البكاء علي اطلال بياسا في العاصمة الاثيوبية
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
زهير عثمان حمد
من منا لا يحمل ذكريات ساحرة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مدينة الجميلات والرقص والبيرة الرخيصة؟ هذه الذكريات تملأ القلب بشوقٍ لهذه العاصمة ذات النكهة الخاصة. إن الحديث عن إثيوبيا وتراثها الثقافي والعمراني في مواجهة التطور العمراني، يسلط الضوء على دولة ذات تاريخ غني ومتنوع، حيث لعبت دوراً مهماً في تاريخ البشرية.
ومع تطور المدن وتغيرها، غالبًا ما تتأثر حياة السكان الذين يعيشون في تلك المناطق لعقود. في منطقة بياسا النابضة بالحياة في أديس أبابا، تحولت المنازل والمحلات التجارية إلى أنقاض، مما أدى إلى فقدان آلاف المواطنين لمنازلهم دون سابق إنذار أو تعويضات مناسبة. هذا القرار المؤلم لهدم المنطقة التاريخية أثار جدلاً واسعاً بين السكان وعشاق العاصمة الإثيوبية. تُظهر القصص المتداولة أن بياسا كانت أكثر من مجرد منطقة سكنية؛ كانت جزءًا من تراث وثقافة أديس أبابا.
تحتضن بياسا العديد من المعالم الثقافية الهامة مثل أول فندق في إثيوبيا (فندق تايتو)، وأول بنك (بنك أبيسينيا)، وأول قاعة سينما، وأول مسرح (هاغير فيكير)، وأول مقهى يقدم الكعك. ورغم عمليات الهدم الواسعة التي شهدتها المنطقة، ما زالت بياسا تحتفظ بإرثها الثقافي الغني.
يذكر الكاتب محمد سلمان في كتابه عن بياسا، القضايا الاجتماعية مثل التحرش الجنسي في حافلات المدينة، والتشرد، والفقر الذي يعاني منه الكثير من السكان. بالإضافة إلى ذلك، تتميز بياسا بمتاجرها ومراكز التسوق والكافيهات وسوق الذهب والشركات الكبرى والكليات الجامعية.
فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة، أشار الكاتب أبرها سقاي إلى وجود العديد من الإيجابيات مثل افتتاح متحف عدوة التذكاري في بياسا، الذي يخلد انتصار الإثيوبيين على الجيش الإيطالي. ورغم التغييرات، تبقى المواقع الأثرية مثل كاتدرائية القديس جورج ونصب الإمبراطور منليك الثاني محمية.
تأتي هذه التغييرات ضمن برنامج التنمية السكنية المتكاملة الذي أطلقته الحكومة الإثيوبية للتخفيف من التوسع في الإسكان غير الرسمي وتوفير السكن الرسمي للسكان المتضررين. يهدف البرنامج إلى إزالة الأحياء القديمة وتقديم وحدات سكنية مناسبة، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية مثل طرق الدراجات وممرات المشاة والحدائق والمكتبات.
ومع ذلك، أثار مخطط تطوير أديس أبابا وعمليات الهدم الجدل. فقد اعتبر بعض الأكاديميين أن رئيس الوزراء آبي أحمد منفصل عن الواقع بسبب سعيه لتحويل أديس أبابا إلى "دبي شرق إفريقيا" دون مراعاة الفروقات الهائلة بين المدينتين. يعاني معظم سكان أديس أبابا من الفقر المدقع ونقص الخدمات الأساسية، بينما يخطط رئيس الوزراء لتشييد قصر إمبراطوري بتكلفة 10 مليارات دولار
الجدل حول تحديث أديس أبابا وتأثيره على التراث الثقافي , يثير مخطط تطوير أديس أبابا وعمليات الهدم الجدل الواسع بين المواطنين. يرى بعض النقاد أن رئيس الوزراء آبي أحمد منفصل عن الواقع، ويسعى لتحويل أديس أبابا إلى "دبي شرق إفريقيا" دون مراعاة الفروقات الكبيرة بين المدينتين. ذكر أكاديمي إثيوبي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أن معظم سكان العاصمة البالغ عددهم نحو 6 ملايين نسمة يعانون من الفقر المدقع، وارتفاع معدل التضخم، ونقص الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم،
في الأسابيع الأخيرة، شهدت منطقة بياسا في أديس أبابا عمليات هدم واسعة، حيث قامت الجرافات بهدم مبانٍ تاريخية يعود بعضها إلى مئة عام، ضمن مشروع "تطوير ممر أديس أبابا" الذي يهدف إلى تحديث المدينة. تعبر الناشطة سميرة عن استيائها قائلة: "تم محو تاريخنا وهويتنا" بعد هدم مكان ولادتها في بياسا التاريخية. تحولت أجزاء كبيرة من هذا الحي النابض بالحياة إلى أكوام من الحطام، حيث لم يتم إبلاغ السكان في كثير من الأحيان بمغادرة منازلهم أو محلاتهم التجارية. اختفت العديد من المواقع التاريخية والمحبوبة، بما في ذلك أول مخبز للبقلاوة في إثيوبيا، ومحلات المجوهرات، والمقاهي الشهيرة.
