الرباط- يمضي العمل على مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا على قدم وساق وسط تساؤلات حول إذا ما كان  سيرى النور قبل مونديال 2030 الذي ستنظمه كل من إسبانيا والمغرب والبرتغال.

ويحظى هذا المشروع -الذي أطلق عليه "مشروع القرن"- باهتمام دولي بالنظر إلى فوائده الاقتصادية ليس للبلدين المعنيين فحسب، بل لاقتصاد القارتين الأفريقية والأوروبية، والاقتصاد العالمي ككل، وفق مراقبين.

وينتظر أن تنعقد الدورة الـ44 للجنة المشتركة المغربية الإسبانية للربط القاري عبر مضيق جبل طارق في طنجة في يونيو/حزيران الحالي.

وخلال هذه الدورة، ستعرض الشركتان الحكوميتان، وهما الشركة الوطنية لدراسة مضيق جبل طارق بالمغرب، والشركة الإسبانية لدراسات الربط القاري عبر مضيق جبل طارق، خطة عمل مفصلة للفترة الممتدة من سنة 2024 إلى سنة 2026.

خطة العمل

وفق المعطيات التي حصلت عليها الجزيرة نت من الشركة الوطنية لدراسة مضيق جبل طارق بالمغرب، فإن خطة العمل للفترة 2024-2026 تتضمن عددا من المحاور من بينها:

إعادة هيكلة وتحديث وسائل عمل الشركتين المغربية والإسبانية من خلال الدراسات والأبحاث الواسعة التي تم إجراؤها. التعاون مع المؤسسات والمعاهد العلمية والتقنية الوطنية والدولية. استكشاف التشكيلات الجيولوجية السفلية للأرض من خلال حملات للاستطلاع على اليابسة وفي البحر. تحديد مسار النفق ومرافقه عبر سلسلة من الدراسات الخاصة. التقييم الاجتماعي والاقتصادي والبيئية والإستراتيجي والقانوني للمشروع، وفقا للمعايير الدولية. مبادرات تعزيز مكانة المشروع على الصعيدين المحلي والدولي. رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش (ثالث يمين) في الاجتماع الـ12 رفيع المستوى المغربي الإسباني فبراير/شباط الماضي (موقع رئاسة الحكومة)

وتشمل الموارد التي تسعى الخطة إلى استعمالها أيضا المعدات والتكنولوجيا الجديدة لاستكشاف التشكيلات الجيولوجية السفلية وتقليل المخاطر المرتبطة بها.

وتهدف خطة العمل لفترة 2024-2026 إلى تطوير المشروع من مرحلة معرفة بيئته الطبيعية إلى التوصيف التقني لهذه البيئة، للانتقال إلى مرحلة تنفيذ المشروع في المستقبل.

بدايات المشروع

لا يرتبط مشروع الربط القاري عبر مضيق جبل طارق بقبول الملف المغربي الإسباني البرتغالي لتنظيم نهائيات كأس العالم 2030، بل إن الملامح الأولى لهذا المشروع ظهرت عام 1979 عقب لقاء جمع الملك الراحل الحسن الثاني والملك الإسباني السابق خوان كارلوس، أبديا فيه رغبتهما في العمل على تطوير الفكرة.

ومن أجل إنجاز هذا المشروع الضخم، أنشأ البلدان لجنة مغربية إسبانية مختلطة، وأحدثا شركتين مخصصتين حصريا للدراسات اللازمة للمشروع في أفق إنجازه.

وتم توقيع اتفاقيتي تعاون تكميلي بين البلدين عام 1980، تلاه إحداث لجنة حكومية مختلطة تتألف من أعضاء من الجانب الإسباني والمغربي بالتساوي وتجتمع بصفة دورية لتشرف على برنامج عمل شركتي الدراسات المغربية والإسبانية.

ووفق معطيات حصلت عليها الجزيرة نت من الشركة المغربية أيضا، فإنه منذ إحداث الشركتين تم إنجاز عدة دراسات تعنى بجميع الجوانب.

وحسب الشركة، فإن القرار في المراحل المقبلة للمشروع يعتمد على استكمال الاستكشافات التي تم تحديدها من أجل اعتماد التقنية الملائمة لبناء النفق كربط تحت الأرض بناء على رصيد الدراسات المنجزة من طرف الشركتين.

