سرايا - أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن رئيس المجلس التشريعي المنحل عزيز الدويك المعتقل من تشرين الأول/أكتوبر الماضي وظهر بقوام نحيل، وملامح مرهقة.

وقالت وكالة الأناضول، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أفرجت عن الدويك عند حاجز الظاهرية العسكري في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.

واعتقل الدويك (75 عاما) في17 تشرين الأول/أكتوبر، وصدر بحقه قرار اعتقال إداري لمدة 6 أشهر.



والاعتقال الإداري قرار حبس بأمر عسكري إسرائيلي بدعوة وجود "تهديد أمني" دون توجيه لائحة اتهام، يمتد إلى 6 شهور قابلة للتمديد.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) عزت الرشق، إن صورة عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بعد ثمانية أشهر من الاعتقال الإداري الظالم في سجون الاحتلال الصهيوني، تبرز لكل العالم حقيقة معاناة أبناء شعبنا ورموزه الوطنية، داخل هذه السجون التي أصبحت مكاناً لكل أصناف التعذيب الجسدي والنفسي والانتقام الصهيوني الوحشي".

وأضاف عزت الرشق أن "هذه الصورة القاسية ... تكشف أساليب العدو الصهيوني الوحشية والسادية ضد أسرانا ومعتقلينا، وتفضح المعاملة غير الإنسانية والانتهاكات الجسيمة التي يتعرّضون لها، في مخالفة لكل القوانين والمواثيق الدولية".

وتولى الدويك، وهو من مدينة الخليل رئاسة المجلس التشريعي منذ فوز حركة حماس بأغلبية مقاعد المجلس في الانتخابات البرلمانية عام 2006، وحتى إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن المحكمة الدستورية في رام الله قررت حل المجلس أواخر 2018.

المملكة



المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: المجلس التشریعی

إقرأ أيضاً:

فخاخ الطحين.. حيث يصطاد الاحتلال جوع الفلسطيني

لم تكن ماريا شيخ العيد، ذات الأربعين عامًا، تملك ترف الاختيار بين الموت أو الانتظار. في فجر رمادي من يونيو، شدّت حجابها على رأسها وخرجت وحدها من خيمتها المتواضعة في مواصي خان يونس، تاركة خلفها سبعة أفواه صغيرة جائعة، وعدتهم بكيس دقيق وقليل من الزيت والسكر من مركز توزيع المساعدات غرب رفح، وقالت إنها لن تعود إلا به. لم تعلم أنها ستعود فعلًا، لكن لا محمّلة بالخير، بل محمولة في كيس أبيض كُتب عليه «هنا تنتهي القصة».

دماء على كيس الطحين

ماريا، هي شهيدة المساعدات الثانية في عائلتها، بعد أن فقدت زوجها بالطريقة ذاتها قبل نحو شهرين. فكانت لصغارها الأم والأب والمعيل في وقتٍ لم يعد فيه للغزيين إلا الأمل. كانت تحتمي بضعفها كامرأة، في يومٍ خُصص لتوزيع المساعدات للنساء فقط. زحفت وسط الزحام، تواسي قلبها المتعب بصورة أطفالها ينتظرونها عند مدخل البيت. لكنها لم تصل، فطلقة واحدة من قناصٍ إسرائيلي وضعت نهاية لصراعها مع الجوع، وأسقطتها أرضًا، جثةً تنزف في صحراء «المساعدات».

تركت ماريا 7 أطفال، أكبرهم (14 عامًا)، أيتامًا تمامًا، ينتحبون بكاءً من الفقد، وتصرخ أمعاؤهم من شدة الجوع، محاصرين بين وجع اليتم والهزال على بوابات مستشفى ناصر الطبي بخان يونس.

أسبوعان من الجوع كانوا كافيين ليحفروا في قلب ماريا رغبة بالحياة، أو ما تبقى منها. خرجت لترى المساعدات، فكان في انتظارها رصاص، وبدل كيس الدقيق، كيس موتى. هكذا يعود الفلسطيني من رحلة الخبز في زمن الحصار.

