تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ديوان الحياة.. من المعرفة إلى التسلية كانت شخصيات أديب نوبل تنشغل بالصحف وتقبل عليها 

الصحيفة تلعب دور الصديق والناصح المباشر لعدد من القراء وتقدم لهم الرأي والفتوى وتسهم في تشكيل قيمهم ومواقفهم

بهية في «بداية ونهاية» تستمد ثقافتها من المجلات الشعبية 

كامل في «السراب» يلجأ إلى «بريد القراء» للإجابة عن أسئلته الحائرة

 

إنه مبدع يتناول بعمق فني أخاذ جوانب شتى من المسكوت عنه في التناول النقدي، ونستعرض هنا جانبًا في هذا الإطار، ممثلا في رؤيته للصحافة والدور الحيوي المهم الذي تقوم به في الحياة المصرية.

توغل نجيب محفوظ في عالم الصحافة ومفرداته وشخصياته، قدّم من خلال أعمال عديدة الكثير من أنماط الصحفيين وطرقهم وأساليبهم والغايات التي يسعون إليها، كذلك اهتم بالقارئ - وهو الطرف الآخر للمعادلة- فأوضح احتياج الناس لقراءة الصحف والإقبال عليها، وتنوع الفئات التي اهتمت كل صباح بالحصول على الصحف مهما تباينت غاياتهم، فمن المعرفة إلى التسلية كانت شخصيات محفوظ المتعددة تنشغل بالصحف وتقبل عليها.

ظهرت الصحف في عالم محفوظ أيضًا كفرصة لكل من اعتقد أن لديه الموهبة أو حلم يومًا بالشهرة، فجاء أحمد عاكف في «خان الخليلي» و«كمال عبد الجواد» في الثلاثية كنموذجين اهتمت الصحافة بأحدهما وتجاهلت الآخر، وظهرت كذلك أهميتها القصوى في إدارات متابعة الصحف، كما جاءت في مجموعته «دنيا الله»، وأيضًا اعتبارها كوسيلة للشفافية كالاهتمام بنشر الميزانية في «المرايا».

الموظفون والصحافة

في قصة «دنيا الله»، يتوافد الموظفون على مقر العمل، لكنهم ينهمكون في نشاط لا شأن له بالمهام الوظيفية، وقراءة الصحف من أبرز أنشطتهم: «وانطلقت صفحات الجرائد في الجو كالأعلام، وقال لطفي وهو يتابع الأخبار بعينيه:

- ستكون السنة نهاية العالم».

انشغال بقراءة الصحف والتعليق على المثير من الموضوعات المنشورة فيها، وإذا يخاطب مدير الإدارة الموظف حمام آمرًا بتجهيز ملف، لا يبالي به: «فلم يرفع حمام رأسه عن الجريدة وهمس بين أسنانه: داهية في أمك!».

الأمر لا يقتصر على حمام وحده، فأعين الجميع لا تتحول عن أعمدة الصحف، وكأن هذا هو عملهم الحقيقي!

وفضلًا عن الذين ينفقون ساعات العمل في قراءة الصحف للتسلية والثرثرة، وما أكثرهم في عالم نجيب محفوظ، توجد إدارات حكومية خاصة تنحصر مهامها في متابعة المواد الصحفية المنشورة والرد عليها، ذلك أن الكثير مما تكتبه الصحف عن الوزارات والهيئات الحكومية يحتاج إلى رد وتصحيح وتوضيح، ومن هنا تظهر إدارات متخصصة لتتابع ما يُنشر، وفي قصة «مندوب فوق العادة»، مجموعة «دنيا الله»، يقترن الظهور الأول للراوي بالكشف عن طبيعة عمله: «كنت أراجع الصحف اليومية، وهو ما أبدأ به عملي عادة كل صباح».

يعمل الراوي فى مكتب الصحافة، التابع للوزير، والزائر الذي يدعى أنه مستشار برئاسة مجلس الوزراء، يبيح لنفسه أن يعلق على القصور والإهمال في الرد على الشكاوى، وهو ما يدفع الموظف الراوي إلى الدفاع عن نفسه وإدارته: «إني أوزع الشكاوى المنشورة في الصحف على الإدارات المختصة في يوم ظهور الجريدة، والإدارات هي التي تتأخر في الرد».

وفي قصة «أحلام متضاربة»، مجموعة «الفجر الكاذب»، يعمل الراوي في مطلع حياته الوظيفية بسكرتارية وزير المعارف: «كاتبًا مختصًا بشئون الصحافة».

لا تقتصر العلاقة بين الصحافة والجهات الحكومية على هذا الجانب وحده، فثمة وجه آخر لا يقل أهمية، نجده في روايتي «المرايا» و«حضرة المحترم» على وجه التحديد.

في «المرايا»، ينفعل الراوي بعد الإلغاء المفاجئ غير المبرر لقرار ترقيته، ويمارس حقه في الاحتجاج: «وذهبت إلى عدلي المؤذن منفعلًا وناقشته فيما سمعت من أنباء، ولكنه ظل طيلة الوقت صامتًا باردًا حتى تعبت وبخت، ثم قال لي بهدوء:

- أعدوا بيان الميزانية الجديدة للنشر في الصحف!».

