ناس تقدم عاوزين حميدتي يحارب ليهم الكيزان الما عرفوليهم وهم في الحكم
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
دعوت الهيئات التي شاركت في الحكومة الانتقالية في قحت (والتي عارضتها) أن تقرأ نص إخفاقها في الحكم بقوة وذكاء حتى لا تتخلص من تبعة هذه القراءة ب”اصطناع” شيطان هو الكيزان ترميه بالجمرات وكانت يا عرب. وهذه هي الخطة التي أطلقت عليها “اللوثة” بالكيزان. فالملوث بها جبان الخاطرة بخيل النفس لا يريد أن يرى عوسه في محنته.
أقمت بيني وبين المعارضة للنظم العسكرية سداً منذ خرجت على الحزب الشيوعي في ١٩٧٨. وكتبت عن استقلالي عنها ككاتب “نقد الذهن المعارض” مقدمة لكتابي “عبير الأمكنة” (١٩٨٨). أخذت في كلمتي تلك على المعارضة حتى على عهد نميري نهجها التأجيجي تكتفي فيه بتسجيل معارضتها كمآخذ سياسية في غاية العمومية لا تتعلم هي نفسها منها شيئاً. واستلهمت في الموقف النقد الذي صوبه أستاذنا عبد الخالق محجوب لمعارضة حزبه لنظام الفريق عبود، فوصفها، على استماتها وكلفتها ونبلها، ب”الإثارية” في كتاب “الماركسية وقضايا الثورة السودانية” (١٩٦٧). فصارع الحزب النظام كديكتاتورية عسكرية قاتل لتفكيكها وعودتها للثكنات. وكان عليهم كشيوعيين، في قوله، مقاومة النظام كواقعة طبقية أداتها العسكرية. وهذا مختلف جداً.
أردت في “نقد الذهن المعارض” للمعارضة أن تنمي حساً بالملاحظة، والنفاذ للدقائق، بالكشف المحيط للظاهرة موضع نقدها للوقوف على جدلها كله. ومن شأن هذا النقد أن ينزل بالمعارض من خفوق الشعار (والشعر) إلى رؤوس التفاصيل الشائكة المهمة، وأن ينقلها من التباكي إلى الفعل. وهي المعارضة الحق التي تثمر ما نحمله معنا للدولة كعزيمة وبصيرة وتقليد بعد زوال الطغيان، ولبناء الوطن الجديد. وبدا لي في أداء معارضة الإنقاذ في الحكم مصداقاً لعاهة “الذهن المعارض” كما طرأت لي في ١٩٨٨.
وصدق عندي نقدي للذهن المعارض في قراءة لي لردود الأفعال من دوائر عارضت الإنقاذ لمنعطفات حرجة للثورة أخيراً. فاستنكر إبراهيم الشيخ، رئيس المجلس المركزي لقحت ووزير الصناعة، “إطلاق البمبان على شباب الكيزان وهم صائمون قبل دقائق من موعد الإفطار”. وقال إنه كان بالوسع التعامل معهم بما يتسق مع “قيم الشعب وسماحته، ومراعاة موعد إفطارهم”. وقال إن تجمعاً مثله لن يؤثر على ثورة سقاها الشهداء بدمائهم. (وهسع إفطارت الفلول هي البينة التي لا غيرها في إشعالهم للحرب)
ولا غضاضة في قول إبراهيم إلا أنه لم يخرج من عادة المعارضة في التعجيل بالنبأ السيء. ولكن فات عليه أنه الآن حكومة بل وزعيم حاضنتها السياسية. وهي وظائف رجل الدولة. ويقع تحت سلطانه لا شباب الإسلاميين وحدهم، بل والجهة الأمنية التي فضت إفطارهم بتعاقد المخدم والشخص المستخدم. واقتضى منه ذلك أن يجلس إلى كل هيئات حكومته الأطراف في واقعة فض فطور الإخوان. يستمع إليهم ويناقش معهم تقديراتهم التي رجحت عندهم ذلك الإجراء دون غيره. وأن يخرج بيان وثيق معبر عن الحكومة. فالحكم “تقله” وأخذ لآلياته وكادره بقوة ودماثة. فالانتقالية وريثة نظم أمنية وشرطية نشأت خلال عهود للديكتاتورية طالت واستطالت موسوسه تجاه أي تجمع زاد عن خمسة أشخاص. ولم ترحم حتى شباب الثورة في تظاهرات مشهودة. ولن نغادر محطة المعارض إن ظللنا ننقد الحكومة من خارجها في حين صار بوسعنا نقدها من داخلها.
