شكل اجتياح قوات الاحتلال لمعبر رفح والسيطرة عليه تحت سمع وبصر النظام المصري والعالم أجمع منعطفا خطيرا في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد السكان المدنيين في قطاع غزة.

في حين انطلقت أصوات عديدة منددة بالسيطرة على معبر رفح ومحذرة من اجتياح شامل لمنطقة يسكنها أكثر من 1.5 مليون أغلبهم من النازحين، لم يقم النظام المصري بأي إجراءات عملية لمنع هذه السيطرة ابتداءً، بل نشرت تقارير صحفية تشير إلى تنسيق بين الجانبين بهذا الخصوص، وبعد أن نفذت إسرائيل مخططاتها بالسيطرة على معبر رفح أصدر النظام المصري بيانا ناعما دون أن يشير فيه إلى أن هذا الاعتداء يعتبر خرق لاتفاقية كامب ديفيد وأن مصر ستلجأ لمجلس الأمن لتطالب بانسحاب قوات الاحتلال من المعبر.



النظام المصري يلعب لعبة مزدوجة في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل فمن جهةٍ هو ينسق مع الاحتلال ولا يعترض على ما يقوم به من عمليات تقتيل وتدمير على أمل سحق قوى المقاومة وبذلك يفوز برضا إسرائيل وثناء حلفائها وينتهي المعقل المقاوم الذي يعطي الأمل للشعوب بإمكانية التغيير، ومن جهة أخرى يقود مفاوضات لإنجاز صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار ويطلق تصريحات جوفاء تندد بما تفعله إسرائيل لامتصاص نقمة الجماهير وهو إن نجح تكون له حصة فيما سيحدث في قطاع غزة من إعمار وطريقة حكم.موقف النظام المصري المتخاذل والمتآمر في حرب الإبادة لا يحتاج إلى سوق كثير من الأدلة فمنذ بداية الحرب صرح رأس النظام أن ما يحدث لا يعني مصر بشيء المهم أن لا يتدفق لاجئون إلى مصر وإن أرادت إسرائيل تدمير القطاع وسحق المقاومة فلتأخذ المدنيين إلى أي جهة ريثما تنتهي من مهمتها، كما شدد النظام المصري الخناق على القطاع في بداية الحرب ومنع ادخال قارورة مياه حتى بلغ العطش والجوع من السكان مبلغا، تصاعدت الضغوط فسمح بإدخال المساعدات بشكل محدود تحت رقابة إسرائيلية.

النظام المصري يلعب لعبة مزدوجة في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل فمن جهةٍ هو ينسق مع الاحتلال ولا يعترض على ما يقوم به من عمليات تقتيل وتدمير على أمل سحق قوى المقاومة وبذلك يفوز برضا إسرائيل وثناء حلفائها وينتهي المعقل المقاوم الذي يعطي الأمل للشعوب بإمكانية التغيير، ومن جهة أخرى يقود مفاوضات لإنجاز صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار ويطلق تصريحات جوفاء تندد بما تفعله إسرائيل لامتصاص نقمة الجماهير وهو إن نجح تكون له حصة فيما سيحدث في قطاع غزة من إعمار وطريقة حكم.

 الهجمات على رفح لم تبدأ بالأمس كما يحاول الاحتلال وأبواقه الترويج له فمنذ بداية العدوان بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول شنت إسرائيل مئات الغارات على رفح مما أدى إلى تدمير مئات من المنازل واستشهاد وجرح الآلاف فمنطقة رفح لم تكن خطاً أحمر طوال سبعة شهور من الحرب وما حدث هو أن قوات الاحتلال فعلت قواتها البرية لتحقيق مكاسب على الأرض وأبرزها السيطرة على معبر رفح وتهجير السكان شيئا فشيئا لتحيل المنطقة إلى دمار ورماد.

المجتمع الدولي لم يلتقط الدروس مما فعله الاحتلال في الشمال والوسط مع بلوغ أرقام الضحايا حدا مفزعا ومرعبا ويقف متفرجا على ما يحدث دون اتخاذ أي خطوات عملية وتُركت الولايات المتحدة لتتصدر المشهد ليصرح رئيسها الخرف في الصباح شيئا وفي المساء شيئا آخر والواقع يؤكد أن إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء ويوميا ترتكب المجازر فالمشهد يوضح أن إسرائيل طليقة اليد تفعل ما تشاء بدعم من تحالف غربي استعماري تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وبصمت أو تخاذل أو خيانة من 54 دولة عربية وإسلامية.

المذابح التي يرتكبها الاحتلال يوميا وحرب التجويع ضد السكان المدنيين لم تردع حلف التطبيع الذي تقوده الإمارات العربية المتحدة، فهذا الحلف لا زال مصرا على موقفه الداعم للاحتلال والحفاظ على العلاقات الدبلوماسية وفي سبيل ذلك جند إعلامه للتسويق للرواية الإسرائيلية وفتح طريق بري لمد إسرائيل بالبضائع في ظل أزمة البحر الأحمر وجرم اي حراك داخل هذه الدول ضد الجرائم التي ترتكب.

التحرك البارز والجاد الذي أغضب إسرائيل وحلفائها عندما قامت جنوب إفريقيا برفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية متهمة إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية مطالبة باتخاذ تدابير احترازية لحماية السكان المدنيين وفي مقدمتها وقف إطلاق النار.

المحكمة في جلستها التي انعقدت بتاريخ 26/01/2024 قبلت الدعوى وأقرت ست تدابير احترازية ليس منها وقف إطلاق النار مما أفرغ التدابير التي أقرتها المحكمة من محتواها إذ لا يمكن حماية أفراد الجماعة من القتل والتجويع وجعل حياتهم غير مستحيلة دون وقف إطلاق النار.

العجيب أن المحكمة من الحقائق والأدلة التي قدمت لها أقرت أن هناك مؤشرات جادة على أن هناك جريمة إبادة جماعية ترتكب إلا انها ورغم إقرارها بخطورة الموقف جاء قرارها متناقضا لا يتقبله عقل ومخالف لقضايا أخرى قررت فيها وقف العمليات العسكرية كتدبير احترازي كما حدث في قضية أوكرانيا ضد روسيا.

ومع تضاعف المجازر وعمليات التدمير في تحقير واضح لقرار المحكمة تقدمت جنوب إفريقيا بتاريخ 12/02/2024 بطلب لفرض تدابير إضافية لحماية المدنيين إلا ان المحكمة بتاريخ 16/02/2024 اكتفت بالطلب من إسرائيل للانصياع لقرارها السابق والالتزام ببنود اتفاقية منع الإبادة الجماعية، ومع استمرار اسرائيل بتجاهل قرار المحكمة وهو ما تدلل عليه الأرقام فأعداد الضحايا في تضاعف مستمر تقدمت جنوب افريقيا بطلب آخر لفرض تدابير إضافية بتاريخ 06/03/2024 قررت المحكمة بتاريخ 28/03/2024 بالتأكيد على قرارها السابق وإلزام إسرائيل بالتعاون مع الأمم المتحدة لإيصال كافة أنواع المساعدات وان تتأكد إسرائيل ان عملياتها العسكرية لا تؤثر على حقوق السكان المنصوص عليها في اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

نظرة سريعة على هذه القرارات نجد أن المحكمة منفصلة عن الواقع وأنها لا تقدر حجم الكارثة الموثقة بتقارير أممية فهي عندما فصلت في القضية في كانون الثاني كان عدد الشهداء 20 الف واليوم تضاعف العدد وكذلك الجرحى والمساكن والمرافق العامة التي دمرت فهل يعقل أن تطلب المحكمة بعد كل هذا من اسرائيل ان لا تؤثر عملياتها العسكرية على حقوق المدنيين أم أن الحق أن تقرر المحكمة وقف العمليات العسكرية؟!

المذابح التي يرتكبها الاحتلال يوميا وحرب التجويع ضد السكان المدنيين لم تردع حلف التطبيع الذي تقوده الإمارات العربية المتحدة فهذا الحلف لا زال مصرا على موقفه الداعم للاحتلال والحفاظ على العلاقات الدبلوماسية وفي سبيل ذلك جند إعلامه للتسويق للرواية الإسرائيلية وفتح طريقا بريا لمد إسرائيل بالبضائع في ظل أزمة البحر الأحمر وجرم اي حراك داخل هذه الدول ضد الجرائم التي ترتكب. عدم انصياع اسرائيل لقرارات المحكمة وبعد احتلالها معبر رفح وشن هجمات واسعه وإغلاق المعابر دفع جنوب أفريقيا بتاريخ 10/05/2024 لتقديم طلب جديد من أجل فرض تدابير جديدة، في الأيام القليلة المقبلة ستصدر المحكمة قرارها ومن المؤمل أن تصدر المحكمة قرارا يلزم إسرائيل بوقف إطلاق النار وسحب قواتها من القطاع.