الدراسات التقنية الأولية

وضعت الدراسات الأولية للخبراء عددا من الخيارات التي خضعت للتحليل والدراسة آخذة بعين الاعتبار التكوين الطبوغرافي لمنطقة جبل طارق.

ووفق معطيات الشركة الإسبانية المنشورة على موقعها الإلكتروني، فقد وُضعت في البداية عدة خيارات للربط القاري وهي:

جسر معلق على دعامات ثابتة. وجسر معلق على دعامات عائمة. ونفق مغمور مدعوم في قاع البحر. ونفق عائم وآخر محفور.

واستنادا إلى تحليل متعدد المعايير للبدائل المختلفة التي تمت دراستها، تم التوصل منتصف تسعينيات القرن الماضي إلى أن الحلين الأكثر جدوى هما:

الجسر المعلق على دعامات ثابتة. والنفق المحفور. خيار النفق البحري

لكن تم استبعاد فكرة الجسر المعلق بالنظر للأبعاد الاستثنائية لهذا المقترح والبعيدة جدا عما يجري تنفيذه على مستوى العالم، وتم التوافق على فكرة النفق لعدة اعتبارات:

كونه الحل الأقل تأثيرا على الملاحة البحرية، حيث لا يوجد خطر اصطدام السفن بالبنية التحتية. أنه البديل الأقل تأثيرا على البيئة والأكثر اقتصادا. أن حفر الأنفاق -وإن كان تحت قاع البحر- هو تقنية معروفة وذات خبرة واسعة.

وحسب المصدر السابق:

المسار الوحيد المحتمل سيكون من خلال الطريق الأكثر ضحالة والذي يربط بونتا بالوما غرب طريفة، مع مالاباطا شمالي المغرب. تبلغ المسافة بين محطتي البداية والنهاية في الضفتين 42 كيلومترا، تمتد 28 كيلومترا منها تحت سطح البحر، والباقي سيمر عبر نفق تحت الأرض. سيتم تصميم النفق لحركة القطارات التقليدية وعالية السرعة، بالإضافة إلى الحافلات المكوكية لنقل المركبات الخفيفة والثقيلة بين المحطتين الواقعتين على الضفتين. في المرحلة الأولى للمشروع، سيتم تنفيذ نفق أحادي السكة يبلغ قطره 7.9 أمتار، وفي المرحلة الثانية سيتم تنفيذ نفقين للسكك الحديدية. الصحافة الإسبانية تحدثت عن أن التكلفة الإجمالية لمشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا قد تصل إلى 10 مليارات يورو كلفة تمويل مشروع النفق

عاد المشروع إلى الواجهة مع الإعلان عن تنظيم مشترك لمونديال 2030 بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، إذ أكد الجانبان -في اجتماع اللجنة العليا المشتركة المغربية الإسبانية المنعقدة في الأول والثاني من فبراير/شباط 2023- أهمية مشروع الربط القاري بين البلدين وما يمكن أن يحدثه من ثورة حقيقية على مستويات عدة.

وشهدت طنجة تنظيم الدورة الـ43 للجنة المختلطة المغربية الإسبانية للربط القاري عبر مضيق جبل طارق في أبريل/نيسان 2023 بعد مرور 14 سنة منذ الدورة الـ42.

وعيّن المغرب مديرا جديدا للشركة في إشارة إلى بداية جديدة وقوية لتنفيذ هذا المشروع. وعملت الشركتان المغربية والإسبانية على مراجعة الدراسات السابقة وتعديلها وتحديثها.

وخصصت الحكومة الإسبانية سنة 2023 ميزانية تقدر بـ750 ألف يورو لإنجاز الدراسات التقنية لمشروع النفق القاري، في حين تحدثت الصحافة الإسبانية عن أن التكلفة الإجمالية للمشروع قد تصل إلى 10 مليارات يورو، وسيحتاج تنفيذه إلى تعاون دولي وتمويل مشترك من البنوك الدولية والاتحاد الأوروبي.