أما الحزب الشيوعي فردة فعله، إذا صدقنا كمال كرار، فكانت “أفرش وتخين”. فهو لم يبارح منصة المعارضة إذا عاد إليها بعد فترة مشوشة في دهاليز الحكم. وبلغ من المعارضة أنه قد طرح سقوط الانتقالية كواجب مقدم وعاجل. فتأسف كرار باسم الحزب على رحيل المرحوم الزبير أحمد الحسن بعد مرضه في سجن كوبر. وطالب بالتحقيق “الفوري” في “عمليات” وفاة الإسلاميين داخل السجون. وانتقد تأخر محاكمتهم بلا مبرر خاصة وأن القضايا التي يحاكمون بها “تافهة” في حين أن مئات من جرائمهم التي ارتكبوها لم يتم البت فيها حتى الآن.
وكلام كرار هو صفحة من أدب المعارضة بحذافيرها. فلغة المعارضة بينة في “عمليات” و”تحقيق فوري” واحتكار سلم الأسبقيات دون الحكومة في تعيين المهم من المسائل وغير المهم. والمراد من هذا الاحتكار ألا تكسب مع المعارض مطلقاً. فما هي مثلاً الجرائم الكبرى التي ارتكبها الإخوان التي تفوق خرقهم للدستور؟ وهو الخرق الذي كان بوابتهم لكل جريمة أخرى. وخرق الدستور كان المادة التي كان يحاكم بها المرحوم مع إخوانه علاوة على التصرف الفاسد ببيع خط هيثرو.
ولم يطرأ لكرار، طالما عارض الحكومة، أن يأخذ بالشدة فريق الدفاع عن المرحوم وأصحابه الذين حولوا المحكمة إلى سيرك على قول المثل: “شد واتباطا يا شراً فاتا يا خيراً آتا”. إنهم في انتظار جودو، أي تغيير في الوضع السياسي يُنهي المحكمة بالضربة القاضية. وبلغ من تجاحد المحامين من أمثال أبو بكر عبد الرازق والعشرة الكرام أن ثلاثة منهم تنتظرهم المحاكمة لإساءة المحكمة. بل ورفض أكثر المتهمين الإدلاء بأقوالهم للجرجرة للحد الذي صمت أحمد هارون عن أقواله قبل أن يُعرض على لاهاي (بتاعتكم دي). لقد اختطفوا المحكمة بتجاحد قانوني معيب ومهين. فالتباطؤ في محاكمة الإخوان ليس خيار المحكمة كما يعتقد كمال كرار بل هو نكدها الذي تعانيه وقد اعتزلتها المهنة القانونية الثورية وفرت منها كما يفر المرء من الأجرب. فهذه الجرجرة في محكمة المتهمين بتدبير انقلاب 1989 إنما هي مكر الدفاع. ولا يعتبر كرار المعارض هذا المكر في حيثياته لأنه خرج ل”يردم” الحكومة الانتقالية كيفما اتفق كخصم لها مصاب ب”الذهن المعارض”
وقلت إن الإنقاذين يحاكمون بتهم “تافهة” يا كرار! قطع لسانك الشيوعي يا كرار.
والحال على ما وصفنا ربما صدق علي عثمان محمد طه حين قال إن معارضتهم خلو من الرؤية.