بهذه العبارة الحازمة يغلق الموظف الكبير المتعجرف باب الحوار، ويكشف -بطريقة غير مباشرة- عن الأهمية الخاصة لبيان الميزانية ونشره، فهو عمل خطير لا متسع معه لشكوى خاصة أو احتجاج انفعالي.

وفي «حضرة المحترم»، يكشف عثمان بيومي عن خصوصية وخطورة بيان الميزانية، وجانب من هذه الخطورة يرتبط بالنشر الصحفي: «في الظروف الدقيقة الحرجة يُنسي كل شيء في الحكومة إلا الكفاءة الحقة والميزانية عمل خطير يتصل بالمدير العام ووكيل الوزارة والوزير ومجلس الوزراء والبرلمان والصحافة».

نشر بيان الميزانية في الصحف، يعني عرضه بشكل موسع على الرأي العام، وتجاوز الجهات الرسمية المغلقة، ومن هنا الخطورة والحرص على الدقة والإتقان.

قيم ونصائح

تلعب الصحافة دور الصديق والمشير والناصح المباشر لعدد من القراء، وتقدم لهم الرأي والفتوى، وتسهم في تشكيل قيمهم ومواقفهم.

تليق الاستجابة لهذا الدور بمحدودى الثقافة والوعي، أولئك الذين يحتاجون دعمًا يعز وجوده في العالم الواقعي الضيق المحيط بهم على الصعيد الإنساني.

تأبى بهية، في «بداية ونهاية»، أن تستجيب لمغازلة خطيبها حسنين، وترى أن القبلة التي يلح في طلبها ليست حقا مشروعًا له، والمنطق الذي تتسلح به: «ألم تقرأ ما تنشره الصباح عن فتيات مهجورات لاستهتارهن؟ ألا تسمع الراديو؟».

«بهية» محدودة التعليم، ولذلك تستمد الجانب الأكبر من ثقافتها وقيمها عبر قراءة المجلات الشعبية المنتشرة في أوساط الطبقة الوسطى، وهي تبدو عظيمة التأثر بما تنشره مجلة «الصباح» عن المصائر الأليمة للفتيات المستهترات!

نموذج «بهية» هو الأكثر شيوعًا في علاقة القارئ العادي، متواضع التعليم والثقافة والخبرة، بالصحيفة وما تبثه من أفكار، فهو يفيد منها ويتواصل معها، ويتأثر بتوجيهاتها المباشرة وغير المباشرة.

وفضلًا عن هذه العلاقة وليدة القراءة، فإن عددًا من القراء يبحثون عن المزيد، ويجدون بغيتهم في باب صحفي يلقى رواجًا وإقبالًا بما يقدمه من إرشادات، ويُعرف عادة بأنه «بريد القراء».

في «السراب»، يتسم «كامل رؤبة لاظ» بالانطوائية والخجل وغياب الأصدقاء عن حياته، فمن المنطقي إذن أن يلجأ إلى باب «بريد القراء» في إحدى المجلات غير محددة الاسم، مستعينًا بالمحرر الصحفي للإجابة عن الأسئلة الحائرة التي تراوده وتؤرقه.

يقع «كامل» في حب «رباب جبر»، ويعاني من هموم وأزمات لا يستطيع أن يبوح بها إلى أمه: «بيد أني وجدت في بعض المجلات التي يقرأها جدي صفحات مخصصة لأسئلة القراء، فأملت أن أظفر منها بالمشير الذي أفتقد. 

وأرسلت إلى إحداها هذا السؤال الذي قض مضجعي: «رجل ثقيل الدم، أليس ثمة أمل أن يحبه محبوبه؟»، وكان جواب المجلة «الحب سر من الأسرار لا شأن له بالخفة ولا بالثقل، وقد يتعامى عن القبح والدمامة فلا تخف على حبك من ثقل دمك!!، وإذا جاز لنا أن نتفلسف عن طبيعة المرأة فلعله يصح أن تقول إنها مغرمة بالقوة والشجاعة!».

«سررت بمطلع الإجابة، فلما أن بلغت ختامها خامرني شعور بالخيبة، وتساءلت عما يعنيه بالقوة.. آه.. لست قويًا على أي حال».

لا توجد علاقة مباشرة بين كامل والصحف، فهو ليس ممن ينشغلون بالقراءة أو يفكرون في الكتابة، لكنه يبحث عن ناصح مشير، ينتشله من العواصف التي تحيط به، قد يبدو السؤال الذي يطرحه على المجلة ساذجًا، ولا شك أن الإجابة لا تقل في سذاجتها وسطحيتها عن السؤال، لكن العودة إلى صحف الثلاثينيات في القرن العشرين، وما قبلها، يؤكد شيوع هذا النمط من الأسئلة التافهة والإجابات الفضفاضة.

تعلق كامل رؤبة بالمجلة ينم عن وحدته المطلقة وقلة حيلته، وهو بالضرورة لا ينتظر إجابة حاسمة. 

