قالت شبكة "سي إن إن" الأميركية إن مجموعة من المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن الذين استقالوا بسبب تعامل الإدارة مع العدوان الإسرائيلي على غزة، يعملون معا لدعم المعارضة والضغط على الحكومة لتغيير مسارها.

وأوضحت الشبكة أن بايدن يواجه ضغوطا من الخارج والداخل بسبب دعمه لإسرائيل بعد 8 أشهر من الحرب على غزة، وأشارت إلى أنه على الرغم من أن خطاب الإدارة أصبح أكثر قسوة -مع التحذيرات من أن إسرائيل يجب أن تفعل المزيد لحماية المدنيين والسماح بدخول المزيد من المساعدات- فإن السياسات ظلت دون تغيير إلى حد كبير.

وتحدثت الشبكة إلى كل من جوش بول وهاريسون مان وطارق حبش وأنيل شيلين وهالا هاريت وليلي غرينبيرغ كول وأليكس سميث وستايسي جيلبرت الذين أعلنوا في الأسابيع الماضية استقالتهم.

وقال هؤلاء إنهم شعروا بأن وجهات نظرهم وخبراتهم ومخاوفهم لم يتم الالتفات إليها، وإن الإدارة تتجاهل الخسائر الإنسانية الناجمة عن الحرب الإسرائيلية. وتحدثوا عن عدم انتباه الإدارة لتأثير الحرب على مصداقية واشنطن.

وأجمع المسؤولون الذين تحدثوا للشبكة على أن لديهم العديد من الزملاء الذين ما زالوا داخل الحكومة لكنهم يوافقون على قرار المغادرة.

وبناء على ذلك أكد المستقيلون أنهم يعملون على تحقيق هدفين، الأول يخص تقديم الدعم والمشورة لزملائهم -سواء من اختاروا المغادرة أو الاستمرار في المعارضة من الداخل- فيما يشمل الهدف الثاني العمل على  زيادة الضغط على الإدارة لتغيير مسارها.

وقال جوش بول، الذي كان أول مسؤول أميركي يستقيل بسبب الحرب على غزة؛ بعد انسحابه من وزارة الخارجية الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول، "نفكر في كيفية استخدام اهتماماتنا المشتركة ومواصلة الضغط معا من أجل التغيير".

وأوضح أليكس سميث أن المستقيلين كانوا على اتصال ببعضهم البعض، ويأملون في استخدام قوتهم الجماعية "لإسماع أصواتنا بشكل جيد، والتحدث نيابة عن العديد من الموظفين الذين ما زالوا يعملون ولا يمكنهم التحدث لأنهم يرغبون في الاحتفاظ بوظائفهم".

إدراك مبكر

واعترف بعض المستقيلين بأنهم أدركوا مبكرا في أعقاب عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أن رد فعل الحكومة الإسرائيلية سيكون عنيفا.

وقالت ليلي غرينبرغ، الموظفة السابقة في وزارة الداخلية والتي كانت أول مسؤول يهودي يستقيل علنا "لقد أمضيت الأسابيع القليلة الأولى أعاني بسبب التعامل مع الصدمة والحزن على فقدان الناس، ولكن أدركت أيضا على الفور تقريبا أن كل ما سيحدث، كرد فعل، سيكون وحشيا وفظيعا".

وأشارت غرينبرغ إلى أنها شعرت "بخيبة الأمل" منذ البداية بسبب رد الإدارة، "لكن أردتُ أن أرى ما يمكنني فعله من الداخل بسبب قربي من السلطة". وقالت إنها شعرت أن المخاوف التي شاركتها تم تجاهلها، وبلغ الأمر إلى اعتبارها في مرحلة ما "مثيرة للمشاكل".

وأضافت "وصلت إلى نقطة لم يعد بإمكاني فيها أن أكون صادقة مع نفسي وأمثل الإدارة"، لتعلن استقالتها في مايو/أيار الماضي.

بدوره، تحدث هاريسون مان، ضابط الجيش اليهودي الذي كان أول عضو في مجتمع الاستخبارات يقدم استقالته في نوفمبر/تشرين الثاني، عن تجربته وقال "لقد كنت يائسا بشأن مسار الحرب في غزة، بدا واضحا في وقت مبكر أن الإسرائيليين سيقتلون أعدادا كبيرة من المدنيين بشكل عشوائي".

وأوضح مان أن الاستقالة كانت "عملية بطيئة للغاية ومطولة"، لذا فهو لم يترك وظيفته فعليا حتى هذا الأسبوع ولم يخبر الناس عن سبب استقالته حتى وقت قريب خوفا من أن يصبح "شخصا غير مرغوب فيه".

رد إدارة بايدن

في المقابل، أكد مسؤولو إدارة بايدن أنهم يحترمون اختلافات الآراء، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر "نحن نستمع إلى الناس. نريد أن نسمع آراءهم. نريد أن نسمع الخبرة التي يقدمونها. لكن في نهاية المطاف، الرئيس والوزير وغيرهما من كبار المسؤولين هم الذين يتخذون القرارات بشأن ما يجب أن تكون عليه سياسة الولايات المتحدة".

