لماذا تحقق كينيا في الانتهاكات المزعومة للجنود البريطانيين على أراضيها؟
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
شولا لاوال- بدأت كينيا هذا الأسبوع جلسات استماع عامة بشأن مزاعم واسعة النطاق بأن جنود المملكة المتحدة المتمركزين في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا ارتكبوا انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان. لأكثر من عقد من الزمان، اتهم السكان المحليون في مناسبات مختلفة الجنود البريطانيين الذين يتدربون في بلدات بوسط كينيا بسوء السلوك، والتدهور البيئي، والقتل، ومجموعة من الجرائم الخطيرة الأخرى.
وتمثل جلسات الاستماع تتويجا لإجراءات قانونية طويلة الأمد لمحاكمة الجنود البريطانيين بموجب القانون الكيني بعد سنوات من الضغط من قبل جماعات المجتمع المدني، وبعد معارضة أولية من الحكومة البريطانية.
إليك ما نعرفه عن مزاعم الإساءة وما المتوقع أن يحدث بعد جلسات الاستماع:
ما وحدة باتوك وما التهم الموجهة إلى أعضائها؟هي وحدة تدريب تابعة للجيش البريطاني في كينيا (باتوك) لها مقر دائم في مدينة نانيوكي، وسط كينيا، وهي موجودة منذ استقلال كينيا عن المملكة المتحدة في عام 1963. لدى باتوك حوالي 100 موظف دائم وحوالي 280 فوجا متناوبا قصير المدى من المملكة المتحدة. وتقوم الوحدة بتدريب القوات البريطانية وتوفير التدريب على مكافحة الإرهاب للقوات الكينية التي تواجه جماعة الشباب المسلحة.
على الرغم من أن الوحدة أصبحت ضرورية للاقتصاد في نانيوكي والمقاطعات المحيطة بها القريبة من مواقع التدريب، مع توظيف المئات من السكان المحليين ومع وجود العديد من المتاجر التي تلبي احتياجات الجنود، فقد سجل السكان منذ فترة طويلة مظالمهم ضد هذه القوات.
فقد تسببت القنابل غير المنفجرة التي خلفتها التدريبات في إصابات وحوادث متعددة. كما أثارت المواد الكيميائية القاتلة، مثل الفسفور الأبيض المستخدم في التدريبات، مخاوف. ويُعتقد أن المادة الكيميائية ساهمت في اندلاع حريق هائل اجتاح محمية لولدياغا المملوكة للقطاع الخاص في مارس/آذار 2021، مما أدى إلى حرق مساحات من الغابات. وقال السكان المحليون إن دخان الحريق استمر عدة أيام، وتسبب في مشاكل في العيون والتنفس. وقال آخرون إن ذلك دفع الحياة البرية إلى مزارعهم، مما أدى إلى خسارة المحاصيل. وقد رفع حوالي 5 آلاف شخص دعوى قضائية ضد شركة باتوك بسبب هذا الحادث.
من أغنيس وانجيرو؟تعد ادعاءات الاعتداء الجنسي أيضا من بين الادعاءات الرئيسية، مع العديد من الاتهامات الأخرى من النساء المحليات ضد هذه القوات. وتم فصل جندي واحد في عام 2021 وتغريمه لأنه رفع تنورة امرأة محلية في الأماكن العامة. وفي أبرز قضية حتى الآن، اتُهم جنود بريطانيون بقتل أغنيس وانجيرو البالغة من العمر (21 عاما) في مارس/آذار 2012 في أحد فنادق نانيوكي. وبعد شهرين تم العثور على جثة المرأة في خزان للصرف الصحي بالقرب من الغرفة التي استخدمها الجنود.
ظهرت هذه المزاعم إلى النور في عام 2021 بعد أن كشف تحقيق أجرته صحيفة "صنداي تايمز" أن الجندي الذي شوهدت معه وانجيرو آخر مرة، يُعتقد أنه طعنها في صدرها وبطنها. وعلى الرغم من أنه كشف عن تصرفاته لزملائه على الفور، وأبلغ واحد منهم على الأقل كبار القادة في باتوك، فإنه لم يتم اتخاذ أي إجراء. وكشف التحقيق أيضا عن هذا الجندي وعدة أشخاص آخرين أنه سخر من المرأة المقتولة في منشورات على الفيسبوك.
كيف حاول الضحايا التماس العدالة؟أسفرت محاولات تحقيق العدالة في بعض الحالات عن نتائج. حصل أحد المراهقين -الذي فقد ذراعيه في عام 2015 بعد التقاط متفجرة يبدو أن جنود المملكة المتحدة تركوها وراءهم- على تعويض قدره 100 ألف دولار من الحكومة البريطانية، على الرغم من أن المملكة المتحدة تشكك فيما إذا كانت القنبلة التي تسببت في الإصابات كانت لجيشها أم للقوات الكينية.
وسجلت حالات أخرى تقدما أبطأ. وقال محاموهم إن آلاف السكان المحليين المتضررين من حريق "لولدايغا" ما زالوا يكافحون من أجل الحصول على تعويضات. كما واجهت محاولات عائلة وانجيرو المقتولة لمقاضاة باتوك في كينيا مقاومة في البداية حيث زعمت الحكومة البريطانية أن المحاكم الكينية ليس لها اختصاص على القوات البريطانية، وفقا للاتفاقية الأمنية القائمة بين البلدين.
ومع ذلك، بعد كشف صحيفة صنداي تايمز، قال رئيس أركان الدفاع البريطاني في ذلك الوقت، الجنرال نيك كارتر، لوسائل الإعلام المحلية إن هذه المزاعم كانت "صادمة". وأكد أن المملكة المتحدة "ستتعاون بشكل وثيق للغاية مع السلطات الكينية". كما أن تصويت البرلمان لتعديل الاتفاقية الأمنية بين البلدين في أبريل/نيسان 2023، يعني أنه يمكن الآن محاكمة القوات البريطانية محليا، على الرغم من وجود مخاوف من عدم إمكانية تطبيق التعديلات بأثر رجعي.
وفي أغسطس/آب 2023، أطلقت الحكومة الكينية رسميا تحقيقا في مقتل وانجيرو. وقال رئيس المركز الأفريقي للعمل التصحيحي والوقائي جون ماتشاريا "لقد كانت معركة معهم، لأن الطريقة التي يعاملون بها شعبنا كانت مؤسفة للغاية".
قامت مجموعة المناصرة المحلية بالضغط من أجل إجراء تحقيقات في قضية وانجيرو وساعدت في تقديم حادثة الحريق إلى المحكمة. وأضاف ماتشاريا "يقع اللوم على كلا البلدين، لأنه كانت هناك تسويات من فرق التحقيقات والملاحقة القضائية الكينية، وبعضها ذهب إلى المملكة المتحدة. لقد سألنا عن كيفية سير تحقيق وانجيرو لكنهم لم يستجيبوا لنا وهذا مصدر قلق لنا. لقد تسبب الإفلات من العقاب في كثير من الضرر لشعبنا".
ولم يتم قبول رسالة مفتوحة من عائلة وانجيرو للقاء الملك تشارلز -قائد القوات المسلحة البريطانية- في رحلته إلى كينيا في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ماذا حدث في جلسات الاستماع هذا الأسبوع؟تقدم ضحايا الانتهاكات والجرائم المزعومة على أيدي الجنود البريطانيين بشهادات عاطفية في جلسات الاستماع التي عقدت هذا الأسبوع. وشهدت والدة امرأة شابة على كرسي متحرك كيف كانت ابنتها ضحية لحادث سير بشاحنة باتوك.
دفعت باتوك فواتير المستشفى لابنتها لمدة عامين، لكنها لم تقدم للأسرة أي تعويض. وروت أم أخرى، وهي تحمل ابنتها البالغة من العمر 5 سنوات، كيف تخلى عنها جندي بريطاني كانت تربطها به علاقة بالتراضي بعد أن اكتشف أنها حامل. ويعتقد أن الجندي غادر كينيا منذ ذلك الحين. وقالت المرأة إنها تريد إعالة الطفل. كما تحدث الناجون من حريق "لولدايغا" في جلسات الاستماع.
وكانت السلطات الكينية قد دعت الكينيين إلى التقدم بشهادات كتابية وشفوية. وقالوا إن جلسات الاستماع تهدف إلى "التحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان، منها سوء المعاملة والتعذيب والاحتجاز غير القانوني والقتل".
وستنظر جلسات الاستماع أيضا في "الانتهاكات الأخلاقية المزعومة المتعلقة بسوء السلوك الأخلاقي، منها الفساد والاحتيال والتمييز وإساءة استخدام السلطة وغيرها من السلوكيات غير الأخلاقية".
ماذا بعد؟وقال أحد أعضاء البرلمان للصحفيين المحليين إن المشرعين سيقومون بجمع الأدلة من الشهادات وتقييمها ثم التعامل مع الحكومة البريطانية بشأن آليات التعويض المحتملة من خلال القنوات الدبلوماسية. ويقول الناشطون إن جلسات الاستماع من المرجح أن تؤدي إلى دعاوى قضائية متعددة ضد باتوك.
وقال ماتشاريا "هناك العديد من القضايا الأخرى التي لم يتم رفعها إلى المحكمة مطلقا. لكن هذا سيسمح للمشرعين بالتفاعل مع المجتمع وفهم تلك القضايا. ويقول السكان المحليون إن هدفهم ليس إجبار باتوك على الإغلاق، بل التأكد من أن هذه القوات التي لا تزال متمركزة في القاعدة تتصرف بطريقة لا تعرض حياة القرويين للخطر.
ولكن هناك مخاوف من أن التحقيق قد لا يحقق الكثير أو يشهد محاسبة أي شخص، على الأقل على المدى القصير، بسبب العلاقات الودية بين كينيا وقوتها الاستعمارية السابقة.
وفي الوقت نفسه، أكدت حكومة المملكة المتحدة أنها تعتزم التعاون مع السلطات الكينية. والتقى المفوض السامي البريطاني لدى كينيا، نيل ويغان، يوم الخميس، بأسرة وانجيرو. وجاء في بيان للمفوضية العليا البريطانية أن "الاجتماع أتاح فرصة للمفوض السامي للاستماع إلى الأسرة وتقديم تعازيه". وأضاف البيان "أكدت المفوضة السامية أيضا التزام المملكة المتحدة المستمر بالتعاون الكامل مع التحقيق الكيني في وفاة السيدة وانجيرو".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحکومة البریطانیة المملکة المتحدة جلسات الاستماع على الرغم من کینیا فی لم یتم فی عام
إقرأ أيضاً:
لماذا أطلقت واشنطن خلية لإعادة محتجزي تنظيم الدولة من سوريا؟
الحسكة- في الوقت الذي يسلّم فيه الجيش الأميركي معظم مهامه في بغداد إلى القوات العراقية، توقف سحب قواته من سوريا لعدة أشهر، تزامنا مع تحركات أميركية لتشكيل خلية جديدة تعنى بملف إعادة رعايا تنظيم الدولة الإسلامية، في خطوة رآها باحثون جزءا من إعادة تموضع أوسع في المنطقة برمتها.
ووجّه قائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر نداء للدول لتسريع إعادة رعاياها المحتجزين من المخيمات، معلنا تأسيس "خلية مشتركة" لتنسيق عمليات الإعادة بعد زيارته الميدانية لمخيم الهول شمال شرقي سوريا، وسط تحذيرات من استغلال التنظيم لأوضاع النساء والأطفال لإعادة بناء شبكاته.
ويرى باحثون أن الخطوة تحمل بُعدا سياسيا أيضا، إذ تسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى إعادة ترتيب العلاقة بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، تمهيدا لتسوية أوسع في الملف السوري.
مخاوفويُقدّر عدد مقاتلي التنظيم في سن التجنيد بنحو 9 آلاف، إلى جانب أكثر من 21 ألف فرد من عائلاتهم، موزعين على 26 مركز احتجاز ومخيما، أبرزها الهول وروج، اللذان يُنظر إليهما كبؤرتين خصبتين لعودة فكر التنظيم.
وأكد كوبر، خلال مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أن "إعادة الفئات الهشة قبل أن تتعرض للتطرف هي ضربة حاسمة ضد قدرة تنظيم الدولة على إعادة تشكيل نفسه"، مشيدا بجهود بغداد التي أعادت أكثر من 80% من رعاياها.
ورغم أن العراق أعاد أكثر من 17 ألف مواطن من المخيمات، بينهم 9 آلاف منذ مطلع العام الجاري، فإن دولا أوروبية وعربية لا تزال ترفض استقبال رعاياها، رغم تحذيرات البنتاغون من تحوّل المخيمات إلى "حاضنات للجيل القادم من التنظيم".
وترى الكاتبة والباحثة في السياسات الأميركية تجاه الشرق الأوسط هديل عويس، من واشنطن، أن تردد الدول الغربية في استعادة رعاياها يعود إلى المخاوف الأمنية والسياسية الداخلية، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية تحاول ممارسة ضغط غير مباشر عبر الأمم المتحدة من دون أن تتحمل هي عبء الملف الإنساني.
إعلانوعلى مدى أعوام، وجهت الإدارة الذاتية في سوريا دعوات متكررة إلى الدول لاستعادة مواطنيها المحتجزين في المخيمات، لكنها لم تتلق سوى استجابات محدودة، غالبا من دول آسيوية أو عربية.
وتضيف عويس في حديثها للجزيرة نت أن "الدول الأوروبية تحديدا ترفض استقبال هذه العائلات بسبب تعقيدات قانونية ودبلوماسية، فضلا عن كلفة إعادة الدمج والمتابعة القضائية، فكل حالة إعادة تتطلب إجراءات أمنية دقيقة، وهي عملية مكلفة سياسيا وماليا".
وتوضح الباحثة أن هذا الملف مثار جدل داخلي بين اليمين واليسار الأوروبي، لذلك تفضل الحكومات تأجيل اتخاذ القرار، ما يترك آلاف النساء والأطفال في وضع هش مستمر.
أكدنا اليوم خلال ترؤوسنا جلسة الإدماج في المؤتمر الدولي رفيع المستوى بشأن مخيم الهول السوري المنعقد على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أن العراق نجح في خوض تجربة إنسانية معقدة لإعادة تأهيل ودمج العائدين من مخيمات شمال شرق سوريا ولا سيما مخيم الهول، عبر مركز… pic.twitter.com/wx12eREowS
— ايفان جابرو Evan Gabro (@EvanGabro) September 26, 2025
أداة سياسيةوتدرك الولايات المتحدة أن أي انسحاب غير محسوب من شرق الفرات سيحوّل المخيمات إلى "قنبلة مؤجلة"، فمخيم الهول لم يعد مجرد مأوى للنازحين، بل منطقة خارجة عن السيطرة تشهد حوادث قتل وتهريب مستمرة.
وتسعى الخلية الجديدة إلى نقل المسؤولية تدريجيا نحو الإدارات المحلية وقوات الأمن الداخلي في شمال شرقي سوريا، في محاولة لتخفيف العبء الدولي من دون تفجير الوضع الإنساني، لكن خلف هذا التحرك، يختبئ صراع داخل أروقة القرار الأميركي حول مستقبل الوجود في سوريا.
فوزارة الدفاع ترى أن إبقاء شراكتها مع "قسد" ضروري لردع عودة التنظيم، بينما تميل الخارجية إلى اختبار مسارات تواصل غير مباشرة مع دمشق تفتح الباب لتسوية أوسع، أما البيت الأبيض فيوازن بين هذين الموقفين، متأثرا بضغوط داخلية تطالب بإنهاء "الحروب الأبدية" بدون أن يبدو الانسحاب هزيمة سياسية.
وفي المقابل، تنظر أنقرة بعين القلق إلى أي خطوة أميركية تعزز موقع "قسد" شرقي الفرات، معتبرة ذلك تهديدا مباشرا لأمنها القومي، كما تراقب دمشق بحذر إعادة التموضع الأميركي، إذ تخشى أن يؤدي إلى تكريس واقع إداري منفصل في الشمال الشرقي، رغم التواصل المحدود مؤخرا بين الطرفين عبر وسطاء روس.
ووفقا للباحثة عويس، يعكس التحرك الأميركي الأخير إعادة تقييم للعلاقة مع الحلفاء المحليين بعد تراجع الدعم الدولي لهم، معتبرة أن سوريا دخلت مرحلة ما بعد الحرب، إذ تحاول كل قوة تثبيت مكاسبها قبل انطلاق المفاوضات السياسية الجدية.
وترى أن الملف الإنساني أصبح أداة سياسية بيد الولايات المتحدة، وأن المؤسسة العسكرية تميل للاستمرار في دعم "قسد" بينما يدفع فريق ترامب وعلى رأسه توم باراك نحو بناء علاقة مباشرة مع دمشق لإعادة مركزية الدولة السورية، وأن واشنطن تنظر إلى ملف إعادة المقاتلين كقضية أمنية أكثر من كونها إنسانية، ووسيلة ضغط لتسوية الملف السوري من منظور جديد.
مسار مزدوجوتوضح الباحثة عويس أن الانسحاب الجاري من العراق نتيجة اتفاق سابق يتيح بقاء القوات الأميركية في إقليم كردستان العراق حتى عام 2026 لدعم العمليات في سوريا، ما يفتح تساؤلات حول استمرار الوجود العسكري الأميركي بعد ذلك. وتشير إلى أن الإدارة الأميركية تبحث عن مخرج قانوني يسمح ببقاء قواتها في الإقليم، ما يبرر استمرار وجودها شرقي سوريا أيضا.
إعلانبينما يرى وائل علوان الباحث في مركز جسور للدراسات الإستراتيجية أن التحركات الأميركية الحالية تسعى لتحقيق هدفين متوازيين هما حماية خطوط الإمداد بين العراق وسوريا، و"ضمان عدم توسع النفوذ الإيراني" بعد الانسحاب من بغداد.
ويضيف أن الولايات المتحدة تعتبر إنهاء المخيمات خطوة رئيسية لتفكيك البيئة الحاضنة للإرهاب، وإطلاق مرحلة استقرار تمتد من لبنان وسوريا إلى العراق.
ويؤكد أن التحرك الأميركي عبر الأمم المتحدة لا يهدف إلى تدويل الملف بقدر ما هو استثمار للمنصة الأممية لضمان النفوذ وبقاء واشنطن كضامن للاستقرار.
من جانبه، يقول الباحث في العلاقات الدولية محمد منير إن مهمة كوبر تبدو اليوم أشبه بمسار مزدوج، وتتمثل بإنهاء مهمة مكافحة الإرهاب من جهة، وضمان ألا يتحول الفراغ الأمني في سوريا والعراق إلى "ساحة نفوذ لإيران" أو روسيا من جهة أخرى.
وبرأيه، فإن "خلية الإعادة المشتركة" ليست مجرد أداة إنسانية، بل خطوة أولى لإعادة هندسة النفوذ الأميركي في شرق سوريا تمهيدا لتسوية سياسية محتملة، مع إعادة التموضع ببطء لضمان مصالحها بأدوات أقل كلفة.
وبينما تسعى واشنطن لإغلاق ملف مخيم الهول وإعادة آلاف الرعايا الأجانب، يبقى الغموض يلف مستقبل وجودها العسكري في شمال شرقي سوريا بعد عام 2026، وسط استمرار الحاجة لضمان استقرار المناطق المحررة من تنظيم الدولة، وتهيئة بيئة سياسية وأمنية تقلل خطر العودة المحتملة للتنظيم.