مصائد للذبح

في ظلال المجاعة الخانقة التي تضرب قطاع غزة، خرجت منظمة أُطلق عليها اسم «غزة الإنسانية» إلى العلن في 25 مايو الماضي، وهي مبادرة مشتركة أمريكية إسرائيلية، قيل إنها جاءت لتوزيع المساعدات الغذائية على المدنيين. لكن الأرض تشهد بما هو خلاف ذلك، فالمراكز التي خصصت لتوزيع الطعام أصبحت شراك موت، حيث يُقتل فيها الناس وهم يحملون بطاقات الانتظار بدلًا من البنادق، ويحملون الأطفال بدلًا من الأكياس.

هذه المنظمة، رغم صيغتها الوردية، لم تكن يومًا محل ثقة لدى الفلسطينيين، ولا حتى لدى منظمات الإغاثة الدولية. جميع التقارير الأممية أكدت أن هذه المراكز تحوّلت إلى «مصائد للذبح»، وأنها وُضعت لا لتخفيف المجاعة، بل لتجميل صورة الاحتلال الغاصب، وتبرير وحشيته أمام الرأي العام الغربي.

منذ مايو وحتى الآن، استُشهد أكثر من 1066 فلسطينيا أمام هذه المراكز. الرقم لا يعكس الحجم الكامل للفاجعة، لأن بين القتلى أطفالًا ونساءً وعجزة، لم تكن أيديهم قادرة على حمل السلاح، بل فقط أكياس بلاستيكية صغيرة أمِلوا أن يملؤوها بالقليل من الغذاء.

تزامنًا مع تفاقم المجاعة وإغلاق المعابر منذ الثاني من مارس، تحولت هذه المراكز إلى نقاط تجمع مرصودة ناريًّا، حيث تنتهي حياة الناس في اللحظة التي يصلون فيها إلى بوابة النجاة. لا حديث عن شحنات أو كميات، بل عن دقة القنّاص، وزاوية الرؤية، وسرعة الرصاصة في ملاحقة الحلم.

شاهدة نجت

في منطقة الشاكوش بمدينة رفح، وفي يوم قائظ لم يرحم الوجوه المتشققة ولا الأجساد الظامئة، سقطت نجاة شاهين مغشيًا عليها. كانت قد جاءت مشيًا على الأقدام من دير البلح، في محاولة منها لانتزاع بعض الطحين لأبنائها الذين غرقوا في الجوع. خمس وخمسون عامًا من العمر لم تكن ثقيلة عليها بقدر ما أثقلها الانتظار والخذلان.

حين اقترب منها بعض الشبان، رأوا في وجهها علامات جفاف لم يسبق لهم أن شاهدوها من قبل، قدموا لها شربة ماء في كيس بلاستيكي، فقد نفدت الأكواب، وتحوّلت الصحراء إلى مساحة لا مكان فيها لراحة ولا كرامة. ارتشفت الماء كله، ثم سكبته على وجهها المحترق من الشمس. لم تستطع الحديث، واكتفت بالبكاء، بينما غطت وجهها بحجابها وهمست: «رموا علينا قنابل.. رموا علينا رصاص».

أرادت فقط أن تطعم أبناءها، لكنها وجدت نفسها بين القنابل والدخان. قالت لهم إنهم كذبوا عليهم، إنهم وعدوهم بمساعدات فإذا بالجحيم ينتظر عند كل مفترق. مشهد نجاة لم يكن الوحيد، لكن دموعها كانت كافية لتلخص قهر أمهات غزة، اللواتي يتنقلن بين الجوع والقصف بحثًا عن شقفة خبز وجرعة ماء.

ساحة حرب

هناك في محيط مراكز توزيع المساعدات، لا شيء يشبه المساعدات ولا ما يحيط بها يشبه الحياة. في مشهد أشبه بساحة حرب، تتراكض الأجساد الهزيلة وتتعثر، بينما يصفر الرصاص فوق الرؤوس كأنّه يتعمّد إصابة الجائع في قلبه. العشرات يركضون حفاة، يتدافعون بعشوائية، ثمّ فجأة يسقط البعض أرضًا، فيما يصرخ آخرون: «هربنا.. هربنا»، كأنهم نفضوا أيديهم من كل شيء عدا الغريزة.

يعلو صراخ النساء، يركض الأطفال وهم يصرخون بلا اتجاه، يلتفون حول شاحنة ظنّوها تحمل الخلاص، فإذا بها تصير فخًا مكشوفًا، ونيشانًا ثابتًا لجنود الاحتلال المختبئين خلف أكوام الرمل. عندها لا يسع الناس سوى الارتماء على الأرض، والاحتماء ببعضهم، بأجسادهم، بأكياس الطحين الممزقة على الرمال.

الوجوه شاحبة، والأعين مذهولة، كأنهم يفيقون كل مرة على حقيقة أنهم مستهدفون حتى في لحظة بحثهم عن كسرة خبز. تلك اللحظة التي يفترض أن تكون استثناءً من الموت، تحوّلت هي ذاتها إلى مرمى نيران، إلى كمين حي، إلى لغم إنساني.

في هذا المشهد، لا ترى أعلامًا بيضاء، ولا ممرات آمنة، بل مجرد بشر يتسابقون مع الموت على رغيف. كل شيء يوحي بأنّ هناك من أراد للمساعدات أن تُلقى كطُعم، وأن يُختبر الفلسطينيون بين جوعهم وخوفهم. وللأسف، لا يخيّبون الظنّ: فهم يأتون رغم كل شيء، يتقاطرون من كل حي، حاملين أملًا ممزوجًا بالدم.

رصاص زكيم

في أقصى شمال القطاع، وتحديدًا في المنطقة المعروفة باسم زكيم، التي تحولت إلى ساحة موت شبه يومية، يخرج المواطنون من منازلهم التي استهلكها القصف والجوع على حد سواء، لا يحملون سوى قلوبهم، وأملًا بأن تأتي شاحنات المساعدات متأخرة، لكن غير مرصودة.

أحد هؤلاء، سعيد حمدان، في الأربعين من عمره، كان يركض وقد حمل على ظهره كيس دقيق ثقيل، لكنه بدا عليه وكأنه يحمل طفله الرضيع. كان يلهث، ويتلفت يمينًا ويسارًا، وعيناه تترقبان الموت في أي لحظة. صرخ: «كنت سأموت! كنت سأدفع روحي ثمنًا لكيس الطحين هذا!».

لم يكن يبالغ. القنابل كانت تتساقط على رؤوس الناس، بينما كانت شاحنات المساعدات تفرغ حمولتها بعيدًا، تحت حراسة الاحتلال. وُضعت الحواجز، ثم أطلقت الرصاصات، وراح الضحايا يتساقطون واحدًا تلو الآخر، كما لو أن كل كيس طحين كان يحتاج إلى تضحية إنسانية.

جحيم النابلسي

وفي محور «نتساريم» وسط القطاع، بدا المشهد أكثر قسوةً ودهشة. ليس فقط لأن عدد الضحايا كان أكبر، بل لأن الطرق المؤدية إلى شاحنات المساعدات كانت مفروشة بالجثث، والدماء تغسل الإسفلت. خرج الناس جائعين، وعادوا محمولين على الأكتاف، فالخبز هنا لا يأتي إلا مع الرصاص.

أحمد الأخرس، شاب ثلاثيني، كان يقود دراجته بسرعة خيالية. يحمل حقيبة صغيرة على ظهره، وقد علا وجهه البؤس والهلع، قال: «منذ أسبوع وأنا أذهب إلى مراكز توزيع المساعدات في النابلسي، وأرى الموت بعيني. أتعرض للذل كي أحصل على لقمة الطحين لإخوتي وللصغار من أهلي».

كل يوم يغامر بحياته، ولا يضمن العودة. أضاف خلال حديثه لـ«عُمان» أن المساعدات لا تصل إلى المستحقين، وأن من يموتون هناك لا يُعرفون بأسمائهم، بل يُحسبون أرقامًا. لا شفقة، لا إنقاذ، فقط قنابل ودموع، وجرعة ألم تُضاف إلى أرشيف لا ينتهي من المآسي.

رفح المحاصرة

أما مدينة رفح، التي باتت رمزًا للموت الصامت، فالقصة فيها تتكرر بصورة أكثر ظلمة. هناك، يقف الناس في طوابير طويلة، لا يطمحون بشيء أكثر من كرتونة طعام صغيرة، فيها القليل من الزيت وأرز وربما السكر إن حالفهم الحظ.

محمد الأشقر، رجل في الأربعينات، كان يحمل كرتونة خفيفة فوق كتفه كمن يحمل كنزًا. قال لـ«عُمان»: «قالوا إن هناك مساعدات، وذهبنا لجلبها، الحمد لله ربنا وفقنا في الحصول على هذه الكرتونة. لا نجد اللقمة. نحصل عليها بالموت والشقاء والتعب. من فم الحصار هذا».

كان جسده نحيفًا كجذع شجرة ضربتها النار، لكن عينيه تلمعان بوميض النصر الصغير، كمن انتصر على الجوع ولو مؤقتًا. لم يكن يعرف هل سيعود اليوم التالي حيًا أم لا، لكنه كان سعيدًا بتلك الوجبة التي سيشاركها مع أسرته المنهكة.

حرب بالتجويع

زاهر الوحيدي، رئيس وحدة المعلومات بوزارة الصحة في قطاع غزة، تحدث لـ«عُمان» قائلًا: «استُشهد أكثر من 1066 شخصًا من طالبي ومنتظري المساعدات أمام مراكز التوزيع التي تديرها ما يسمى منظمة غزة الإنسانية، والتي بدأت عملها في مايو الماضي». وأضاف أن قصة الجوع الشديد بدأت بعد الثاني من مارس 2025، حين أُغلقت المعابر وتوقفت التهدئة.

وأوضح الوحيدي، أن وزارة الصحة بدأت ترصد ارتفاعًا مروعًا في أعداد الوفيات الناتجة عن المجاعة وسوء التغذية، فبعد أن كانت الوفيات مقتصرة على الأطفال دون سن الخامسة، بدأت الأرقام تشمل كبار السن، ومرضى السرطان، وضغط الدم، والسكري، وهي فئات لم تعد تملك مقاومة الحرب بالتجويع.

وأكد أن هذه ليست مجاعة عادية، بل هي حرب معلنة من قبل الاحتلال عبر أدوات التجويع، بعدما فشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني بالقصف والصواريخ، فلجأ إلى أسوأ وسيلة عرفتها البشرية: الجوع.

واختتم الوحيدي تصريحه بالقول: «حتى الأمس، سجلنا 122 حالة وفاة نتيجة المجاعة، من بينهم 83 طفلًا. هذه الأرقام تتزايد بشكل يومي، وإن لم يتم فتح المعابر بشكل فوري، فإن الكارثة الإنسانية ستتفاقم إلى مستوى لم يشهده العالم من قبل».

مقالات مشابهة

  • الإفراج عن 53 صيادًا يمنيا بعد أيام من احتجازهم في أرتيريا ومصادرة قواربهم
  • بالفيديو .. شاهدوا لحظة مغادرة الوفد الجزائري القاعة بعد استدعاء رئيس برلمان الكيان الصهيوني
  • رئيس هيئة الاستثمار: 9 مليارات دولار صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال أول 6 أشهر
  • رئيس الوطني الفلسطيني: مصر لم تدخر جهدا من أجل مساعدة شعبنا في محنته
  • فخاخ الطحين.. حيث يصطاد الاحتلال جوع الفلسطيني
  • اعتقالات واسعة بالضفة شملت نائبا في التشريعي وأسرى محررين بصفقة التبادل
  • تقرير: الاحتلال حوّل القدس إلى ساحة عدوان شامل خلال 6 أشهر
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: المؤتمر الدولي حمل رسالة دعم للشعب الفلسطيني
  • عضو المجلس المركزي الفلسطيني: مؤتمر حل الدولتين أعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية
  • رئاسة مجلس الشورى تبارك قرار القوات المسلحة إعلان المرحلة الرابعة من الحصار البحري على العدو الصهيوني