كنيسة المسيح أول كنيسة بروتستانتية في القدس
تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT
تقع كنيسة المسيح داخل أسوار البلدة القديمة لمدينة القدس، قرب باب الخليل. شُيّدت لتكون منزلا روحيا لتلاميذ يسوع اليهود، وهي أول كنيسة بروتستانتية في مدينة القدس، وتقع أمام قلعة العسكر العثماني القريب من ميدان عمر بن الخطاب.
التأسيس والتاريختأسست الكنيسة في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وافتتحت عام 1849م.
بُنيت بدعم من "جمعية لندن لتعزيز المسيحية بين اليهود"، وهي جمعية تبشيرية تؤمن بأنه من أجل أن يعود المسيح إلى بيت المقدس يجب أن يصبح اليهود مسيحيين.
في عشرينيات القرن التاسع عشر قاد هذه الجمعية -تحت رعاية الساسة واللوردات البريطانيين بمن فيهم وزير الخارجية البريطاني اللورد بالمرستون- يهود اعتنقوا البروتستانتية، ورأوا أنه من المناسب إرسال المزيد من البروتستانت ذوي الأصول اليهودية إلى فلسطين للتبشير بين اليهود.
وسرعان ما أسس البريطانيون أول قنصلية أجنبية سمح العثمانيون بإنشائها في القدس عام 1838م، وأسست كنيسة إنجلترا مطرانية أنجليكانية في المدينة المقدسة عام 1842.
وكان المطران الأول، مايكل سولومن ألكسندر، حاخاما يهوديا ألمانيا قبل اعتناقه البروتستانتية. وسرعان ما اشترى البريطانيون أراضي وأنشأ قنصلُهم عدة مؤسسات لتوظيف اليهود في الزراعة، وغيرها من المهن.
كما بدأ المستعمرون البريطانيون أنفسهم في شراء الأراضي والعمل في الزراعة، ومنهم جون مشولم، وهو يهودي من السفارديم (اليهود الشرقيين) ولد في بريطانيا واعتنق البروتستانتية، وامتلك أرضا بالقرب من بيت لحم استخدم اليهود المحليين لزراعتها.
كانت بريطانيا جادة في تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، وخاصة في فلسطين، بعد الغزو الفرنسي لمصر وتمرد محمد علي باشا حاكم مصر في سوريا الكبرى، وللقيام بذلك، سعت بريطانيا إلى إنشاء مجتمع بروتستانتي في المنطقة تحميه بشكل مباشر (مثلما فعلت فرنسا وروسيا مع المسيحيين الكاثوليك والأرثوذكس في المنطقة، على التوالي) ودفعت لبناء أول كنيسة بروتستانتية في القدس.
كما أن المنظمات التبشيرية، وعلى رأسها "جمعية لندن لتعزيز المسيحية بين اليهود"، كان لها اهتمام خاص بتكوين مجتمع بروتستانتي في فلسطين.
دفعت المصالح المشتركة للمنظمات التبشيرية والحكومة البريطانية، إلى جانب البروتستانت المخلصين مثل جون نيكولايسون (وهو مُبَشّرٌ دنماركيٌّ)، إلى العمل بشكل متضافر من أجل إنشاء الكنيسة في القدس.
وأدى ذلك -إضافة إلى الضغط الدبلوماسي المستمر الذي مارسه جورج كانينغ وغيره من الدبلوماسيين البريطانيين على الإمبراطورية العثمانية الضعيفة- في النهاية إلى بناء أول كنيسة بروتستانتية في القدس والشرق الأوسط بأكمله.
وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول 1845م، أبلغ قناصل بريطانيا وبروسيا محافظ القدس علي أفندي أنه بناء على مرسوم السلطان، سيتم المضي قدما في بناء الكنيسة البروتستانتية في القدس.
وبعد يومين زار علي أفندي موقع البناء المقترح على رأس وفد كبير وأعلن أن البناء مخالف لما ورد في الفرمان، وقال إن المرسوم لم يذكر موقع الكنيسة، واعتبر أنه لا يفهم من الوثيقة أن المبنى المقصود سيكون كنيسة حقيقية، بل فهم أنه سيكون مكانا مخصصا للصلاة داخل مقر القنصلية البريطانية للبروتستانت البريطانيين والبروسيين.
وأبلغ القنصل البريطاني الجديد في القدس سمو نيوبولت علي أفندي أن مبنى الكنيسة الذي بدأ العمل فيه هو المكان نفسه المذكور في الفرمان، وأن القنصلية البريطانية انتقلت إلى مكان مجاور للكنيسة المقترحة.
واعترف نيوبولت بأن المرسوم لم يشير على وجه التحديد إلى الكنيسة، وقال إن المبنى لا يحتاج إلى أن يسمى كنيسة؛ وأنه يمكن بدلاً من ذلك أن يطلق عليه مكان العبادة البروتستانتي.
كما لم يحدد الفرمان المكان الذي يجب أن يقام فيه المبنى، بل تمت الإشارة إلى أن هذا المبنى كان داخل مقر القنصلية البريطانية، وطلب علي أفندي من البريطانيين وقف بناء الكنيسة حتى يتلقى أوامر أخرى من الباب العالي.
قدمت السفارة البريطانية في إسطنبول احتجاجا إلى علي باشا بشأن العوائق الجديدة التي وضعها علي أفندي أمام استكمال الكنيسة البروتستانتية في القدس، وأشارت السفارة البريطانية إلى أنه على الرغم من أن مبنى الكنيسة لم يكن فعليا داخل القنصلية، إلا أنه من المخطط أن يكون جزءا من المؤسسة القنصلية في المستقبل.
