مرض "ينتقل جنسيا" يمكن أن يفسر العقم لدى آلاف الرجال
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
زعم فريق من العلماء الأمريكيين أن مرضا ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي يمكن أن يؤدي إلى فشل الكبد المميت والعقم إذا لم يتم علاجه.
اكتشف فريق البحث في جامعة ولاية أوهايو وجود فيروس التهاب الكبد E في عينات الحيوانات المنوية لدى الخنازير، ما يشير إلى أنه يمكن أن ينتقل عن طريق الجنس.
وسابقا، اعتُقد أن الفيروس، الذي لا يسبب أعراضا دائما، ينتشر عبر المياه الملوثة فقط.
وفي الدراسة، حقن العلماء الخنازير بالفيروس، ووجدوا أنه ينتشر في الدم ويتم التخلص منه في البراز.
وبعد 84 يوما من الحقن، وجد فريق البحث فيروس التهاب الكبد الوبائي في خلايا الحيوانات المنوية لدى الخنازير. واحتوى حوالي 19% من خلايا الحيوانات المنوية على جزيئات من الفيروس، والتي كانت معدية، ما يعني أنه من الممكن أن يكون الفيروس قد انتقل إلى خنزير آخر.
ولفحص جودة الحيوانات المنوية، حلل العلماء 200 خلية منوية لمقارنة حركتها وشكلها.
وأظهرت الحيوانات المنوية المصابة بسلالة الفيروس، التي يمكن أن تصيب البشر، انخفاضا بنسبة 14% في القدرة على التحرك عبر الجهاز التناسلي، مقارنة بتلك الموجودة في الخنازير غير المصابة.
إقرأ المزيدعلاوة على ذلك، كان من المرجح أن يكون للحيوانات المنوية لدى الخنازير المصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي، رؤوسا وذيلا ذات شكل وحجم غير طبيعي.
ومن المعروف أن هذه التغيرات المورفولوجية عند البشر تصيب الرجل بالعقم، فضلا عن زيادة خطر التسبب في تغيرات الحمض النووي لدى الجنين، ما يؤدي إلى عيوب خلقية.
وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم كيفية إصابة خلايا الحيوانات المنوية بفيروس التهاب الكبد الوبائي، ومدة بقاء الفيروس في الخصيتين، وما إذا كان الاتصال الجنسي يمكن أن يؤدي إلى عدوى جهازية لدى الأزواج.
جدير بالذكر أن زهاء 20 مليون حالة من حالات الإصابة بفيروس التهاب الكبد E (HEV) تحدث على مستوى العالم سنويا. وتعد العدوى أكثر شيوعا في البلدان النامية التي ليس لديها مياه نظيفة، حيث تدخل الخلايا الفيروسية الموجودة في البراز إلى إمدادات المياه، وتصيب الأفراد عند شربها.
ويسبب التهاب الكبد E آلاما في البطن وحمى وفقدان الوزن والتعب. ويتعافى معظم الأشخاص بشكل كامل دون حدوث تلف دائم في الكبد خلال 4 إلى 6 أسابيع.
نشرت النتائج في مجلة PLoS Pathogens.
المصدر: ديلي ميل
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: البحوث الطبية الطب العقم امراض بحوث الحیوانات المنویة التهاب الکبد یمکن أن
إقرأ أيضاً:
برحيلك يا أبا ماجد انكسر شِلمان الغنجة
د. محمد العريمي **
في مساءٍ صوريٍّ حزين، أرخى البحر صمته، ومالت السفن الخشبية في خور البطح، كأنها تنصت إلى غياب أحد ربابنتها الكبار.
رحل الشيخ سالم بن سعيد آل فنه العريمي أبو ماجد، الحكيم والمناضل، كما يرحل الكبار العظام الذين يصنعون أثرهم بصمت، ويغادرون بصمت، تاركين وراءهم موانئ كثيرة من الذكريات لا تُنسى، ولا ينساها التاريخ.
برحيله، كأن شِلمان الغنجة الصوريّة – ذلك الشِلمان الصلب الذي يشدّ جسد السفينة ويحفظ توازنها – قد انكسر. انكسر فينا وفي مدينته التي أحبَّها، صور، تلك المدينة الفينيقية التي حملت في أمواجها ملامح شخصيته: صلابة البحر، وعمق الموج، وهدوء الشاطئ ساعة الغروب في الصط.
رجلٌ من ملح البحر ومجد التّاريخ
كان أبو ماجد رجلًا قد شرب من ملوحة البحر، فصارت في طباعه الصلابة، ومن أمواجه العاتية تأصَّلت في روحه المبادئ الراسخة.
يشبه مدينته في عنادها وصبرها وكبريائها وشموخها ووفائها، وفي سعيها الدائم نحو الأفق، نحو المجهول الجميل خلف البحار والمحيطات.
كان السياسيَّ بالفطرة، والعسكريَّ بالتنشئة، تشبَّع بفكر القومية العربية خارج حدود الوطن، فامتلأ وعيه بروح الأمَّة وهمَّها الكبير. حمل في وجدانه مبادئ الكرامة والحرّية والوحدة، وحلم التحرّر من الاستعمار البغيض الذي جثم على صدر الأمة لعقود طويلة.
هُناك، في بغداد ودمشق والقاهرة، وُلد حلمُه وتفتَّحت بصيرته على الفكرة والنضال من أجل قضايا الأوطان والأمة، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينيّة التي لم تكن بالنسبة إليه بعيدة، بل كانت نبضاً في القلب، وخاطرةً لا تفارق وجدانه.
حدَّثني أحد القادة الفلسطينيين في القاهرة ذات يومٍ أنه شارك أبا ماجد حمل السلاح في جبال الشام خلال ستينات القرن الماضي، لقضيةٍ آمن بها حتى النخاع.
الغربة والسّجن إلى حضن الوطن
عاد الكبير من غربةٍ طويلةٍ مُشبعةٍ بالنضال، ومن سجنٍ سياسيٍّ في وطنه امتدَّ سنواتٍ طوالًا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، إلى بيته وأسرته في صور، صلباً كما عرفناه، مؤمناً بأن الانتماء ليس شعاراً يُرفع في المجالس وأمام السَّلاطين، بل ممارسة تُعاش بالعطاء والتّضحية من أجل الوطن وأهله.
كان يحمل في داخله صرامة الجندي وهدوء القائد، مؤمناً على الدوام بأن خدمة الوطن ليست واجباً يُؤدَّى مرة، بل عمرٌ يُنذر بأكمله للوطن وثراه المقدَّس.
كان ثابتاً على المبدأ، واضحاً في الموقف، نقيَّ السريرة، صادقَ الكلمة، عاش مؤمناً بأن الأوطان لا تُبنى إلا بالصّدق والوفاء والإخلاص، وبأن الرجال الحقيقيين يُعرَفون في وقت الشدائد لا في زمن المغانم.
سالم سعيد.. وجهه نحو الأفق
في المجالس، كان أبو ماجد يشبه البَدَن الصوريَّ في هيبته حين يمخر عباب البحر، وفي صلابة ألواحه الخُلاسية اللون، وحبالها المزركشة باللون البُنّي، كزوالي مدينته العتيقة.
كان حديثه كالبحر، عميقاً في معانيه، متدرّجاً في أمواجه، يحمل بين سطوره دروس التجربة وحكمة السنين الطويلة في الغربة والتشرّد والنّضال.
حدثتني أمي وخالاتي عنه مِراراً؛ كان وجهه دائماً نحو البعيد، نحو الضوء والمستقبل، كأنَّ البحر كُلَّما امتد أمامه، فتح له طريقاً جديداً للحلم والعطاء.
انكسار الشِلمان وبقاء الذكرى
برحيلك يا أبا ماجد، انكسر شِلمان الغنجة الصوريّة التي أسهمتَ في حضورها وإرسائها بجوار بيت جَدِّك وجدِّ أمي، ومجلس العفية العام الذي شيدتَه. تلك الغنجة التي جلبتَها مع رفاقك الأوفياء من سواحل اليمن، لتكون رمزاً خالداً لمدينتك ومعشوقتك الأبدية.
كنتَ أحد أعمدتها، وروحاً من أرواحها. وبرحيلك اليوم، يا أخيَر الرجال الكبار، مالت الغنجة بانكسار شِلمانها الرئيس، وصار خور البطح أكثر صمتاً . غير أن ذكراك ستبقى الشراع الذي يُبقيها مُتَّزنةً في وجه الرياح.
الوداع الأخير يا خَيْر الرّجال
رحمك الله يا أبا ماجد، كنتَ من طينة الرِّجال الأوفياء المناضلين الذين لم يُغْرِهم الثراء، ولا هزَّتهم الملايين، بل زادتهم تواضعاً وتمسّكاً بالأرض والناس والوطن.
ظللتَ يا أبا الرجال، حتى آخر أيامك، وفيًّا لعُمان التي أحببتَ، ولصور التي عشقتَ، نقيَّ القلب، كريمَ الخُلق، صادقَ الكلمة.
غادرتنا يوم الجمعية المُباركة جسدًا، يا سيّدي، لكنك باقٍ في الوجدان، وفي ذاكرة المدينة العتيقة، باقٍ في قلب الوطن الأمّ الحانية التي لا تنسى أبناءها الذين صاغوا ملامح مجدها بالعمل الوطني المخلص، وبالتضحيات الجِسام.
سلامٌ عليك يا أبا الرجال، يوم جئت إلى الحياة، ويوم رحلتَ عنها، ويوم نلقاك في دار الخلود بإذن الله.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
** رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية
رابط مختصر