كارثة تضرب الثروة السمكية بالداخلة والقطاع الوصي يلزم الصمت
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
زنقة20ا متابعة
تداول نشطاء بالأقاليم الجنوبية للمملكة الساعات القليلة الماضي، صورا صادمة تم التقاطها بشكل جلي لنفوق عدد هائل من الأسماك بالسواحل القريبة من مدينة الداخلة يرافقه صمت رهيب للقطاع الوصي.
ودفعت ظاهرة نفوق الأسماك بسواحل الداخلة، نشطاء بيئيون، إلى مناشدة الوزارة الوصية بالتدخل الغاحل والنظر في الموضوع وتطبيق وسائل المراقبة لحماية سواحل المدينة بصفة منتظمة ضد كل التجاوزات، واتخاذ كافة الإجراءات لضمان السلامة وزجر كل المخالفين للبيئة.
وأظهرت مقاطع فيديو وثقها نشطاء بجهة الداخلة آلاف الأسماك نافقة على شواطئ المدينة جرفتها الأمواج إلى اليابسة ،دون تدخل لأي جهة رسمية من اجل التحقيق في اسباب هذه الظاهرة البيئية الخطيرة.
ورجحت مصادر مهتمة، أن يكون سبب الكارثة التي ضربت الثروة السمكية بسواحل وادي الذهب مردها إلى ممارسات مسكوت عنها لمافيا الصيد الجائر الذي لايرحم الثروة السمكية بالإضافة لمواد سامة تصطحبها المياه العادمة التي تصب في السواحل القريبة من المدينة.
ويذكر انه الآونة الأخيرة قد تفاقمت كارثة نفوق آلاف الأسماك في شواطىء الداخلة ولأسباب متعددة تبقى مجهولة حتى اللظة، وهى الظاهرة التي اعتبرها البعض، أنها مؤشر مرعب ومخيف على حجم التلوث بالمنطقة الساحلية لوادي الذهب ينذر بكارثة بيئية.
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
ألبانيا.. الصمت في حرم الجمال جمال
تيرانا – لم تكن ألبانيا على قائمة أولوياتي، لكنها جاءت كأنها بقية نداء خافت ناجاني منذ الطفولة عبر الأثير، فحين كنت صغيرا أعبث بمذياع أبي وإذا بصوت لا يخلو من لكنة يهمس: "هنا تيرانا"… لم أفهم شيئا، لكن الاسم علق في الذاكرة، مثل عبارة لا تعرف معناها لكنها تأبى النسيان.
دخلت ألبانيا وفي نيتي أن أكون ضيفا عجولا خفيفا، كساعة يد فاخرة تعرف قيمتها لكنها لا تبوح بما عندها إلا حين تُسأل. فمن أنا حتى أصحح للألباني؟
لم أكن أتوقع أن تبدأ الرحلة بإرباك لطيف؛ فقد توافقت مع دليل محلي يُدعى بلِنكي على أن يرافقني في التعريف بالمدينة، شاب وسيم ومثقف، فإذا بفتاة حسناء تُدعى إنجيلا تحل مكانه، بابتسامة قابلتني وباعتذار عن الرحلة قابلتها.
ربما كان الأمر ثقافيا أكثر منه شخصيا، فقد اخترت بلنكي لأوسّع مساحة الاشتباك والأسئلة والتعارف والنقاش، لكن المسافة مع الأنثى في ثقافتنا شيء مختلف عن ذلك.
"في ثقافتنا، لا نقترب كثيرا من الفتيات الغريبات، خاصة إن كن جميلات. شرحت لها موقفي، فابتسمت وقالت "سأرفع صوتي بما يكفي، لا داعي لأن تقترب"، وهكذا، بدأنا الرحلة.
ألبانيا لا تشبه الكليشيهات، ففي الطريق إلى أعالي الجبال، وعبر التلفريك الذي ينقلك من ضوضاء المدينة إلى سكينة القمم، اكتشفت وجها آخر للبلد كانت نوافذ الطائرة قد أسرت لي جانبا منه. فالخضرة تفرش الأرض بسخاء، والسماء لولا الشمس في كبدها لكشفت لنا زرقتها الصافية لا يعكرها وهج.
هنا تشعر بأن الطبيعة تتحدث ولا حاجة لأنجيلا ولغتها الإنجليزية المتأثرة بملامح الكتب الدراسية التي تعلمتها ثم علمتها في جامعة تيرانا ومدارسها.
حدثتني إنجيلا كثيرا عن الكنائس التي أعيد بناؤها بسخاء بعد عقود من الشيوعية، وعن الأم تيريزا، وعن خمور "الراكي" المحلية المعروف منها والمنكر، والتي يرى فيها والدها علاجا للصباحات الثقيلة، وهي في كل أحاديثها كما يقول الشاعر:
إعلانغَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها *** تَمشي الهُوَينى كَما يَمشي الوَجي الوَحِلُ
لكن ذلك كله تغير فجأة، فقد مرت أمام مسجد أدهم بك في مركز المدينة مرور الكرام، مكتفية بوصفه بمسجد عثماني تقليدي، استوقفتها وقررت أن أتخلى عن صمتي ووقاري.
قلت لها "هذا ليس مسجدا فقط، فعلى بوابات هذا المسجد توقّف المدّ الشيوعي، وعاد للإسلام صوته"، واستعدت في تلك اللحظة مشهدا من التاريخ لعشرات الآلاف من مسلمي ألبانيا الذي حاصروا المسجد في مطلع التسعينيات وأجبروا الجيش على السماح له بالصلاة فيه بعد أن ظل مهجورا طوال عقود.
نظرت أنجيلا إلي بدهشة، ثم ابتسمت وقالت "أنا أيضا مسلمة، من عائلة متدينة… ولكنني لم أصادف سائحا من قبل مهتما بهذه التفاصيل".
التفاصيل عند الألبان مكانها هو المقاهي، فالناس هنا يجلسون طويلا بلا استعجال، كأن الزمن عندهم أبطأ أو أكرم. سألت إنجيلا: "هل هذا دليل سعادة ورفاهية أم هروب من واقع صعب؟"، فقالت بهدوء من يعرف وجع الناس: "ربما كلاهما… وربما لا يملكون مكانا آخر ليفرّوا إليه سواها!".
إذا فكرت أن تجاريهم في تجربة المقاهي أو المطاعم فابتعد عن وسط تيرانا، فكل شيء هناك مبالغ في سعره. فتلك المطاعم تخاطب السائح، لا المواطن. ومع ذلك، على بُعد كيلومتر واحد فقط ستحصل على الخدمة نفسها -وربما أفضل- بربع الثمن أو أقل.
تجربتي في ذلك هي جزء من سعادتي الشخصية، وكانت مع طبق تختلط فيه الثقافة المحلية بالعبق العثماني التقليدي، والنتيجة تركيبة من لحم الضأن مع الخضار والمخللات وشيء من خبز قليل، تقول فاتورة الحساب إن هذا الطبق في وسط المدينة كلفني 10 يوروات بينما لم يكلفني شقيقه في مطعم على أطراف المنطقة نفسها سوى 3 يوروات فقط، ثم تخرج من المطعم شبعان ريان جذلان! ربما أيضا مع حكاية من صاحب المطعم عن جدته التي أسرّت له بالخلطة السرية.
الميزة الأهم في الخروج من وسط العاصمة هو أن تقابل أهل البلاد وستجدهم على طاولات المقاهي أو المطاعم. تخيّل أن صحيفة "ألبانيا تايمز" تقول إن في البلاد أكثر من 15 ألف مقهى تخدم حوالي أقل من 3 ملايين نسمة. أي إن هناك مقهى لكل 200 ألباني تقريبا، أما الأطباء فهم واحد لكل 400 شخص. باختصار: إن أصبت بإعياء فاذهب إلى أحد المقاهي فإن لم تتحسن اذهب إلى مقهى آخر!
الإقامة والمواصلاتأما الإقامة، فتقول محركات البحث عن الفنادق إنها متاحة لكل الميزانيات. وقد اخترت شخصيا منها ما يجمع بين القرب من وسط المدينة وبساطة المرافق، والنتيجة نحو من 70 يوروا في الليلة تحصل بها على غرفة مزدوجة بكامل المواصفات وتضمن بها استشارة مجانية من جانب موظفي الفندق ووجبة إفطار يستحقها يومك المثقل بالحركة والنشاط. أما عشاق الفخامة يمكنهم إنفاق ما يصل إلى 150 يوروا مقابل فرش فاخر ومسبح وصالة تمارين رياضية لن تستخدمها على الغالب لأنك وصلت إلى هنا لتكون وسط الطبيعة.
إعلانلذلك، فإن كلمة السر هنا هي: اسكن في قلب المدينة لتكون قريبا من كل شيء، لكن دع معدتك وحواسك تتنزه خارجه.
المواصلات سهلة لكن الأفضل أن تذهب مشيا إن استطعت، فالشوارع الصغيرة تقول أشياء لا تكتبها المواقع السياحية، ولا تعرفها خرائط غوغل.
إنها جنة للمشاة بما فيها من تنوع طبيعي: جبال، بحيرات، مساحات خضراء، وأحياء لا تعرف التكييف كثيرا.
لكن للحقيقة فإن درجات الحرارة قد تغدر بك صيفا، حينها تُصاب الحركة بالشلل في الظهيرة، ويضطر السائح إلى حصر تجواله طرفي النهار وربما زلفا من الليل لكن الليل بطبعه ليس صديق المناظر الطبيعية؛ فالظلام لا يُجامل عدسة الكاميرا ولا عين المتأمل.
صعود الجبلصعود الجبال المحيطة بالمدينة عبر التلفريك متعة لا توصف، ترى فيها بعينيك ما تعجز عن الوصول إليه بنفسك، لكن متعة النزول سيرا أشبه بنزهة داخل لوحة.
احجز الذهاب فقط بنحو من 10 يوروات، وامنح ساقيك شرف العودة.
ولا بأس بأن تستعين بمرشد سياحي محلي حتى لو بمقابل، سيكلفك ذلك نحوا من 10 يوروات في الساعة، ليس لتفسير الأماكن فحسب، بل لفهم الأرواح التي تسكنها.
فكثيرا ما يفتح سؤال عابر بابا لم أكن أعلم بوجوده. وإن اشتعلت فيك نار الاستكشاف وقررت أن تعرف المزيد عن ألبانيا خارج حدود العاصمة فإن ثمة باقات سياحية بما لا يزيد على 200 يورو تشمل سيارة وسائقا وحكايات شعبية!
بين القراءة والعيانقرأت كثيرا قبل الرحلة وبعدها عن تاريخ البلاد وكيف دخلها الإسلام لتكون قلعة مسلمة وسط كنائس أوروبا، وعن أنور خوجة وكيف تحولت بلاد محمد علي باشا والألباني في عهده إلى قلعة مغلقة.
أما ما رأيته فهو أن ألبانيا اليوم ليست بلدا صاخبا ولا متحفا مفتوحا مثل روما أو إسطنبول. لكنها بلد "واعد". فيها بساطة الريف، وصمت الجبل، وشجن ما بعد العزلة. وتتسم بموقعها الجغرافي المميز فهي قريبة من 5 دول أوروبية (كوسوفو، الجبل الأسود، اليونان، شمال مقدونيا، صربيا)، ويكفي أن تستأجر سيارة، أو تركب حافلة، لتجد نفسك في دولة أخرى خلال ساعات.
ختاما، ألبانيا فاجأتني بصمتها، وبخجلها، وبأنجيلا التي أربكتني أول الرحلة ثم أعادت تقريب "المسافة" في نهايتها.