المفكر الكبير الدكتورعبدالحميد مدكور أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة الأمين العام لمجمع اللغة العربية، صاحب مسيرة علمية حافلة بالإنجازات والعطاء، وهو أحد المتصوفين والمترجمين الكبار، وداعية إسلامى صاحب الحجج والأسانيد الشرعية والعلمية. مؤخرًا فاز المفكر الكبير بجائزة «عبادة» التى تمنح لكبار علماء العالم فى العلوم الاجتماعية، وهى جائزة تمنحها مؤسسة العلوم الطبيعية للبشر وممولة من أكاديمية العلوم الإفريقية فى مجال العلوم والرياضيات، وسميت باسم الدكتور عبدالشافى فهمى عبادة عضو المجمع أحد نوابغ الرياضيات عالميًا تقديرًا لتميزه.

 

ولد الدكتور «مدكور» بقرية باسوس بمركز القناطر الخيرية فى محافظة القليوبية عام 1942م، وأتم دراسته الأولية ثم حصل على درجة ليسانس كلية دار العلوم جامعة القاهرة، ثم نال درجة الماجستير بالكلية ذاتها عام 1972م عن رسالة بعنوان» أبوطالب المكى ومنهجه الصوفى» ثم درجة الدكتوراه فى عام 1980م عقب مهمة علمية فى فرنسا، وكانت أطروحة الدكتوراه بعنوان «الولاية عند محيى الدين بن عربي».

عين معيدًا بكلية دار العلوم عام 1966م ثم مدرسًا مساعدًا فمدرسًا، وأستاذًا عام 1995م، وأعير إلى كلية التربية بجامعة الملك سعود بالرياض عام (83- 1988)، وأعير إلى كلية الشريعة جامعة قطر حتى عام 1988م وعاد بعدها للعمل بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، كما عمل أستاذًا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة للتدريس فى قسم الدراسات العليا لعامين متتاليين، كما عمل بعدها أستاذًا زائرًا بكلية الشريعة بجامعة اليرموك، ودرس الفلسفة الإسلامية فى كليات الألسن بجامعة قناة السويس، والآداب بطنطا والدراسات العربية والإسلامية بالفيوم، والآداب والتربية بجامعة المنوفية.

له العديد من المؤلفات العلمية والفلسفية التى أثرت المكتبة العربية والإسلامية ومنها «الدرسات فى علم الأخلاق» و«فى الفكر الإسلامى مقدمات وقضايا» و«دراسات فى العقيدة الإسلامية» و«نظرات فى التصوف الإسلامى» و«تمهيد لدراسة علم الكلام» و«تحقيق قوت القلوب لأبوطالب المكى»، كما اختير عضوًا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 2003، ثم انتخب أمينًا عامًا لمجمع اللغة العربية فى عام 2016م. فأمينا عام لاتحاد المجامع اللغوية بالقاهرة. 

«الوفد» التقت الدكتور عبدالحميد مدكور أمين عام مجمع اللغة العربية والأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية بالقاهرة فى حوار ثرى مع مفكر كبير من طراز فريد، وهذا نص الحوار.

- النظر إلى هذه القضية على هذا النحو يجعلنا نتذكر أن الذى أعطى هذه القضية طابعها الدينى هم الإسرائيليون، ولعلنا نتذكر ماقاله نتنياهو عن ما جاء فى سفر أشعياء وفى سفر صموئيل الأول، عندما استحضر الجانب الدينى فى هذه القضية وقال إنهم يريدون أن يحفظوا الرسالة فى العودة إلى أرض الميعاد والقول بأن أرض إسرائيل من النيل إلى الفرات، وهو الشعار الذى يضعونه على الكنيست استنادًا إلى مقالة منسوبة إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام ثم إلى ابنه سيدنا إسحاق عليه السلام، وهذه كلها قضايا دينية، والمسلمون لم يحولوا المسألة إلى قضية دينية، لأن المسلمين لا ينظرون إلى اليهود على أنهم صنف أقل من أصناف البشر على حين ينظر اليهود إلى أنفسهم على أنهم شعب الله المختار ويحتقرون جميع الشعوب الأخرى، وهذا من منطلقات دينية، حيث ادعوا أنه لا نبوة ولا أنبياء إلا فى بنى إسرائيل، ولذلك لا يعترفون بأى دين آخر لا المسيحية ولا الإسلام، فهم الذين حولوا القضية إلى قضية دينية، أما الذين يقاومون من أجل أوطانهم، فهم ينطلقون من دوافع وطنية ومن دوافع إنسانية ورد الظلم عن المظلومين ومقاومة المحتل الذى يحتل هذه الأرض ولم يدخلوا إليها هذا الجانب الدينى إلا بعد أن قال نتنياهو وأمثاله وأحبارهم وهم الذين أعطوا القضية البعد الدينى الذى لم يكن ينظر ولا يفكر فيه من يقاومونهم من الفلسطنيين.

- هذا وعد الله لهم ولكنهم لم ينفذوه، فقد قيل لهم «ادخلوا الأرض المقدسة التى كتب الله لكم» ولكنهم لم يدخلوا وحرضوا على هذا الأمر أكثر من مرة ولم يستجيبوا لأى كلام، حتى قال نبيهم نفسه صلى الله عليه وسلم» لا أملك إلا نفسى وأخى فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين» فموسى الذى قال ادخلوا الأرض المقدسة قال إنهم قوم فاسقون وأنهم لم يتمكنوا من نصرته ولم يدخلوا معه إلى الأرض التى كتب الله لهم فكأنهم أعرضوا عن الوعد الأمر الإلهى، ولذلك جعل الله لهم التيه فى صحراء سيناء، ومن ثم فالأمر كان يمكن أن يكون لو أنهم استجابوا لأمر الله تعالى الذى قاله لهم على لسان موسى عليه السلام ولكنهم لم يقبلوا بذلك وأعرضوا عنه، وجاءت الأمم كلها فأخرجتهم بعد دخولهم إليها، اليوبيسيون وهم قوم من العرب والكنعانيون والرومانيون والفارسيون والمصريون، كل هؤلاء أخرجوهم من تلك الأرض ولم تكتسب قداسة بوجودهم فيها ولا قداسة ببعدهم عنها.

- أرى أن اللغة والهوية عندهم ذات طابع دينى أيضًا، لأن إسرائيل عندما جاءت واحتلت هذه الأرض شيئًا فشيئًا لم تكن تجد أمامها طريقة لجلب اليهود من العالم كله إلا بهذا الشعار الدينى، فهم يوظفون الدين لأهداف سياسية، فاليهودى الأمريكى لن يكون بمستطاعه أن يترك أمريكا بما فيها من ثراء وعلم وأمان وطمأنينة إلا إذا كان هناك وازع دينى يدفعه إلى العودة إلى هذه الأرض بهذا الشعار الدينى الذى رفعوه، والفرنسى والألمانى وحتى العربى كذلك، فكل هؤلاء لا يمكن أن يتركوا أوطانهم التى نشأوا فيها وعاشوا فيها وتاجروا وتعلموا وعلموا وبقوا وأسهموا فيها، لا يمكن أن يعودوا إلى هذه الأرض إلا بهذا الشعار الدينى، ولذلك عرضت عليهم أماكن أخرى فى العالم فى أوغندا على سبيل المثال والبرازيل، ولكنهم قالوا إن هذه الأرض لا تصلح أبدًا أن تكون موطنًا لليهود، لأن العامل الدينى ليس موجودًا فيها، فالحركة الصهيونية العالمية رفعت الشعار الدينى لأنه هو المغناطيس الذى سيجذب اليهود من كل أنحاء العالم للوجود فى أرض فلسطين بهذا الأمر الدينى المنسوب إلى سيدنا إبراهيم منذ أكثر من أربعة آلاف عام، فهى تتاجر بالدين لأهداف سياسية لنسف القضية الفلسطينية. 

- بالطبع لا يجادل أحد فى أن أمريكا لها الهيمنة على كثيٍر من دول العالم ويتضح ذلك من التصويت الذى يقع أحيانًا فى مجلس الأمن على سبيل المثال، فإذا وجدوا انصرافًا عن رأيهم فإنهم يستخدمون «الڤيتو» أى حق الاعتراض، ولكن الذى حدث فى هذه الشهور الثلاثة التى نعيشها مؤخرًا جعل الرأى العام العالمى يتغير على مستوى الشعوب أولا بنسبة عالية ثم على مستوى بعض الحكومات بنسبة أقل، ولكن عندما وقع تصويت فى الأمم المتحدة وجدنا مائة وثلاثا وخمسين دولة تصوت لمصلحة الجانب الفلسطينى وعشرين دولة تمتنع عن التصويت ولم يعارض هذا القرار إلا قلة قليلة جدًا، وهذا يعنى أن المسألة ليست مرهونة بأمريكا وحدها ولكن لو أن العالم بالفعل يرى العدل والحق والحرص على البشرية، ويرى حقوق الإنسان فإن المسألة يجب أن يكون لها سلوك آخر من الجانب السياسى سواء رضيت أمريكا أم لم ترض، أما الذى يحدث فى غزة الآن فهو مقاومة مشروعة عن أرض وحق ووجود فهؤلاء الناس كانوا موجودين فى هذه الأرض منذ أن فتحت على أيدى المسلمين فى عهد عمر بن الخطاب ولم يخرج المسلمون منها أبدًا لكن عندما دخل المسلمون إلى هذه البلاد وسلمت لعمر بن الخطاب كان البطريرك الموجود أو القسيس الذى عقد العهدة العمرية معه يقول كان من شروط المعاهدة ألا يساكنهم بها اليهود أى (القدس)، فعندئذ لم يكونوا موجودين وتفرقوا فى الأرض شيعًا وأحزابًا ووصلوا إلى كل مكان فيها ثم بجهود الحركة الصهيونية العالمية أرادوا أن يعودوا مرة أخرى إلى القدس، لكن الفلسطينيين لم يغادروها، وإذا أخذنا نسبة اليهود فى أوائل القرن العشرين فى فلسطين ستجد أنهم لا يزيدون على 2.5% أو 3% فليس هؤلاء هم الأغلبية التى كانت موجودة ولكنهم باستغلال ما وقع من انتداب بريطانى وبعد ظهور وعد بلفور 1917 بدأوا يتسللون ويرجعون، وقد عرض «وايزمان» على السلطان عبدالحميد الثانى أن تعطى لهم قطعة من فلسطين لكى يسكنوا فيها ليس بوصفهم أنهم سيحكمون هذه البلاد ولكن يعيشون فيها فقط، فلم يقبل ويرفض وقال إنها ليست ملكى ولكنها ملك دولة الإسلام والمسلمين أجمعين، وهو لا يمكن أن يفرط فيها ولو بحبة رمل واحدة، وكان هذا من أسباب القضاء عليه وإبعاده عن السلطة..إلخ، فالعرب لم يتركوها منذ دخلوها، بل هم الذين كانوا أشتاتًا لمدة 2000سنة.

