مصطفى الشيمي يكتب: ما تبقّى من الحذف
تاريخ النشر: 5th, July 2025 GMT
كانت تكتب له، كل ليلة.. كأن شيئًا في قلبها لا يهدأ إلا حين تُسكته بالحروف. تبدأ بكلمة "اشتقتُ إليك"... ثم تتجمد أصابعها عند الحرف الأخير وتُحدّق في الجملة، كأنها لا تُصدق أنها كتبتها، ثم تمحوها ببطء، كمن يبتلع اعترافًا لا يملك شجاعة تحمّله. لم تكن تكتب لتقول ما تُخفي، بل لتتنفس فقط، وكأن الحروف كانت المتنفّس الوحيد الذي لا يراكِبه الخوف.
أحيانًا، كانت ترسل رسالة مليئة بالدفء. جملة واحدة: "ياريتني قابلتك من زمن بعيد، وكنت أتمنى حبك وطريقتك."
ثم تعود بعد يومين، تمحوها من المحادثة، كأنها تريد أن تمحي آثار قلبها، كأنها تنكُر، لا ما كتبته، بل ما شعرت به لحظة الكتابة.
أما هو، فكان يرى آثار الغياب في رسائل مبتورة. يرى ردوده على كلام لم يعد موجودًا.
يقرأ: "تم حذف هذه الرسالة".
يقرأ سطورًا كتبها بحُب، ثم يكتشف أن لا شيء هناك يستحق هذا الانفعال. كأنّه يحاور ظلًّا، أو طيفًا يتراجع كلما اقترب.
كان الصمت معها لا يشبه الصمت. كان مليئًا بالأصوات: خوف، رغبة، هروب، اقتراب... ثم فزع.
كانت تريده، لكنها كانت تخاف مما قد يحدث إن أراده بالمثل.
ربما لم تكن قاسية. ربما كانت فقط تائهة. ضائعة بين ما تريده، وما لا تعرف كيف تعطيه. بين أن تُحب وتُفلت، أن تقترب ثم تهرب كأن في القرب تهديدًا لا يُحتمل.
لم تكن تعرف كيف تُكمل، لكنها كانت تعرف تمامًا كيف تُبقيه على الحافة. نصف حب، نصف انسحاب، رسالة تُكتَب، ولا تُرسَل. كلمة تُقال، ثم تُمحى. ويدٌ تُمدّ... ثم ترتجف وتعود.
أما هو، فظلّ يحاول أن يصدّق. أن يمنحها الوقت، والمجال، والاحتمال. وكان كلما ضاق به الصبر، تذكّر ما قاله له والده يومًا: "بعض القلوب يا ولدي، لا تُطارد... تُترك، ليعرف أصحابها إن كانوا يريدون البقاء."
ومع كل رسالة تُمحى، كان يفقد جزءًا من ثقته، ومن نفسه، ومن الحكاية.
حتى أتى اليوم الذي لم يعد ينتظر. لا رسالة، ولا تراجع، ولا اعتذار. أغلق الأبواب بهدوء، كما تُغلق صفحة كانت تؤلم كلما قُرئت.
وفي تلك الليلة، كتبت له من جديد. هذه المرة، كتبت كل شيء. بصوت القلب العاري، والخوف الذي لم يعد له مكان يختبئ فيه. لكن حين دخلت تبحث عنه... لم تجده.
قرأت الرسالة مرة، مرتين، وأرسلتها. ثم مسحتها كعادتها. لكن هذه المرة، لم يكن الحذف نسيانًا... بل خسارة. شعرت لأول مرة، أنها لا تمحو الكلمات فقط... بل تخسر شيئًا لا يمكن استرجاعه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدفء الغياب الانفعال
إقرأ أيضاً:
تشييع جثمان صديق الناشئ يوسف الشيمي لاعب طلائع الجيش بالقليوبية
شيّع أهالي قرية نامول التابعة لمركز ومدينة طوخ بمحافظة القليوبية، اليوم الجمعة، جثمان يوسف أبو النصر صديق الناشئ يوسف الشيمي، لاعب فريق طلائع الجيش مواليد 2009، إلى مثواه الأخير بمقابر الأسرة بالقرية وذلك عقب أداء صلاة الجمعة عليه في المسجد القبلي، وسط حالة من الحزن والأسى.
كان الراحل يوسف أبو النصر، لقي مصرعه برفقة صديقه الناشئ يوسف الشيمي، لاعب فريق طلائع الجيش مواليد 2009، إلى مثواه الأخير بمقابر الأسرة بطوخ عقب أداء صلاة الجنازة عليه في مسجد العمري، بعد صلاة فجر اليوم، وسط حالة من الحزن والأسى، وذلك إثر حادث أليم أثناء عبورهما مزلقان السكة الحديد بمدينة طوخ، حيث صدمهما قطار سريع قادم من القاهرة في اتجاه الإسكندرية، مما أسفر عن وفاتهما في الحال.
شهدت مراسم الجنازة حضورًا كبيرًا من أهالي القرية وأصدقاء الفقيدين، الذين عبّروا عن بالغ حزنهم لرحيل شابين في مقتبل العمر.
كما طالب الأهالي الجهات المعنية بتشديد إجراءات الأمان وتأمين المزلقانات، حفاظًا على أرواح المواطنين، خاصة الأطفال والشباب.
كانت مدينة طوخ قد شهدت صباح اليوم حادثًا مروعًا أسفر عن وفاة الشابين، وذلك أثناء عبورهما مزلقان السكة الحديد المقابل لمركز الشرطة، حيث باغتهما القطار أثناء مروره، ما أدى إلى وفاتهما على الفور.
على الفور، انتقلت سيارات الإسعاف إلى موقع الحادث، وتم نقل الجثتين إلى مستشفى قها المركزي، فيما باشرت النيابة العامة التحقيقات للوقوف على ملابسات الواقعة وتحديد المسؤوليات.
أثار الحادث موجة تعاطف واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، وسط دعوات بضرورة تطوير المزلقانات غير الآمنة في مختلف المحافظات، وإنشاء كباري أو أنفاق لعبور المشاة، لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة.