِ والطُّمأنينةِ، ولقد ظلَّتِ الأمةُ الإسلاميَّةِ وشعوبُها المؤمنةُ في كلِّ بلدٍ وعصرٍ وجيلٍ متمسِّكةً بإسلامِها محافظةً على دينِها ومقدَّساتِها، معتزَّةً بقيمِها وأصالتِها عاملةً على اجتماعِ شملِها وكلمتِها واعيةً برسالتِها مقدَّرةً لمكانتِها الحضاريَّةِ بين الأممِ، فلم تنطفئ أنوارُ الإِيمانِ فيها، بل كانت الأمَّةُ الإسلاميَّةُ تتمتَّعُ دائمًا بعقولٍ مستنيرةٍ تدركُ النَّصَّ وتستوعبُ الواقعَ فتربطَ برباطٍ وثيقٍ بين الأصالةِ والمعاصرةِ، فتزدادَ الأمَّةُ إيمانًا ويقينًا بربِّها وتمسُّكًا بمبادئِ دينِها وأخلاقِه.

وحذر وكيل الأزهر الشباب من خطر المغرضين الذين يحاولون تقبيحَ الحسنِ، وتحسينَ القبيحِ، ويحاولون تشويهَ القدواتِ والإساءةَ إلى الرُّموزِ، ويحاولون تهوينَ الشَّرِّ في نفوسِكم حتَّى لا يكونَ لكم هويَّةٌ ثابتةٌ تعصمُكم وتحفظُكم، وكلنا وكل مسؤول أمين يدرك أنَّ المسئوليةَ الملقاةَ على عاتقِ مؤسَّساتِ الدِّينِ وعلمائِها كبيرةٌ في ضرورةِ قراءةِ واقعِ النَّاسِ وما فيه من تحدِّياتٍ في كلِّ مجالاتِ الحياةِ: سياسةً واقتصادًا واجتماعًا وتربيةً وغير ذلك، وضرورةِ تقديمِ خطابٍ موازٍ يقابلُ الخطابَ المنحرفَ، فيصونُ عقيدةَ النَّاسِ وإيمانَهم بربِّهم، ويحفظُ عليهم مقدَّراتِ مجتمعاتِهم، ويبقيهم آمنين مطمئنِّين.

ودعا وكيل الأزهر الجميع إلى التكاتف أفرادًا ومؤسَّساتٍ، شعوبًا وحكوماتٍ، أممًا ومجتمعاتٍ، كي نواجهَ هذا التَّيَّارَ الجارفَ الَّذي يُريدُ أن يَفقدَ أبناؤنا فيه هُويَّتَهم وأن يَتحلَّلوا مِن قيمِ دينِهم، وأن يتنكَّروا لمبادئهِ وقيمهِ وأخلاقهِ، وإنَّ ما يَتعرَّضُ له الشَّبابُ من استهدافٍ خطرٌ يوجبُ أن تُسخَّرَ كلُّ الإمكاناتِ لمواجهتهِ والقضاءِ عليهِ، لِمَا فيه من نتائجَ سلبيةٍ، وإنَّ واجبَ الوقتِ يحتمُ علينَا جميعًا أن نستمعَ للشَّبابِ قبل أن نتكلَّمَ معهم، فلديهم السُّؤالُ وعلينا الإجابةُ والتَّوجيهُ والنُّصحُ.








المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: التصالح في مخالفات البناء لقاح أسترازينيكا مقاطعة الأسماك أسعار الذهب الطقس سعر الدولار سعر الفائدة رد إسرائيل على إيران الهجوم الإيراني رأس الحكمة فانتازي طوفان الأقصى الحرب في السودان الدكتور محمد الضويني الأزهر الشريف القيم الدينية وکیل الأزهر أن ف اس م ع

إقرأ أيضاً:

رائد السياحة البيئية في مصر: منعنا الغوص والتعري لحماية الشعاب واحترام القيم

قال  المهندس شريف الغمراوي، مؤسس السياحة البيئية بجنوب سيناء والمسؤول عن السياحة البيئية بغرفة المنشآت الفندقية، بأن مصر تمتلك مقومات بيئية أفضل من أوروبا التي تُلوّثها المفاعلات النووية والمصانع، مشيرًا إلى أن فرنسا وحدها بها 56 مفاعلًا نوويًا. 

و أضاف الغمراوي أن مصر، بكل ما فيها، أقل تلوثا  من أوروبا، وهي بمستوى بيئي جيد، لافتا إلى أنه كلما ازداد ثراء الدول، زاد معدل التلوث البيئي للفرد.

وأوضح الغمراوي أنه على الرغم من زعم الأوروبيين أن لديهم وعيًا بيئيًا، فإنهم يُلوّثون بمعدل 8 أضعاف تلوثنا للبيئة.

تجربة رائدة في السياحة البيئية

كشف الغمراوي أنه أسس أول منتجع بيئي على بُعد 23 كيلو مترًا من نويبع باتجاه طابا منذ 42 عامًا، وطبّق فيه كل المعايير والاشتراطات البيئية التي تحافظ على البيئة. وأشار إلى أنه منع الغوص والصيد حتى لا تتضرر الشعاب المرجانية النادرة، و يُسمح فقط بالسباحة والسنوركل، مؤكدًا أنه مهما جلب الغوص من أموال، فإن الحفاظ على تلك الكنوز الطبيعية النادرة أهم.

مراعاة القيم المجتمعية في السياحة

وتابع الغمراوي أنه منع التعري على الشاطئ من أجل الحفاظ على قيم المجتمع المحلي في جنوب سيناء، مضيفًا أن السياحة لا بد أن تراعي قيم وأخلاق المجتمع الذي توجد فيه. لذلك، أضاف مصطلح "التلوث الحضاري" الذي يمكن أن تُحدثه السياحة، مشيرًا إلى أنه في المنتجعات البيئية تُمنع المخدرات والخمور، وهذا لا يؤثر على حجم الإقبال على السياحة البيئية؛ لأن هناك سياحًا يُفضلون قضاء إجازاتهم دون خمور في فترة استجمام وتصالح مع النفس والطبيعة.

كشف الغمراوي أن المنطقة المعروفة برأس الشيطان في نويبع ليس هذا اسمها الحقيقي، حيث أطلق عليها هذا الاسم المحتل الإسرائيلي وقت احتلاله سيناء، والاسم الحقيقي هو "رأس شطآن"؛ لأنها واقعة بين شاطئ وآخر.

وأكد الغمراوي أن قوة السياحة البيئية تكمن في تطبيق قواعد وأخلاق مجتمعك، وليس دائمًا الزبون على حق، ويجب ألا تكون الأماكن كلها مفتوحة على الغارب دون مراعاة القيم والأخلاق. مشيرًا إلى أن الثقافة المصرية غنية بكل ما هو شهي من وجبات غذائية وفن وتراث، متسائلًا: لماذا لا أقدم للسائح الوجبات الشعبية وأقدم له همبرغر؟ والأفضل أن السائح جاء ليعرف ثقافة أخرى، فلا بد أن أقدم له الملوخية والكشري والفطائر المشلتت.

الحفاظ على البيئة البحرية والتوازن البيئي

كشف الغمراوي أنه رفض تقديم أسماك للسائحين؛ لأن الصيادين يصطادون أسماكًا وجودها يحافظ على الشعاب المرجانية، مؤكدًا أن الشعاب المرجانية على مستوى العالم سوف تنتهي خلال 25 عامًا بسبب الاحتباس الحراري، وسوف تبقى فقط الشعاب المرجانية في شمال خليج العقبة؛ لأنها الأكثر مقاومة للاحتباس الحراري.

وأشار الغمراوي إلى ضرورة الحفاظ على الاتزان في بيئة البحر الأحمر الذي يقل مع تزايد الصيد الجائر، مشيرًا إلى أنه منع الأسماك وأنشأ مزرعة فراخ بلدية تتغذى على بواقي الطعام، وكذلك مزرعة للخضراوات وأخرى للمواشي للحصول على السماد العضوي.

وكشف الغمراوي أنه يوجد مشروع شرم الشيخ الخضراء ممتد حتى محمية نبق.

دعم المجتمعات المحلية وريادة مصر في السياحة البيئية

أكد الغمراوي أنه أنشأ جمعية أهلية لتدريب أهل المنطقة من البدو على الحفاظ على البيئة وتعليم الأطفال، مؤكدًا أن هناك من أهل المنطقة من أصبحوا مدربين ويتحدثون لغات أجنبية.

وتابع الغمراوي أن السياحة البيئية بدأت في مؤتمر بالقاهرة سنة 1990، مشيرًا إلى أن مصر من بدأت السياحة البيئية قبل أوروبا. وأكد أن السياحة تستهلك الموارد الطبيعية، وأن الطبيعة والبيئة أمانة حملها الله للإنسان، ولا بد من الحفاظ عليها وتقليل الآثار السلبية عليها. وشدد على ضرورة الحفاظ على كل ما فيها، فنحن لسنا أسياد الطبيعة بل نحن جزء منها، مشيرًا إلى أنه لو اختفى الذباب من كل الأرض سنوات، سوف يموت كل من عليها، مؤكدًا ضرورة الحفاظ على التوازن البيئي.

كشف الغمراوي أنه شارك في وضع معايير واشتراطات للسياحة البيئية في مصر مع وزارة السياحة، مشيرًا إلى أن مصر من البلاد القليلة في العالم التي بها مخيمات بيئية بالقواعد الصحيحة، وأن هناك دولًا كثيرة أخذت القواعد من مصر لعمل سياحة بيئية؛ حيث إن مصر رائدة في السياحة البيئية.

آفاق السياحة البيئية المستقبلية

أكد الغمراوي أن السياحة البيئية ما زالت تحتاج إلى الدعم والبنية التحتية والخدمات، مثل توفر وسائل الإعلام ووسائل الانتقال لتلك الأماكن بأسعار معروفة لدى السائح، وتوفير خريطة بمواقع أماكن السياحة البيئية وأسعارها، ولا بد ألا يُنظر إليها على أنها سياحة فردية؛ لأن السياحة البيئية هي الأعلى على مستوى العالم.

و أضاف الغمراوي أنه حصل على المفتاح الأخضر "جرين كي" للسياحة البيئية.

وأكد الغمراوي أن المنتجعات البيئية لا بد أن يكون كل ما فيها من الطبيعة، ولا يمكن تصميم منتجع ضخم وفاخر ونطلق عليه سياحة بيئية، مشيرًا إلى أن السياحة البيئية تستهدف سائحًا مختلفًا وهو الأفضل.

وأكد الغمراوي أن الأمم المتحدة والبنك الدولي يهتمان بتنمية السياحة البيئية حول العالم، وهي سياحة مبنية على الصدق والطبيعة ولن تكون مثل أنواع السياحة الأخرى، مؤكدًا أن السياحة البيئية لا بد أن تزرع نباتات المنطقة الموجودة فيها ولا تُغير في شكل الطبيعة سواء الجبال والوديان والشواطئ.

كشف الغمراوي أن في منطقة طابا نويبع يوجد نحو 170 منشأة ومخيمًا يمكنهم أن يتجهوا نحو السياحة البيئية بعد تقنين بدعم من وزارة السياحة والحكومة، ويكون هناك مقصد مختلف للسياحة البيئية.

طباعة شارك جنوب سيناء مؤسس السياحة البيئة مصر أفضل من أوربا

مقالات مشابهة

  • قطاع المرأة في تيار العزم نظم لقاء تقييميا حول عدم نجاح المرشحات في الانتخابات البلدية
  • جائزة الشارقة للاتصال الحكومي تضيء على القيم والتضامن والهوية
  • محمد صلاح بعد وفاة جوتا: أعجز عن الكلام وسيكون صعب تقبل غيابه
  • «من غشنا فليس منا».. الأوقاف تعقد 1544 ندوة ضمن برنامج المنبر الثابت مع الأزهر
  • الأوقاف تعقد (1544) ندوة بعنوان: "من غشنا فليس منا
  • وزير الخارجية الروسي يدعو الى منع أي مواجهة مستقبلية بين إيران وإسرائيل
  • البرلمان العربي يدعو للاستثمار في الشباب وتمكينهم من مواجهة التحديات
  • كلمات أغنية ارجعلها لـ عمرو دياب.. اسمع ألبوم ابتدينا
  • رائد السياحة البيئية في مصر: منعنا الغوص والتعري لحماية الشعاب واحترام القيم
  • وكيل الأزهر ورئيس القطاع يتابعان امتحانات الثانوية من غرفة العمليات