رغم أن رفح جزء من قطاع غزة والذى يشهد حرب إبادة، إلا أن لها خصوصية فى سياق ما يجرى جعل الكل يضع يده على قلبه من فكرة اجتياحها بما فى ذلك الولايات المتحدة فى الظاهر على الأقل. فلماذا خصوصية الخوف على رفح بالذات؟ وإلى أى حال صار الوضع بها بفعل هذه الخصوصية وتلك التحفظات، وذلك الرفض لعملية اجتياحها؟
الخوف على رفح جاء لاعتبارات إنسانية بحتة تتعلق باعتبارها الملاذ الأخير لسكان القطاع بعد أن أجبرتهم العمليات الإسرائيلية على الفرار من كافة مدن وبلدات القطاع إلى أن تركزوا أخيرًا أو العدد الأكبر منهم- أكثر من مليون و300 ألف فلسطينى هناك.
المهم على خلفية هذه التصورات تأخر اجتياح رفح من قبل القوات الإسرائيلية وحظيت العملية فى مطبخ الدولة العبرية بكثير من التردد حتى ساد التصور بأن رفح استثناء من ساحة الحرب الأمر الذى عززه ما بدا من توتر بين الإدارة الأمريكية وحكومة نتنياهو فى ضوء اتجاه الأولى إلى تخفيف حدة التبعات الدولية بل وحتى الداخلية – ممثلة فى مظاهرات طلبة الجامعات– للحرب الإسرائيلية على غزة.
غير أنه كان من الواضح أن الأمر تم حسمه فى النهاية لصالح اتمام عملية اجتياح رفح والضرب بكل التحفظات الدولية وغير الدولية عرض الحائظ بما فى ذلك المخاطرة بحال العلاقات مع مصر فى ضوء تماس المدينة مع حدودها. وكان من الواضح أن ذلك الأمر جاء بعد موافقة أمريكية علنية وصريحة على قاعدة أن عملية رفح ستكون نظيفة! بمعنى أنها لن تنال من المدنيين على نحو يتجاوز الحدود الطبيعية وإن انتهى إلى أنها ربما تعتبر الأكثر دموية!.
لقد كشف الواقع على الأرض زيف التطمينات الأمريكية والمزاعم الإسرائيلية حتى على قاعدة الافتراض الخيالى وغير المقبول بأحقية إسرائيل فى ملاحقة حماس! فقد كانت النتيجة أن المذابح صارت إلى الأسوأ والأهوال التى لحقت بالمدنيين هناك صارت أكثر خزيًا ما اضطر الأمم المتحدة إلى البحث فى إعداد قرار يدين إسرائيل ويعتبر جيشها منظمة تقتل الأطفال! هذا فضلًا عما أشارت اليه الأونروا من فرار حوالى مليون شخص فروا من رفح على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية فى ضوء عدم وجود مكان آمن للذهاب إليه وسط القصف، ونقص الغذاء، والماء، وأكوام النفايات، والظروف المعيشية غير المناسبة.
ورغم كل ذلك فإن واشنطن التى تحاول أن تنأى بنفسها عن تلك الجريمة بإشارتها إلى أن ما يجرى يزيد عزلة إسرائيل الدولية ترى أن تل أبيب لم تتجاوز الخطوط الحمراء التى حددتها لها لمسار العمليات فى رفح! وليتيقن لنا أن الولايات المتحدة شريك كامل ورئيسى فى حرب الإبادة التى تتم بحق الفلسطينيين فى القطاع وليس فى جزء منه دون آخر!
فى ذات الوقت الذى فشل فيه المجتمع الدولى فى اتخاذ أى إجراء يفرض وقف العمليات الإسرائيلية فى رفح وسط توقعات بإخفاق الجزائر فى تحقيق هذا الهدف من خلال المشروع الذى تقدمت به إلى مجلس الأمن للتصويت عليه، فى ضوء المخاوف المتعلقة بالفيتو الأمريكى المتوقع على مثل هذه الخطوة.
يؤكد ذلك ما أشار إليه الرئيس السيسى فى كلمته أمام القمة العربية فى البحرين من غياب الإرادة الدولية لوقف تلك الحرب، وهو أمر لا يعفى العرب– كل العرب– بالطبع من مسئولية المشاركة فى هذه المهمة لوقفها.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى عبدالرازق تأملات رفح جزء من قطاع غزة حرب إبادة الولايات المتحدة العمليات الإسرائيلية فى ضوء
إقرأ أيضاً:
من المغرب إلى بريطانيا..مشروع ضخم لنقل الكهرباء النظيفة دون دعم حكومي
في خطوة قد تُحدث تحولًا في سوق الطاقة بين أفريقيا وأوروبا، طرح رجل الأعمال الأسترالي أندرو فورست، مؤسس مجموعة “فورتيسكيو” المتخصصة في قطاع التعدين والطاقة، مقترحًا لإنشاء مشروع ضخم يهدف إلى نقل الكهرباء النظيفة من المغرب إلى المملكة المتحدة عبر كابل بحري، دون الحاجة إلى أي دعم حكومي.
وقال فورست في تصريحات إعلامية إنه أجرى محادثات مع وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند بشأن المشروع، مشيرًا إلى أن المجموعة تخطط لتوليد ما يصل إلى 100 غيغاواط من الطاقة الشمسية في شمال أفريقيا، وتصدير نحو 500 تيراواط/ساعة سنويًا إلى أوروبا— أي ما يعادل تقريبًا كامل استهلاك ألمانيا من الكهرباء في عام واحد، وفقًا لما أورده موقع “العمق” المغربي.
ويتضمن المشروع إنشاء كابلات بحرية طويلة المدى، مدعومة بأنظمة تخزين كهربائية ومحطات عاملة بالهيدروجين، لضمان إمداد مستقر ومتواصل على مدار الساعة، ويأتي ذلك في ظل تصاعد الحاجة الأوروبية إلى مصادر طاقة موثوقة، خاصة بعد تعرض شبكات الكهرباء في دول مثل إسبانيا والبرتغال لانقطاعات حادة خلال الأشهر الماضية.
ويعد المشروع الجديد منافسًا مباشرًا لمبادرة “إكسلينكس”، التي تهدف إلى مد كابل كهربائي بحري بطول 4000 كيلومتر يربط بين مدينة طانطان المغربية وسواحل ديفون البريطانية، غير أن الفارق الجوهري يكمن في التمويل؛ إذ تعتمد “إكسلينكس” على دعم حكومي عبر آلية “عقد الفروقات” (CfD)، بينما يشدد فورست على أن مشروعه لا يحتاج إلى دعم مالي، بل إلى “التزام حكومي بشراء الكهرباء وفق أسعار السوق”.
وقال فورست: “نحن لا نحتاج إلى دعم… نحتاج فقط إلى التزام بشراء الكهرباء بأسعار السوق. هذا المشروع قادر على تزويد أوروبا وبريطانيا بطاقة ثابتة وموثوقة، تمامًا كما أحتاج لتشغيل شركتي”.
في سياق متصل، كانت “فورتيسكيو” قد وقعت اتفاقية مع شركة “جان دي نول” البلجيكية لدراسة إنشاء مصانع لإنتاج الكابلات البحرية في المغرب، مما يُعزّز من البعد الصناعي والتنموي للمشروع داخل المملكة.
ويتماشى المشروع مع أهداف بريطانيا المعلنة لتحقيق مزيج كهرباء نظيف بنسبة 95% بحلول عام 2030، في إطار جهودها الحثيثة لتقليل الانبعاثات الكربونية وتنويع مصادر الطاقة.