في هذا السياق، لا غرابة في أن يعاود التجربة، وكأنه يراود علاجًا فوريًا بلا مجهود: «فأرسلت إلى المجلة هذا السؤال: «كيف أجذب محبوبتي؟»، وكان الجواب: «اذهب إلى أبيها أو ولى أمرها واطلب يدها إليه وإني كفيل بأن تحبك!». رباه، ما أقسى المجلة! إنها لا تدري أني طالب، وأن أمامي أربعة أعوام -أو ثمانية- قبل أن أصير رجلًا مسئولًا، وأنني فوق هذا كله أقدر على اقتحام أبواب جهنم مني على طرق باب محبوبتي لأطلب يدها.. يا أسفا، ألا يعلم هؤلاء الناس ما الخجل؟!».

طموح النشر

الإمكانات الثقافية المحدودة لكامل، الانطوائي الخجول، لا تتجاوز طرح الأسئلة ذات الطابع الذاتي الأقرب إلى السطحية، وقدرته على التعبير بالكتابة تتوقف عند كلمات أقرب إلى التقريرية والمباشرة، تستهدف البوح بما يشغله من قضايا وهموم، لكن الحياة تتسع للموهوبين، أو من يتصورون أنهم من أصحاب المواهب، ويتطلع هؤلاء إلى مراسلة الصحف بحثًا عن وسيلة للنشر والانتشار، وتجسيد ما يعتمل في أعماقهم من أفكار، يلجأ هؤلاء إلى مراسلة الصحف، ويختلف رد الفعل والمردود بالنظر إلى ما يتسم به كل منهم من قدرات.

يتوهم أحمد عاكف، في «خان الخليلي»، أنه قد امتلك أدوات الإبداع الأدبي بعد قراءة عدة كتب تراثية، ويقوده الوهم إلى الكتابة: «وأمسك بالقلم وصدقت عزيمته على أن يكتب، وكتب موضوعًا سماه: «على شاطئ النيل» أفرغ فيه فنه وإلهامه، وأرسله بالبريد إلى إحدى المجلات، ومضى يتخيل ما عسى أن يستقبله به القراء من الإكبار والإعجاب، وكيف أنه قد يكون أول درجات الشهرة والمجد، وحسبه هذا، فما يطمع في أجر غير المجد الأدبي، وظهرت المجلة وفتش عن مقاله فما وجد له أثرًا، ففتر حماسه، وتعثرت أمانيه في الخجل، ولكنه لم ييأس فناجى نفسه يستنظرها أسبوعًا آخر، ومضت أسابيع دون أن تُتاح للمقال فرصة الظهور».

عنوان الموضوع يوحي بمضمونه ومحتواه، ولا شك أنه أقرب إلى التناول الإنشائي. 

لا مفاجأة في امتناع المجلة عن النشر، أما الخيالات التي تتهيأ لاستقبال إكبار وإعجاب القراء فهي مسئولية محدث الكتابة الذي لا يملك الموهبة، ويأبى إلا أن يقدم تفسيرًا بعيدًا عن المنطق: «هل أهمل القوم نشره لأن كاتبه غير معروف؟ أو لأنه لم يستشفع إليهم بشفيع؟ أو تراهم عجزوا عن فهمه؟! وفكر في أن يذهب إلى المجلة بنفسه ليقف على حقيقة الأمر، ولكنه لم يستطع لأن خجله كان يقف له بالمرصاد دائمًا، ثم تناسى آثار الصدمة الأولى، وكتب مقالًا ثانيًا عن العدالة، فلم يكن حظه أحسن من الأول، فكتب ثالثًا عن «جناية الفقر على النبوغ»، فلم يكن خيرًا من سابقيه، وتوثب للكتابة بعناد وإصرار من ناط بها أمله الأخير فحطمت محاولاته جميعًا على صخرة الإهمال الباردة، وأعاد كتابة أكثرها وأرسلها إلى مجلات مختلفة، فلم يجد بينها من ترحم أمله المعذب، وتنقذه من هاوية القنوط، وكان آخر مقال كتبه عن «تفاهة الأدب»، فضاع كما ضاع إخوته، وانكسر عن محاولاته محطم النفس مطعون الفؤاد، لقد تآمر عليه سوء الحظ -عدوه القديم- وخبث طوايا النفوس ولؤم الطباع، فلم يساوره شك في قيمة مقالاته الأدبية، بل ظنها خيرًا مما بدأ به المنفلوطي نفسه وما يتيه به كثير من المعاصرين، ولكنه سوء النية وفساد الطوية!».

يطرح أحمد عاكف احتمالات شتى لتبرير فشله، ولا يفكر فى محدودية كتابته التى لا تستحق النشر، الامتناع عن الذهاب إلى مقر المجلة لا يغير شيئًا، أما الإصرار على الكتابة فلا طائل من ورائه، ولعل تعثر النشر في مجلات مختلفة ينهض دليلًا عمليًا على أن المسألة لا تتعلق بغياب الشفيع أو العجز عن الفهم، فالسبب المنطقى الوحيد هو ضحالة وتهافت ما يكتبه الموظف المأزوم، الذي يضفي على نفسه عبقرية لا وجود لها!

