أبرز تطورات اليوم الـ224 من الحرب الإسرائيلية على غزة
تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT
في اليوم الـ224 من عدوانه على غزة، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازر جديدة بحق المدنيين، ومن جانبها تواصل المقاومة خوض المعارك الضارية في الشمال والجنوب مكبدة الاحتلال المزيد من الخسائر في الأرواح والعتاد.
وبينما تواصل إسرائيل والولايات المتحدة مباحثاتهما بشأن ترتيب ما يسمى "بعد الإطاحة بحماس" أطلّ الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة ليؤكد صمود المقاومة مقدما حصيلة عن عملياتها في الأسبوع الأخير متوعدا الاحتلال بهزيمة نكراء.
وعلى الجبهة اللبنانية، واصل حزب الله عملياته ضد المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية، بينما استمرت غارات الاحتلال على بلدات وقرى جنوب لبنان.
وعلى الصعيد الإنساني، وصلت للرصيف العائم على شاطئ غزة أول شحنة مساعدات إنسانية، بينما أكدت الأمم المتحدة أن هذا الميناء المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر البرية.
وفيما يلي أبرز تطورات اليوم الـ224 من العدوان الإسرائيلي على غزة:
جيش في الجحيم
قال أبو عبيدة الناطق باسم كتائب عز الدين القسام إن مقاتلي القسام استهدفوا خلال 10 أيام 100 آلية عسكرية للاحتلال، مؤكدا استعداد المقاومة لمعركة استنزاف طويلة مع "العدو" وقدرتها على الصمود والقتال.
وأضاف أبو عبيدة -خلال كلمة حصلت عليها الجزيرة- أن "العدو الإسرائيلي" وبعد 32 أسبوعا من يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يدخل "الجحيم" من جديد في غزة ويواجه مقاومة أشد، في ظل حرب غير متكافئة ودفاع "أسطوري" من شعب غزة ومقاومته ضد "همجية" الاحتلال.
مصر وإسرائيل واليوم التاليجددت الولايات المتحدة، اليوم الجمعة، مطالبتها إسرائيل بتوضيح خطتها بخصوص من سيحكم غزة بعد الحرب، وشددت على ضرورة حل الخلاف بسرعة بين القاهرة وتل أبيب بشأن الأزمة في القطاع.
جاء ذلك في مقابلة أجراها السفير الأميركي لدى إسرائيل جاك ليو، مع صحيفة هآرتس الإسرائيلية الخاصة.
وأشار السفير الأميركي إلى اتفاق بلاده مع إسرائيل على ضرورة إقصاء حماس من حكم غزة، وعلى ألا يقوم الجيش الإسرائيلي باحتلال دائم للقطاع.
واعتبر أن التعاون بين إسرائيل ومصر بالغ الأهمية لأمن الطرفين والمنطقة، وأن هناك وعيا بالحاجة الملحة لحل هذا الأمر بسبب الوضع الإنساني في غزة. ودعا "ليو" القاهرة وتل أبيب لحل خلافاتهما بشأن معبر رفح.
عمليات نوعية للمقاومة
نفذت المقاومة الفلسطينية في غزة، اليوم الجمعة، عمليات نوعية ضد جنود وآليات جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي أقر بصعوبة الوضع الميداني.
وقد بثت كل من كتائب القسام وسرايا القدس تسجيلات مصورة توثق عمليات قنص وقصف واشتباك نفذتها ضد جنود الاحتلال شمال وقطاع غزة.
مجازر جديدة للاحتلالمن جانبها، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب، الساعات الـ24 الأخيرة، 4 مجازر راح ضحيتها 31 شهيدا و56 جريحا.
وبذلك ارتفع العدد الإجمالي لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 35 ألفا و303 شهداء، و79 ألفا و261 جريحا، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
75 صاروخا في يومقال الجيش الإسرائيلي إن 75 صاروخا أطلقت اليوم من لبنان باتجاه منطقة إصبع الجليل شمالي إسرائيل وجنوب الجولان.
وقد أعلن حزب الله تنفيذ 3 هجمات ضد مواقع إسرائيلية بالجليل والجولان، وقال إنه قصف بـ50 صاروخ كاتيوشا قاعدة "تسنوبار" بالجولان.
ومن جانبه، قال الدفاع المدني بجنوب لبنان إن 3 أشخاص استشهدوا، بينهم اثنان من الجنسية السورية في غارة إسرائيلية على بلدة النجارية، كما نعى حزب الله مقاتلا قضى في الغارة.
وأعلنت حركة حماس في لبنان استشهاد القائد شرحبيل أبو عمرو بعد استهدافه من طائرات الاحتلال في البقاع الغربي.