- طبعًا.. ليس هناك شىء اسمه الديانة الإبراهيمية، فإبراهيم ديانته انقضت تاريخيًا ثم تجددت فى الديانة الإسلامية «ما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين» أما أن يكون الأمر على هذا النحو، فنحن لا نستطيع حتى بمقتضى الديانة الإبراهيمية أن نلزم اليهود بأن يعترفوا بالإسلام، فنحن نعترف باليهودية دينًا جاء بها موسى وأنزل الله بها كتابًا هو التوراه وجاء من بعده أنبياء بنى إسرائيل بأسفره ووصايا وأخلاقيات.. إلخ لكنهم لن يعترفوا بمقتضى هذه الديانة الإبراهيمية بالمسلمين ولن يعتقدوا حتى فى الديانة المسيحية التى ترى أن اليهودية أصل من أصولها ومرجعية من مرجعياتها، لأن السيد المسيح عليه السلام لم يأت لينقذ الناموس ولكن ليخفف عن الأمة التى آمنت به ويعدل ويكون فيه رفق بالأمة التى عصت الله عز وجل فحرم عليها محرمات لكن هذا عمل ليس له صلة بالأديان.

- هذا عدم إدراك لا لحقائق الإسلام ولا لحقائق الواقع ولا لحقائق الفروق بين موقف الإسلام من العلم وموقف الكنيسة الكاثوليكية من العلم، فأوروبا وجدت نفسها فى قبضة الكنيسة الكاثوليكية، وقد وقفت من العلم موقفًا مضادًا ورفضت ما قاله العلماء خصوصًا علماء الفلك والطبيعة من نتائج بعد اختراع المناظر الكونية الكبرى فقالوا على سبيل المثال إن الأرض كما كانت الكنيسة تعتقد وتعلم مركز الكون، وعندما وجد العلماء هذه المناظير التى لاحظوا فيها حركة الفلك والنجوم والكواكب قالوا إن الأرض ليست من نظام فلكى أكبر وهو المجرات، والمجرات جزء أكبر من هذا الكون العميق الذى لا يعرف الناس حقيقة ما فيه إلا بتدرج طويل المدى، يستطيعون أن يتعرفوا فيه شيئًا فشيئًا على بعض معالم هذا العالم العميق الذى يأخذ بالعقول والألباب بسبب ما فيه من ضخامة كبرى تجعل القياس فيه بالسنة الضوئية، ولكن الكنيسة لم تقبل هذا الكلام ورأت أن هؤلاء العلماء هراطقة وزنادقة وخارجون على تعاليم الكنيسة، ولذلك عاقبتهم وحرمتهم من ملكوت السموات كما تدعى الكاثوليكية، وعاقبتهم عقابًا وصل فى بعض الأحيان إلى حد الإحراق ثم كان لها هيمنة على الحياة الاجتماعية للناس وهى التى كانت تقودهم إلى الحروب الصليبية وأثرت فى الحياة الأوروبية تأثيرًا هائًلا جعل الناس يقفون منها موقف الرافض، والإسلام ليس فيه هذا كله، فهو دين قام أصلا وفى أولى آياته على العلم، وعلى جعل العلماء ذوى مكانة «إنما يخشى الله من عباده العلماء» و«شهد الله أنه لا إله هو والملائكة وأولوا العلم قائمًا بالقسط»، «ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى اللأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم» ولم يعاقب الإسلام عالمًا، لأنه قال رأيًا علميًا وما فى وقع فى تراثنا كان أمرًا له أسباب سياسية، فمنهج الإسلام «فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه» والرسول يقول»الكلمة الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، والصحابة قالوا» اقبلوا الحق من كل من جاء به ولو كان كافرًا فإن على الحق نورًا واحذروا زيغة الحكيم»، فلدينا انفتاح على العالم، ولذلك ترجمنا تراث الأمم كلها، وقد كان بعض هذا التراث مخزونًا فى الخزائن بأمر الكنيسة المسيحية الكاثوليكية، لأن بعض آراء الفلاسفة اليونانيين الذين كانوا قبل المسيحية كانت ذات طابع وثنى لا يؤمن بالإله ولا التوحيد ولا الآخرة ولا البعث، وهذا لم يحدث أبدًا فى التاريخ العربى الإسلامى، فالقياس مع الفارق، وليقل لنا هؤلاء العلمانيون عندما اتجهت الدول العربى والإسلامية إلى العلمانية ماذا فعلت، ماذا قدمت من ابتكارات علمية وحقوق سياسية وإنسانية فوضع المسلمين فى العالم، كما نرى إلا بعض المسلمين فى بعض الدول، لكن الإسلام لا يحارب العلم كما فعلت الكنيسة الكاثوليكية ولا يحارب الكرامة الإنسانية لأن الله يكرم البشر أجمعين ماداموا لا يقاتلون المسلمين.

- هؤلاء قوم لديهم رفض أصلًا، لكن ليس لديهم اطلاع، فالحضارة الإسلامية فى أوقات ازدهارها تقبلت علوم العالم كله وترجمت علوم الهند والفرس واليونان والرومان واللاتين وكل الحضارات السابقة ترجمتها إلى اللغة العربية، وأدخلت إلى الحضارة الإسلامية علومًا وفنونًا لم يكن للمسلمين عهد بها ولكنها لم تكتف بأن تكون مستقبلة لهذه العلوم ولكنها جعلتها ركيزة للتقدم وبدأت تفكر فيها، تصلح أخطاءها وتكمل الناقص منها، وتخترع وتبتدع علومًا جديدة تضاف إلى العلم الإنسانى لم تكن معروفة عند الأمم السابقة واحتفظت بتراث كل هذه الأمم حتى بعد أن ضاع أصله فى لغتها الأصلية وبقيت الحضارة العربية والإسلامية هى التى تحتفظ بهذا كله ثم ترجم هذا كله إلى أوروبا وكانت علومنا تدرس هناك باللغة العربية أحيانًا وباللغة اللاتينية التى كانت لغة العلم فى أوروبا فى ذلك الوقت، أحيانًا أخرى وظلت اللغة العربية فى مقدمة لغات العالم بما فيها من علم وحضارة وثقافة وإبداع اعترف به المنصفون حتى من المؤرخين الأوروبيين فعندئذ لا ينبغى أن ينظر إلى العالم العربى فى وضعه الحالى لأن الإسلام ليس مسئولا عن هذا التخلف الذى وقع فيه المسلمون ولكن هذا بسبب التفكك السياسى وعدم وجود الأخوة والتعاون والتكامل، وأدى بنا إلى هذا الضعف، فهذا قوانين وسنن إلهية من أخذ بها يحصد نتائجها ومن لم يأخذ بها لا يناله شئ من نتائجها، فالمسلمون فرطوا فى السنن الكونية والسنن الاجتماعية فأدى ذلك إلى هذا التخلف الذى يعيشون فيه وأنهم الآن فى ذيل الأمم، فقد تركنا السنن الكونية فلم نحصل على ثمراتها والآخرون أخذوا بالسنن الكونية والاجتماعية فحصدوا نتائجها.

- بكلمة موجزة واقع مؤسف، فاللغة العربية تزدهر فى العالم الإسلامى خصوصًا فى البلاد التى كانت تابعة للاتحاد السوفيتى تعود مرة أخرى إلى الظهور وهؤلاء يتهافتون ويسارعون إلى تعلم هذه اللغة التى توصف بأنها لغة شريفة ولا توصف بأنها لغة عادية، ليست مجرد لغة للتواصل الإنسانى ولكنها لغة نزل بها القرآن الكريم، وكنت فى إحدى الزيارات بالهند وصليت الجمعة فى أحد المساجد فخطب خطيب الجمعة باللغة المحلية وهو واقف على الأرض ثم بعد أن أنهى خطبته صعد المنبر وألقى ملخصًا لهذه الخطبة باللغة العربية فسألته لماذا خطب على الأرض ثم على المنبر فقال لأن اللغة العربية لغة شريفة لا يخطب بها على الأرض، فهذا شعور المسلمين نحو العربية، خاصة الشعوب التى كانت تحت سلطان الاتحاد السوفييتى الذى قهر هذه الشعوب واستنزف ثرواتها وحول لغتها وجعلها تابعة له فى كل أمورها، وعندما خرج بدأت هذه الله المنطقة تأخذ مكانها وأنشئت فيها المراكز للغة العربية والجامعات، فهذه المنطقة كلها التى ظهر منها الفارابى وابن سينا وظهر منها فلاسفة وعلماء الذين أسهموا إسهاما كبيرًا فى الحضارة الإسلامية، وقد غيب هذا فى عهد الاتحاد السوفيتى، وهناك عالم أخر فى أوروبا وبعض بلاد آسيا مثل كوريا واليابان تتعلم اللغة العربية للسياسة والعمل فى العالم العربى والاقتصاد والسياحة والمعرفة بلغة زاخرة بالتراث العربى الإسلامى، أما العرب فهم يعطون ظهورهم للغتهم فلا يبذلون إلا قليلا، ويحولون مناهجهم الدراسية إلى تعليم باللغات الأجنبية وإلى ترك لمضامين اللغة العربية ومن ثم فإننا نقول إن على العرب أن يقدروا نعمة الله عليهم عندما أنزل كتابه بلغتهم وعليهم أن ينصروا هذه اللغة وأن يعملوا على نشرها وإذاعتها بين أبنائهم، لأن هذا شرف لهذه الأمة، أن تتحدث بهذه اللغة الشريفة التى كانت لغة العلم الأولى فى العالم أكثر من خمسة قرون، وأوربا نفسها كانت تعلم العربية وفلسفتها تنتسب إلى الفلسفة الإسلامية، حتى فى الرياضيات تأثروا بما عندنا من علم الجبر الذى وضعه المسلمون، فالعربية ليست لغة هزيلة ولا عاجزة، فالآن لأننا لا نصنع العلم أصبحت لغتنا فقيرة.

- الذكاء الاصطناعى والحوسبة تعد من التحديات الكبرى التى تواجه اللغة العربية، لأن العالم كله يتجه نحو لغة محوسبة، تنتقل من الورق لأن تكون لغة الكترونية، تكتب بلغة الحاسوب وتخزن فى ذاكرة الحواسيب، ولغتنا حتى الآن بما أننا لا نصنع العلم فليس لدينا كمبيوتر عربى، فالصينيون صنعوا لأنفسهم كمبيوتر وكذلك اليابانيون والكوريون، وهكذا فنحن مكلفون بألا تقع بيننا وبين هذه الأمم فجوة، ومن ثم يجب علينا أن نستخدم كل ذكاء علمائنا من أجل خدمة هذه اللغة حفاظًا على لغتنا وهويتنا، فاللغة العربية هى الهوية لكل الشعوب العربية، فالتطور العلمى أداة من عرفها وأحسن استثمارها وأفاد من كل إمكاناتها فإنها يمكن أن تنقل المحتوى الموجود باللغة العربية إلى آفاق عليا، ونحن للأسف الشديد نرى أن لغتنا صعبة وأنها واسعة جدًا، بحيث لا يمكن للكمبيوتر أن يدركها، فالعقل الطبيعى هو الذى يعلم العقل الاصطناعى، فلابد أن يكون هناك تعاون بين من يعملون فى حقل اللغة وآدابها وبين من يعملون فى حقل التقنية، فالعالم اللغوى يقدم الإنجازات بحسب العلوم اللغوية من معاجم وصرف وتراكيب لغوية ومبدعات علمية ونغذى هذه الحواسيب العملاقة بهذه المكتسبات باللغة العربية فيرتفع مستوى المحتوى العلمى العربى، بحيث يقرأه الكل بالعربية، وكل هذا يفيد فى اتصالنا بالعالم والترجمة وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، أما خطة المجمع فى الحوسبة، فقد كانت هناك محاولات عديدة حتى وصلنا الآن إلى إعلان هذا المولود الذى ولد عملاقا وهو الذكاء الاصطناعى فى أقل من عشر سنوات، لكن هو محاولة وأدوات اذا استحسنا استثمارها نستطيع أن نقدم للحواسيب العملاقة ما تضمنته اللغة العربية من قواعد ومعاجم ومن إبداع علمى ولدينا لجنة تسمى لجنة الذكاء الاصطناعى بالمجمع بهدف تطويع التكنولوجيا لخدمة اللغة العربية. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: باللغة العربیة اللغة العربیة علیه السلام التى کانت هذه الأرض هذه اللغة فى العالم إلى هذه یمکن أن أن یکون لا یمکن اللغة ا ا فیها علوم ا ما فیه

إقرأ أيضاً:

طلاب من المغرب يزورون مقر RT العربية في موسكو (صور)

استقبل قناة RT العربية في مقرها بموسكو مجموعة من الطلاب المغاربة الذين يدرسون اللغة الروسية، وتعرّف الزوار على مكاتب القناة وأقسامها.

يدرس الطلاب اللغة الروسية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء بالمغرب، وقدموا إلى موسكو في إطار برنامج تبادل طلابي بين جامعتهم وجامعة الصداقة بين الشعوب في موسكو، وسيقضون مدة شهر في العاصمة الروسية لينغمسوا في تقاليد وثقافة روسيا، وليحسنوا أيضا مهاراتهم في اللغة الروسية المنطوقة والمكتوبة.

وفي إطار البرنامج الثقافي الذي أعدّ لهم زار الطلاب المقر الرئيسي لقناة RT العربية في موسكو، وتم تعريفهم بفرص العمل والتدريب في القناة، وخلال جلسة عقدت معهم، حدثتهم رئيسة قسم البرامج في القناة، أنيسة مراد عن تاريخ إنشاء القناة وعن أقسامها الرئيسية وعن مجالات العمل فيها.

RT RT

وشرحت أوريكا شافتيكوفا، المنتج التنفيذي في RT العربية للطلاب كيفية الحصول على فرص التدريب في القناة، وكيف يمكنهم تطبيق معرفتهم باللغة الروسية في مجال الصحافة، وخصوصا في قسم التحرير باللغة العربية في قناة RT، وفي نهاية الجلسة تم اقتراح تنظيم سلسلة من الدروس التدريبية من قبل موظفي RT العربية للطلاب في العام الدراسي المقبل.

RT

شارك الوفد في زيارته، ثريا حمزة، أستاذة اللغة الروسية بجامعة الحسن الثاني، والتي درست اللغة الروسية في الاتحاد السوفييتي، إذ قالت إنها وبالإضافة إلى الكتب تعتمد أثناء التدريس على قصص مواد من RT.

RT RT

وتعرّف الطلاب أثناء الزيارة على أقسام القناة واستوديوهاتها، ومنح كل طالب الفرصة لتجربة نفسه كمذيع إخبار، حيث حصلوا على نصائح قيمة من الزميل المذيع كمال عمان.

المصدر: RT

 

مقالات مشابهة

  • د. أحمد عبدالظاهر يكتب: القاضي الأخير وزيف العدالة الأمريكية
  • درّب نفسك| نموذج امتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024
  • جالية العالم العربي في ايطاليا والرابطة الطبية الأوروبية يبعثون التهاني للشعوب العربية لحلول عيد الأضحى المبارك
  • في ذكرى وفاته.. كل ما تريد معرفته عن الشيخ الشعراوي
  • لدواعى السفر والعيد
  • طلاب من المغرب يزورون مقر RT العربية في موسكو (صور)
  • محمد عبدالقادر: على يعقوب وبئس المصير
  • مصطفى بيومى يكتب: 150 شخصية روائية مصرية «٤».. عبد الرحمن الشرقاوى.. «محمد أبو سويلم».. من رواية «الأرض»
  • الرقائق الإلكترونية وحكم العالم
  • محافظ أسوان يستقبل وفد الكنيسة الأرثوذكسية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد الأضحى