أعرب مسؤولون إسرائيليون وحلفاؤهم في واشنطن عن غضبهم إزاء قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، التقدم بطلب للحصول على أوامر ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إدارتهم للمعارك الجارية على غزة.

ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للصحفي إيشان ثارور قال فيه إنه منذ لحظة ظهور الخبر، قام المعنيون بأخذ وضعية الدفاع، وهو القرار الذي شمل أيضا ثلاثة من القادة الرئيسيين لحركة حماس.



وتمت الإشارة في المقال إلى "دور شخصيات حماس، وهم زعيمها في غزة يحيى السنوار، ورئيس كتائب عز الدين القسام محمد دياب إبراهيم المصري، والرئيس السياسي للحركة إسماعيل هنية،  في هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل، والذي شهد قتل عشوائي للمدنيين، واختطاف الرهائن والتعذيب وغير ذلك من الأعمال اللاإنسانية، لكن خان يحمل نتنياهو وغالانت المسؤولية عن الفظائع الأخرى التي تلت ذلك".

وأضاف الكاتب ثارور "ذكرت زميلتي لويزا لوفلوك في تقرير لها: قول خان إن مكتبه لديه أسباب معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت كانا مسؤولين عن جرائم بما في ذلك تجويع المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب، والقتل العمد والقتل، وتوجيه الهجمات عمدا ضد السكان المدنيين، والإبادة، وأن ذلك حدث بعد فرض حصار كامل على غزة، شمل إغلاق المعابر الحدودية الثلاث بالكامل، اعتبارا من 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 لفترات طويلة، وبعد ذلك، من خلال تقييد نقل الإمدادات الأساسية بشكل تعسفي".


وتنظر الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية الآن في طلب خان، والجدول الزمني لقرارها غير واضح. وفي حين أن إصدار أوامر الاعتقال بحق قادة حماس لن يكون مفاجئا، فإن أوامر الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت من شأنها أن تجعل الإسرائيليين عرضة للاعتقال في الدول الـ 124 التي تتألف منها الدول الأعضاء في المحكمة (فلا الولايات المتحدة ولا إسرائيل من الدول الموقعة على نظام روما الأساسي، الاتفاقية التي تأسست بموجبها المحكمة). 

وهذا في حد ذاته من شأنه أن يمثل لحظة صادمة بالنسبة للمحكمة، التي أصدرت أوامر اعتقال بحق أمراء الحرب والطغاة خارج الغرب، بما في ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنها نادرا ما لاحقت الزعماء المنتخبين المدعومين من مجموعة من الحكومات الغربية.

وبعد فترة وجيزة من إعلان خان طلبه، أشارت إدارة بايدن إلى أنها ستدعم جهود الحزبين في الكونغرس لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية. 

ومن خلال القيام بذلك، فإنها ستتبع خطى إدارة ترامب، التي فرضت في عام 2020 عقوبات على اثنين من مسؤولي المحكمة، بما في ذلك المدعية العامة في ذلك الوقت، لمحاولاتهم محاكمة أفراد الجيش والمخابرات الأمريكية الضالعين في انتهاكات مزعومة في أفغانستان. 

وقام الرئيس بايدن برفعها في العام التالي، لكنه ندد يوم الاثنين بالإيحاء بأن هناك "تكافؤا" بين "إسرائيل" وحماس، وأصر على أن ما يحدث في غزة "ليس إبادة جماعية" - في إشارة إلى تحقيق مواز في محكمة العدل الدولية أطلقته قضية رفعتها جنوب أفريقيا ضد "إسرائيل".


وكانت ردود أفعال الحكومات الأوروبية أكثر صمتا تجاه التطورات، بينما أصدرت دول من بينها فرنسا وألمانيا بيانات تؤيد استقلال المحكمة الجنائية الدولية، وكان آخرون، مثل إسبانيا وبلجيكا وسويسرا، أكثر تأكيدا في دعمهم.

وتنهي خطوة خان لحظة قصيرة من الحماس في واشنطن للمحكمة الجنائية الدولية، والتي أشاد بها المشرعون الأمريكيون في تحقيقاتها وملاحقة روسيا لارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا. 

وفي بيانه الذي يوضح الطلب، أكد خان أن المحكمة ليس أمامها خيار سوى النظر في دور القيادة الإسرائيلية في الصراع البشع، بالنظر إلى الأدلة التي جمعتها والتي تشير إلى أن الضرر الذي لحق بالمدنيين في غزة كان مقصودا ومنهجيا.

واستشهد أكثر من 35 ألف فلسطيني، وكثير منهم من النساء والأطفال، خلال الحملة الوحشية التي شنتها "إسرائيل" في جميع أنحاء غزة، والتي سوت معظم المناطق بالأرض، وأثارت مجاعة من صنع الإنسان في مناطق معينة من غزة وأزمة إنسانية مترامية الأطراف لم يسبق لها مثيل من حيث النطاق والسرعة. 

ونظرا لعدم وجود أي تحرك داخلي في "إسرائيل" للتحقيق مع نتنياهو وغالانت بشأن جرائم الحرب المزعومة، بما في ذلك استخدام التجويع كوسيلة للحرب، اعتقد خان أنه من الصواب أن تمضي المحكمة الجنائية الدولية قدما، الأمر الذي أثار غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي والمؤسسة السياسية في البلاد.

وقال خان: "إذا لم نظهر استعدادنا لتطبيق القانون على قدم المساواة، وإذا تم النظر إليه [القانون] على أنه يُطبَّق بشكل انتقائي، فسنهيئ الظروف لانهياره. ومن خلال القيام بذلك، سنقوم بفك الروابط المتبقية التي تجمعنا، والروابط المستقرة بين جميع المجتمعات والأفراد، وشبكة الأمان التي يتطلع إليها جميع الضحايا في أوقات المعاناة. هذا هو الخطر الحقيقي الذي نواجهه في هذه اللحظة".

واتفق معه عدد من المحللين والخبراء القانونيين، إذ قال ديفيد شيفر، الذي مثل الولايات المتحدة في مؤتمر روما عام 1998 والذي أدى إلى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، لصحيفة وول ستريت جورنال: "بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية قد يكون هناك خطر، ولكن في نهاية المطاف، ما الذي يفترض أن تفعله المحكمة الجنائية الدولية؟ إسرائيل هنا لديها ممارسة مشروعة للدفاع عن النفس، وهي حرب عادلة. المسألة هي كيف تدير تلك الحرب العادلة. يُعرض على المدعي العام خان نطاق من الفظائع في الحرب، وهو أمر غير مسبوق إلى حد ما بالنسبة للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية".
وأشار دوف واكسمان، أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إلى أن "الأمر لا يتعلق برسم معادلة أخلاقية بين حماس وإسرائيل. يتعلق الأمر بدعم القانون الدولي ومحاسبة صناع القرار".


وقالت أنييس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، في البيان إن هذه الخطوة كانت "فرصة طال انتظارها لإنهاء دائرة الإفلات من العقاب المستمرة منذ عقود" والذي تمتعت إسرائيل به خلال احتلالها للأراضي الفلسطينية، وفرصة "لاستعادة مصداقية نظام العدالة الدولي ككل".

وقال ديلان ويليامز، نائب رئيس الشؤون الحكومية في مركز السياسة الدولية ومقره الولايات المتحدة، لمجلة تايم: "نحن في لحظة محورية بالنسبة للنظام الدولي القائم على القواعد الذي حاولت الولايات المتحدة بنائه لمدة 70 عاما. السؤال الذي يطرحه الكثير من العالم هو هل تنطبق القوانين والإجراءات التي أنشأتها الولايات المتحدة على الجميع بالتساوي، أم أن الولايات المتحدة وأصدقاءها معفون".

وفي جلسة استماع بمجلس الشيوخ الثلاثاء، بدا واضحا ما يفضله بعض الساسة الأمريكيين. وندد وزير الخارجية أنتوني بلينكن بـ"القرار الخاطئ" الذي اتخذته المحكمة الجنائية الدولية، وقال إن الإدارة ستنظر في الإجراءات العقابية التي يمكن أن تتخذها في الأشهر المقبلة. وقد رحب السيناتور ليندسي جراهام (الجمهوري عن ولاية ساوث كارولينا) بتصريحاته، ودعا إلى فرض عقوبات على المحكمة وأوضح ما هو على المحك في رأيه.

وقال: "إذا فعلوا ذلك بإسرائيل، فسيكون دورنا هو التالي". وهتفت جوقة من المتظاهرين المناهضين للحرب في القاعة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية إسرائيليون المحكمة الجنائية الدولية الولايات المتحدة إسرائيل الولايات المتحدة المحكمة الجنائية الدولية حرب غزة المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة للمحکمة الجنائیة الدولیة المحکمة الجنائیة الدولیة الولایات المتحدة نتنیاهو وغالانت بما فی ذلک

إقرأ أيضاً:

من هو أمير علي حاجي قائد سلاح الجو الإيراني الذي اغتالته إسرائيل؟

اغتالت إسرائيل اللواء أمير علي حاجي زاده قائد القوة الجوفضائية (سلاح الجو)، وفق ما أكده الإعلام الإيراني خلال الضربات الإسرائيلية التي استهدفت اليوم الجمعة إيران

فمن هو من أمير علي حاجي زاده؟

اللوا ء زاده من مواليد 28 فبراير 1962 في طهران، يشغل منصب قائد قوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني، وهو يتولى هذا المنصب منذ عام 2009.

