شبكة اخبار العراق:
2025-05-15@16:10:25 GMT

الطائفيون.. الأخطر على الأوطان

تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT

الطائفيون.. الأخطر على الأوطان

آخر تحديث: 20 يونيو 2024 - 12:20 مبقلم:رشيد الخيّون كانت الإمبراطوريات قديماً، تحتاج إلى إعلان التّعصب لعقيدةٍ تسوق بها الجيوش؛ في حروبها، وإخضاع الأطراف. ثم تغيرت السِّياسات، ونشأت الدّولة الوطنيَّة، التي يأوي تحت جناحها مواطنوها، غير أن الطَّائفيين يحلمون بالعودة إلى إمبراطورية العقيدة، والتَّعصب لها، فإذا كف النّاس عن الخلاف الشّرس أفلس الطّائفيون، والقصة ليست عبادة إنما تجارة، ولأبي العلاء المعريّ(تـ: 449 هجرية) في هذا الشّأن منقبةٌ: «إنما هذه المذاهبُ أسب/ بٌ لجذبِ الدّنيا إلى الرُّؤساء»(لزوم ما لا يلزم).

فكيف إذا الطَّائفيون مسكوا بزمام السُّلطة، وداروا دفتها باستبدال الطَّائفة بالوطن، وتسيلم مقدراته إلى خارج الحدود، تحت مبرر وحدة المذهب؟ تبث فضائيات، ومواقع إنترنت، ما يستدرج الأتباع إلى الماضي، بجعل العقول متاحفَ للمعارك الغابرة، حتّى غدا هذا الإنجاز العلمي الرَّائع وسيلةً للإفساد؛ كُتب على أبناء الألفية الثّالثة، في هذا البلد أو ذاك، الجدل العقيم عبرها، الذي لا يسفر إلا عن ضغائن قاتلة؛ قد لا يملك الساعون فيه، زمام السّيطرة، لصبغته القُدسية. لا شغل للطائفيين إلا إثارة نزاعات ذهبت مع أصحابها، لا شأن للحاضرين بها، وحتّى لو حصل تنازل مِن الأطراف، واعتراف بخطأ وصواب، هذا المذهب أو ذاك، فما بات الأمر مجدياً. تبقى صورة المتنازعين تعبر عن الشّحاذيَن ببغداد، في القرن العاشر الميلاديّ. نُذكر بأروع ما التفت إليه القاضي المُحسّن التَّنوخي(تـ: 384هجرية): «حدّثني جماعة من شيوخ بغداد: إنّه كان بها في طرفي الجسر سائلان أعميان، يتوسّل أحدهما بأمير المؤمنين عليّ عليه السَّلام، والآخر بمعاوية، ويتعصّب لهما النَّاس، وتجيئهما القطع(النقود) دارّة. فإذا انصرفا جميعاً، اقتسما القطع، وإنّهما كانا شريكين، يحتالان بذلك على النَّاس»(نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة). نُقل التّراشق بحمم الطائقية إلى عواصم الغرب، باستغلال الحرية المتاحة، بلا رقيب ولا حسيب، وإذا كانت البلدان الغربيَّة لا يعنيها النزاع، وما يسفر عنه اليوم، فمجتمعاتها بدأت تتورم مِن هذا الخطاب، والعراك يجري في ساحاتها، قد لا تشعر الآن بهول الكارثة، لكن هناك جيلاً سينشأ على الكراهيّة، إذا لم يضعوا حداً لاستغلال الحرية، والقيام باجراءات وقائيَّة، قبل فوات الأوان. دخل خطاب الكراهية إلى المدارس الدّينيّة، المقسمة على أساس مذهبي، تجري فيها التعبئة الطّائفيّة، وما هي سنوات وتلاميذ اليوم، في ظل الدّيمقراطيّة الغربيَّة، سيتبوأون مراكزَ في تلك الدّول، فبماذا تراهم سيتصرفون، لا شيء غير الكراهيّة المذهبيَّة. ألم يوجد بين مذاهب اليوم شخصيات بحكمة سُفيان الثَّوْرِيُّ(تـ: 161هجريَّة)، الذي أدرك مساوئ الكراهيّة على الدّين والمجتمع، وكان أبرز فقهاء عصره، عندما قال: «إِذَا كُنْتَ بِالشَّامِ، فَاذْكُرْ مَنَاقِبَ عَلِيٍّ، وَإِذَا كُنْتَ بِالكُوْفَةِ، فَاذْكُرْ مَنَاقِبَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ»(الأصبهانيّ، حلية الأولياء). لا يعجب هذا الكلام، مخربو الأوطان، فهم لا يضعون اعتباراً لكلام حكيم مثل الثَّوْرِيُّ. أقول: لا يرتقي إلى نقد طاعون المذهبيّة، إلا أمثال: الثَّوريّ صاحب القول القامع للتعصب: «إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَنَا الرُّخْصَةُ مِنْ ثِقَةٍ، فَأَمَّا التَّشْدِيدُ فَيُحْسِنُهُ كُلُّ أَحَدٍ»(ابن عبد البرِّ، جامع بيان العلم وفضله). وقيل دفعه تواضعه إلى تمزّيق «ألف جزء وطيّرها في الرِّيح، وقال: ليت يدي قُطعت من هاهنا بل من هاهنا ولم أكتب حرفا»(الحمويّ، معجم الأدباء). كذلك ارتقى التَّنوخيّ إلى فضح استغلال النّاس بالطَّائفية، وهو القاضي الأديب؛ أمّا المعريّ فما ترك تحايلاً باسم الدّين إلا وفضحه. فعلى العاقل إذا لم يستطع قول كلمة، ضد تماسيح الطّائفيَّة، ينفرد عن سربهم، والعودة للمعريّ، لإكمال ما جاء في المستهل: «فانفرد ما استطعت فالقائل الصَّا/ دقُ يُضحي ثقلاً على الجلساء»(لزوم ما لا يلزم). أقول: إنَّ مواجهة الطاّئفيين الطواعين، مِن الجهلاء والعلماء، تستحق الصّبر على الأذى، دفاعاً عن الأوطان.

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

عبدالله آل حامد: الإعلام قوة ناعمة مؤثرة تسهم في بناء سمعة الأوطان

دبي - وام
التقى عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام 55 شاباً وشابة يمثلون 18 دولة عربية من المشاركين في برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة، الذي ينظمه مركز الشباب العربي لتدريب نخبة من المواهب الإعلامية العربية الشابة بالتعاون مع مؤسسات إعلامية إقليمية ودولية، وذلك في مقر المؤثرين بأبراج الإمارات بدبي.
تعزيز دور الكفاءات
يأتي هذا اللقاء في إطار حرصه على ترسيخ جسور التواصل مع الأجيال الإعلامية الشابة، والاستماع إلى تطلعاتهم وطموحاتهم، والتعرف على رؤاهم تجاه مستقبل الإعلام، وتعزيز دور الكفاءات الشابة في صناعة محتوى إعلامي يعكس قيمنا العربية، ويواكب التحولات الرقمية، ويسهم في إيصال صوت الشباب على المستويين الإقليمي والدولي.
واستعرض خلال اللقاء أبرز الممارسات والتوجهات الوطنية والعالمية في قطاع الإعلام، مسلطاً الضوء على التحولات التي يشهدها هذا المجال في ظل الثورة الرقمية والتطورات المتسارعة وأكد أن الإعلام قوة ناعمة مؤثرة تسهم في بناء سمعة الأوطان، وتعزيز حضورها على الساحة الدولية.
ولفت إلى الدور المهم الذي ينتظر الكوادر الإعلامية العربية الشابة في تغيير الواقع بصورة أفضل وأجمل، مشيراً إلى أن الإعلام حين يُوظف بوعي وابتكار، يصبح أداة قادرة على رسم ملامح مستقبل أفضل للمجتمعات.
وأكد رئيس المكتب الوطني للإعلام أن برنامج «القيادات الإعلامية العربية الشابة» يجسد توجه دولة الإمارات نحو تعزيز التعاون مع الدول العربية في المجال الإعلامي، مشيراً إلى أن استثمار الإمارات في الكفاءات الإعلامية العربية الشابة يأتي إيماناً منها بأن مستقبل الإعلام في المنطقة يعتمد على قدرتها على بناء جيل جديد من الإعلاميين المتسلحين بالمعرفة والمهارات اللازمة لمواجهة تحديات العصر.

الوفاء لرسالة الإعلام


وحث الشباب المشاركين على التمسك بأخلاقيات المهنة والوفاء لرسالة الإعلام السامية، مؤكداً أن الكلمة أمانة، وأن الصحفي الحقيقي لا ينقل الحدث فحسب، بل يسهم في تشكيل وعي الجمهور وتعزيز السمعة الإيجابية لدولته أمام العالم.
واستمع معالي رئيس المكتب الوطني للإعلام خلال اللقاء إلى آراء المشاركين في برنامج القيادات الإعلامية الشابة الذين عبروا عن رؤيتهم لتطوير المشهد الإعلامي في العالم العربي، وطرحوا أفكارهم حول سبل مواكبة التحول الرقمي وتعزيز المصداقية والشفافية في نقل المعلومة.
وتطرقوا إلى التحديات التي تواجه الإعلاميين الشباب، وأهمية توفير البيئة الداعمة لصقل مهاراتهم، بما يسهم في بناء إعلام مؤثر يعكس طموحات الشعوب العربية ويواكب تطلعات الأجيال القادمة.
تركز النسخة السابعة من برنامج «القيادات الإعلامية العربية الشابة» على الدور المجتمعي للإعلام، وأهمية تسخير أدواته في دعم المبادرات الاجتماعية والإنسانية، ونقل القصص التي تزرع الأمل وتصنع الأثر، وتعزز الجهود الشبابية في خدمة المجتمعات.

مقالات مشابهة

  • عبدالله آل حامد: الإعلام قوة ناعمة تسهم في بناء سمعة الأوطان
  • عبدالله آل حامد: الإعلام قوة ناعمة مؤثرة تسهم في بناء سمعة الأوطان