نجوم الشهرة أم أبطال التفاهة؟
تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT
سعيد بن حميد الهطالي
saidalhatali75@gmail.com
بات مفهوم الشهرة يتغير ويتطور بُسرعة مُذهلة في عصرنا الحالي، حيث تتسارع التغيرات التقنية، وتتوسع وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث أصبح من الصعب تجاهل تأثير الشخصيات العامة والمشاهير في تشكيل الوعي الجمعي، لكن هنا يبرز سؤال مُهم: هل الشهرة تعني بالضرورة القيمة والجودة؟ أم أنها أصبحت مجرد وسيلة لإبراز التفاهة والسطحية؟ وهل هؤلاء النجوم يستحقون فعلا لقب نجوم الشهرة أم أنهم مجرد أبطال التفاهة؟
الشهرة في جوهرها ليست أمرًا سلبيًا أو إيجابيًا بحد ذاته، بل تعتمد على كيفية استخدامها، ومن يستحقها، هناك العديد من الشخصيات التي اكتسبت شهرة واسعة بفضل موهبتها، عملها الدؤوب، وإنجازاتها المُتميزة، هؤلاء يستخدمون شهرتهم لإحداث تأثير إيجابي في المجتمع وتقديم محتوى ذا قيمة سواء كان ذلك من خلال الفن، أو الرياضة، أو العلم، أو النشاط الاجتماعي.
وعلى الجانب الآخر، نجد أن هناك من يسعى للشهرة والمال بأيِّ ثمن، حتى لو كان ذلك من خلال التفاهة والسطحية، أو من خلال تقديم الإعلانات التجارية التي غدت ظاهرة متزايدة تشكل تحديًا حقيقيًا هي الأخرى على المستهلك بكونها تفتقد في الغالب إلى المصداقية؛ حيث يتعاون المشاهير مع شركات أو منتجات لا يكون لديهم معرفة حقيقية بها، أو لا يستخدمونها في حياتهم اليومية، الهدف الأساسي منها هو تحقيق مكاسب مالية سريعة لهم ولو على حساب ثقة ومشاعر المتابعين، وجودة المنتج؛ حيث يتم التركيز على شراء المُنتج بناءً على شهرة الشخص الذي يُروِّج له.
وهذه الفئة تعتمد على إثارة الجدل، وتقديم محتوى فارغ من القيمة، واللعب على مشاعر الجمهور مستغلة عدد متابعيها ومعجبيها، وللأسف فإنَّ هذا النوع يحظى بشعبية كبيرة، ربما لأنَّ الكثير من الناس يعتمدون على توصيات المشاهير.
من هنا يجب على وسائل الإعلام أن تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز أو مكافحة هذه الظاهرة، فعندما تُركز وسائل الإعلام على المحتوى الهادف والجيِّد، فإنها تساهم في رفع مستوى الوعي والذوق العام لدى الجمهور، أما عندما تروج للتفاهة، فإنها تعزز من قيم سطحية ومادية؛ مما يؤدي إلى تراجع مستوى الذوق العام والقيم الثقافية.
وفي الجانب الثالث والمهم، الذي يقع على عاتقهم الدور الأكبر هم أفراد المجتمع، فكل شخص يجب أن يكون واعيًا وأكثر انتقائية في التعامل مع الإعلانات التي يُشاهدها، عليه أن يقوم بالبحث والتحقق عن المنتجات قبل الشراء ولا يعتمد على رأي المروجين التجاريين الذين يسعون إلى الربح المادي دون تحكيم الضمير، فهو مسؤول عن نوعية المحتوى الذي يستهلكه ويدعمه، فإذا اختار الجمهور دعم المحتوى الهادف والمفيد، فسيضطر صناع المحتوى للابتعاد عن التفاهة والبحث عن الجودة والإبداع، والعكس.
إنَّ التفاهة التي يتسم بها بعض مشاهير منصات التواصل الاجتماعي ممن يفتقرون إلى المسؤولية والوعي قد تساهم في نشر القيم الاستهلاكية، والتركيز على المظاهر السطحية والمحتوى الفارغ بدلًا من المحتوى الهادف والمُفيد، يسيئون بتصرفاتهم البهلوانية وحركاتهم الصبيانية التي يسعون من خلالها لجذب الانتباه بأي وسيلة ممكنة إلى تشويه صورة المجتمع الذي ينتمون إليه، مما يؤدي هذا العبث لإنسياق الفئات التي لديها تراجع في مستويات الوعي والنضج وراء هذه الشخصيات التي ربما قد تعتبرها قدوة حسنة لها.
لذا لنبني مجتمعًا أفضل، علينا أن نعمل معًا على تعزيز القيم الإيجابية، والإبداعية ودعم المواهب الحقيقية، وعلينا أن نشجع الإبداع، الثقافة، والعلم، وأن نكون حذرين من الوقوع في فخ التفاهة والسطحية والارتقاء بمستوى التفكير والثقافة لكيلا يفقد المجتمع ثراءه الفكري والثقافي والإبداعي، فإن تضافر الجهود بين أفراد المجتمع والمؤسسات يمكن أن يساعد في التصدي لتأثيرات بهلوانات التواصل الاجتماعي السلبية.
وفي جانب حل مشكلة الإعلانات التجارية الرخيصة نرى أن يتم تعزيز قوانين وتنظيمات الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي لضمان الشفافية والمصداقية، وينبغي على المشاهير الإفصاح بوضوح عن العلاقات التجارية التي تربطهم بالمنتجات التي يروجون لها والتأكد من تقديم نصائح صادقة وحقيقية للشراء.
وفي الختام.. لا تثق بكل ما تراه، أو تسمعه، أو تقرأه على أنَّه حقيقة مُطلقة؛ بل كُن يقظًا وواعيًا، وتأكد من صحة المعلومة، وحرر عقلك من التبعية والأسر.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بعد تحقيق ملايين المشاهدات.. أحمد حسن وزينب يعترفان بتزييف مقاطع المقالب
بعد فترة انقطاع عن صناعة المحتوى، عاد المؤثران المصريان أحمد حسن وزينب ليثيران الجدل من جديد، وهذه المرة باعتراف صريح حول طبيعة المقالب التي اشتهرا بها وحصدت ملايين المشاهدات حتى الآن.
وفي فيديو جديد نشراه عبر صفحتهما الرسمية على موقع “فيس بوك”، كشف الثنائي عن جزء من حقيقة ما كان يُعرض على متابعيهم، وقالا بصراحة: “المقالب ليست كلها حقيقية.. بل أغلبها مزيفة”.
وأضافا موضّحين: “المقالب كانت تجلب ملايين المشاهدات أضعاف مقاطع الفيديو العادية.. وهناك مقالب كان يجب أن نصنعها بشكل مزيف لأنه لم يكن ليصحّ استمرارها بشكل حقيقي.. لقد قمنا بإعداد مقالب مزيفة بنسبة 80% من إجمالي ما قدمناه”.
وقد استثنى الثنائي مقلباً واحداً وصفاه بأنه كان حقيقياً وصعباً، وهو “مقلب الموت” الذي قاما به خلال فترة خطوبتهما.
يُذكر أن أحمد حسن وزينب قد اشتهرا بتقديم محتوى يعتمد بشكل كبير على المقالب والتحديات، إلا أن طبيعة المحتوى أخذت منحى آخر، عندما أصبحت ابنتهما الرضيعة محوراً للعديد من الفيديوهات.
وأثارت هذه المقاطع استياءً واسعاً لدى الجمهور قبل سنوات، حيث ظهرت الطفلة في لقطات بدت عليها علامات الخوف والبكاء، الأمر الذي دفع العديد من المتابعين والجهات المعنية بحقوق الطفل إلى التقدم ببلاغات ضدهما.
وفي سبتمبر (أيلول) 2020، ألقت السلطات المصرية القبض على أحمد حسن وزينب، ووجهت إليهما تهمة تعريض حياة طفلتهما للخطر واستغلالها لتحقيق مكاسب مالية عبر منصات التواصل الاجتماعي.
واستمرت التحقيقات في القضية وسط جدل واسع النطاق حول الحدود الأخلاقية لإنتاج المحتوى الرقمي الذي يستغل الأطفال.
وبعد أيام من الاحتجاز، تم إطلاق سراح الثنائي بكفالة، لتصبح قضيتهما بمثابة علامة تحذيرية من تجاوز الخطوط الحمراء في عالم صناعة المحتوى الرقمي، وتثير تساؤلات حول مسؤولية صناع المحتوى تجاه جمهورهم والمعايير الأخلاقية التي يجب الالتزام بها.