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
السجيني: الحكومة لم تقدم دراسة حول الأثر الاجتماعي لقانون الإيجار القديم.. والبرلمان يسابق الزمن لإقراره قبل نهاية دور الانعقاد
أكد النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أن الحكومة لم تقدم أي دراسة واضحة حول الأثر الاجتماعي لتعديلات قانون الإيجار القديم على المستأجرين، وذلك خلال جلسة البرلمان المنعقدة اليوم.
وأضاف السجيني، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى، خلال برنامج "على مسئوليتي" المذاع عبر قناة "صدى البلد"، أن وزيرة التنمية المحلية طرحت خلال الجلسة إمكانية الاستعانة بأراضٍ تابعة للإصلاح الزراعي ووزارة الأوقاف، كأحد الحلول المقترحة لتخفيف آثار التعديلات المنتظرة على المستأجرين.
وأوضح رئيس لجنة الإدارة المحلية أن البرلمان يسعى للانتهاء من مناقشة القانون قبل اختتام دور الانعقاد الخامس، مشيرًا إلى إمكانية عقد جلسات إضافية يوم الأربعاء أو الخميس، أو حتى الأسبوع المقبل إذا لزم الأمر. ولفت إلى أنه في حال عدم صدور التشريع خلال هذه الدورة البرلمانية، فقد يلجأ المواطنون إلى ساحات القضاء لحسم النزاعات المتعلقة بعقود الإيجار، ما يؤكد أهمية الإسراع بإقرار القانون لضمان تحقيق التوازن بين حقوق الملاك واستقرار المستأجرين.
وفي سياق متصل، أجرى وفد لجنة الإدارة المحلية، برئاسة النائب أحمد السجيني، زيارة ميدانية إلى محافظة الإسكندرية، شملت عددًا من المواقع الخدمية والتنموية، بحضور الفريق أحمد خالد محافظ الإسكندرية، وعدد من القيادات التنفيذية.
استهل الوفد جولته بتفقد منطقة الكيلو 21 بحي العجمي، حيث لاحظ أعضاء اللجنة إغلاق عدد كبير من المحال التجارية أسفل الكوبري.
وبالاستفسار، أوضحت رئيسة حي العجمي أن تلك المحال تعمل دون تراخيص وتم إنذارها بتوفيق أوضاعها، نظرًا لتعديها على الأرصفة العامة والتسبب في إشغال الطريق وعرقلة حركة المرور.
وأكدت اللجنة ضرورة تقنين أوضاع هذه المحال وفقًا لأحكام قانون المحال العامة، وإزالة التكدسات المرورية للحفاظ على النظام العام وسيولة الحركة في الشوارع الرئيسية.
كما شملت الجولة تفقد محطة المعالجة بمشروع أبو تلات، والتي تبلغ طاقتها الاستيعابية 35 ألف متر مكعب يوميًا، وتضم 3 محطات رفع وشبكات انحدار وخطوط طرد، تمتد لأكثر من 140 كيلومترًا، بتكلفة إجمالية للمشروع تبلغ 2.1 مليار جنيه، منها 220 مليونًا خصصت لإنشاء المحطة، بحسب المهندس سيد الأنصاري، المشرف على المشروع. وأُشير إلى تنفيذ أعمال الرصف عقب استكمال الأعمال الإنشائية.
واختتم الوفد جولته بزيارة الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا، حيث أشاد أعضاء اللجنة البرلمانية بنظام التعليم الحديث بالجامعة، ودورها البارز في تطوير جودة التعليم العالي، خاصة مع قدرتها الاستيعابية البالغة 1200 طالب سنويًا، على مساحة تمتد إلى 200 فدان.
وقد رافق الوفد ممثلون عن عدد من الوزارات والجهات المعنية، من بينها وزارة التنمية المحلية، ووزارة الإسكان، والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، تأكيدًا على أهمية التنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لخدمة المواطن.