ليس مستغربًا أن يحمل عاكف على من ينشرون في الصحف وينتشرون من خلالها، فها هو يقول ساخرًا: «ما هؤلاء الأدباء الذين يملأون الصحف والمجلات؟ أمن الأدب الحق أن تستعين على البروز فيه بالسياسة والحزبية؟ وهل يعجز عن بلوغ ما بلغوا من مجد كاذب إلا كريم؟».

أي منطق هذا؟! وكيف يكون جميع الأدباء الذين تنشر لهم الصحف والمجلات ممن يستعينون بالسياسة والحزبية؟! يدعى أحمد عاكف أنه قادر على بلوغ ما بلغوا، ويتغافل عن حقيقة عجزه ومحدوديته وضحالته! لا يملك ذرة من الموهبة، لكنه لا يسلم بالحقيقة ويتحايل عليها بالادعاء الكاذب!

تواصل إيجابي

ليس صحيحًا أن القائمين على إدارة الصحف التي يراسلها أحمد عاكف يتخذون موقفًا متعنتًا من إنتاجه، ذلك أن موهبته المحدودة تمثل العائق الأساس أمام نشر مقالاته التقليدية الركيكة، التى يتوهم أنها من الروائع. وفى عالم نجيب محفوظ، يظهر آخرون ممن يشقون طريقهم إلى النشر، مسلحين بالمؤهلات المطلوبة للنجاح: الجدية والثقافة والموهبة والإصرار.

في «قصر الشوق»، يبدأ كمال عبدالجواد رحلته مع النشر فى الصحف وهو دون العشرين من عمره، طالب في مدرسة المعلمين، فقد ظهر له مقال في «البلاغ الأسبوعي»، لفت أنظار أصدقاء أبيه، وعلق عليه محمد عفت مشيدًا مادحًا: «سُجل اسم ابنك مع أسماء كبار الكتاب في مجلة واحدة، طب نفسًا وادع الله أن يكتب له مستقبلًا باهرًا كما كتب لهم».

لا يملك كمال وساطة للنشر، ولم يكن مقاله المنشور فى «البلاغ الأسبوعي» عن «أصل الإنسان» هو أول إنتاجه: «لقد سبق أن نشر في الصباح تأملات بين النثر والشعر المنثور ضمنها نظرات فلسفية بريئة وأنات عاطفية».

وفي «السكرية»، يستمر تواصل كمال مع الصحف والمجلات، فقد انتظم نشر مقالاته الفلسفية في مجلة «الفكر»، حيث يرحب صاحبها ورئيس تحريرها عبدالعزيز الأسيوطي بالكتاب المتطوعين: «والواقع أن جميع كتاب المجلة كانوا من المتعاونين في سبيل الفلسفة والثقافة لوجه الله وحده!».

المسألة هنا لا تتعلق بالمقابل المادي، فالمعيار الذي يحكم النشر هو المستوى والكفاءة، وليست الوساطة والمحسوبية كما يتوهم أحمد عاكف وغيره من الفاشلين.

الأمر نفسه يتكرر مع أحمد إبراهيم شوكت، في «السكرية» أيضًا، فهو يراسل مجلة «الإنسان الجديد» بالبريد، وبعد ثلاث مقالات كان مصيرها الإهمال، نشر له مقال ملخص في باب «رسائل القراء». جدية طالب المرحلة الثانوية تفتح له باب النشر، وتتوالى مقالاته بلا انقطاع، وصولًا إلى العمل الاحترافي بعد التخرج.

رحلة مماثلة للشاعر الموهوب طاهر عبيد في «قشتمر»، وقد كان دون العشرين عندما نُشرت قصيدته الأولى: «فاجأنا بنشر أول قصيدة غزلية له في مجلة الفكر، ظهرت القصيدة تحت عنوان «الجميلات فى الحديقة «في مجلة عريقة منتشرة ومعروفة بالدعوة لروح العصر والتقدمية، إنه تقدير بكل معنى الكلمة».

موهبة طاهر هي التي تتيح له النشر، والتواصل المباشر مع المجلة ينتهي به إلى العمل الصحفي الاحترافي مع أسرة تحريرها، كما هو الحال مع أحمد شوكت من قبل.

وفي «قلب الليل»، يعود إبراهيم سيد الراوي من بعثته الدراسية في فرنسا، دون الظفر بشهادة، لكنه يتسلح بثقافة متميزة ورغبة في الكتابة: «وكان يرسل بمقالات إلى الصحف بين الحين والحين».

وبعد أن يشب الابن جعفر وينضج، يهتم بما كان يكتبه الأب الراحل ويبحث عن مقالاته: «بحثت عنها في أرشيف بعض الصحف، وهي تدور حول التوفيق بين الدين من ناحية والعلم والفلسفة من ناحية أخرى، واعتبرتها دون تحيز عصرية ومتقدمة».

فشل أحمد عاكف مردود إلى ضحالة وسطحية ما يكتبه، أما كمال عبدالجواد وأحمد شوكت وطاهر عبيد وسيد الراوي، فالموهبة هي المفتاح الذي يقتحمون به عالم النشر في الصحف والمجلات، دون حاجة إلى الاستعانة بالوساطة والمحسوبية، وبلا شكوى من التآمر والاضطهاد، ذلك أنه لا يصح في النهاية إلا الصحيح.

باعة الصحف

لا يكتمل الوعي بالموقع الذي تحتله الصحافة في نسيج الحياة المصرية، إلا بالتوقف عند باعة الصحف، فهم الذي يلعبون دور الوسيط الإيجابي في عملية التوزيع، بما يضمن وصول السلعة إلى مستهلكيها.

يتسم باعة الصحف بالنشاط والحركة الدائبة، ويكتسبون بالخبرة موهبة التمييز بين المواد المنشورة لاختيار ما يحقق رواجًا البيع.

الشائع المستقر أن تُباع الصحف في الشارع، لكن البائع قد يتردد على المنازل في حالات بعينها.

 وفي قصة «ضد مجهول»، مجموعة «دنيا الله»، يتساءل الضابط الذي يحقق في جريمة قتل المدرس المتقاعد حسن وهبي: «ألا يزوره اللبان أو بائع الجرائد؟»، ويجيب البواب: «الجرائد يعود بها بعد مشوار الصباح».

السؤال المطروح ينم عن إدراك الضابط أن التقدم في السن قد يحول دون النزول إلى الشارع لشراء الصحف، فلا غرابة أن يتردد البائع على منازل بعض الزبائن.

عوكل وأبو العباس

عوكل، في «زقاق المدق»، من الزبائن المعروفين في حانة «فيتا»: «غلام في الرابعة عشرة قصير مفرط في البدانة، مطين الوجه والجلباب، حافي القدمين، يزحم الشاربين ويكرع من قدح مترع، ويتمايل رأسه سكرًا».

يتحدث عنه حسين كرشة بقدر كبير من الإعجاب والإكبار: «هذا عوكل بائع الجرائد. يبيع الجرائد في النهار ويسكر في الليل. غلام ولكن قل في الرجال مثله».

لا شيء عن تفاصيل عمله وطبيعة أرباحه، لكنه يمارس سلوكًا متفردًا يفوق سنه، ليس لأنه من رواد الحانة فحسب، بل لأنه أيضًا عاشق جسور ومسلح بالوقاحة وسلاطة اللسان: «نظر فيما حوله بعينين زائغتين ورأسه يميل إلى الوراء في عظمة وسلطنة وصاح بلسان ملتو: 

- أنا عوكل شاطر الشطار وسيد الرجال، أسكر وأنبسط، وها أنا ذاهب إلى عشيقتي، فهل لأحد منكم اعتراض؟ أهرام، مصري، البعكوكة».

لابد من الإشارة هنا إلى دلالة النداءات التي يرددها عوكل، ذلك أن «الأهرام» و«المصري» و«البعكوكة» من أهم صحف ومجلات المرحلة، ولا يحول السكر دون استدعائه للمفردات الشائعة التي ينفق فيها نهار عمله.

ولعل محمود أبو العباس، في «ميرامار»، هو أهم باعة الصحف في عالم نجيب محفوظ. يبيع الصحف والمجلات والكتب في ميدان الرمل بالإسكندرية، وسكان البنسيون من زبائنه، ولذلك تنشأ بينه وبينهم علاقة تقترب من الصداقة والمودة، ولا تنجو من التوتر والصدام.

--

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: نجيب محفوظ عالم الصحافة عالم نجیب محفوظ الصحف والمجلات دنیا الله فی الصحف فی مجلة فی عالم ذلک أن نشر فی

إقرأ أيضاً:

عالم غير منتهٍ.. رؤية واقعية لمشكلة المناخ وكيفية التعامل معها

هل هذه هي نهاية العالم يا جان مارك؟

إذا كان الحظ من نصيبنا، فليس ذلك على الفور!

هكذا اختتم كل من الكاتب الفرنسي جان مارك جانكوفيسي والرسام كريستوف بلان كتابهما "عالم غير منته"، وهو الكتاب الذي بيعت منه نحو مليون نسخة في فرنسا وحدها بحلول شهر يناير/كانون الثاني من العام الجاري.

وفي السابع عشر من مايو/أيار الماضي، أقامت دار الفنك المغربية حفل توقيع النسخة العربية من هذا الكتاب الذي عمل على ترجمته الكاتب والمهندس معاذ زيادي مدير المشاريع الأوروبية في مجموعة ويستفيلد، ضمن فعاليات معرض الرباط الدولي للكتاب.

تجربة كتابية مبتكرة في العلوم

فور سماعي عن كتاب "عالم غير منته"، تواصلت مع الكاتب المغربي معاذ زيادي للتعرف أكثر إلى فكرته، خاصة أنه الكتاب العلمي الأول الذي أطّلع عليه يناقش قضية علمية كبرى وهي قضية المناخ، بأسلوب القصص المصورة المعروف بين الجمهور باسم "كومكس".

وعمل على تأليف الكتاب شخصان: الفرنسي جان مارك جانكوفيسي المهندس والأستاذ الجامعي المهتم بقضايا المناخ وصاحب ابتكار "حساب بصمة الكربون" التي تهدف إلى حساب كمية الغازات الدفيئة الناتجة من النشاط البشري مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان.

أما الثاني فهو الفرنسي كريستوف بلان الرسام وكاتب القصص المصورة الذي نشر عدد غير قليل من القصص ونال جوائز عدة.

وفي مقدمة الكتاب يشرح المغربي معاذ زيادي سبب نقله هذا العمل إلى العربية، موضحا أن "مواضيع الكتاب مثيرة ومستفزة ومتعددة المشارب"، إلى جانب "تقديم الكتاب رسالة جريئة للكارثة المناخية التي نعيشها ولا يزال كبار المسؤولين ورؤساء الشركات الكبرى لا يكترثون بها".

معاذ زيادي مترجم كتاب عالم غير منته: الكتاب رسالة جريئة للكارثة المناخية التي نعيشها ولا يزال كبار المسؤولين ورؤساء الشركات الكبرى لا يكترثون بها (الجزيرة) بداية غير متوقعة

توقعتُ أن يبدأ الكتاب -كما هو الحال في معظم المقالات المرتبطة بموضوع المناخ- بشرح بعض المصطلحات الأساسية، مثل "اتفاقية باريس" و"التكيّف مع المناخ" و"بصمة الكربون"، وهو الأمر الذي لم يحدث.

بدأ الكتاب بتساؤل الرسام بلان عن حقيقة تغير المناخ الذي تعانيه باريس، وأشار إلى بحثه عن مزيد من التفاصيل حتى عثر على محاضرات جانكوفيسي المتعلقة بمشكلة المناخ، ثم تحدث عن اللقاء بين الاثنين، وقدّم تعريفا عاما بجانكوفيسي.

الغريب -والمثير أيضا- أن رحلة بلان وجانكوفيسي بدأت بشرح مفهوم الطاقة، وتأثير هذه الطاقة في مختلف جوانب حياتنا إلى الحد الذي يمنعنا من الاستغناء عنها.

حضارة استهلاكية

في إطار هذه الرحلة، طرح الكتاب عددا كبيرا من الرؤى المتعلقة باستخدام الطاقة، وكيف اختلف اعتمادنا عليها بين الماضي والحاضر.

وتمثلت أهم هذه الرؤى في خطورة النمط الاستهلاكي الذي ننتهجه في حياتنا اليومية على مشكلة التغير المناخي، فالمشكلة لا ترتبط فقط باستغلال النفط والفحم وغيرهما من أنواع الوقود الأحفوري، إنما تتعلق بكيفية استخدامنا لها.

ولشرح هذه الفكرة لجأ الكاتب إلى ذكر أمثلة عديدة توضح عدم انتباهنا للقدر الذي نستخدمه من الطاقة يوميا، فأوضح أن صناعة الملابس تتضمن عددا كبيرا من الخطوات، منها استخدام حصّادات القطن والجرارات الزراعية والشاحنات التي تنقل القطن إلى مصانع الغزل، ومصانع المواد الكيميائية التي تدبغ الملابس وتُلونها، والاعتماد على مواد صناعية مشتقة من النفط وتستدعي نقله من المنصات النفطية الموجودة في البحار إلى محطات التكرير.

ولسد حاجات الناس اليومية في مختلف أنحاء العالم، تجري العمليات السابقة -وعمليات تصنيع ونقل إضافية- يوميا تعتمد في الأساس على استخدام الطاقة بأشكالها المختلفة، خاصة الوقود الأحفوري، الأمر الذي أثر في مناخ كوكبنا جذريا منذ بداية عصر الثورة الصناعية في أوروبا.

صناعة الملابس تتضمن عددا كبيرا من الخطوات استعرضها الكتاب بأسلوب مشوّق (الجزيرة) وهْم الطاقة النظيفة

خلال رحلة الكاتب والرسام الغنية بالمعلومات، استعرض الكتاب مفهوما شديد الأهمية، وهو مفهوم الطاقة النظيفة أو المتجددة، وأوضح بما لا يدع مجالا للشك عدم وجود "طاقة نظيفة ولا قذرة"، إنما تعتمد مدى نظافة هذه الطاقة على القدر المستخدم منها.

واستنتج الكاتب أن الدعوة إلى الاعتماد كليا على الطاقة المتجددة أمر غير واقعي إذا ما استمر انتهاجنا أسلوب الحياة نفسه الذي نعيشه، فالطاقة المتجددة ذاتها غير دائمة (طاقة الرياح والطاقة الشمسية لا يتوفران دائما)، ويستدعي إنتاجها وتخزينها ونقلها إنتاج كمية ضخمة من الكربون، لأن هذه العمليات تتطلب استخدام الوقود الأحفوري.

هنا تتلاقى هذه الفكرة مع ضرورة تغيير النمط الاستهلاكي الذي تحدثنا عنه سابقا، فالمشكلة بالفعل ليست مصدر حصولنا على الطاقة، بل هي تكمن في استغلالنا لهذه الطاقة بكميات ضخمة متزايدة.

الكاتب جان مارك جانكوفيسي: الطاقة ليست نظيفة أو قذرة في حد ذاتها، إنما يحدد هذا الأمر كيفية استهلاكها (غيتي) الطاقة المفرطة تغير حياتنا

تحدث الكتاب أيضا عن عدد من القضايا المصاحبة لنمط استهلاك الطاقة الذي نتبعه حاليا، منها مثلا تأثيرها في تغيير نوع الأعمال التي نمارسها، فمع وفرة الطاقة اتجه البشر إلى الأعمال الخدمية، وأهملوا الأعمال الزراعية والصناعية التي صارت تعتمد بالكامل تقريبا على الآلات التي تستخدم الوقود الأحفوري، وهو أمر يؤذي البيئة قطعا.

من ناحية أخرى، أدت وفرة الطاقة إلى تطور عدد من الخدمات التي يحصل عليها البشر، أهمها الخدمات الصحية، مما أدى إلى زيادة عُمر السكان، وبالتالي زاد عدد السكان في كل أنحاء العالم، وهو ما يعني الحاجة إلى مزيد من الطاقة وما يصاحبها من زيادة تلوث البيئة.

وفي عالم استهلاكي محض، يذكر الكاتب أن مختلف الشركات لا تقدم سوى حلول "ترقيعية" لا تتعلق بحل المشكلة، إنما تكتفي بتغيير واحد من عوامل الإنتاج إلى نمط قليل الضرر بالبيئة.

وعن ذلك الأمر يذكر جانكوفيسي مثالا طريفا عن مريض أخبره الطبيب بالتوقف عن تناول الكحول، إلا أن المريض زاد من تناوله، لكنه أضاف كوبا من عصير البرتقال مرة أسبوعيا.

بديل يخشاه الناس

في الشطر الأخير من الكتاب اقترح جانكوفيسي أن الحل الأولي الذي يجب أن تلجأ إليه الدول يتمثل في الاعتماد على الطاقة النووية، وهو طرح أسهم في توجيه سهام الانتقاد إلى الكاتب.

ويرى جانكوفيسي أن الطاقة النووية في حد ذاتها لا تؤدي إلى القدر نفسه من المخاطر البيئية التي يتسبب بها الاعتماد على الوقود الأحفوري. ويعود السبب الرئيسي في التخوف من هذه الطاقة -طبقا لرأيه- إلى الحملات السياسية التي انتهجها بعض القادة ممن استغلوا شعار "لا للطاقة النووية" منطلقا لحملاتهم الانتخابية.

ويمكننا أن نقول إن الحل المثالي لمشكلة المناخ يتمثل في عدد من النقاط المترابطة نلخصها فيما يلي:

تغيير النمط الاستهلاكي بالنسبة للجمهور. تعديل النمط الاقتصادي الإنتاجي. التحول التدريجي إلى الطاقات المتجددة. الاعتماد على الطاقة النووية في أثناء هذا التحول. سرعة تطبيق الخطوات السابقة. الطاقة النووية لا تمثل القدر نفسه من المخاطر البيئية التي يتسبب بها الاعتماد على الوقود الأحفوري (رويترز) التقشف الاختياري خير من الفقر الإجباري

"يهدف الكتاب إلى توضيح أن التقشف المتحكَّم فيه أفضل من الفقر الإجباري".. هكذا بدأ مترجم الكتاب المهندس معاذ زيادي حديثه الخاص مع الجزيرة نت.

ويذكر زيادي أن الكتاب "واجه بالطبع عددا من الانتقادات من أولئك الذين لا يرغبون في خفض مستوى معيشتهم، كما انتقدته بعض الشركات فيما ذكره عن صعوبة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة بالكامل، إلا أن هذه الانتقادات لم تؤثر سلبا في مصداقية جانكوفيسي أو في شعبيته بين المجتمعات العلمية والأوساط الشبابية".

ويضيف: "لا يمكننا إنكار معاناة سكان الدول المصنِّعة والنامية ومشكلات اجتماعية وسياسية عديدة فلو انتهجنا سياسة التقشف الطاقي، لذا كان واجبا توعيتهم بشأن مشكلة المناخ وحلولها المقترحة، وهذا الكتاب يمثل دورا مهما في هذه التوعية".

معاذ زيادي: يهدف الكتاب إلى توضيح أن التقشف المتحكَّم فيه أفضل من الفقر الإجباري (الجزيرة) التكيّف مع المناخ فرصة نهوض دول عربية

ويرى زيادي أن المجتمعات العربية تمتلك فرصة كبرى تتعلق بتغيير نمطها الاستهلاكي ودخول "عصر ما بعد النفط"، فانتهاء مصادر الوقود الأحفوري أمر لا مفر منه، لذا يمثل الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري والاتجاه إلى الطاقة النووية؛ بديلا مثاليا يسهم في تحرر الاقتصاد من النفط ومواكبة المتغيرات العالمية الطارئة في المستقبل.

وعن نفور سكان هذه الدول المحتمل من تغيير نهج استغلال الطاقة، يقول زيادي: "لا يقبل الإنسان بطبعه التقشف، وهو يسعى دائما إلى تحسين مستواه المعيشي، إلا أننا نعيش كارثة مناخية كبرى ستضر بنا وبمجتمعاتنا".

ويرى زيادي أن قبول هذا التقشف الاختياري خلال الوقت الحالي وارد في مجتمعاتنا العربية التي تتكون غالبيتها من الشباب، بعكس أغلب الدول الصناعية المتقدمة، وإدراك هذه المشكلة والسعي إلى حلها مسؤولية تقع على عاتقهم، لأنهم -وأبناءهم- هم من سيحصد النتيجة.

التوعية مهمة إنسانية

ويتحدث زيادي عن سبب ترجمته كتاب "عالم غير منته" فيقول: "نبع اهتمامي بالهندسة المدنية من مرافقة والدي في أثناء زيارة الورشة الملحقة ببيتنا العائلي، فتوجهت لدراستها جامعيا، وفي العام 2015 طلبتْ شركتي إنجاز مشروع مخطط يسعى إلى الحد من انبعاثات الكربون المتعلقة بالأبنية التي تؤسسها، وشعرتُ أن هذه المهمة أضافت قيمة إنسانية لعملي، وتمكنت بالفعل من ابتكار وسيلة سهلة لحساب بصمة الكربون المرتبطة بمشروعات بناء المراكز التجارية".

ويتابع: "لاحقا سمعت بقصة جانكوفيسي المصورة التي اطلعت عليها فوجدتها ماتعة، وانتهيت منها في جلسة واحدة، ورأيت أن الكتاب يهدف إلى طرح حلول لمشكلة المناخ في العالم الغربي، الأمر الذي دفعني إلى التساؤل: وماذا عن العالم العربي؟".

وكخطوة مبدئية لترجمة الكتاب، تواصل زيادي مع جانكوفيسي رقميا، ولم يتوقع أن يحصل على رد نظرا لانشغال المهندس الفرنسي، ومع ذلك فوجئ "بالرد السريع على الرسالة، وترحيب جانكوفيسي بفكرة الترجمة إلى العربية".

معاذ زيادي: الكتاب الفرنسي يطرح حلولا لمشكلة المناخ في العالم الغربي، فماذا عن عالمنا العربي؟ (الجزيرة) الإبداع عمل ودعم

واجه زيادي تحديا كبيرا أثناء إنتاج النسخة العربية من الكتاب، يقول: "بذلت جهدا كبيرا للبحث عن ناشرين في مصر والخليج العربي ولبنان، إلى أن صادفت دار الفنك المغربية التي قررت قبول المخاطرة".

ويصف زيادي إنتاج الكتاب بالمخاطرة نظرا لارتفاع تكاليف طباعته، فإنتاج القصص المصورة يستدعي ميزانيات ضخمة، وهو الأمر الذي يمثل عائقا وحيدا أمام الإبداع في دول المنطقة، فالمجتمع العربي كما يقول "غني بالمبدعين من الكتاب والرسامين".

وعن تأثير الأدب في السلوك العام يقول زيادي: "حقق عالم غير منته صدى واسعا في فرنسا، فقد قابلت شبابا توقفوا عن قيادة سياراتهم الخاصة واستخدموا الدراجات الهوائية والكهربائية، واتخذ آخرون القطار وسيلة للسفر بدلا من الطائرات، ولقي هذا الكتاب الأدبي نجاحا كبيرا مقارنة بالكتب البحثية التي نشرها جانكوفيسي".

ويختتم زيادي حديثه موجها رسالة إلى المبدعين العرب "أتمنى أن يواصلوا مجهوداتهم رغم عدم توفر الدعم الكافي وانحسار عدد القراء، فحضارة الدول مقترنة بإنتاجها الأدبي، ولولا الأدب ما وصل العلم إلينا".

مقالات مشابهة

  • بلومبرغ: تأثير الحرب على غزة يضع “إسرائيل” أمام معدلات تضخم قياسية
  • عالم غير منتهٍ.. رؤية واقعية لمشكلة المناخ وكيفية التعامل معها
  • نور النبوي يساند والده بالعرض الخاص لفيلم "أهل الكهف"
  • نجيب ساويرس في احتفالية تأسيس المصري اليوم: الصحافة هي نبض المجتمع
  • أحمد خالد توفيق.. ليس أثرًا في الرمال
  • اقرأ في عدد «الوطن» غدا: وداعا لـ«القطب الأوحد».. عالم جديد يتشكل 
  • محمد كركوتي يكتب: عالم غارق بديونه
  • أمير تاج السر يكتب: تذوق لا حكم
  • تعز.. وقفة احتجاجية لصحفيين تنديدا بالحكم الصادر بحق الصحفي أحمد ماهر المعتقل في سجون الانتقالي بعدن
  • مديرة RT العربية تحكي عن قصص وتجارب فريدة وخطيرة مرت بها مراسلة القناة في سوريا