بدورها، قالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور "لدينا الكثير من وجهات النظر في الوكالة تنتقد السياسة الخارجية الأميركية. لدينا وجهات نظر تعتقد أننا نبذل كل ما في وسعنا، ومهمتي هي الاستماع إلى تلك الآراء، وخاصة تلك التي تسترشد بالحقائق على الأرض والأفكار حول ما يمكننا القيام به أكثر".

وأضافت "الوضع سيئ. يعيش المدنيون في رعب وحرمان لا يمكن تصوره. لذا، إذا لم يكن هناك أشخاص، خاصة في مؤسسة مثل وكالتنا التي لها اهتمامات إنسانية وإنمائية، غير راضين عن ما نقوم به، فإن ذلك سيكون مخيبا للآمال".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

خبراء أميركيون: ترامب يحاول تدمير التعليم وجمع كل السلطات في يده

 

لكن هذه الجامعات تعيش لحظة خطر غير مسبوقة بسبب توجهات الرئيس دونالد ترامب التي تستهدف تغيير شكل مؤسسة الجامعة وأنشطتها وبنيتها الطلابية على نحو يبعث على القلق، حسب ما نقلته حلقة 2025/5/29 من برنامج "من واشنطن".

فقد طلبت إدارة ترامب من جامعات على رأسها هارفارد التدخل في المناهج العملية والتوظيف، وتزويدها بسجلات الطلبة الأجانب وأنشطتهم وما يقومون بنشره على مواقع التواصل.

وعندما رفضت هذه الجامعات مطالب الإدارة الأميركية، سارع ترامب لوقف تمويل الأبحاث العملية، ومنع هارفارد مثلا من الحصول على أي عقود حكومية، وهو ما اعتبره البعض نوعا من الانتقام.

لكن هذه المؤسسات لم تقف صامتة إزاء هذه الإجراءات، وتوجهت إلى القضاء بما في ذلك جامعة هارفارد التي قال رئيسها إنها تبنت قيما لم تكن محل ترحيب من الإدارات الأميركية المتعاقبة.

استغلال معاداة السامية سياسيا

ولم يكتف ترامب بوقف تمويل هذه الجامعات، لكنه كتب العديد من المنشورات وأدلى بتصريحات اتهم فيها هارفارد العريقة بمعاداة السامية، وأنها تستقبل طلابا يعادون الولايات المتحدة أو أنها تمثل فوضى الليبراليين.

ومن بين الإجراءات التي اتخذها الرئيس الأميركي لإخضاع الجامعات، وقف حصول آلاف الطلبة والباحثين والأساتذة الأجانب على تأشيرات الدراسة أو القدوم للولايات المتحدة.

إعلان

هذه الخطوات تعتبر سابقة في التاريخ الأميركي، وتهدد سمعة المؤسسة التعليمية وقدرتها على المنافسة عالميا وهي التي كانت سباقة في العديد من الابتكارات، حتى أصبحت الولايات المتحدة تمتلك 70% من كبريات الجامعات العالمية المرموقة.

ما يسعى إليه ترامب، برأي البعض، سيدمر نموذج هذه الجامعات الناجح حتى الآن، والذي كان وراء العديد من الاكتشافات العلمية والطبية التي تفيد أميركا وتدعم اقتصادها بشكل مباشر، وهو ما دفع منتقدي هذه القرارات للقول إن الرئيس الأميركي يهاجم العلم والمعرفة وحرية الرأي.

لكن الداعمين لترامب يدافعون عن مواقفه التي لا يرونها استهدافا للجامعات بقدر ما هي محاولة لإعادة توزيع النفقات بما يخدم مصالح البلاد، ومن هؤلاء الكاتب الصحفي الجمهوري، تيم كونستنتاين، الذي يقول إن هذه الجامعات غنية جدا ولا يمثل وقف التمويل الحكومي خطرا عليها.

كما أن ترامب لا يعادي الطلاب الأجانب -وفق كونستنتاين- ولكنه يحاول توفير فرص أكبر للطلاب الأميركيين الذين لا يحظون بفرص في جامعات عريقة، لأن ثلث طلابها من الأجانب، أي يتعلمون على حساب دافعي الضرائب الأميركيين.

لذلك، فإن ترامب عندما يقدم على هذه الخطوات فهو يحاول تنفيذ شعار "أميركا أولا"، ولكنه ينظر للمصلحة الأميركية، خصوصا أن جامعة مثل هارفارد لديها ميزانية تقدر بـ35 مليار دولار لكنها تريد المزيد، بينما بعض الأميركيين يخشون العجز عن دفع فواتيرهم الشهرية، كما يقول كونستنتاين.

