وكيل الأزهر: الإمام الأكبر يقود حركة عملية للتثقيف مع إنشاء مراكز بحثية
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، خلال كلمته بالمؤتمر العلمي الدولي الخامس لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، عن «دور مشايخ الأزهر الشريف في خدمة العلوم الشرعية والعربية»، إن علماء الأزهر لا توفي حقهم الكلمات، ولا تترجم العبارات عنايتهم بهذه المؤسسة العريقة، فمن الواجب علينا وفاء لعلمائنا أن نذكرهم بالخير دائما، ونثني عليهم بما هم أهله أبدًا، وكلامي هنا ليس من باب التعصب للأزهر، وإن كانت العصبية للحق محمودة، فمن واجبنا أن يعرف الجميع أن أنوار الأزهر الشريف بعلومه وتراثه أشرقت على ربوع الدنيا: علما وحكمة، ورحمة وهداية، ونورا وبركة منذ أكثر من ألف سنة، وما زالت؛ حتى نري المشككين في تراثنا، والمتهمين رجالنا، والمتهكمين على علومنا؛ نريهم هذا التراث، ودوره في المحافظة على هوية الأمة، وهل يسعنا حقا أن نتخذه وراءنا ظهريا؟!.
وبين وكيل الأزهر خلال كلمته اليوم الثلاثاء بمركز الأزهر للمؤتمرات أن هذا المؤتمر يتزامن مع محاولة بعض الألسنة والأقلام التطاول على التراث، وعلى العلوم الشرعية والعربية، ليتناول المؤتمر علاقة واضحة بين رجال الأزهر الشرفاء وبين علوم التراث التي نمت في ربوعه، والتراث في عقيدتنا الأزهرية نقطة ارتكاز ثابتة حولها نطوف، ومنها نبدأ حركة علمية حرة، فلم يمنعنا التراث يوما من الحركة، ولم يمنعنا التراث يوما من التفكير، وإن نفرًا من الناس يحاولون أن يوهموا الشباب أن التراث سبب كل مشكلات الأمة، ويغرونهم بأن إنسانَ العصر إنسانٌ حرٌّ له أن يفكر وينتقد كيفما شاء، وهكذا في مغالطة عارية من كل ما يسترها. متعجبا فضيلته: هل فقدنا الحرية في تراثنا حتى يأتيَ مَن لم يترب على التراث، ومن لم يعرف مفاتيحه ليعلمنا الحرية الفكرية؟ وهل كان النقد مجرما عند العلماء ومحرما عند الفقهاء حتى أباحه لنا هؤلاء؟ وكيف يتهمون التراث بالجمود، وهذه المذاهب المتعددة يخلف بعضها بعضا؟!.
واستنكر وكيل الأزهر اتهام العلماء في عصرنا والعصور السابقة بعدم الحرية في التعامل مع المسائل والنصوص، ولدينا المذاهب يخالف بعضها بعضا، بل يخالف تلاميذ المذهب إمامه وأستاذه الأكبر، ولدينا مؤلفات شرق الأمة تسود في غربها، ومؤلفات غربها تسود في شرقها، متسائلًا: فأين هذا الجمود الذي يتهم به التراث؟ مضيفًا فضيلته أن سبب إطالته في الكلام في هذا الجانب أن الاتجاه الحداثي يعمل على إلغاء قدسية النص، بل يعمل على تفكيك مكونات الهوية من عقيدة ولغة وتاريخ وقيم، وإذا كنا نُقر بأهمية التراث في المحافظة على هويتنا، وصد أي محاولة لعدوان فكري على الأمة وثوابتها، فإن من الأمانة والموضوعية الكاملة أن نوجه الشباب إلى التعامل مع التراث بطريقة متوازنة، تستخرج منه كنوزه المخبوءة فيه، مع عدم إغفال الواقع وما يحمله من مستجدات، وتلك مهمة قومية وطنية بامتياز.
وأوضح فضيلته أن العلوم الشرعية والعربية فروع نابعة من أصل واحد هو الوحي الإلهي: قرآنا وسنة، وقد تميز علماء الأزهر الشريف بتضلعهم في هذه العلوم الشرعية والعربية، وشدة اعتنائهم بها، حتى إنك لا تكاد تجد عالما أزهريا بحق إلا وله حظ وافر ودراية تامة بهذه العلوم، وإذا كانت العلوم الأزهرية تندرج في قسمين: علوم المقاصد وعلوم الوسائل، فإن الأزهري المتأصل على درجة كبيرة من إتقان هذه العلوم بما يمكنه أن يحافظ عليها، وينقلها، ويناقش مسائلها، ويضيف إليها، ومن تربى على أنوار هذه العلوم يتخرج قادرا على فهم اللسان العربي، وأمينا على فهم القرآن والسنة المشرفة، وقد عني علماء الأزهر بهذه العلوم تأليفا وتدريسا، وتحقيقا وتحشية، فما من علم إلا ولمشايخ الأزهر فيه باع كبير.
واستعرض الدكتور الضويني بعض إسهامات علماء الأزهر وأشهر كتبهم، وأبرزها في علوم القرآن الكريم كتاب العلامة الكبير أبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي المصري، صاحب كتاب: (البرهان في تفسير القرآن)، وهو من أوائل الذين درسوا بالجامع الأزهر، وكتب الجلال السيوطي المتنوعة في التفسير وعلوم القرآن: (الإتقان في علوم القرآن)، (الإكليل في استنباط التنزيل)، (نواهد الأبكار وشوارد الأفكار)، وللعلامة محمد دراز مصنَّفٌ متفرد في بابه، وهو: (النبأ العظيم)، في بيان إعجاز القرآن وألوهية مصدره، وانتهاء بالإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي صاحب: (التفسير الوسيط)، وأما السنة المطهرة، فلعلماء الأزهر باع طويل في شرحها وتدريسها والذب عنها، وأما علوم الوسائل فحدث ولا حرج، فقد نظم علماؤه المتون، ووضعوا شروحا لها، منها الشروح الميسرة، ومنها المطولات، كما عقدوا مجالس لإقراء كتبها، ولو ذهبنا نستقصي ما قدمه مشايخ الأزهر للعلوم الشرعية والعربية لاحتجنا إلى ساعات طوال، وما ذكرناه إشارة يسيرة إلى جهودهم العلمية التي ما زال علماء الأزهر يبذلون فيها أوقاتهم وأنفسهم.
الجهود العلمية لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهركما استعرض وكيل الأزهر جانبًا من الجهود العلمية لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مبينا أن لفضيلته إسهامات علمية لا تُنكر، في مجال العقيدة والفلسفة، والدفاع عن السنة، وفي مجال الدعوة إلى الله، وفي مجال الإصلاح المجتمعي، وتفكيك الفكر الجامد، وإصلاح العقل والقلب، وعبر البرامج التليفزيونية التي تلقتها الجماهير بالقبول الحسن، والتي طبع محتواها في كتب متعاقبة، ويكفي أن تقرأ لفضيلته كتاب «مقومات الإسلام» الذي جمع فيه الإسلام ومقوماته في إيجاز عميق، ويكفي أن تقرأ له كتاب «القول الطيب» الذي يقع في ثلاثة مجلدات، جمع فيها خلاصة فكره وتجربته المجتمعية والعلمية والوظيفية.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأن فضيلة الإمام الأكبر استطاع أن يحول النتائج الأزهرية التي تحويها بطون الكتب إلى واقع عملي، ويوجد من الصيغ ما ينبغي أن تؤدي إليه عملية التثقيف والتعليم، ومن ذلك: إعادة إحياء هيئة كبار العلماء، وإنشاء أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ والمفتين، ومركز الأزهر للفلك الشرعي، ومدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن، ومكتب إحياء التراث، ومركز تعليم اللغات الأجنبية، وإحياء الأروقة الأزهرية بالمحافظات، وبيت العائلة المصرية، ومركز الحوار، ومركز الترجمة، ومركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية، واللجنة العليا للمصالحات، ووحدة لم شمل الأسرة المصرية، وغير ذلك من صيغ عملية، حولت نور التراث الأزهري إلى واقع مجتمعي يكشف ادعاءات المزيفين، ويمنحهم فرصة للإنصاف وإعادة النظر إلى هذا التراث الثري العبقري، وإلى هؤلاء الرجال العظماء الذين بذلوا من أنفسهم وأوقاتهم للمحافظة عليه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأزهر وكيل الأزهر محمد الضويني مشايخ الأزهر العلوم الشرعية والعربية العلوم الشرعیة والعربیة الإمام الأکبر علماء الأزهر وکیل الأزهر الأزهر ا
إقرأ أيضاً:
يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن الكريم
كتب- حسن مرسي:
قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن العلاج بالقرآن الكريم أمرٌ ثابت من حيث الجواز، باعتباره دعاءً وتوسلًا بكلام الله عز وجل، موضحًا أن الشفاء في حقيقته بيد الله وحده، وأن العلاج – سواء كان بالدواء أو بالقرآن – إنما هو سبب لتحصيل الشفاء وليس هو الشفاء ذاته، مؤكدًا أن الله سبحانه وتعالى هو الشافي، وأن العبد مأمور بالأخذ بالأسباب مع تمام التوكل واليقين.
وأوضح جبر، خلال برنامج "أعرف نبيك"، المذاع على قناة الناس اليوم السبت، أن الأصل في التداوي أن يأخذ الإنسان بالأسباب المعروفة والمجربة، استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له دواء"، مبينًا أن المسلم يتداوى بالأدوية المادية، ويجعل الدعاء ملازمًا له في كل أحواله، لأن حياة المسلم كلها دعاء، وصلاته كلها دعاء، فإذا وجد الدواء المعروف والمجرب، أخذه مع الدعاء، أما إذا كان المرض لا يُعرف له علاج، أو عجز الطب عن مداواته، ففي هذه الحال يكون اللجوء المباشر إلى القرآن وآيات الشفاء وسورة الفاتحة مشروعًا، ويأخذ الإنسان من القرآن ما شاء، ومتى شاء.
وأشار إلى أن قراءة القرآن على الماء والشرب منه، وقراءة آيات الشفاء أو الفاتحة بعددٍ معين، لم يرد فيها تحديدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدد مخصوص، لكن هذا لا يمنع الأخذ بتجارب الصالحين والعباد عبر القرون، حيث نشأت عبر أكثر من أربعة عشر قرنًا تجارب بشرية واسعة لأهل القرآن وأهل الصلاح في قضاء الحوائج والاستشفاء، فصار لديهم تجريب في آيات معينة تُقرأ بعدد معين، ونُقلت هذه التجارب لمن بعدهم، ولا حرج في الأخذ بها من باب التجربة لا من باب التعبد الملزم، مع التأكيد على أن الإنسان قد يأخذ بهذه الأسباب ولا يُشفى، كما قد يأخذ الدواء الطبي ولا يُشفى، ومع ذلك فهو مأجور، لأن الشفاء ليس متعلقًا بفعل العبد وإنما بمشيئة الله.
وشدد على ضرورة التفريق بين السبب والمسبب، فقراءة القرآن، وتناول الدواء، والذهاب إلى الطبيب، كلها أسباب، أما النتيجة فيخلقها الله عز وجل، فقد يخلق الشفاء مع الأخذ بالسبب، وقد لا يخلقه، وقد يخلقه حتى من غير سبب، فالأمر كله راجع إلى إرادة الله وحكمته، والعبد يتعبد لله بالأخذ بالأسباب وقلبه موقن بأن الله هو الشافي يفعل ما يشاء.
وبيّن الدكتور يسري جبر أن استمرار المرض مع الدعاء لا يعني عدم الاستجابة، فقد تكون الاستجابة على غير ما يتوقع الإنسان، مستشهدًا بقصة أحد الصالحين الواردة في "الرسالة القشيرية"، الذي كان مستجاب الدعاء للناس مع كونه مبتلى بالأمراض، حتى جاءه خاطر رحماني يُفهمه أن مرضه هو عين العافية له، وأن بقاء المرض سبب لقبول دعائه، وأن رفع البلاء عنه قد يكون سببًا لفساد حاله، موضحًا أن من عباد الله من لا يصلحه إلا المرض، ومنهم من لا يصلحه إلا الفقر، ولو عوفي أو أُغني لفسد حاله.
وأكد على أن على المسلم أن يُسلِّم أمره لله تعالى، وأن يأخذ بالأسباب المباحة والمتاحة، سواء كانت على أيدي الأطباء أو أهل القرآن والصلاح، مع اعتماد القلب الكامل على الله، واليقين بأن الله قد استجاب، ولكن استجاب كما يريد هو سبحانه لا كما هيتصور العبد، والله تعالى أعلم.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
يسري جبر الأزهر الشريف العلاج بالقرآن الكريم برنامج أعرف نبيك أخبار ذات صلةفيديو قد يعجبك
محتوى مدفوع
أحدث الموضوعات