عندما تقدمت جنوب إفريقيا بدعواها كان الرهان أن ينأى قضاة المحكمة بأنفسهم عن انتماءاتهم لدولهم ومواقفها الداعمة لإسرائيل وأن تصدر قرار منسجما في بنوده يعكس الكارثة التي يعاني منها السكان في القطاع لكن قرار المحكمة الذي اتخذ برئاسة القاضية الأمريكية جوان إي دونوغو التي عملت في إدارة الرئيس أوباما جاء مخيبا للآمال متناقضا ومخالفا لقرارات أصدرتها المحكمة في قضايا مماثلة، والأهم أن القرار كبل أيدي هيئة المحكمه الجديده فليس لهم إلا أن  يعطوا الفرصة تلو الاخرى كما حدث في الرد على طلبات جنوب افريقيا في فرض تدابير جديدة .

الأدله على عدم اكتراث إسرائيل بحياة السكان متراكمه فهي مستمره في قصف المساكن وقتل الأطفال والنساء كما هي مستمره في حرب التجويع، حيث اغلقت المعابر بشكل كامل وأصبح القطاع على شفا كارثه فلا بد من أن تصدر المحكمه قرارا يلزم إسرائيل بوقف العمليات العسكرية وسحب قواتها إلى خطوط ما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول.


والشيء المهم أن على الدول العربية والإسلامية التي تقف متفرجة على ما يحدث ان تنضم إلى دعوى جنوب أفريقيا فمن المعيب ان تقف افريقيا يتيمة أمام المحكمة مدعومة فقط من كولومبيا ونيكاراغوا وبالأمس فقط انضمت ليبيا للدعوى وفق بيان نشرته المحكمة فما يمنع الدول المصادقة على اتفاقية منع الإبادة الجماعية من الانضمام إلى الدعوى؟

في القضية التي رفعتها أوكرانيا ضد روسيا انضم إلى الدعوى أكثر من 32 دولة خلال أيام معدودة لم يستغرق هذه الدول وقتا طويلا للتفكير في الانضمام ودعم دعوى أوكرانيا، وهذا له دور في دعم القضية وإقناع القضاة باتخاذ التدابير اللازمة فالقضاة بشر يتعرضون للتهديد والابتزاز فهذه القضية بالنسبة لإسرائيل مسألة حياة أو موت.

أخيرا القرار الذي صدر عن الجمعية العامة قبل أيام وفيه توصية لمجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية وصوتت له 143 دولة مقدر ويعني الكثير لكن الأولوية اليوم هي لوقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة فلو أن هذه الدول انضمت لدعوى جنوب افريقيا أحدثت فرقا هائلا في تعظيم الضغوط على إسرائيل وحلفائها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حرب غزة الفلسطينية فلسطين غزة مواقف رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة السکان المدنیین وقف إطلاق النار فی حرب الإبادة النظام المصری فی قطاع غزة هذه الدول معبر رفح على ما

إقرأ أيضاً:

لماذا يدافع الغرب عن إسرائيل بعد طلب الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو؟

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للمدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش (1993-2022)، والأستاذ الزائر في كلية برينستون للشؤون العامة والدولية، كينيث روث، قالا فيه: "من المخيب للآمال، إن لم يكن من المستغرب، أن يكون رد الغرب على اتهامات المحكمة الجنائية الدولية هو الدفاع عن إسرائيل رغم جرائم الحرب التي ترتكبها".

وردّ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بنقد لاذع على اتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضده، وضد وزير الحرب يوآف غالانت. ومع ذلك، فإن حُججه كلها مُلفقة، وتهدف إلى صرف الانتباه عن سلوكهم المدمر في غزة. ولم تكن الحكومات الأمريكية والبريطانية والألمانية أفضل بكثير.

وكان المدعي العام للمحكمة، كريم خان، قد أعلن، الاثنين، أنه سوف يسعى للحصول على أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بالإضافة إلى ثلاثة مسؤولين كبار في حماس. مُقترحا توجيه اتهامات إلى قيادة حماس حول 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وتوجيه اتهامات ضد المسؤولين الإسرائيليين في المقام الأول بسبب تجويع المدنيين الفلسطينيين في غزة. 

وقال روث، إن هذه الاتهامات المقترحة، تُوفّر إمكانية اختراق "جدار الإفلات من العقاب" الذي عانى منه ضحايا الانتهاكات الإسرائيلية والفلسطينية منذ فترة طويلة، على حد تعبير "هيومن رايتس ووتش". مضيفا أن خان هو المدعي العام الأكثر خبرة في المحكمة الجنائية الدولية من بين الثلاثة حتى الآن. 

و"تشير محادثاتي معه منذ بداية ولايته إلى أن أسلوبه في عمله محافظ. ومن غير المرجح أن يلاحق اتهامات دون وجود أدلة دامغة تدعمها، كما وجدت لجنة من الخبراء المستقلين الذين جمعهم". 

وتابع: "من المرجح أن تؤكد الدائرة التمهيدية للمحكمة الاتهامات، وتصدر أوامر الاعتقال المطلوبة، وهذا يعني أن المتهم لا يستطيع السفر إلى أي من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية (124 دولة)، بما في ذلك أوروبا بالكامل، دون مواجهة احتمال الاعتقال".

ويعلّق الكاتب، بأن المطالبة بأدلة قوية كانت على ما يبدو هي السبب وراء بدء خان باستراتيجية التجويع التي تنتهجها دولة الاحتلال الإسرائيلي، لأن الأدلة كانت متاحة بسهولة أكبر. وقد منعه الاحتلال الإسرائيلي من دخول غزة، حيث إنه كان يرغب عادة في التحقيق في القصف الإسرائيلي العشوائي وغير المتناسب. وأوضح خان أن تحقيقه "مستمر، ويمكن أن يأتي بالمزيد من التّهم".


وكان رد نتنياهو مليئا بالمراوغة. حيث وصف الاتهامات المقترحة بأنها "محاولة لحرمان إسرائيل من الحق الأساسي في الدفاع عن النفس، وهو أمر غير معقول". 

ولا تتعلق الاتهامات المقترحة بما إذا كانت دولة  الاحتلال الإسرائيلي قادرة على الدفاع عن نفسها، بل بكيفية الدفاع عنها، أي ليس من خلال ارتكاب جرائم حرب. وقال إن الاحتلال الإسرائيلي اتخذ "إجراءات غير مسبوقة، لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في غزة" وهو ادعاء كذّبته أدلة كثيرة، حيث أثبتت عرقلة الاحتلال الإسرائيلي التعسفية للأغذية والأدوية وغيرها من الضروريات للسكان المدنيين في غزة، إلى درجة أن غزة وصلت إلى حد "المجاعة". 

والواقع أن حكومة الولايات المتحدة كانت صريحة في انتقاد حكومة نتنياهو، بسبب عرقلتها التعسفية للمساعدات الإنسانية.

وفي الملاذ الأخير المشترك للمدافعين عن دولة الاحتلال الإسرائيلي، اتهم نتنياهو، خان، بـ"سكب البنزين بقسوة على نيران معاداة السامية التي تستعر في جميع أنحاء العالم"، مدعيا أن "خان يأخذ مكانه بين كبار معادي السامية في العصر الحديث". 

واعترافا باستقلال وأهمية المحكمة الجنائية الدولية، أصدرت بعض الحكومات، وأبرزها فرنسا وبلجيكا، بيانات تؤيدها. لكن آخرين ساروا على خطى نتنياهو.

وفي بيان مقتضب، وصف جو بايدن، الاتهامات بأنها "مشينة"، مشيرا إلى أنه "ليس هناك تكافؤ بين إسرائيل وحماس". ورغم أن الحكومة الألمانية قالت إنها "تحترم استقلال المحكمة"، إلا أنها رددت تهمة "التكافؤ الزائف". 


وفي الواقع، ونظرا لخطورة الجرائم، فقد كان من المشين لو تجاهل خان جرائم أحد الطرفين. فيما تؤكد التهم المزدوجة مبدأ أساسيا في القانون الإنساني الدولي: "جرائم الحرب التي يرتكبها أحد الأطراف لا تبرر أبدا جرائم الحرب التي يرتكبها الطرف الآخر".

ومن المفارقات أن حركة حماس ردّت على الاتهامات المقترحة بصيغة مختلفة لهذا الموضوع، قائلة إن "تصرف خان يساوي بين الضحية والجلاد". ولكن بغض النظر عن عدالة قضية المرء، فإنها لا تبرر جرائم الحرب على الإطلاق.

وزعم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، دون الخوض في التفاصيل، أن المحكمة الجنائية الدولية "ليس لها اختصاص". ولطالما عارضت الحكومة الأمريكية السلطة الممنوحة للمحكمة بموجب المعاهدة التأسيسية لمحاكمة الجرائم المرتكبة في أراضي الدول الأعضاء من قبل مواطني الدول غير الأعضاء.

لكن بايدن، تخلى عن هذا الموقف عندما وصف اتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لارتكابه جرائم حرب في أوكرانيا، باستخدام نفس الولاية القضائية الإقليمية، بأنه "مبرر".

والأرجح أن بلينكن كان يشير إلى الحجّة التي كرّرتها الحكومة البريطانية بأن فلسطين لا يمكنها الانضمام إلى المحكمة لأنها ليست دولة. لكن الغرفة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية رفضت بالفعل هذه الحجة، مستشهدة باعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بفلسطين باعتبارها "دولة مراقبة غير عضو".
 
وقد استخدمت فلسطين هذا الوضع للتصديق على مجموعة من معاهدات حقوق الإنسان، والتي ينبغي الترحيب بها باعتبارها بيان التزام، حتى لو كانت الممارسة الفعلية في كثير من الأحيان قاصرة.

وأشار بلينكن إلى أن المحكمة الجنائية الدولية، بموجب مبدأ التكامل، من المفترض أن تذعن لجهود الادعاء الوطنية بحسن نية. لكن حكومة الاحتلال الإسرائيلي لم توجّه قط اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين. وعلى الرغم من تحذيرات خان المتكررة من أنه يدرس اتهامات تتعلق باستراتيجية التجويع التي تنتهجها دولة الاحتلال الإسرائيلي، فإنها لم تعلن سلطات الاحتلال عن إجراء تحقيق. فيما قال خان إنه سيعيد النظر في اتهاماته المقترحة إذا تغير ذلك.


وأخيرا، قال بلينكن إن طلب المحكمة الجنائية الدولية "يمكن أن يعرض للخطر، الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار". وبالمثل، قال متحدث باسم ريشي سوناك إن الاتهامات "غير مفيدة". 

ولكن هناك تاريخ طويل من اتهامات جرائم الحرب التي تعمل على تسهيل السلام من خلال تهميش المتشددين. على سبيل المثال، كانت الكيفية التي تم بها إبرام اتفاق دايتون للسلام في صراع البوسنة. وساهمت اتهامات مماثلة في ظهور الديمقراطية في ليبيريا والزوال الفعلي لجيش الرب للمقاومة المتمردة في أوغندا.

وفي داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي، تسببت سلوكيات مسؤوليها في غزة في جعلها دولة منبوذة على نحو متزايد في أذهان العديد من الناس في مختلف أنحاء العالم، فإن الاتهامات المقترحة من شأنها أن تعمل على تعزيز حركة تغيير الزعامة. وبعيدا عن كونها عائقا أمام وقف إطلاق النار، فإن تصرفات خان يمكن أن تكون حافزا.


ويعلق روث بأنه "من المخيب للآمال، إن لم يكن من المستغرب، أن يكون الرد الانعكاسي على الاتهامات التي اقترحتها المحكمة في واشنطن ولندن وبرلين هو الدفاع عن إسرائيل على الرغم من جرائم الحرب التي ارتكبتها. لكن سيادة القانون لا تنطبق على الخصوم فقط". 

وكما يبدو أن الحكومة الألمانية قد نسيت، فإن الدفاع عن حكومة الاحتلال الإسرائيلي بغض النظر عن ما تفعله ليس ردا مناسبا على المحرقة، بدلا من التأكيد على معايير حقوق الإنسان بغض النظر عن من ينتهكها. لقد حان الوقت لكي تعيد هذه الحكومات الغربية الرئيسية النظر في مواقفها.

مقالات مشابهة

  • حرب الإبادة تتواصل في غزة.. والعدل الدولية تصدر حكمها غداً
  • حرب الإبادة تتواصل في غزة.. والعدل الدولية تصدر حكمها اليوم
  • العدل الدولية تصدر غداً قرارها بشأن طلب جنوب إفريقيا وقف الاحتلال إطلاق النار في قطاع غزة
  • العدل الدولية تفصل غدا بطلب جنوب إفريقيا لإصدار أمر بوقف الهجوم على رفح
  • الإبادة وهجوم رفح.. العدل الدولية تحدد موعد الحكم ضد إسرائيل
  • لماذا يدافع الغرب عن إسرائيل بعد طلب الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو؟
  • قيادى بحماس: حملات إسرائيل استهدفت قطر بالأمس القريب واليوم تشنها على مصر
  • ماذا بعد طلب الجنائية الدولية توقيف قادة من إسرائيل وحماس؟
  • "شؤون الأسرى": الاحتلال اعتقل آلاف الفلسطينيين بالضفة خلال سبعة أشهر
  • الجنائية الدولية.. قراءة قانونية في إعلان كريم خان ضد إسرائيل وحماس