محمية الوعول بمحافظة الحريق تشجّع ثقافة رحلات المشي
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
دشّن محافظ الحريق محمد بن ناصر الجرباء المسار الثاني لفعالية الهايكنق بمحافظة الحريق الذي تنظمه محمية الوعول ضمن خطتها الاستراتيجية للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية المنبثقة من رؤية المملكة 2030 بحضور عدد من رؤساء الجهات الحكومية بالمحافظة ومتخصصين في هذه الرياضة.
ويعد تفعيل هذا الحدث الرياضي للمهتمين بهذه الرياضة بالتعاون مع الجهات المختصة بالمحافظة لتعزيز هذه الرياضة التي تسهم في تعزيز الصحة العامة لحياة الإنسان، حيث بادرت محمية الوعول بتسخير الخدمات لجميع فئات المجتمع وتطوير ثقافة رحلات المشي بين أفراد المجتمع بهدف رفع مستوى جودة الحياة والتعرف على الوجهات والمواقع السياحية البيئية بالمملكة.
كما قامت المحمية بتنفيذ مسار المشاة ووضع حواجز حجرية جانبية وممرات في أسفل الجبل وفي أعلاه ولوحات إرشادية توضح بداية ونهاية المسار، وحرصت المحمية على أن يكون هذا المسار جاهزا وداعما لهواة رياضة الهايكنق في المملكة العربية السعودية ورافدا من روافد دعم السياحة البيئية.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية
إقرأ أيضاً:
أي أفق لمبادرات القوى الديمقراطية تجاه النظام في تونس؟
إذا ما أردنا التأريخ لبداية الأزمة المفتوحة بين النظام التونسي من جهة أولى وبين أغلب مكوّنات ما يُسمى بـ"القوى الديمقراطية" من جهة ثانية، فإننا سنجد أن "العلاج بالرضة" الذي مارسه "تصحيح المسار" على أحزمته السياسية والنقابية والمدنية قد بدأ منذ إصدار الأمر الرئاسي عدد 117 المؤرخ في 22 أيلول/ سبتمبر 2021، والمتعلق بالتدابير الاستثنائية. فمنذ ذلك التاريخ بدأ الكثيرون ممن مهدوا لإجراءات الرئيس وحرّضوا عليها في استيعاب أن "تصحيح المسار" ليس مشروعهم ولم يأت لتحقيق "فنطازاتهم السياسية" المرتبطة باستراتيجيتي الاستئصال الصلب والناعم، كما تأكدوا -بدرجات متفاوتة من الإنكار للواقع الجديد- من أنّ حالة الاستثناء ليست إلا لحظةً تأسيسية لوضع دائم، أي لجمهورية جديدة لا مكان فيها للشراكة مع الأجسام الوسيطة الداعمة لـ"تصحيح المسار" أو لتقاسم السلطة مع قياداتها، كما كان الشأن خلال "عشرية الانتقال الديمقراطي" أو حتى كما كان الشأن خلال فترة حكم المخلوع.
لقد حرص الرئيس على تأكيد أن مشروعه السياسي غير مدين لأي طرف سياسي أو نقابي أو مدني، وأنه "تأسيس ثوري جديد" يستمد شرعيته من الإرادة الشعبية غير المتلاعب بها، كما يستمد تلك الشرعية من عزمه القطع مع "العشرية السوداء" ومع الأجسام/المؤسسات الوسيطة التي هي "خطر جاثم" بحكم دورها المشبوه في التمكين لمنظومة الفساد. إننا أمام منطق سياسي يتحرك خارج مدار الشراكة والاعتراف بأي تمثيلية شعبية منافسة أو حتى رديفة، وهو منطق سيجد تجسيده في خارطة الطريق التي استوت على سوقها بدستور جديد (دستور 2022)، وبتغيير النظام السياسي إلى نظام رئاسوي، وتهميش الأحزاب ومجمل الأجسام الوسيطة، وسيطرة السلطة التنفيذية على كل "الوظائف" (أي على السلطتين التشريعية والقضائية وكذلك على السلطة الرابعة -السلطة "الإعلامية"- التي أصبحت مجرد وظائف محمولة على المساهمة في "حرب التحرير الوطني").
واقعيا، فإن ما قام به الرئيس بعد 25 تموز/ ليو 2021 لم يكن إلا تفعيلا لمشروعه السياسي الذي لم تحمله النخبة السياسية على محمل الجد: انتهاء زمن الأحزاب والديمقراطية التمثيلية وبداية زمن سياسي جديد أساسه الديمقراطية القاعدية أو المجالسية. ونحن نستطيع أن نقول دون أن نجانب الصواب بأن 25 تموز/ يوليو 2021 ليس في جوهره إلا صدى لتلك الصرخة التي أطلقها "الخبير القانوني" قيس سعيد بعد اغتيال المرحوم محمد البراهمي في اليوم نفسه من سنة 2013: "ليرحلوا جميعا حكومةً ومعارضةً". لقد كان "الخبير الدستوري" يتحرك بمنطق "البديل" لا الشريك، وهو ما أكده في "حملته التفسيرية" (أي الحملة الانتخابية سنة 2019) وفي حواره الشهير مع الصحفية كوثر زنطور في صحيفة الشارع المغاربي. ولكنّ النخب التونسية بمختلف مرجعياتها تعاملت مع مشروعه باعتباره نوعا من الفكر السياسي "الطوباوي" الذي تعوز صاحبه موارد القوة، مثل التنظيم الحزبي أو اللوبي الجهة أو التاريخ النضالي. ولذلك قدّرت أغلب النخب "الديمقراطية" إمكانية "توظيف" هذا المشروع لصالحها بمنطق التعامد الوظيفي.