جانب من احتجاجات الطلاب الأميركيين المناهضة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز) سعي لتدمير التعليم

في المقابل، أبدى أستاذ القانون بجامعة كولورادو الدكتور وديع سعيد ذهوله مما اعتبره تبريرا من كونستنتاين لسلوك ترامب، إذ يرى أن ترامب يستهدف التعليم العالمي عموما، ويسعى لعدم تعليم الطلاب بعض الأمور كما فعله الأميركيون في السكان الأصليين للبلاد، أو انتهاك للأقليات على سبيل المثال.

إعلان

وعلى هذا الأساس، فإن المسألة لا تتعلق بجامعة معينة، ولكنها جزء من هجوم على التعليم العالي عموما في الولايات المتحدة، وفق سعيد الذي يعتقد أن الإدارة الأميركية تستهدف السيطرة على التعليم عموما، وأن سقوط هارفارد في هذه المعركة يعني أن أميركا ستتعلم ما يريده ترامب فقط.

ولم ينكر سعيد وجود مشاكل في الجامعات الأميركية وتمويلها ومانحيها، لكنه قال إن هذه المشكلات لا يمكن حلها بهذه الطريقة التي يتبناها ترامب.

محاولة لتكريس الاستبداد

بيد أن مديرة السياسات والشؤون الحكومية في منظمة "جي ستريت"، ديبرا شوشان، لها موقف أكثر حدة من سلوك الرئيس الأميركي، إذ قالت إن ما يقوم به "هو هجوم مستبد على موارد مستقلة للفكر والمنح والمعلومات".

وترى شوشان -وهي يهودية وخريجة هارفارد- أن هجوم هذه الإدارة على التعليم العالي "لا بد أن يؤخذ في سياق أوسع، لأنه متزامن مع هجوم على الإعلام والمؤسسات القضائية والحكومات الفدرالية"، متهمة ترامب بالسعي "لتجميع السطلة في يده على حساب كل المؤسسات بما فيها الكونغرس".

وحتى حديث ترامب عن معاداة هارفارد للسامية، ردت عليه شوشان بقولها إن أحدث الإحصاءات تشير إلى أن 26% من اليهود الأميركيين فقط يؤيدون ترامب حاليا بينما 72% يرونه خطرا، وحوالي 69% يرونه عنصريا ومعاديا للسامية.

أما الناشط السياسي الأميركي الفلسطيني خالد الترعاني، فرد على حديث كونستنتاين، بأن التعليم العالي كله وحرية الرأي والحرية الأكاديمية والديمقراطية بل أميركا كلها في خطر، وليست هارفارد وحدها.

وفيما يتعلق بالحديث عن سعي ترامب لإعادة الاستفادة من أموال دافعي الضرائب لتوفير فرص أكبر لتعليم الأميركيين، قال الترعاني إن 3 مليارات دولار تحصل عليها هارفارد أو غيرها من الجامعات لا تعادل أكثر من 50 مليار دولار منحتها واشنطن لدولة الاحتلال حتى تقتل بها الفلسطينيين وتحرقهم في خيامهم.

إعلان

ليس هذا وحسب، فقد أشار الترعاني إلى أن التعليم في إسرائيل "يكاد يكون مجانيا تماما بفضل الدعم الأميركي الذي كان أولى بترامب أن يوجهه للمواطنين الأميركيين، كما كان أولى بكونستنتاين أن يطالب بتوجيه هذه المليارات التي ذهبت لتسليح إسرائيل إلى تعليم الأميركيين".

كما أن الطلاب الأجانب لا يتعلمون على حساب المواطن الأميركي كما يحاول ترامب وداعموه القول، ولكنهم يدفعون أموالا طائلة للجامعات التي تضع برامج لجذبهم كنوع من الاستثمار، كما يقول الترعاني.

وهؤلاء الطلاب الأجانب "ليسوا معادين للسامية ولا لليهود ولكنهم يرفضون إبادة الفلسطينيين وحرق النساء والأطفال في الخيام برعاية أميركية"، حسب الترعاني، الذي قال إن كثيرين من الطلاب المناهضين للحرب على غزة كانوا من اليهود.

29/5/2025

مقالات مشابهة

  • تفاصيل المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يوما
  • موظف سابق: إدارة الكفاءة الحكومية الأميركية ستتفكك غالبا بعد رحيل ماسك
  • عقاب جماعي للمدنيين... لافروف يدين الغارات الإسرائيلية على غزة
  • ملفات التعاون الأمني والعسكري يناقشها رئيس هيئة الأركان مع الإدارة الأميركية
  • خبراء أميركيون: ترامب يحاول تدمير التعليم وجمع كل السلطات في يده
  • اللكمة التي أشعلت حرب ترامب على الجامعات الأميركية
  • ضيوف غير متوقعين يؤجلون إقلاع طائرة مرتين
  • لازريني: لو أن جزءا ضئيلا من التريليونات التي حصل عليها ترامب تذهب للأونروا
  • عدن على حافة الانهيار وتحذيرات من موت جماعي بسبب تدهور الأوضاع المعيشية 
  • مصابون في إطلاق نار بمركز تسوق بكونيتيكت الأميركية