محمد بن حمد البادي
mohd.albadi1@moe.om
في السياق العام، وفي نطاق المشهد الاجتماعي، عندما يأتي أحدهم- مثلًا- بفعل متهور أو سلوكٍ طائشٍ أمام العامة تنهال الكثير من التعليقات الساخرة؛ كأن يقول أحدهم متهكمًا "علشان حد يمدحه"، وهذا من التعابير المجازية التي تدل على أنَّ هذا السلوك غير مقبول.
إنَّ حب عبارات الإطراء والمديح من الأمور التي جبلت عليها النفس البشرية، فالناس- على اختلاف أجناسهم وأعمارهم وثقافاتهم- لديهم غريزة فطرية تجعلهم يتوقون لرؤية الإعجاب والتعظيم في عيون من حولهم، ويحبون سماع تعداد مناقبهم ومحاسنهم من الآخرين، مما يدفعهم بقوة لبذل المزيد من الجهد والعطاء، ويعزز رغبتهم في تطوير قدراتهم الفكرية والعقلية، كما أنه يزيد من طاقتهم وحيويتهم، وينمي مهاراتهم في مجالات شتى لمواجهة تحديات المستقبل، ويطور من سلوكياتهم المرغوب فيها؛ فيجعلهم هذا الثناء يحلقون عاليًا في سماء التميز والإبداع.
وقد يختلف تأثير الإطراء والثناء على النَّاس، وهذا الاختلاف يعتمد بشكل رئيسي على مدى قدرتهم على ضبط هذه الغريزة وتهذيبها وتنقية القلب مما قد يختلط به من شوائب، فنجد فيهم المغرور الذي يقطع الإعجاب ظهره؛ ويجعله يتعالى على من حوله، وصنف آخر؛ كلما كثرت العبارات التي تثني عليه كلما شكك في قدراته وتضاءلت ثقته في نفسه، أما العاقل العارف بطبائع نفسه وغريزتها يتعامل مع الثناء بمنطقية، فلا يحمله على الغرور، ولا يُقلل من ثقته بنفسه؛ بل كلما زاد إعجاب النَّاس به كلما عمل على أن يكون عند حسن ظنهم.
وبعض النَّاس- هداهم الله للحق- يتزلفون بإطراء الممدوحين، وقد يتخذون الثناء على الرؤساء وذوي الجاه تجارة لهم وطريقًا لعيشهم، ويجعلون التملق الممزوج بالكذب والنفاق رأسمالهم الذين يتكسبون من خلاله! فبئس هذا المدح الذي قد يصنع من الممدوح شخصًا نرجسيا، يملأه الغرور والعُجْب.
لقد كان المدح والثناء جزءًا أصيلًا من الثقافة العربية من العصر الجاهلي إلى يومنا هذا، وقد طالعتنا كتب الأدب العربي- على مر العصور- بكثير من نماذج الثناء؛ سواءً كان بالشعر أو الخطب أو حتى المقالات، يتسابق منتهجو هذا الأسلوب في مدح الملوك والسلاطين والأمراء وسادة البلاط في الممالك العربية متسولين المال أو خطب الود أو قضاء مصلحة معينة، ليس هذا وحسب، بل إن تسول الثناء يأتي من متلقيه أيضًا، فنجد بعض الأمراء والسلاطين ـ على سبيل المثال ـ يتسولون المدح والثناء من الشعراء الذين ذاع صيتهم في الآفاق، فيغدقون عليهم العطايا؛ ويجزلون لهم الهبات من أجل الثناء عليهم أمام العامة وعلى رؤوس الأشهاد.
ولا يزال تسول الثناء أسلوبًا للبعض ينشط عند قيامهم بكل أمر ظاهره ابتغاء الخير، ليضعهم دائمًا في دائرة الضوء، أما الأعمال التي تبقيهم في الظل ولا تظهرهم للعلن فلا يحبذون المشاركة فيها، لأن نظرتهم القاصرة لا تدرك أن الله يجازي على صدق العطاء، وسلامة القلب وصفاء النية وتمني الخير للغير.
وأيضا هناك من يتاجر بفرحة البسطاء من أجل كسب أكبر قدر من عبارات الإطراء، مستغلًا حاجة هؤلاء المساكين لما تجود به أيادي المحسنين من العطاء، فيهتك ستر المتعففين من الفقراء، ويتسلق على أكتاف الضعفاء؛ فتراه يعطي باليمنى ويشهر عطاؤه باليسرى، يحشد كاميرات وسائل الإعلام ووكالات الأنباء لتوثيق الحدث الأبرز على مستوى الأرض وكأنه ظاهرة كونية لم يأتِ بها الأولين ولا الآخرين، ليخبر العالم بأسره أنه أكرم الناس، وأنه أجود من الريح المرسلة، وأنه من أشد الناس حرصًا على العطاء، وأنه محبًا للخير، لن يرضي غروره إلا إذا عرف العالم بأسره أنه نصير الضعفاء، وأنه شارك في بناء المدارس والشوارع والجوامع، وأنه في كل يومٍ يطعم ألف جائع، وأنه أعطى وتصدق وأنفق الكثير من المال، ولا نراه بهذا الفعل إلا محبًا للمدح متسولًا للثناء.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
جرائم تفضح أكاذيب الوطنية الزائفة التي يتشدقون بها
وزارة الخارجية : اعتقال المهندس شرف والشيخ الزايدي انتهاكٌ صارخٌ للحق في السفر والتنقل الذي كفلته المواثيق والقوانين الدولية
يستمر مسلسل التقطع والحرابة الذي تمارسه مليشيات الاحتلال بحق المواطنين المسافرين في مناطق سيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي دون وجه حق يبرر تلك الجرائم المنافية للقيم والمبادئ وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، في مشهد يعكس تمادي وتجاوز تلك العصابات الإجرامية، في ارتكاب كل ما هو محرم ضد المواطنين الأبرياء شرعآ وقانونا.
الثورة / مصطفى المنتصر
ورغم أن المواطنين الذين أجبرتهم الظروف والحصار الجائر على بلادنا من المرور عبر تلك الطرق والخطوط الموحشة سيئة الصيت والسمعة ، أملين أن تشفع لهم يمنيتهم ولو بتجاوز تلك النقاط التي وجدت لتعزيز التفرقة والتشرذم بين أبناء الشعب اليمني الواحد بعد أن كرس المحتل تلك الثقافة الدخيلة على مدى عشرة أعوام ما جعلها وسيلة رخيصة لابتزاز المواطنين وإرهاب المسافرين .
وكانت ميليشيات المرتزقة في عدن والمهرة الأسبوع الماضي قد أقدمت على اعتقال الوزير السابق في حكومة الإنقاذ الوطني المهندس هشام شرف في مطار عدن والشيخ محمد الزايدي شيخ مشايخ جهم، في منفذ صرفيت الحدودي بمحافظة المهرة في جريمتين منفصلتين استهدفتهما وهما في طريق سفرهما إلى الخارج.
وأدان مصدر مسؤول بوزارة الخارجية والمغتربين، إقدام حكومة المرتزقة على اعتقال المهندس هشام شرف وزير الخارجية السابق في مطار عدن الدولي.
وأكد المصدر أن اعتقال الوزير السابق بحكومة الإنقاذ الوطني والقيادي في المؤتمر الشعبي العام المهندس هشام شرف يكشف حقيقة من يتشدقون بتمثيل اليمن الواحد ويؤكد أنهم مجرد عصابات وقطاع طرق.
واعتبر اعتقال وزير الخارجية السابق، انتهاكًا صارخًا للحق في السفر والتنقل الذي كفلته المواثيق والقوانين الدولية.
ولفت المصدر إلى أن مرتزقة العدوان أقدموا خلال السنوات العشر الماضية على اعتقال العشرات من المواطنين اليمنيين أثناء سفرهم عبر المحافظات المحتلة بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي وآخرهم الشيخ محمد الزايدي الذي اعتقل في محافظة المهرة .
وطالب المصدر بالإفراج عن المهندس هشام شرف والشيخ الزايدي.. داعياً المنظمات الحقوقية والإنسانية إلى إدانة اعتقالهما والمطالبة بالإفراج عنهما وعن كافة المعتقلين في سجون المرتزقة.
تقطع مستمر
وكانت مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا خلال الشهر الماضي قد منعت المسافرين من أبناء المحافظات الشمالية من الدخول إلى عدن ، عبر محافظة أبين جنوب اليمن، بعد أيام قليلة من عملية منع مماثلة شهدتها محافظة لحج الخاضعة لسيطرة المليشيات التابعة لتحالف العدوان .
واكد مواطنون أن نقاط تفتيش تابعة لمليشيات الانتقالي وحكومة المرتزقة، تمارس أساليب مستفزة واحيانا قمعية ضد المسافرين وتقوم بمنعهم من دخول عدن أو أي محافظة جنوبية خاضعة لسلطة الاحتلال ناهيك عن حجم الإذلال والترهيب الذي يمارسه أفراد ومجندو المليشيات ضد المواطنين من أجل ابتزازهم وسلب مقتنياتهم وأغراضهم بحجج واهية ومبررات كاذبة .
وأوضح مواطنون أن النقاط الواقعة في منطقة الفرشة بمديرية طور الباحة في محافظة لحج، أوقفت سيارات تحمل لوحات صادرة من محافظات شمالية كـتعز وإب وذمار وصنعاء، وأجبرت العديد من المسافرين على العودة من حيث أتوا، دون وجود أي أسباب اي مبررات لهذه الممارسات التشطيرية الإجرامية .
ومن بين تلك الطرق يعد طريق طور الباحة – عدن أحد أهم المنافذ البرية التي يعتمد عليها المسافرون من المحافظات الشمالية للوصول إلى محافظة عدن، ما يجعل مثل هذه الإجراءات مصدر قلق واسع ومضاعفة معاناة المواطنين.
وتستغل عناصر مليشيا الانتقالي نقاط التفتيش للتكسب الشخصي والتفيد على حساب المواطنين المسافرين ، من خلال فرض رسوم غير محددة القيمة على سائقي الباصات والشاحنات، وحتى المسافرين الذين اكدوا أنهم اضطروا في العديد من المرات إلى الاستجابة لابتزاز عناصر مليشيا الانتقالي؛ للسماح لهم بمواصلة السفر.