المقاومة ترفض أي وجود عسكري أجنبي
أكدت حركة حماس وجميع فصائل المقاومة مجددا رفض أي وجود عسكري لأي قوة أجنبية على الأراضي الفلسطينية.
وقالت إن أي طريق لإدخال المساعدات، بما فيه الرصيف المائي، ليس بديلا عن فتح كل المعابر البرية وبإشراف فلسطيني.
13 دولة تحذر إسرائيل من هجوم رفحقالت وكالة الأنباء الألمانية إن وزراء خارجية 13 دولة -من بينهم مجموعة السبع باستثناء الولايات المتحدة- طالبوا في خطاب موجه لنظيرهم الإسرائيلي يسرائيل كاتس بتوفير المزيد من المساعدات للشعب الفلسطيني، محذرين إسرائيل من الهجوم على رفح.
كما طالبوا الحكومة الإسرائيلية بالتخفيف من الأزمة الإنسانية المدمرة والمتفاقمة في غزة، ودعوا إلى فتح كل المعابر الحدودية أمام المساعدات بما في ذلك معبر رفح.
وذكرت الوكالة أن الخطاب وقعه أيضا وزراء خارجية أستراليا والدانمارك وفنلندا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية والسويد.
مواجهات بقلقيلية وشهيد بطولكرماندلعت مواجهات بين قوات جيش الاحتلال وشبان فلسطينيين في بلدة كفر قدوم، شرق مدينة قلقيلية بالضفة الغربية، بينما شيع أهالي محافظة طولكرم جثمان كريم اعمير الذي استشهد برصاص الاحتلال الذي اقتحم بلدة بلعا الليلة الماضية.
وعقب خروج المظاهرة الأسبوعية المناهضة للاستيطان والمنددة بالجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة، اندلعت مواجهات بين قوات جيش الاحتلال وشبان فلسطينيين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات جیش الاحتلال فی غزة
إقرأ أيضاً:
“غزة الصغيرة”.. مشروع التصفية الكبرى؟
حين أطلق الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، ضمن ما سُمّي بـ”السيوف الحديدية”، لم يكن الهدف مجرد الرد على عملية عسكرية نفذتها المقاومة.
الأيام الأولى للعدوان، ثم ما تلاها من قصف وتجويع ونزوح، كشفت ملامح مشروع أكبر: خطة لتفكيك غزة وتصفية القضية الفلسطينية، بما بات يُعرف اليوم اختزالًا باسم “غزة الصغيرة”.
هذا المقال لا يتعامل مع “غزة الصغيرة” كمجرد سيناريو عسكري، بل كمخطط استراتيجي إحلالي، يُعيد إنتاج النكبة بشكل ممنهج. فما هي معالم هذا المشروع؟ وما أهدافه؟ وهل يمكن أن ينجح رغم كل التعقيدات؟
أولًا: ما هو مشروع “غزة الصغيرة”؟ “غزة الصغيرة” هو الاسم الرمزي لخطة تهدف إلى تقليص القطاع إلى شريط ضيق في أقصى الجنوب (رفح وخان يونس)، وتحويله إلى كتلة بشرية منهكة، مقطوعة عن الامتداد الفلسطيني الطبيعي، ومحاصَرة بجدران أمنية وأطواق تجويع. يقوم المشروع على خمس مراحل متداخلة:
1. تفريغ الشمال عبر القصف المستمر وتدمير البنية التحتية لتهجير السكان جنوبًا.
2. إنشاء منطقة عازلة بطول القطاع تُمنع العودة من خلالها ويُفرض واقع أمني دائم.
3. حصر السكان في جيب جنوبي مكتظ يُدار بغطاء إنساني أو دولي، دون سيادة وطنية.
4. فصل غزة عن الضفة الغربية سياسيًا وجغرافيًا، لنسف وحدة المشروع الوطني.
5. فرض واقع إنساني كارثي يدفع باتجاه قبول حلول مذلة: التهجير، التوطين، أو الحكم الذاتي المشوّه. ما نراه ليس فقط تدميرًا ماديًا، بل هندسة سكانية – جيوسياسية لإعادة تعريف غزة وظيفيًا وجغرافيًا.
ثانيًا: البعد السياسي – غزة الصغيرة كنواة لتصفية القضية منذ عام 1948، لم يجرؤ الاحتلال على تهجير جماعي بهذا الحجم وبهذا العلن. العدوان الحالي تجاوز منطق الحرب، ليتحول إلى معمل تفكيك سياسي للوجود الفلسطيني، حيث تُستبدل الهوية المقاومة بـ”النجاة” الفردية.