وطلبت السفارة من علي باشا أن يصدر أوامر واضحة وحاسمة بعدم حدوث أي تأخير آخر، على أن تكون موجهة إلى علي أفندي وأن تتم صياغتها بشكل لا يترك مجالا للشك والتأويل، وأعلن علي باشا أنه سيرسل الرسائل اللازمة إلى علي أفندي وأسد باشا.
وهكذا صدر فرمان جديد أكثر وضوحا في 9 ديسمبر/كانون الأول 1845، ينص على استئناف أعمال البناء في الكنيسة في موقعها الذي بدأت فيه، وتم الانتهاء من بناء أول كنيسة بروتستانتية في القدس وتسميتها كنيسة المسيح في 21 يناير/كانون الثاني 1849م.
شغل جون نيكولايسون منصب عميد هذه الكنيسة حتى وفاته عام 1856م، وكانت تلك خطوة رئيسية نحو الضغط البريطاني اللاحق على الإمبراطورية العثمانية للاعتراف رسميا بالمجتمع البروتستانتي.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 1850م، أصدر السلطان عبد المجيد الأول فرمانًا يعترف رسميًا بالطائفة البروتستانتية طائفة دينية رسمية، إلى جانب الكاثوليك والمسيحيين الأرثوذكس، واعتبر البريطانيون ذلك إنجازا عظيما ورحبوا به.
تميزت الكنيسة بتصميمها البسيط والمتناسب مع المباني المجاورة، إذ بُنيت على الطراز القوطي الجديد، الذي يشبه كنائس العصور الوسطى في بريطانيا، إلا أن تصميمها الداخلي فريد من نوعه.
فلا يوجد صليب واحد في زخرفته، وبدلا من ذلك، تم وضع خزانة من كتب التوراة في صدره، وتم تزيينه بآيات عبرية تجمع بين الوصايا العشر والصلاة الربانية.
واجهة الكنيسة مزينة بالشمعدان اليهودي، ويشبه مظهرها الداخلي إلى حد ما الكنيس، تم جلب بنائين متخصصين في البناء بالحجر من مالطا لبناء الهيكل القوطي الجديد، الذي يحاكي الكنائس الأنجليكانية الأخرى من الناحية المعمارية.
إلا أن واجهة المبنى لا تحتوي على رموز مسيحية علنية، والرموز المسيحية الوحيدة الصريحة في الكنيسة هي نقوش كلمات يسوع وعقيدة الرسل باللغة العبرية على الحائط الشرقي.
كان مجمع الكنيسة يضم أيضا القنصلية البريطانية قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، ونجا المبنى من حرب فلسطين (1947-1949) وحرب الأيام الستة، وما زال يُستخدم كنيسة أنجليكانية تستقبل تجمعات تتحدث الإنجليزية والعربية والعبرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات القنصلیة البریطانیة کنیسة المسیح علی باشا
إقرأ أيضاً:
العليا البريطانية ترفض إلغاء قرار الحكومة حظر حركة فلسطين أكشن
قالت حركة العمل من أجل الفلسطينيين "باليستاين آكشن"، إن قرار وزير الداخلية البريطانية بحظر الحركة، سيدخل حيز التنفيذ في منتصف الليل بتوقيت لندن.
وأوضحت أن حظرها، "كابوس مروع، سيجعل الآلاف من مؤيديها، مجرمين بين عشية وضحاها".
ورفضت المحكمة العليا في بريطانيا في جلسة طارئة التماسا تقدمت به الحركة، لإلغاء قرار الحكومة البريطانية بحظرها بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، حيث اعتبر محامو الحركة أن قرار الحكومة يمثل "إساءة استخدام من جانب السلطة" للقانون.
وردا على قرار المحكمة قالت الحركة إنها ستسعى لإذن بالاستئناف لتعليق الحظر انتظارا للبت في الطعن.
وكانت هدى عموري، وهي من مؤسسي الحركة عام 2020، قد تقدمت بدعدوى للمحكمة العليا في لندن لإلغاء حظر الحركة بوصفها منظمة إرهابية، وذلك قبل المرافعات الكاملة المقررة في وقت لاحق من هذا الشهر في قضيتها التي تقول فيها، إن الحظر غير قانوني.
وحثّ خبراء بالأمم المتحدة عينهم مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية بريطانيا على إعادة النظر في قرارها، قائلين إن التعدي على الممتلكات دون نية تعريض الأرواح للخطر لا يمكن اعتباره إرهابا.
وتقول وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر إن العنف والإضرار الجنائي لا مكان لهما في الاحتجاج المشروع، وإن اتباع نهج عدم التسامح نهائيا ضروري للأمن القومي.
وأعلنت الحركة الثلاثاء أن نشطاءها أغلقوا المدخل المؤدي إلى موقع لشركة إلبيت في بريستول بجنوب غرب إنجلترا وأن أعضاء آخرين احتلوا سطح شركة تعاقدات فرعية في سوفولك بشرق إنجلترا قيل إنها على صلة بشركة إلبيت.
وبالإضافة إلى حركة فلسطين أكشن، يشمل أمر الحظر الذي أقره البرلمان البريطاني جماعة مانياكس ميردر كالت التي تنتمي لتيار النازية الجديدة، والحركة الإمبراطورية الروسية، وهي جماعة عنصرية بيضاء تسعى إلى إنشاء دولة إمبراطورية روسية جديدة.
وتم التصويت على الجماعات الثلاث معا، مما يعني أنه يجب حظرها جميعا أو عدم حظر أي منها.