انضم إلى صفوف الحرس الثوري في عام 1980 مع اندلاع الحرب الإيرانية العراقية، وشارك كقناص في عمليات عسكرية بارزة مثل "كربلاء 4"، و"كربلاء 5"، و"والفجر 8".

وبعد انتهاء الحرب، التحق حاجي زاده بقسم الصواريخ في الحرس الثوري، وكان من أبرز تلامذة أب البرنامج الصاروخي الإيراني الذي قتل في انفجار حسن طهراني مقدم. وقد عمل لسنوات في مواقع استراتيجية مرتبطة بالقدرات الصاروخية، وتسلّم في عام 2006 قيادة الدفاع الجوي للحرس الثوري.

ويُعد حاجي زاده من الشخصيات المحورية في عمليات الحرس الصاروخية، بما في ذلك الهجوم على قاعدة "عين الأسد" مكان استقرار القوات الأميركية في العراق، الذي جاء رداً على اغتيال قاسم سليماني.

كما تحمّل المسؤولية عن حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية الرحلة 752، وظهر في مؤتمرات صحفية طالباً من المسؤولين أن يتخذوا ما يرونه مناسباً، مؤكداً أن الحرس سيلتزم بما يُقرَّر.

في عام 2024، لعب حاجي زاده دوراً رئيسياً في العمليات الصاروخية الإيرانية ضد إسرائيل، ويُعرف كأحد المهندسين الأساسيين للقدرات الصاروخية والمسيّراتية في الحرس الثوري الإيراني.

وأكد الجيش الإسرائيلي، الجمعة، اغتيال قائد القوات الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني، حاجي زاده.

كما أفاد إعلام إيراني بمقتل قائد القوة الجوفضائية في الغارات الإسرائيلية التي شنتها إسرائيل على إيران، فجر الجمعة.

وأعلنت العلاقات العامة للحرس الثوري الإيراني مقتل اللواء أمير علي حاجي زاده، "إلى جانب مجموعة من المجاهدين الشجعان والمضحّين من هذه القوة".

وتابع البيان: "القائد، الذي نذر عمره المبارك، لا سيما خلال 16 عاماً من القيادة، الحكيمة، والقوية لقوة الجو-فضاء، من أجل تعزيز قدرة الردع للجمهورية الإسلامية وحماية أمنها واستقلالها، كان من أبرز شخصيات جبهة المقاومة، وأحد رموز التقدم والابتكار والاقتدار في المجال الدفاعي والصاروخي لإيران الإسلامية. وقد استطاع، بروحه الجهادية، وصدقه، وذكائه الفائق، وتواضعه وإخلاصه، أن يجعل من هذه القوة ركيزة أساسية في منظومة الردع الوطني، وموضع رعب دائم لأعداء البلاد".

واعتبر البيان أن مقتل زاده، إلى جانب رفاقه القادة ... "ستزيد من إصرارهم على الثأر الشديد بكل عزم وثبات"...

ودعا البيان "الشعب الإيراني الأبي إلى الحفاظ على الهدوء وعدم الالتفات إلى الحرب النفسية التي يشنّها الأعداء وأدواتهم الداخلية، ومواصلة طريق الوحدة واليقظة والصبر الوطني، ومرافقة الحرس كما عهدوه دوماً".

مقالات مشابهة

  • السيستاني يدعو المجتمع الدولي لوقف الاعتداءات الاسرائيلية
  • من هو أمير علي حاجي قائد سلاح الجو الإيراني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • من هو محمد حسين باقري رئيس الأركان الإيراني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • أبرز القيادات التي اغتالتها إسرائيل في الهجوم على إيران
  • ما الذي حققه هجوم إسرائيل على قلب إيران النووي؟
  • خبير استراتيجي: انفجار الأوضاع في فلسطين دليل على إفلاس النظام الدولي
  • كاميرون يهدد المحكمة الجنائية لأجل نتنياهو.. هل يعرقل العدالة الدولية؟
  • محكمة قطر الدولية تختتم مشاركتها في أعمال أسبوع لندن الدولي لتسوية المنازعات 2025
  • بسبب نتنياهو وجالانت.. بريطانيا هددت بقطع التمويل عن "الجنائية الدولية"
  • بيان صادر عن مكتب الإعلام الدولي بدولة قطر رداً على التقارير المفبركة التي تم تداولها على وسائل الإعلام الإسرائيلية