لجريدة عمان:
2025-12-15@05:53:12 GMT

هل تتفكك إمبراطورية «جوجل»

تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT

في مطلع الشهر الجاري استكملت المحكمة الجزئية الأمريكية في واشنطن التي تنظر قضية رفعتها الحكومة الأمريكية على شركة «ألفابت» (الشركة الأم لعملاق التكنولوجيا «جوجل») تتهمها فيها بالاحتكار، وإساءة استخدام سلطتها ونفوذها الواسع على شبكة الإنترنت، المرافعات النهائية من الحكومة والشركة، منهية بذلك الجزء الإجرائي من واحدة من أهم قضايا مكافحة الاحتكار خلال السنوات الأخيرة، والتي قد يشكّل الحكم فيها مستقبل الإنترنت، وبالتالي مستقبل العالم.

تستدعي هذه القضية إلى الأذهان تجارب سابقة مع وسائل الإعلام اتبعتها الحكومة الأمريكية. وعلى سبيل المثال ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت صناعة السينما الأمريكية مركزة في خمس شركات كبرى عرفت باسم الخمسة الكبار، وهي شركات: فوكس القرن العشرين، وجي ام جي، وبارامونت، وآر كيه اوه، ووارنر برازر. لم تكن هذه الشركات الخمس تحتكر إنتاج الأفلام فقط ولكن أيضا شركات التوزيع وشركات دور العرض السينمائي. وكانت الشركات الخمس تسيطر على نحو 77% من دور العرض. وقد دفع هذا الوضع الاحتكاري الحكومة الأمريكية إلى التقدم بدعوى إلى المحكمة الأمريكية العليا لإنهائه. وأصدرت المحكمة في عام 1948 حكما بعدم شرعية احتكار شركات الإنتاج السينمائي لعمليات الإنتاج والتوزيع والعرض، وخيّرت هذه الشركات بين أن تبيع استوديوهات الإنتاج، أو أن تبيع دور العرض. وقد اختارت الشركات بيع دور العرض، وبالتالي تم فصل إنتاج الأفلام عن عرضها، ولم تعد شركات الإنتاج تضمن عرض أفلامها في دور العرض. وكان عليها أن تتنافس فيما بينها على دور العرض مما أفسح المجال لظهور شركات سينمائية جديدة. وقد تمت الإجراءات نفسها مع الشبكات التلفزيونية الكبيرة، وأجبرتها المحكمة على فصل شركات الإنتاج التلفزيوني عن شركات التوزيع حتى لا تكتسب أعمالها وضعًا احتكاري للعرض في محطاتها التلفزيونية.

ما الذي حدث مع «جوجل» ودفع الحكومة الأمريكية إلى اتهامها بالقيام بممارسات احتكارية؟ وهل يمكن أن ينتهي الأمر، مع نهاية هذا العام، إلى تفكيك عملاق التكنولوجيا الأول في العالم إلى مجموعة من الشركات الصغيرة؟

في ربع قرن منذ تأسيسها، حققت «جوجل» نموًا كبيرًا بشكل مذهل. فكل يوم، يطرح مليارات الأشخاص حول العالم أسئلة على محرك بحثها، أو يرسلون ويستقبلون عشرات الرسائل عبر بريدها الإلكتروني الأكثر استخداما في العالم «جيميل»، أو يتنقلون بسياراتهم أو بالمواصلات العامة أو حتى مشيًا على الأقدام باستخدام خرائط «جوجل». وهو ما جعل عملاق التكنولوجيا يسيطر على اقتصاد الإنترنت، ويوسع أعماله بسرعة من خلال شراء مئات الشركات الصغيرة. وفي العام الماضي 2023، حققت الشركة إيرادات بقيمة 307 مليارات دولار، وهو ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي لدولة أوروبية متقدمة مثل فنلندا.

وتكتسب قضية الاحتكار التي رفعتها الحكومة على «جوجل» زخمها وأهميتها ليس فقط من أهمية الشركة العملاقة، ولكن أيضا من النتائج والتداعيات التي يمكن أن تحدث إذا أقرت المحكمة الوضع الاحتكاري لها، وحكمت بوضع قيود على حركتها في السوق، وكيفية إدارة إمبراطوريتها المتشعبة على الإنترنت. ويتوقع البعض أن تجبرها المحكمة على بيع بعض علاماتها التجارية المهمة مثل متصفح «جوجل كروم» لفتح باب المنافسة أمام محركات البحث الأخرى.

في المقابل يمكن للمحكمة أيضًا أن تحكم بأن «جوجل» لا تمارس الاحتكار، وهو ما قد يمثل انتكاسة كبيرة للحكومة والمدافعين عن مكافحة الاحتكار، الذين يقولون: إن شركات التكنولوجيا الكبرى أصبحت قوية وشرسة للغاية. وفي الحالتين، سوف يؤثر الحكم المنتظر في هذه القضية على الدعاوى القضائية الأخرى المرفوعة ضد شركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى، مثل «أمازون» و«آبل».

في تقديري أن المحكمة قد تلجأ إلى الخيار الأول وهو إدانة «جوجل» بالممارسات الاحتكارية وذلك استنادًا إلى الحقائق على الأرض التي تقول: إن شركة واحدة لديها تسعة منتجات، يستحوذ كل منتج منها على نحو مليار مستخدم في العالم، لا يمكن أن تبقى هكذا دون تدخل حكومي وقضائي يفتح باب المنافسة للشركات الأخرى.

على سبيل المثال فإن محرك بحث «جوجل» الذي يعد محرك البحث الأول والأكثر أهمية في العالم، يستأثر بنحو 5 مليارات مستخدم، ويهيمن بالفعل على الفضاء الإلكتروني. ويُعد «موقع جوجل» هو الموقع الإلكتروني الأكثر زيارة في العالم، حيث يصل عدد زياراته إلى أكثر من 86 مليار زيارة شهريًا. ويسيطر بذلك على 92 بالمائة من سوق محركات البحث». ويبتعد المحرك الثاني الذي ينافسه وهو محرك «بينج» من شركة ميكروسوفت عنه كثيرًا جدًا وبنسبة سيطرة تبلغ 3 بالمائة فقط. الخطير في الأمر أن الشركة بدأت في وضع الإجابات التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، في أعلى نتائج البحث. وقد يؤدي ذلك إلى قلب الويب رأسًا على عقب، مما يضر بالناشرين الذين يعتمدون على حركة المرور من «جوجل» من أجل بقائهم على قيد الحياة.تمتلك «جوجل» أيضا متصفح الويب الأكثر شعبية في العالم «جوجل كروم» الذي بلغ عدد مستخدميه العام الماضي نحو 3.5 مليار شخص. والواقع أن امتلاك «كروم» يمنح «جوجل» القدرة على إبقاء محرك البحث الخاص بها في المقدمة، كما يسمح لها أيضًا بتتبع الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وجمع كميات هائلة من البيانات الدقيقة حول سلوك الأفراد عبر الإنترنت، وهو أمر مهم خاصة عندما يتعلق بالإعلان والتجارة الإلكترونية. وقد منحها هذا الوضع الاحتكاري ميزة مهمة وهي أن مطوري مواقع الويب يحرصون على أن تعمل مواقعهم على النحو الأمثل على متصفح «كروم»، ولا يهتمون كثيرًا بأن تعمل بسلاسة على متصفحات المنافسين مثل «بينج»، أو «فيرفوكس» أو «موزيلا». وإذا حكم القاضي بأن «جوجل» تمارس احتكارا غير قانوني، فهناك احتمال بأن تضطر الشركة إلى تقسيم أعمالها، وتحول متصفح «كروم» إلى كيان منفصل.

وفي اعتقادي أن الأمر نفسه قد يحدث مع نظام «أندرويد»، وهو نظام تشغيل الهواتف الذكية المملوك لـ«جوجل»، و«يستخدمه أكثر من ثلاثة مليارات شخص في العالم، ويعمل على 70 بالمائة من جميع الهواتف الذكية في العالم، فيما يأتي نظام أبل «آي او اس» في المركز الثاني وبفارق كبير، وبنسبة 28.5 بالمائة فقط».

إذا وضعنا في الاعتبار الممتلكات الأخرى مثل متجر «جوجل بلاي» الذي يستخدمه 2.5 مليار كل شهر، وشبكة يوتيوب التي تعد الشبكة الأولى في خدمة الفيديو عبر الإنترنت، ويبلغ عدد مستخدميها 2 مليار مستخدم، والبريد الإلكتروني «جيميل» الذي يستخدمه نحو 1.8 مليار شخص، وصور «جوجل»، وخرائط «جوجل» وكل منهما يستخدمها مليار شخص، بالإضافة إلى ممتلكاتها غير الإنترنتية التي تديرها الشركة الأم «ألفابت»، مثل شركة السيارات ذاتية القيادة، وشركة الأبحاث الطبية، وشركة رأس المال الاستثماري التي تشتري وتؤجر أساطيل من السفن لمد الكابلات تحت البحر عبر المحيطات، ندرك أننا أمام أخطبوط كبير، يكاد يسيطر على العالم وليس على الولايات المتحدة فقط، وأنه من الخير للبشرية أن ينتهي هذا الوضع الاحتكاري الذي تتمتع به، والذي قد يعوق التطور التكنولوجي القائم على المنافسة في المستقبل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحکومة الأمریکیة دور العرض فی العالم

إقرأ أيضاً:

OpenAI ترد بقوة على جوجل بإطلاق GPT-5.2 بثلاثة إصدارات

جاء ردّ OpenAI الحاسم على جهاز Gemini 3 Pro من جوجل. ففي اليوم نفسه الذي أعلنت فيه الشركة عن اتفاقية ترخيص Sora مع ديزني، كشفت النقاب عن GPT-5.2. وتُسوّق OpenAI النموذج الجديد باعتباره الأفضل حتى الآن للاستخدامات المهنية في العالم الحقيقي. 

وقالت OpenAI: "إنه أفضل في إنشاء جداول البيانات، وبناء العروض التقديمية، وكتابة التعليمات البرمجية، وإدراك الصور، وفهم السياقات الطويلة، واستخدام الأدوات، والتعامل مع المشاريع المعقدة متعددة الخطوات".

وفي سلسلة من 10 اختبارات معيارية أبرزتها OpenAI، تفوّق GPT-5.2 Thinking، وهو الإصدار الأكثر تطورًا من النموذج، على نظيره GPT-5.1، بفارق كبير في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، في اختبار AIME 2025، الذي يتضمن 30 مسألة رياضية صعبة، حقق النموذج علامة كاملة 100%، متفوقًا على علامة GPT-5.1 المتميزة أصلًا وهي 94%. وقد حقق هذا الإنجاز دون اللجوء إلى أدوات مثل البحث عبر الإنترنت. 

وفي الوقت نفسه، في اختبار ARC-AGI-1، وهو معيار يقيس قدرة نظام الذكاء الاصطناعي على التفكير المجرد كما يفعل الإنسان، تفوق النظام الجديد على GPT-5.1 بأكثر من 10 نقاط مئوية.

وتقول OpenAI إن GPT-5.2 Thinking أفضل في الإجابة على الأسئلة بموضوعية، حيث وجدت الشركة أنه يُنتج أخطاءً أقل بنسبة 30%. وأضافت الشركة: "بالنسبة للمحترفين، هذا يعني أخطاءً أقل عند استخدام النموذج في البحث والكتابة والتحليل ودعم اتخاذ القرارات، مما يجعله أكثر موثوقية في العمل المعرفي اليومي".

ومن المتوقع أن يكون النموذج الجديد أفضل في المحادثات أيضًا. وفيما يتعلق بإصدار النظام الذي من المرجح أن يستخدمه معظم المستخدمين، تقول OpenAI: "يُعد GPT-5.2 Instant أداة سريعة وفعالة للعمل اليومي والتعلم، مع تحسينات واضحة في أسئلة البحث عن المعلومات، والشروحات، والكتابة التقنية، والترجمة، وذلك بالاستناد إلى أسلوب المحادثة الأكثر سلاسة الذي تم تقديمه في GPT-5.1 Instant".

رغم أن وصف هذا الإصدار بأنه مصيري لشركة OpenAI قد يكون مبالغة، إلا أنه من الإنصاف القول إن الشركة تُعلّق آمالاً كبيرة على GPT 5.2. فقد خيّب إصدارها الرئيسي لعام 2025، GPT-5، الآمال. إذ اشتكى المستخدمون من نظام يُنتج إجابات ساذجة بشكلٍ مُثير للدهشة، ويفتقر إلى الحيوية. وكانت خيبة الأمل من GPT-5 شديدة لدرجة أن الناس بدأوا يُطالبون OpenAI بإعادة GPT-40.

ثم جاء Gemini 3 Pro، الذي تصدّر قائمة LMArena، وهو موقع إلكتروني يُقيّم فيه البشر مُخرجات أنظمة الذكاء الاصطناعي للتصويت على الأفضل. وبعد إعلان جوجل، أفادت التقارير أن سام ألتمان دعا إلى بذل جهدٍ عاجل لتحسين ChatGPT. وقبل اليوم، كان نموذج الشركة السابق، GPT-5.1، يحتل المرتبة السادسة على LMArena، بينما احتلت أنظمة Anthropic وxAI التابعة لإيلون ماسك المراكز بين OpenAI وجوجل.


بالنسبة لشركة وقّعت مؤخرًا صفقات بنية تحتية بقيمة تزيد عن 1.4 تريليون دولار سعيًا منها لتجاوز منافسيها، لم يكن هذا وضعًا جيدًا لشركة OpenAI. في مذكرته للموظفين، ذكر ألتمان أن GPT-5.2 سيكون مكافئًا لـ Gemini 3 Pro. مع إطلاق النظام الجديد الآن، سنرى ما إذا كان هذا صحيحًا، وماذا قد يعني ذلك للشركة إذا لم تتمكن على الأقل من منافسة أفضل ما لدى جوجل.

تقدم OpenAI ثلاثة إصدارات مختلفة من GPT-5.2: Instant وThinking وPro. ستكون النماذج الثلاثة متاحة أولًا لمستخدمي الخطط المدفوعة للشركة. والجدير بالذكر أن الشركة تخطط للإبقاء على GPT-5.1، على الأقل لفترة من الوقت. يمكن للمستخدمين المدفوعين الاستمرار في استخدام النموذج الأقدم للأشهر الثلاثة القادمة عن طريق اختياره من قسم النماذج القديمة.

مقالات مشابهة

  • الهباش: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين تزيد موجة العنف
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بفلسطين تزيد من موجة العنف
  • الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”
  • السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا: ما الذي تغير؟
  • OpenAI ترد بقوة على جوجل بإطلاق GPT-5.2 بثلاثة إصدارات
  • جوجل تختبر مستقبل التصفح الذكي عبر «ديسكو»
  • وزارة العمل تُعلن عن فرص عمل جديدة في شركات خاصة
  • أفضل شركات الطيران لدرجة رجال الأعمال لعام 2025 (إنفوغراف)
  • تحقيق دولي يزيح الستار عن إمبراطورية “مارساليك” السرية في قطاعي النفط والإسمنت بليبيا
  • أخبار التكنولوجيا| تحديث جديد في إنستجرام يكشف عن عالم خوارزميتك المخفي.. قائمة أفضل الهواتف في العالم 2025