أهداف الخطة السياسية أعمق من ظاهرها: إخراج غزة من المعادلة الوطنية كمركز للمقاومة والتمثيل السياسي. فرض كيان فلسطيني هش تُشرف عليه جهة وظيفية لا تملك الأرض ولا القرار. تفكيك وحدة الجغرافيا الفلسطينية ومن ثم وحدة الذاكرة والهوية. تهيئة البيئة الإقليمية لشرق أوسط جديد، تُنفى منه فلسطين، وتُجرّم فيه المقاومة.
تسريبات من مراكز أبحاث إسرائيلية (مثل مركز “بيغن–السادات”) تؤكد أن خطة ما بعد الحرب تهدف إلى خلق “واقع دائم بلا حماس، وبلا تهديد استراتيجي”، ما يعني قضم غزة سياسيًا، لا فقط عسكريًا.
ثالثًا: الواقع الميداني – غزة تحت المقصلة حسب تقارير الأمم المتحدة: 1.9 مليون فلسطيني نزحوا قسرًا داخل قطاع غزة. 90% من البنية التحتية في الشمال والوسط مدمرة. 85% من المستشفيات خارج الخدمة. أكثر من مليون ونصف فلسطيني محاصرون في رفح، بلا مياه أو كهرباء أو دواء.
رفح لم تعد مدينة، بل تحولت إلى أكبر مخيم لاجئين على وجه الأرض. لكنها، رغم القهر، لم تتحول إلى قبر للهوية؛ بل إلى فضاء جديد للعناد الفلسطيني.
رابعًا: العوائق الكامنة – لماذا قد تفشل الخطة؟ رغم البطش الإسرائيلي، يواجه مشروع “غزة الصغيرة” خمسة عوائق استراتيجية:
1. بقاء المقاومة: فصائل المقاومة ما زالت تنشط من قلب مناطق يزعم الاحتلال أنه “طهّرها”.
2. الرفض الشعبي الفلسطيني: الناس، رغم النزوح، يصرّون على العودة ورفض أي حلول بديلة.
3. الانكشاف الدولي غير المسبوق: الاحتلال يُحاكم اليوم أخلاقيًا وقانونيًا بتهم الإبادة الجماعية.
4. الفيتو المصري: القاهرة ترفض التهجير إلى سيناء، لإدراكها خطورته على أمنها القومي.
5. اليقظة العربية المتصاعدة: رغم هشاشة الأنظمة، تعود الشعوب العربية لتبني فلسطين قضيةً أولى.
خامسًا: المأساة الإنسانية – غزة بلا قلب ولا مأوى “في النكبة مشينا حفاة من المجدل إلى غزة، واليوم نمشي حفاة من غزة إلى الموت”، تقول أم فادي، وهي عجوز هجّرتها الحرب.
ما يجري هو كارثة إنسانية كاملة الأركان: الطفل يفتش عن ماء في الركام، والأم تلد فوق التراب، والمُقاتل يدفن رفاقه ثم يعود لموقعه.
لكن ما لا يراه الاحتلال: أن هذا الألم لم يُنتج استسلامًا، بل عنادًا وجوديًا. فاللاجئ يكتب على خيمته: “سنعود، ولو من رمادنا”.
سادسًا: السيناريوهات المحتملة – ماذا بعد الدم؟
1. نجاح مؤقت للخطة: قد يُفرض واقع ميداني، لكنه هش، وسرعان ما ينهار بفعل المقاومة أو انفجار شعبي.
2. فشل تراكمي تدريجي: عودة السكان، وفشل الإدارة البديلة، يُعيد غزة إلى المعادلة الوطنية.
3. تفجير إقليمي واسع: أي تهجير نحو سيناء سيشعل المنطقة، ويغيّر قواعد الاشتباك الإقليمي.
ختامًا: غزة لا تُصغّر.. بل تتسع فينا يريدون حشر غزة في خيمة، لكنها تسكن قلب كل حرّ. يريدون اختزالها في أزمة إنسانية، لكنها تحيا كرمز للكرامة. يريدون تصغيرها، فكبُرت بدم شهدائها.
“غزة الصغيرة” ليست مجرد مشروع احتلالي، بل اختبار للضمير العالمي: هل يُسمح بإبادة مدينة على الهواء مباشرة، دون عقاب؟ وهل يبقى الحق حيًا في عصر الصمت المُصور؟ غزة تعيد تعريف النكبة كواقع مستمر، لكنها أيضًا تعيد تعريف الكرامة كمقاومة لا تموت.
إذا أرادوا تصغير فلسطين، فإن دماء غزة تُكبرها.. تُكبرها حتى تُعيد رسم خريطة الحرية. غزة لن تُهزم، لأنها تشبهنا في لحظتنا الأصدق: لحظة الصمود، مهما عظمت الكلفة.
الدستور الجزائرية