بالنسبة إلى أغلب "القوى الديمقراطية"، فإن "تصحيح المسار" كان فرصة ذهبية للاستقواء بالدولة وأجهزتها الصلبة لإعادة هندسة الحقل السياسي بعيدا عن صناديق الاقتراع والإرادة الشعبية. وكان أغلب "الديمقراطيين" يظنون أن وصم منظومة الحكم بـ"منظومة النهضة" وإنكار أدوارهم فيها؛ يكفيان لإعادة تدويرهم في منظومة الحكم الجديدة. وفي البنية العميقة لهذا المنطق السياسي كان أولئك "الديمقراطيون" يقايسون "تصحيح المسار" على المنظومة الحاكمة قبل الثورة.
ففي تلك المنظومة كانت الترتيبات السياسية تقضي بإشراك بعض مكونات "العائلة الديمقراطية" في امتيازات السلطة، وعدم استهداف بقية الأطراف التي ارتضت "شرف" المعارضة المدجنة أو الوظيفية (الموالاة النقدية). ولم يفهم "الديمقراطيون" أن تشريكهم في الحكم أو حتى القبول بـ"حوار وطني" معهم يعني ضرب سردية تصحيح المسار في مقتل، فسردية الحكم تقوم على شيطنة الديمقراطية التمثيلية وأجسامها التي هيمنت على النظام البرلماني المعدّل. إننا أمام سردية لا تقبل بمنطق الشراكة، لأن الشراكة تعني تعدد "الشرعيات" وتعني اعتراف السلطة بعدم احتكارها لتمثيل الإرادة الشعبية، وتعني أخيرا وجود "قوى وطنية" غير فاسدة أو متآمرة ولكنها لا تنتمي إلى "تصحيح المسار".
بناء على ما تقدم، سيكون من المفهوم أن ترفض السلطة كل دعوات الحوار الوطني أو حتى تلك الدعوات المتكررة للانفتاح على الأجسام السياسية والمدنية والنقابية المساندة لها. فالحوار الوطني الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل مثلا يعني التشكيك في توجهات السلطة وفي الإرادة الشعبية التي تقف وراءها، كما يعني أن "الحقيقة الجماعية" ليست حكرا على السلطة وأنها نتيجة "التفكير معا" على الأقل مع أولئك الذين يساندون "تصحيح المسار". ولكن هذا الخيار سيعيد الزمن السياسي إلى الديمقراطية التمثيلية التي جاءت الديمقراطية المجالسية لإنهاء الحاجة إليها، وهو ما ينسف شرعية النظام وسرديته السياسية القائمة على أن الأجسام الوسيطة في الديمقراطية التمثيلية هي جوهر "الخطر الجاثم" على الدولة ومؤسساتها، وهو خطر أصلي لا يمثل "الخطر الداهم" المذكور في دستور 2014 إلا خطرا هامشيا إذا ما قورن به. أما ما دعت إليه الأحزاب المساندة لتصحيح المسار (مثل حركة الشعب أو الوطد الموحد أو حزب المسار.. الخ) من تشريك لها في السلطة، فإنه هو أيضا منطق سياسي غير واع بجوهر تصحيح المسار: رفض التعامل مع الأجسام الوسيطة والاعتراف بها شريكا في السلطة.
في الفلسفة السياسية لتصحيح المسار باعتباره تبشيرا بزمن سياسي كوني جديد، فإن السلطة يمكن أن تنفتح على "الأفراد" ولكنها لا يمكن أبدا أن تنفتح على "الأجسام الوسيطة"، ولذلك لا مكان فيها للشخصيات "المعنوية" كالأحزاب والنقابات والجمعيات المدنية. فوجود تلك المؤسسات بصفتها "الجماعية" يناقض فلسفة "تصحيح المسار" وتبشيرها بنهاية زمن الأحزاب، بل نهاية الديمقراطية التمثيلية. ولذلك فإن على من يريد الاندارج في السلطة أن يأتيَ إليها فردا، وبمنطق "الموظف" لا بمنطق النظير أو الشريك. فلا وجود في تصحيح المسار لسلطات، بل توجد وظائف، ولا وجود لتقاسم سلطات، بل توجد سلطة أصلية واحدة هي سلطة الشعب وممثل أوحد لها هو الرئيس. وهو ما يجعل أي دعوة للنظام إلى الانفتاح على "القوى الديمقراطية" أو إلى الحوار الوطني -على الأقل مع "القوى الديمقراطية- مجرد تعبير عن منطق الرغبة، ولا علاقة لها بالاشتغال الفعلي للسلطة وما يؤسسها في مستوى الشرعية السياسية.
ختاما، فإن موازين القوى بين النظام وبين "العائلة الديمقراطية" تجعل السلطة في غنى عن أجسامها الوسيطة، وإن لم تكن مستغنية عن رساميلها البشرية باعتبارها خزانا استراتيجيا "للموظفين" بالمعنى السياسي للكلمة داخل سردية "تصحيح المسار". فالسلطة لا تحتاج إلى "شركاء" بل إلى "موظفين" لا يستقوون عليها بعصبيّاتهم الحزبية أو النقابية أو المدنية، وهو ما يعني أن كل الدعوات التي تنطلق من الأجسام الوسيطة "الديمقراطية" -سواء للمشاركة في الحكم أو على الأقل للحوار مع السلطة- هي دعوات بلا أفق واقعي ما دامت تطلب الاعتراف بها "شريكا" أو "نظيرا" للسلطة، وهي مجرد تنفيس عن إحساس عميق بالتهميش وعجز عن الخروج منه في ظل التوازنات الحالية بين السلطة وبين المعارضة الراديكالية والموالاة النقدية على حد سواء.
x.com/adel_arabi21