ويقول النقاد إن مشروع "تطوير ممر أديس أبابا" لم يُحطم فقط المباني، بل أيضًا نسيج المجتمع في بياسا، حيث كانت تجمع الناس من جميع الطبقات الاجتماعية في شوارعها المرصوفة. يُعرف حي أرادا، المعروف باسم "بيازا" من قبل قوات الاحتلال الإيطالية في الثلاثينيات، والمعروف باسم بياسا حتى اليوم، بأنه تطور حول سوق واسع في أوائل القرن العشرين. كانت هذه المجتمعات المتعددة الثقافات تشكل بيئة حضرية فريدة بمزيج متنوع من التأثيرات المعمارية.
تحمل منطقة بياسا أهمية كبيرة في تاريخ إثيوبيا، خصوصاً في فترة التوسع الجغرافي بين عامي 1889 و1925، عندما اكتسبت إثيوبيا حدودها الجغرافية الحالية وتم تقسيم البلاد إلى وحدات إدارية صغيرة تحكمها النبلاء والقادة العسكريين. تم تبني نظام الإدارة الوزارية الذي يميز البيروقراطية الإثيوبية اليوم، كما تأثرت بياسا بتطور الاتصالات والتجارة، حيث تم بناء خطوط سكك حديدية مثل خط جيبوتي - أديس أبابا، مما أثر إيجاباً على التجارة الخارجية والداخلية.
لابد مع مراعاة الجوانب المحلية والبيئية والاقتصادية. يعد الحفاظ على التراث الثقافي والعمراني جزءًا أساسياً من هوية العاصمة الإثيوبية، ويجب التوازن بين التطوير الحديث والحفاظ على هذا الإرث التاريخي الهام.
تحمل منطقة بياسا أهمية كبيرة في تاريخ إثيوبيا، خصوصاً في فترة التوسع الجغرافي بين عامي 1889 و1925، حين اكتسبت إثيوبيا حدودها الجغرافية الحالية وتم تقسيم البلاد إلى وحدات إدارية صغيرة تحت حكم النبلاء والقادة العسكريين. خلال هذه الفترة، تم تبني نظام الإدارة الوزارية الذي يميز البيروقراطية الإثيوبية اليوم. كما تأثرت بياسا بتطور الاتصالات والتجارة، حيث أدى بناء خطوط سكك حديدية مثل خط جيبوتي - أديس أبابا إلى تعزيز التجارة الخارجية والداخلية.
مع إزالة المباني في بياسا، يجب تقدير الأثر البيئي والاقتصادي لهذه الخطوة بشكل شامل، مع مراعاة الجوانب المحلية والبيئية والاقتصادية. يعد الحفاظ على التراث الثقافي والعمراني جزءًا أساسياً من هوية العاصمة الإثيوبية، ويجب التوازن بين التطوير الحديث والحفاظ على هذا الإرث التاريخي الهام.
وأخير أقول
( بياسا لم ترحل
على أنقاض بياسا،
لا أرثي رحيلًا، بل أُرثي تحولًا،
فبياسا لم ترحل، بل تحولت إلى حكاية،
حكاية مدينة تم هدمها،
ولكنّ روحها ظلت خالدة.
بياسا، يا رمز الهوية،
كيف ننسى شوارعك التي كانت تعجُّ بالحياة؟
كيف ننسى بيوتك العتيقة التي كانت تُحكي قصصًا من الماضي؟
كيف ننسى مقاهيك التي كانت تجمعُ الناس من مختلف الطبقات؟
بياسا، يا مهد الحضارة،
كيف ننسى تاريخك العريق؟
كيف ننسى إنجازاتك التي سطرتِها على صفحات التاريخ؟
كيف ننسى دوركِ في تشكيل هوية مدينتنا؟
بياسا، يا رمز الصمود،
كيف ننسى مقاومتكِ في وجهِ التغيير؟
كيف ننسى تضحياتكِ من أجل الحفاظ على تراثكِ؟
كيف ننسى إصراركِ على البقاء؟
بياسا، يا حبيبة القلب،
قد هُدمتِ جدرانكِ،
ولكنّ روحكِ ما زالت حية في قلوبنا،
ما زالت ذكراكِ خالدة في أذهاننا،
ستبقى بياسا حية إلى الأبد.
بياسا لم ترحل،
هي جزء من مدنية تم هدمها،
ولكنّها ستبقى رمزًا للصمود،
ورمزًا للهوية،
ورمزًا للحضارة.
وسوف تولد بياسا جديدة ذات يوم .
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: العاصمة الإثیوبیة أدیس أبابا
إقرأ أيضاً:
عباس شراقي: فيضانات إثيوبيا العامرة ستتدفق لمصر قريبًا
كتب- حسن مرسي:
طمأن الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، المصريين بشأن تأثير الفيضانات العارمة التي تشهدها إثيوبيا حاليًا على حصة مصر المائية.
وأكد في تصريحات تليفزيونية أن هذه الفيضانات لن يكون لها أي تأثير سلبي على مصر، بل على العكس، ستؤدي إلى تدفق المياه نحو السودان ومصر خلال أيام.
وأوضح شراقي أن نهر النيل يتغذى بشكل رئيسي من الهضبة الإثيوبية التي توفر نحو 85% من مياهه، بينما تسهم منطقة بحيرة فيكتوريا بـ 15% فقط.
وأشار أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إلى أن موسم الأمطار في منطقة فيكتوريا قد انتهى بالفعل هذا العام وكان أعلى من المتوسط، مما يضمن وصول هذه المياه بشكل جيد.
سد النهضة وصل إلى طاقته القصوى
أما بخصوص الهضبة الإثيوبية، فأكد شراقي أن موسم الأمطار قد بدأ بالفعل ويستمر حتى سبتمبر، وهي الفترة التي تشهد أعلى معدلات الهطول، غير أن هذه المياه لم تكن تصل إلى مصر مباشرةً لأنها كانت محجوزة في سد النهضة.
وكشف شراقي أن سد النهضة قد امتلأ بالكامل تقريبًا، حيث يحتوي حاليًا على نحو 64 مليار متر مكعب من المياه.
وذكر أنه بعد استكمال المترين المتبقيين من طاقة التخزين القصوى لهذا العام، ستبدأ المياه قريبًا في التدفق من فوق السد، وهو ما قد يحدث خلال ساعات أو في اليوم التالي.
طمأن شراقي المصريين بأن "مياه الموسم كله ستأتي إلى مصر إن شاء الله هذا العام"، مؤكدًا أن الفيضان الحالي سيؤدي إلى فيضان المياه من فوق جسم السد، وهي مرحلة حاسمة في تشغيل أي سد مائي.
واعتبر أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن هذا يعد مؤشرًا على انتهاء إثيوبيا من التخزين لهذه المرحلة، وأن مصر والسودان سيبدآن في تلقي حصتيهما الطبيعية من المياه خلال أيام قليلة.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الدكتور عباس شراقي فيضانات إثيوبيا نهر النيل الهضبة الإثيوبية بحيرة فيكتورياتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
أخبار
المزيدالثانوية العامة
المزيدإعلان
عباس شراقي: فيضانات إثيوبيا العامرة ستتدفق لمصر قريبًا
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
37 26 الرطوبة: 25% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب الثانوية العامة فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك