كل ما تريد معرفته عن استقلال الكويت
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
تحل اليوم الذكرى ال63 لاستقلال دولة الكويت الشقيقة والتي يوافق كل عام 19 يونيو 1961، لذلك نستعرض إليكم جميع التفاصيل حول يوم الاستقلال لدولة الكويت.
استقلال الكويت
استقلت دولة الكويت في يوم الإثنين بالتحديد في 5 محرم 1381 هـ، الموافق 19 يونيو 1961 م، وقد جاء هذا الاستقلال بعد مفاوضات بدأت بعد إبلاغ المندوب البريطاني السامي في الكويت أميرَ الكويت الشيخ عبد الله السالم عن نية بريطانيا بالانسحاب من الكويت ومنحها الاستقلال وبالمقابل سيؤسس أمير الكويت برلمانًا ذا سلطات محدودة وصحافة حرة أو شبه حرة، فبدأ التحضير لاستقلال الكويت منذ العام 1958 م بإصدار قوانين مثل قانون الجنسية الكويتية وغيره من القوانين التي تخلق دولة ذات سيادة وكيان مستقلين.
تاريخ استقلال الكويت
كانت الكويت قضاءً إداريًا تابعًا لولاية البصرة التابعة للدولة العثمانية، وقد كان له صلاحيات إدارية ذاتية خاصة إلى أن وقَّع الشيخ مبارك الصباح (الملقب بمبارك الكبير) اتفاقية الحماية مع بريطانيا عام 1899م، فأصبحت الكويت بموجب تلك الاتفاقية إحدى مستعمرات الإمبراطورية البريطانية الموجودة في شبه الجزيرة العربية آنذاك وتم استبدال علم الدولة العثمانية بعلم آخر.
بقيت الكويت تحت الحماية البريطانية لمدة تزيد عن ستين عامًا (1899م-1961م)، وقد كانت تدير شؤونها الداخلية فقط بينما تدير بريطانيا شؤون الكويت الخارجية، فكان سكان الكويت لا يستطيعون السفر إلا بموافقة الإدارة السياسية البريطانية المقيمة في الكويت، ولم تكن الكويت قادرة على منح أو امتلاك الأراضي من الدول المجاورة دون موافقة بريطانيا، وشهدت الكويت حدثًا مؤلمًا حين تأسس المجلس التشريعي الثاني في الكويت في العام 1938م حيث اعترضت بريطانيا على هذا المجلس لأنه كان يريد إدارة شؤون الكويت المالية، فحدثت مواجهات دامية بين أعضاء المجلس والشرطة أدت إلى مقتل عدة رجال واعتقال أعضاء المجلس لمدة أربع سنوات وهروب بعضهم خارج الكويت.
بعد تولي الضباط الأحرار الحكم في مصر بدأ جمال عبدالناصر بانتقاد السياسات البريطانية في مستعمراتها في شبه الجزيرة العربية، فأراد البريطانيون تغيير سياساتهم للتخلص من الهجوم الإعلامي لجمال عبدالناصر خصوصًا بعد مطالبته بافتتاح قنصليات في الكويت لمراقبة أوضاع الكويتيين، فاجتمع وزير الخارجية البريطاني وقتها مع أربعة موظفين في وزارة الخارجية البريطانية وهم جون ريتشموند وإدوارد هيث ووليم لوس وجورج ميدلتون ليبحثوا عن حل لهذه المشكلة، فتوصلوا إلى وجوب منح مستعمرات الخليج الاستقلال مع وجوب إنشاء برلمانات وصحافة شبه حرة أو حرة في هذه الدول، فبدأوا بتنفيذ القرار من الكويت وأبلغوا أمير الكويت عبدالله السالم بقرار وزارة الخارجية البريطانية عام 1958م، فوافق الأمير عبدالله السالم على القرارات وبدأ بسن القوانين منذ ذلك الوقت استعدادًا للاستقلال ولإنشاء البرلمان والصحافة في دولة الكويت.
انتشر الخبر بين أفراد الأسرة الحاكمة في الكويت (أسرة آل صباح) فتشكل وفد من بعض أفراد الأسرة (بقيادة عبدالله الجابر الرافضين لفكرة إنشاء البرلمان والصحافة وأبلغوا أمير الكويت رفضهم لهذه القرارات لكن أمير الكويت عبدالله السالم أصر على اتباعه للقرارات الصادرة من وزارة الخارجية البريطانية، فحصلت الكويت على استقلالها في يوم الاثنين 5 محرم 1381 هجري الموافق ل19 يونيو 1961م، وتم الانتهاء من إقرار دستور الكويت والتوقيع عليه في نوفمبر 1962م وجرت أول انتخابات لمجلس الأمة الكويتي (البرلمان) عام 1963م.
علم الكويت بعد الاستقلال
بعد استقلال الكويت جرت مسابقة لرسم علم الكويت الجديد، ولم يفز أي من المتسابقين في هذه المسابقة، فكان العلم المرشح هو علم دولة الحالي، وهو علم يرمز إلى القومية العربية حيث أن ألوانه مقتبسة من ألوان علم الثورة العربية الكبرى الذي رسمه الضابط البريطاني مارك سايكس وقد اقتبست الفكرة من الشعر العربي القديم لصفي الدين الحلي:
إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفًا أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا
بيض صنائعنا، سود وقائعنا خضر مرابعنا، حمر مواضينا
لا يظهر العجز منّا دون نيل منى ولو رأينا المنايا في أمانينا
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: استقلال الكويت الكويت دولة الکویت أمیر الکویت فی الکویت الکویت ا
إقرأ أيضاً:
عاجل. ماذا يعني إعلان استقلال منطقة القبائل عن الجزائر؟ هل يؤثر مشروع الماك على أمازيغ شمال إفريقيا؟
يرى الباحث في الاستراتيجية والأمن الإقليمي هشام معتضد، في حديثه إلى يورونيوز، أن إعلان "استقلال" منطقة القبائل عن الجزائر يضع السلطة في موقع مربك، ويجعل أي رد فعل غير مدروس عرضةً للتأويل على نحو قد يقود إلى التصعيد
أعلنت حركة تقرير مصير منطقة القبائل (ماك/MAK) خلال مؤتمر عُقد في باريس يوم 19 أكتوبر 2025، عن اعتماد إعلان استقلال منطقة القبائل بالإجماع، بحضور قيادة الحركة والحكومة القبائلية في المنفى (أنفاذ) وأعضاء ما يُسمّى بالبرلمان القبائلي. وحدد المؤتمر يوم 14 ديسمبر 2025 موعداً للإعلان الرسمي عن الاستقلال، وهو تاريخ اختارته الحركة الانفصالية وتقول إنه مرتبط بمبادرات دولية سابقة لاعتبار هذا اليوم "يومًا عالميًا لمناهضة الاستعمار".
مؤسس حركة "ماك" الحظورة في الجزائر فرحات مهني قال إن إعلان استقلال منطقة القبائل ليس موجّهاً ضد أي دولة، ويأتي ضمن ممارسة الأمازيغ أو القبائل لمّا سماه "حقهم المشروع في تقرير المصير" وفقاً لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. ويرى قادة الحركة الانفصالية أن يوم 14 ديسمبر سيكون وفق تعبيرهم "نقطة تحوّل تاريخية في مسار مطلب استقلال القبائل"، وبداية مرحلة جديدة في "نضالهم السياسي".
من هو فرحات مهنّي؟وقبل الخوض في تفاصيل إعلان استقلال منطقة القبائل، من الضروري أن نتعرف على شخصية فرحات مهني وحركته "ماك": فمن هو هذا القيادي المثير للجدل؟ وما أهداف حركته، وما مواقفه من أبرز القضايا في الجزائر والمنطقة؟ وما الأثر المحتمل لمشروعه على القبائل والمنطقة المغاربية إذا ما رأى النور؟
فرحات مهني، مغنّ سابق يقيم في فرنسا، وهو يعدّ أبرز القيادات الأمازيغية ومؤسس حركة "ماك" المطالِبة بانفصال منطقة القبائل عن الجزائر. يشغل مهنّي رئاسة ما يسمّى"الحكومة القبائلية في المنفى"، مقدّمًا نفسه ممثلاً لـ"شعب يمتلك هوية خاصة وتاريخًا مغايرًا للهوية الرسمية للدولة الجزائرية" رغم أن شريحة واسعة من أمازيغ الجزائر ترفض أن يتحدث باسمها. ويعتبر فرحات مهنّي أن "الهوية الأمازيغية امتداد لحضارة شمال إفريقيا القديمة، على غرار الهويات اللاتينية أو السامية، فيما تشكل الهوية القبائلية خصوصيةً داخل الإطار الأمازيغي الأوسع، بملامح لغوية وثقافية وتاريخية متميزة". ويرى الفنان الذي تحوّل لسياسيّ انفصالي مثير للجدل أن منطقة القبائل تحولت، بعد الاستقلال، إلى "مستعمرة داخل الدولة الجزائرية" وفق زعمه.
وبخصوص موقفه من النظام في الجزائر، يصف مهني السلطة في هذا البلد بأنها "ديكتاتورية"، ويتهمها باستخدام مبدأ تقرير المصير في سياقات خارجية فقط، مع رفض تطبيقه داخلياً. كما يتهم الدولة بـ"قمع أي مطالبة سلمية تعبّر عنها منطقة القبائل". ويؤكد أن المجتمع القبائلي بطبيعته علماني ومتسامح ثقافيًا، وأن الدين يجب أن يبقى خيارًا شخصيًا، في مقابل ما يعتبره "توظيفًا سياسيًا للدين" من قبل السلطة.
فرحات مهنّي وإسرائيلوأثار موقف مهني من الدولة العبرية جدلاً واسعًا في الجزائر والعالم العربي، خاصة بعد زيارته تل أبيب عام 2012 ولقائه مسؤولين في الكنيست ووزارة الخارجية الإسرائيليين. ويقول مهنّي إن الزيارة تهدف إلى كسر "الخطوط الحمراء" التي ترسمها الدولة الجزائرية. ويرى دعمه لإسرائيل "موقفًا أخلاقيًا ضد الإرهاب". فقد سبق وأكد إدانته هجمات 7 أكتوبر 2023 التي شنتها حركة حماس، مشيرًا إلى وجود ما يعتبره رابطًا بين "العداء لشعب القبائل" داخل الجزائر كما يسمّيه و"معاداة السامية" وفق زعمه. وقد وصف مهنّي إسرائيل بأنها "حليف رمزي وأخلاقي" لمنطقة القبائل وللديمقراطيات الغربية.
ويؤكد مؤسس الحركة أن معارضته للنظام الجزائري "لا تستهدف السكان العرب" في هذا البلد، منتقدًا ما يصفه بسياسة فرض اللغة العربية وطمس الثقافة القبائلية. كما يعبّر عن أمله في الحصول على دعم من الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل والمغرب ودول عربية أخرى وفق تعبيره.
ما هي حركة "ماك"؟تعود جذور حركة "ماك" إلى أحداث ما يسمّى "الربيع الأسود" عام 2001، حين شهدت منطقة القبائل احتجاجات واسعة تخللتها مواجهات دامية أسفرت عن مقتل أكثر من 120 شخصًا وإصابة آلاف آخرين. وانتقلت الحركة عام 2013 من المطالبة بـ"الحكم الذاتي" إلى رفع شعار "تقرير المصير".
Related محكمة استئناف الجزائر تبقي 38 حكمًا بالإعدام في قضية مقتل شاب أثناء حرائق 2021ذهب ليمدّ يد المساعدة في إخماد النيران المشتعلة في الجزائر فتم حرقه..من قتل الشاب جمال ولماذا؟وتتهم السلطات الجزائرية الحركة الانفصالية بالتورّط في حرائق عام 2021 وبالتحريض على قتل الشاب جمال بن إسماعيل الذي هبّ لمساعدة مواطنيه الأمازيغ في إخماد النيران التي شبت في غابات منطقة القبائل. وصُنفت "الماك" كـ"منظمة إرهابية"، كما تواجه اتهامات بتلقي تمويل خارجي والتخطيط لأعمال مسلّحة، وهو ما تنفيه قيادة الحركة.
Related الجزائر: حركة استقلال منطقة القبائل تنفي تخطيطها لتنفيذ هجمات في البلادوفي 2024، أعلنت السلطات إحباط محاولة لإدخال أسلحة نُسبت إلى "ماك"، بينما رفضت فرنسا عام 2025 تسليم أحد قيادييها، أكسل بلعباسي، المطلوب للجزائر بتهم ارتكاب أعمال إرهابية.
Related شاهد: عودة تدريس اللغة الأمازيغية في ليبيا بعد عقود من المنع في عهد القذافيأسكاس إيغودان.. المغاربة يحتفلون برأس السنة الأمازيغيةشاهد: الأمازيغ والبربر في الجزائر يحتفلون برأس السنة الأمازيغية "يناير"المتحدثون بالأمازيغية في المغرب يخشون من اندثار لغتهمأما المواقف الدولية فهي متباينة: فالولايات المتحدة وكندا لا تصنّفان الحركة كمنظمة إرهابية، وتتعاملان مع ملفّها باعتباره ذا طابع سياسي أكثر منه أمني. أما في فرنسا، فيحظى خطاب الحركة بدعم محدود في بعض أوساط الجالية القبائلية (الأمازيغية الجزائرية) وبعض نواب تكتل LIOT المدافعين عن الحقوق الأمازيغية.
في المقابل، تتحدث تقارير إعلامية جزائرية عن دعم مغربي مالي مزعوم للحركة، وهو ما تنفيه "ماك"، رغم أن سفير الرباط لدى الأمم المتحدة كان وزع عام 2021 مذكرة تدعو لحق شعب القبائل في تقرير المصير" وقبله عام 2015، اتخذ نفسَ الخطوة قبله سلفه عبد الرزاق لعسل الممثل الدائم للمغرب لدى المنظمة الأممية وذلك في إشارة لموقف الجزائر من قضية الصحراء الغربية وتأييدها لاستقلال الإقليم.
وفي هذا الشأن، يُظهر فرحات مهني تقاربًا وتماهيا مع موقف الرباط الذي ينادي بسيادة المملكة على الصحراء المغربية كما يسميها. وهذه مفارقة، لأن السياسي الانفصالي وبدل تأييده لجبهة البوليساريو، يريد استقلال منطقة القبائل ويتفق في ذات الوقت مع بقاء الإقليم المتنازع عليه تحت لواء الملك محمد السادس.
هل يؤثر مشروع فرحات مهنّي الانفصالي على أمازيغ المغرب العربي؟قبل الحديث عن أثر مشروع فرحات مهني إذا ما كُتب له النجاح، من المهم التعريف بالسكان الأمازيغ. في هذا السياق، يشير الباحث في التاريخ مهدي حسحوس لـ"يورونيوز" إلى أن البربر أو الأمازيغ هم من الشعوب القديمة في منطقة شمال إفريقيا. ويتركز وجود المتحدثين باللغات واللهجات الأمازيغية اليوم بشكل رئيسي في منطقة القبائل شمال الجزائر ومنطقة الأوراس شرقها، كما ينتشرون أيضا في المغرب، وتحديداً في منطقتي الريف شمالاً وبلاد سوس جنوباً. ويضاف إلى هؤلاء قبائل الطوارق التي تعيش في أرجاء الصحراء الكبرى، بينما يقتصر الوجود الأمازيغي في تونس وليبيا على بعض القرى والتجمعات التي ما زالت تحافظ على اللغة الأمازيغية.
وهنا يبرز سؤال مهم حول تداعيات مشروع فرحات مهني: إذا ما تحقق استقلال منطقة القبائل، كيف سيؤثر ذلك على الهوية الأمازيغية في شمال إفريقيا، وعلى الوضع السياسي والاجتماعي في الجزائر والمنطقة المغاربية ككلّ؟
يرى المحلل صهيب المزريقي، في تصريح لـ"يورونيوز"، أن الحراك الذي تقوده حركة "ماك" واحتمال إعلان استقلال منطقة القبائل يُنظر إليهما في الأساس بوصفهما خطوة رمزية أكثر من كونهما مشروعًا قابلًا للتجسيد. فالوضع الداخلي في الجزائر، سياسيًا واجتماعيًا، لا يوفّر الشروط الموضوعية لولادة كيان منفصل، سواء من حيث غياب قاعدة شعبية واسعة مؤيدة، أو من حيث التوازنات الإقليمية التي لا تمنح هذا المسار أي هامش للمناورة. ويؤكد المزريقي أن الغالبية من الأمازيغ في الجزائر، بما في ذلك سكان منطقة القبائل، ترى نفسها جزءًا من الدولة الجزائرية وتطالب بحقوق ثقافية ولغوية بدلًا من الانفصال، ما يجعل تأثير "ماك" محدودًا داخل الطيف الأمازيغي.
ويشير المتحدث ذاته إلى أن أي إعلان أحادي للاستقلال سيواجه ردًا صارمًا من الدولة الجزائرية، باعتبار أن وحدة التراب الوطني هي أحد أهم ثوابتها. كما أن تجارب الانفصال في العالم تُظهر أن نجاح أي مشروع مماثل يتطلب ثلاثة عناصر أساسية هي كالتالي:
قاعدة شعبية عريضة ضعف في مركزية الدولة الأم نافذة اعتراف دوليوهذه الشروط غير متوفرة في الحالة الجزائرية. وبالتالي، فإن أي "استقلال معلَن" سيكون، وفق المزريقي، خطوة معزولة محكومة بالفشل الفوري، على غرار تجربتي كتالونيا وكردستان اللتين اصطدمتا برفض دولي وبقوة الدولة المركزية.
من جانبه، يرى الباحث في الاستراتيجية والأمن الإقليمي هشام معتضد أثناء حديثه مع "يورونيوز" أن القيمة السياسية لمثل هذا الإعلان لا ترتبط بنتائجه المباشرة، التي يصفها بأنها "ضعيفة" بحكم ميزان القوى على الأرض، بل بكونه مؤشرًا على اختلالات داخلية لم تعد أدوات الضبط التقليدية قادرة على احتوائها بالفاعلية نفسها.
ويأتي هذا التحرك، وفق المتحدث، في سياق وطني يتّسم بانكماش اقتصادي، وضغوط اجتماعية متزايدة. لذلك، يُنظر إلى الإعلان، مهما كانت رمزيته، اختبارًا لقدرة الدولة على إدارة التحديات الصادرة من أطرافها الاجتماعية والثقافية، وليس فقط من حدودها الجغرافية.
ويضيف معتضد أن الجزائر، التي جعلت من مبدأ "تقرير المصير" أحد أعمدة خطابها الخارجي، تواجه اليوم مطالبة داخلية تستند إلى المفهوم ذاته، مضيفا:" هذا التناقض لا يعكس بالضرورة ضعفًا استراتيجيًا، لكنه يضع الرواية الرسمية في موقف مربك، ويجعل أي رد فعل غير محسوب قابلًا للتأويل وربما التصعيد".
أي تأثير للمشروع على المستوى الإقليمي؟يرى المحلل صهيب المزريقي أثناء حواره مع "يورونيوز"، أن أي خطاب انفصالي في منطقة القبائل سيكون محدود الأثر على المستوى الإقليمي. فهو قد يخلق صدى ثقافيا لكنه بالكاد يُترجم إلى تأثير سياسي ملموس. ففي المغرب، يتمتع الأمازيغ اليوم باعتراف دستوري وحضور مؤسساتي، ما يجعل الانفصال خارج الأجندة، بينما تُركّز الجهود في ليبيا على بناء الدولة في ظل وضع هش، وتُعد جماعات الأمازيغ في تونس صغيرة وغير معنيّة بمشاريع سياسية تأسيسية خارج الدولة الوطنية.
ويضيف المزريقي أن إعلانًا أحاديًا في منطقة القبائل سيُقرأ عربيًا كخطوة تستهدف الدفاع عن الوحدة الترابية للدول ورفض موجات التفتيت، ما يعزز خطاب السلطة الرسمي وغير الرسمي حول مركزية الدولة الجزائرية، خصوصًا في بلد له وزن إقليمي وعمق استراتيجي. ومن منظور الأمازيغ أنفسهم، لن يتحول الإعلان إلى "لحظة قومية"، بل قد يضعهم بين التعاطف مع الهوية الثقافية ووعيهم بأن المساس بوحدة الدول قد يزيد التوتر والشكوك. لذلك، سيكون التأثير الأكبر على المستوى الثقافي والنقاش الاجتماعي، مع شبه انعدام للأثر السياسي المباشر.
من جانبه، يقول هشام معتضد أن التفاعلات الإقليمية ستكون حذرة، إذ تشترك الدول المغاربية في خشيتها من انعكاسات أي مطالب انفصالية. ومن ثم، فمن المستبعد أن تحظى هذه الخطوة بدعم مباشر، لكنها ستجعل الفاعلين الاقليميين يراقبون الوضع الجزائري من زاوية الاستقرار الداخلي.
أما بالنسبة للدول الأوروبية، خاصة فرنسا والاتحاد الأوروبي، فستتخذ مقاربة براغماتية تركز على الاستقرار الجيوسياسي، إدارة الهجرة، وضمان تدفقات الطاقة، أكثر من الانخراط في قضايا الهوية المحلية بالدول المغاربية. لذلك، يُنظر إلى هذا التحرك كحدث رمزي يستحق المتابعة، وليس كعامل يغير السياسة الإقليمية جذريًا.
ومع ذلك،وفق معتضد، قد يشكل الإعلان فرصة لإعادة النظر في سياسة الدولة تجاه التنوع الثقافي، إذ تكمن المشكلة في شعور الأمازيغ بأن هويتهم تُدار بعقلية أمنية أكثر من كونها رصيدًا ثقافيًا ووطنيًا، وهي إشكالية مشتركة في عدة دول لم تحدّث مفهوم الانتماء الوطني ليصبح شاملاً وديناميكيًا.
ويختتم المحلّل تصريحه بالقول إن الحدث، مهما كانت طبيعته يمثل مرآة لمعضلات أعمق حول قدرة الدولة على إدارة التعدّد ضمن مشروع وطني جامع. و"إذا أحسنت الجزائر إدارة هذا الظرف، فقد يتحول الإعلان من مصدر إحراج إلى فرصة لإعادة صياغة توازنات داخلية أكثر استدامة".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة