76 عاما مرت على الحدث الأقسى في تاريخ فلسطين، الذي أجبر ثلاثة أرباع مليون فلسطيني على الرحيل عن وطنهم، بعد طرد غالبيتهم من المناطق التي احتلها المستوطنون اليهود إما بالترهيب وإما بقوة السلاح لتسيطر دولة الاحتلال على نحو 77% من مساحة فلسطين الانتدابية، التي هُجِّرمنها ما يقارب من 90 بالمئة من سكانها العرب الأصليين، لتبدأ المعركة القانونية التي سعى فيها الفلسطينيون للاعتراف بدولتهم واسترجاع حقوقهم وكانت آخر تلك المحاولات التصويت لحصول فلسطين على عضوية كاملة بالأمم المتحدة، بموافقة 143 عضوا ومعارضة 9 دول أخرى فيما امتنع 25 عن التصويت، وذلك بعد عدم قبول عضوية فلسطين الكاملة بمجلس الأمن الدولي بسبب الفيتو الأمريكي الذي حال دون الاعتراف بها في أبريل الماضي.

مهران: ما يتعرض له الفلسطينيون منذ نكبة 1948 جريمة نكراء بكل المقاييس 

وعلق الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي، وخبير النزاعات الدولية، على ذلك الحدث، بأن ما تعرض له الفلسطينيون منذ نكبة في 1948 جريمة نكراء بكل المقاييس، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة منذ نشأتها، تبنت العديد من القرارات المهمة التي تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بدءًا من القرار 181 الصادر عن الجمعية العامة عام 1947 بشأن تقسيم فلسطين، والقرار 194 عام 1948 الذي أكد على حق عودة اللاجئين، وصولًا للقرار الشهير 242 الصادر عن مجلس الأمن عام 1967، الذي طالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة.

فلسطين حصلت على مركز دولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012

وأضاف مهران في تصريحات صحفية، أنه خلال العقود الأخيرة تصاعدت وتيرة المواجهة القانونية في المحافل الأممية المختلفة، حيث حصلت فلسطين على مركز دولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012، وانضمت للعديد من المعاهدات الدولية الرئيسية، بما فيها اتفاقية جنيف الرابعة ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مشيرًا إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية عام 2004، الذي أكد على عدم شرعية الجدار الفاصل الإسرائيلي في الضفة الغربية، وقرار مجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة تحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة عام 2014، فضلا عن الدعوى التي أقامتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل بشأن انتهاكات إسرائيل الأخيرة، التي انضمت لها عدد من الدول أبرزها مصر، وليبيا، إضافة إلى تقديم طلب الحصول على العضوية الكاملة، إلا أن الفيتو الأمريكي حال دون ذلك ما جعل الجمعية العامة للأمم المتحدة تصدر قرارا تاريخيا بمنح فلسطين العضوية الكاملة بأغلبية 143 صوتا مقابل 9 والتوصية لمجلس الأمن بإعادة النظر بإيجابية في قراره.

وأكد مهران، أهمية كل هذه التحركات، حتى وإن لم تفض حتى الآن لإنهاء الاحتلال بشكل كامل، إلا أنها ساهمت بلا شك في تعزيز الوضع القانوني لفلسطين ومنحها مكانة دولية أكبر، كما أنها أظهرت للعالم حجم الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، وقوضت من شرعية الاحتلال أمام الرأي العام العالمي، وأرغمت إسرائيل على تقديم تبريرات لسياساتها في كل مرة.

مصر لعبت دورًا محوريًا في صياغة  القرارات الأممية الداعمة للحقوق الفلسطينية

وأشار خبير النزاعات الدولية، إلى أهمية الدور المصري البارز في دعم القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية، سواء على الصعيد السياسي أو القانوني أو الإنساني، إذ كانت من أوائل الدول التي تصدت للاحتلال منذ بداياته، إذ لعبت دورًا محوريًا في صياغة وتبني العديد من القرارات الأممية التاريخية الداعمة للحقوق الفلسطينية، ورعت اتفاقيات المصالحة بين الفصائل، وقادت جهود إعادة الإعمار في قطاع غزة، وظلت تستضيف ملايين اللاجئين على أراضيها، كما احتضنت ايضا العديد من المفاوضات بين الأطراف لوقف إطلاق النار والتهدئة ولوضع حلول نهائية للقضية الفلسطينية، بجانب إبقاء القضية الفلسطينية حية في الأروقة الأممية وجدول أعمال المنظمات الإقليمية، عبر مختلف المبادرات والتحركات التي تستهدف فضح الانتهاكات الإسرائيلية، ودعم صمود الفلسطينيين، والدفع باتجاه حل الدولتين.

ولفت مهران إلى الجهود المصرية الحثيثة بعد حرب عام 1973 لاستصدار قرار مجلس الأمن 338، الذي أكد على تطبيق القرار 242 الداعي لانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وأن مصر ظلت أيضًا تقدم كل أشكال الدعم القانوني للدفع باتجاه حصول السلطة الفلسطينية على صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012، ودعم انضمامها للمعاهدات الدولية الرئيسية، ما مهدت الطريق أمام عدد من التطورات القانونية المهمة منها فتح المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا رسميًا في جرائم الحرب المزعومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 2014، وكذلك إقامة دعوى من قبل دولة جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية العام الماضي بتهمة انتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة، وانضمام عدد من الدول لهذه الدعوى كمتدخلين، بما فيها مصر وليبيا كما أنها أيدت بقوة إحالة الوضع في الأراضي المحتلة للمحكمة الجنائية الدولية، وتبنت مؤخرًا خطوة مهمة بالتدخل في دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: النكبة الفلسطينية نكبة 1948 النكبة الحق التاريخي لفلسطين الأمم المتحدة محکمة العدل

إقرأ أيضاً:

غزة تموت جوعًا لأغراض سياسية .. إسرائيل تستخدم سلاح الحصار وسط غياب العدالة الدولية

في ظل تصاعد التحذيرات الدولية من وقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة، تشهد غزة واحدة من أسوأ مراحلها على الإطلاق، مع بلوغ الأوضاع حد المجاعة الشاملة، بحسب توصيفات صادرة عن منظمات تابعة للأمم المتحدة. 

فمع مرور الشهور واستمرار الحصار الكامل المفروض على القطاع برًّا وبحرًا وجوًّا، باتت الحياة اليومية لمليوني إنسان أشبه بصراع يومي من أجل البقاء، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء، وانهيار شبه كامل للبنية التحتية الصحية والإنسانية.

وبينما تتوالى الصور والتقارير التي توثق معاناة الأطفال والنساء والشيوخ داخل القطاع المحاصر، تتزايد الأدلة على أن التجويع يستخدم كوسيلة ضغط ممنهجة، ما اعتبرته منظمات حقوقية انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.

 وفي مواجهة هذا المشهد الكارثي، تبدو استجابة المجتمع الدولي عاجزة عن منع  الأزمة، التي تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.

أستاذ اقتصاد : غزة تُواجه مجاعة مُمنهجة تُدار كسلاح حرب وسط صمت دولي


قال الدكتور محمود عنبر، أستاذ الاقتصاد، إن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تجاوزت كل الخطوط الحمراء، مؤكدًا أن القطاع يواجه مجاعة حقيقية وفقًا لتعريفات المؤسسات الدولية، حيث دخل المرحلة الخامسة من سوء التغذية، وهي المرحلة المعروفة اصطلاحًا بـ"المجاعة المؤسسية".

وأضاف عنبر، في تصريحات صحفية خاصة لموقع صدى البلد، أن "الكارثة الحالية في غزة لا تشبه أي مجاعة سابقة في التاريخ من حيث الطبيعة والأهداف"، موضحًا أن "المجاعات التي عرفها العالم، من أيرلندا إلى البوسنة، كانت ناتجة عن أزمات داخلية أو ظروف طبيعية، لكنها لم تكن أبدًا أداة ممنهجة يستخدمها طرف معتدٍ ضد المدنيين لأغراض سياسية، كما يحدث الآن في غزة".

وأكد عنبر أن "ما يجري حاليًا هو تجويع متعمد وممنهج، حيث يُستخدم الحصار الجوي والبحري والبري كوسيلة مباشرة لمعاقبة سكان القطاع، في ظل صمت دولي وتراجع فعالية المؤسسات الأممية"، مضيفًا: "المناشدات التي تصدر عن الأمم المتحدة أو منظمة الصحة العالمية فقدت معناها وقيمتها تمامًا، ولم يعد لها أي تأثير فعلي على الأرض".

وتابع: "لا يمكن اليوم التعويل على أي ضغط دولي، فالعالم بأسره يتحمل المسؤولية عن تفاقم الأزمة في غزة، خاصة أن هذه الممارسات قد تُطبق يومًا ما على أي دولة أخرى تجد نفسها في مواجهة مشابهة مع قوة عسكرية مدعومة دوليًا".

وأشار إلى أن "الكيان الإسرائيلي خرق كل القواعد القانونية التي تقوم عليها الأمم المتحدة، ولم يعد يعترف بأي اتفاقات دولية، بل يتعامل بعنجهية مطلقة مستندًا إلى دعم غير محدود من الولايات المتحدة".

وفيما يتعلق بالحلول، طرح عنبر مسارين رئيسيين: الأول هو العقوبات الاقتصادية، متسائلًا: "لماذا لم تُفرض حتى الآن عقوبات اقتصادية من قبل الدول العربية والإسلامية، رغم أن 56 دولة على الأقل لها علاقات تجارية مع إسرائيل؟ بل إن بعضها يستمر في هذه العلاقات رغم المشاهد المروعة القادمة من غزة".

وشدد على أنه "حتى لو تطلّب الأمر خرق اتفاقيات قائمة، فإن الضغط الاقتصادي على الاحتلال هو خطوة ضرورية قد تُغيّر من موازين المعادلة".

دكتور محمود عنبر أستاذ الاقتصاد

أما المسار الثاني، فيتمثل في إدخال المساعدات الإنسانية بالقوة، ولكن في إطار جماعي ومنسّق، بحسب قوله.

وأضاف عنبر: "لا أتصور أن هناك ردة فعل دولية كبيرة ستواجه مثل هذا القرار إذا كان مدعومًا بتوافق عربي وإسلامي، بل إن الموقف الدولي قد يتغير جذريًا في هذه الحالة".

وتابع: "إسرائيل تمارس قدرًا كبيرًا من التبجح في التعامل مع العالم، بل وصل بها الأمر إلى الادعاء بأن صور المجاعة في غزة مأخوذة من اليمن! هذا استخفاف فجّ بالرأي العام العالمي".

واختتم عنبر تصريحاته بالتأكيد على أن "المعركة اليوم لم تعد فقط حول حدود أو صراع سياسي، بل حول قيمة الإنسان وحقه في الحياة، وإذا استمر التواطؤ الدولي على هذا النحو، فإن إدخال المساعدات بالقوة وفرض عقوبات حاسمة قد يكونان الخيارين الأخيرين لإنقاذ ما تبقى من سكان القطاع".

طباعة شارك مجاعة غزة حصار غزة الحرب فب فلسطين إسرائيل إنهيار البنية التحتية

مقالات مشابهة

  • المجموعة الدولية لإدارة الأزمات: إسرائيل تمارس سياسة تجويع ممنهجة
  • مصر تؤكد دعمها للمبادرة السعودية الفرنسية لتنظيم مؤتمر دولي حول فلسطين
  • وزيرة خارجية فلسطين: الدفاع عن القضية الفلسطينية ثابت أساسي في دبلوماسية الملك محمد السادس
  • الدولية لدعم فلسطين تشيد بالدور المصري في خدمة القضية الفلسطينية
  • الطائفة الإنجيلية: نقدر الدور التاريخ والراسخ الذي تقوم به مصر في دعم القضية الفلسطينية
  • بعد إعلان فرنسا.. خريطة بأسماء الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية
  • تحت ضغط دولي خوفا من خطر المجاعة.. إسرائيل تفتح بوابة المساعدات لغزة لإنقاذ صورتها
  • مصر تستهجن الدعاية المغرضة التي تستهدف تشويه دورها الداعم لـ القضية الفلسطينية
  • مصر تستهجن الدعاية المغرضة التي تستهدف تشويه دورها الداعم للقضية الفلسطينية
  • غزة تموت جوعًا لأغراض سياسية .. إسرائيل تستخدم سلاح الحصار وسط غياب العدالة الدولية