فقاعة إعلامية أم يتطلب التريث؟

ينظر إلى هذا المشروع بتفاؤل كبير بالنظر إلى تأثيراته الاقتصادية الكبيرة على المنطقة وأهميته في تسهيل حركة الأشخاص والبضائع بين القارتين، وقيمته المضافة لتطوير النقل في غرب البحر الأبيض المتوسط.

ويرى الخبير الاقتصادي عبد النبي أبو العرب أن مشروع النفق البحري هو مشروع القرن بالنظر إلى تأثيراته الجيوستراتيجية والجغرافية والثقافية والحضارية الكبيرة، و بالنظر إلى أهميته في مضاعفة مستويات التبادل التجاري والاقتصادي والسياحي.

مخطط يُظهر تخطيط المحطتين الشمالية والجنوبية، ومدخل النفق من الجهتين وأعمدة التهوية (الشركة الإسبانية)

وأوضح أبو العرب -في تصريح للجزيرة نت- أنه بالنظر إلى حجم هذا المشروع وما يعنيه من رغبة في الاندماج والتقارب بين البلدين فهو مشروع سياسي ويتطلب تنفيذه قرارا سياسيا من البلدين، خاصة أن العلاقة بينهما في أفضل حالاتها.

أما الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي بدر زاهر الأزرق، فعلى الرغم من تأكيده أن السياق العام المتعلق بالتنظيم الثلاثي لمونديال 2030 يحفز على إنجاز مشروع الربط القاري بين البلدين، فإنه يرى أن ما تم إنجاز حاليا يبقى قليلا.

وقال في حديث للجزيرة نت إن "هناك إرادة ورؤية ودراسات إيجابية، لكن التنزيل الفعلي للمشروع وإعلان الجهات الممولة والمرور للدراسات التقنية والفنية وتحديد وقت معين لإنجازه لا يزال حتى الآن غير معروف".

ولفت الأزرق إلى أن الوقت ليس في مصلحة المغرب وإسبانيا، لأن مثل هذه المشاريع تتطلب زمنا طويلا قد يمتد إلى 5 أو 6 سنوات.

وفي ضوء المعطيات المتاحة، يتساءل الأزرق عما إذ كان الأمر يتعلق بفقاعة إعلامية أم أنه يتطلب مزيدا من التريث والصبر في انتظار الشروع الفعلي في تنزيل هذا المشروع.

هل يمكن أن يرى النور قبل المونديال؟

يعتقد عبد النبي أبو العرب أن إنجاز المشروع قبل المونديال مرهون بأمرين:

القرار السياسي بين البلدين. وإيجاد التركيبة المالية الضرورية لإنشاء هذا النفق.

وأشار أبو العرب إلى أن التكلفة ستكون كبيرة إلى جانب التعقيدات التقنية واللوجستية والجغرافية.

وقال "إذا تم التغلب على التعقيدات التقنية وتم توفير التركيبة المالية لهذا المشروع، فأعتقد أنه سينجز في 2030 رغم أن الأمر يبقى مستبعدا".

من جهته، يؤكد الأزرق ضرورة استغلال سياق المونديال لتنزيل هذا المشروع القاري الدولي، الذي سيستفيد منه الاقتصاد العالمي ككل، وليس الاقتصاد المغربي أو الإسباني أو الاقتصاد القاري فحسب.

وختم بقوله "إن مشروع النفق البحري -الذي تحلم به المنطقة منذ 30 سنة- إذا لم ينجز اليوم في سياق المونديال، فإنه لن يرى النور أبدا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بین المغرب وإسبانیا النفق البحری مشروع النفق هذا المشروع بین البلدین بالنظر إلى أبو العرب یرى النور

إقرأ أيضاً:

إنجاز 65% من مشروع شبكات توزيع المياه في عبري وبهلا

مسقط- العُمانية

تنفذ شركة نماء لخدمات المياه مشاريع شبكات توزيع المياه وفق أعلى معايير الجودة وبكفاءة عالية لتغطية الطلب المتزايد على المياه في مختلف محافظات سلطنة عُمان. ومن أجل ضمان استدامة المياه لكافة محافظات سلطنة عُمان، تقوم الشركة العُمانية لخدمات المياه والصرف الصحي بربط الشبكات في مختلف الولايات بخطوط النقل لضمان نقل المياه وتزويد المستفيدين بها من مختلف مواقع محطات التحلية، وفق معطيات التوسع السكاني والعمراني في الولايات، وذلك بالتنسيق مع الجهات الخدمية الأخرى لتوفير حزمة الخدمات الأساسية، ويأتي في مقدمتها خدمة المياه.

وتماشيًا مع رؤية الشركة لتوفير المياه لكافة المستفيدين، تعمل الشركة حاليًّا على تنفيذ مشروع إنشاء شبكات توزيع المياه في ولايتي عبري وبهلا في كلٍّ من قرى "وادي العين"، و"بات"، و"الهجر"، و"البانة"، و"عملا"، و"العبلة"، و"طوي العجوز"، و"الميس" بولاية عبري، وقرى "سنت"، و"صنت"، و"سيح المعاشي"، و"البويضا"، و"معول"، و"مصيبيخ"، و"سيح رول"، و"المصلى" بولاية بهلا.

وقال صلاح بن سالم السيابي، مدير مشروع شبكات مياه وادي العين - سيح المعاشي بولايتي بهلا وعبري بالإنابة: إن المشروع سيغطي التجمعات السكنية القائمة والمخططات المستقبلية، وذلك لمواكبة التوسع العمراني الكبير والحركة السياحية والاقتصادية التي تشهدها الولايتان، لتغطية الطلب المتزايد على المياه، حيث سيوفر المشروع 18 ألف متر مكعب يوميًّا من المياه في المناطق التي يشملها.

وأضاف: يهدف المشروع إلى توفير المياه النظيفة الصالحة للشرب، والإسهام في التطوير العمراني للمناطق المستهدفة، وإيجاد فرص للاستثمار، وتوفير فرص عمل من خلال التطوير الصناعي والتجاري في مناطق المشروع، كما سيساعد الجهات الحكومية المختصة في التخطيط من أجل توفير الخدمات التي تحتاج إليها المناطق المستهدفة في المشروع.

وأشار إلى أن المشروع سيُقام على مساحة تُقدَّر بحوالي 316,345 كيلومترًا مربعًا، ويبلغ عدد التوصيلات المنزلية المتوقعة أكثر من 3,300 توصيلة. وأوضح أن طول أنابيب النقل الرئيسية ضمن نطاق المشروع يبلغ أكثر من 107 كيلومترات بأقطار تتراوح بين 300 إلى 400 مليمتر، وشبكات التوزيع بين المناطق والتجمعات السكانية التي يغذيها المشروع أكثر من 450 كيلومترًا بأقطار تتراوح بين 110 إلى 225 مليمترًا، ويتكون المشروع من 5 محطات متكاملة لتقوية ضخ المياه، بالإضافة إلى 6 خزانات رئيسية تتراوح سعتها بين ألفين إلى 18 ألف متر مكعب في كلٍّ من مناطق الهجر، والعين، وباروت، وسنت، وسيح المعاشي، علاوة على أنظمة متطورة لتعقيم المياه ومراقبة جودتها، وكذلك نظام للتحكم والمراقبة لإدارة كافة مرافق المشروع من مركز التحكم الوطني بمحافظة مسقط.

وأكد أن تكلفة المشروع تبلغ أكثر من 25 مليون ريال عُماني، حيث يتم إنجازه وفق المخطط الزمني له، وقد وصلت نسبة الإنجاز فيه إلى أكثر من 65%.

مقالات مشابهة

  • الكنيسة القبطية تشارك في حفل السفارة المغربية
  • تدشين إعادة تأهيل مشروع بئر الغول في الراهدة
  • اجتماع موسع بمصيرة لمتابعة مشروع ميناء متعدد الأغراض
  • أين وصل مشروع الدرهم المغربي الرقمي وما أهميته؟
  • إنجاز 65% من مشروع شبكات توزيع المياه في عبري وبهلا
  • محافظة الداخلية تُدشّن مشروع إعداد الخطة الاستراتيجية التنموية "2026 - 2030"
  • الملك محمد السادس يطالب نتنياهو بفتح معبر المساعدات المغربية لغزة
  • مشروع العبور القاري يدخل مرحلة جديدة
  • رؤية مشروع الجبل العالي
  • في سنغافورة.. مشروع جزيرة من صنع الإنسان لمواجهة خطر البحر المتصاعد