من طرف المسيد: عن النخيل (1).
يرويها الاستاذ محمد سيد احمد الحسن
حررها عادل سيد احمد
المحرر:
- حسنا، سنبدأ حديث عن النخيل، وسننشره للاصدقاء على حلقات، وهم طبعا يتوقعون ان يسمعوا منك كل التفاصيل... باعتبار علاقتك بالنخيل منذ الطفولة وحتى الآن. ونبدأ بالسؤال: (هل النخيل قديم في السودان يعني منذ مروي ونبتة وغيرها ام هو جديد في السودان مع دخول العرب؟).
- النخلة هي شجرة عربية وآسيوية في الاساس، وفصيلة التمر احداها.
المحرر:
- ما هي الفصائل الأخرى؟
- فصائل الدوم، التبلدي والرويال بالم (Royal palm-tree)، وهناك اشجار كثيرة تشبه النخيل، حتى الموز فيه لمحات من النخل.
والنخلة علاقتها بالإنسان قديمة فمثلا تجد في القصص القرآني (وهزي اليك بجزع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا)- 25 سورة مريم.
وهذا من التاريخ اليهودي الذي يمتد الى ما قبل 7000 سنة تقريبا. وطبعا هناك خلط عندما تذكر كلمة يهود فانت لا تعني الصهاينة فقد كان اليهود عربا وهم ابناء اسماعيل وهو اخ يعقوب عليهما السلام. وكانوا عربا. وقد دخل كتجارة باديء الامر...
المحرر:
- ولكنه ليس قديم في السودان؟
- يعني ثمانمائة او تسعمائة سنة او حولها، لانهم كانوا يعرفوا البلح لانه كان ضمن تجارة العرب مع السودان.
المحرر:
- ولكن كيف تفسر وجود اسماء مروية لبعض اجزاء النخلة كالكروق، والاشميق وغيرها؟
- الاشميق عند العرب يسمى الليف، وهو غير مقتصر عندنا على التمر فهو يعني الصوف او الخيش او ما شابههما. وهو فعلا اسم نوبي... ولكن النوبة نفسهم لم يشتلوا النخل، وفي الغالب انهم زرعوا الحصى (النوى) وسموه باسماء نوبية، ولانه نبت هنا وعندما جاء العرب بشتوله اسموه باسمائهم.
المحرر:
- لا اريد ان نتجاوز هذا الخلط بين العرب والسودانيين، يعني على وجه التحديد: متى دخل النخيل السودان؟
- في الغالب مع العرب، لان في الآثار السودانية يوجد القمح كمحصول رئيسي وليس التمر مع وجود ما يفيد باستخدام السودانيين للتمور قبل دخول العرب.
والتمر، كسلعة، كان معروف في افريقيا وبالذات في الشمال الافريقي وفي ممالك الفراعنة تقريبا كانوا يعرفون البلح. والمناطق التي يوجد فيها بلح الان هي المناطق العربية في أفريقيا: تونس، المغرب، ليبيا، مصر والسودان... والمناطق التي لم يدخلها العرب لا يوجد فيها نخيل كاثيوبيا واريتريا والصومال... ليس لديهم تمور.
والنخل نفسه انواع واصناف متعددة، وقد صنف منه حوالي 11 نوع معروف عالميا... اما الباقي فهو غير مصنف او غير معروف. وهذا التمر المجهول بسمى عندنا بالكُرشة، وهو لا ينتج في الغالب عن شتلة وانما ينتج من زراعة النواة، وهي لا تعرف الا بعد اثمارها... فان كانت جيدة يشتل منها بعد ذلك، وتصير معروفة ولها اسم.
التمور المعروفة في السودان الان تبدا من القنديل في اقصى الشمال عند المحس والحلفاويين وحتى مناطق الدناقلة حيث يبدا البركاوي مرورا بمناطق الشايقية وحتى ارض المناصير ومن هناك تبدأ اصناف ود لقاي وود خطيب والتمور اللينة على وجه العموم. وكلها تمور معروفة وتسمى القنديل او التمودا او البركاوي او ود خطيب. ولكن هناك تمور غير معروفة وغير مضمونة الجودة اما اثمرت ثمار ممتازة او صارت جاو. والجاو تمر غير مرغوب فيه بلا طعم وغالبا ما تقدم كاعلاف للمواشي.
amsidahmed@outlook.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
العرب والأدلجة السياسية
بعد انحسار السيطرة المباشرة للاستعمار التقليدي، لم يغادر الغرب العالم العربي فعليًا، بل عاد بوجه أكثر خطورة عبر النفوذ السياسي والثقافي والاقتصادي. دخل العرب مرحلة من التفكك المُمنهج، حيث استخدم الغرب أدواته بذكاء شديد لإعادة تشكيل الوعي العربي، بما يخدم مصالحه ويُضعف القضايا المصيرية، وعلى رأسها قضية فلسطين.
لم يكن تدخل الغرب محصورًا في الاحتلال العسكري، بل شمل الغزو الفكري والثقافي، حيث زُرعت مفاهيم جديدة تُضعف الانتماء القومي والديني، وتُعيد تعريف الأولويات وفقًا للمصالح الغربية. ومن خلال دعم أنظمة سياسية موالية وتهميش التيارات الوطنية، أصبح القرار العربي مرتهنًا لإرادة الخارج.
ومع موجة “الربيع العربي”، ورغم ما حملته من آمال، سرعان ما تحوّلت إلى مشاريع تخدم أجندات خارجية، بتدخل مباشر وغير مباشر من قوى غربية، وظّفت الفوضى بما يخدم نفوذها ويُضعف وحدة الأمة.
ولعبت النعرات الطائفية والعرقية دورًا كبيرًا في تفتيت الصف العربي، من خلال تغذية صراعات داخلية مزّقت النسيج الاجتماعي والسياسي، حتى باتت بعض الدول ساحات نفوذ وصراع بالوكالة، بينما غابت القضايا المصيرية عن واجهة الاهتمام.
ولم يكن الإعلام والتعليم بمنأى عن هذا المخطط، فقد استُخدما لتشكيل الوعي وتوجيه الرأي العام العربي نحو اهتمامات سطحية، مع تهميش الهوية الجامعة، وتقزيم القضية الفلسطينية.
اليوم، لا مفرّ من الاعتراف بأن وعي الأمة قد تم التلاعب به، وأن استعادته تتطلب مراجعة شاملة للسياسات والمناهج والتحالفات. لا بدّ من استقلال القرار، وتعزيز الانتماء والهوية، وإعادة البوصلة إلى وجهتها الحقيقية، نحو وحدة الأمة ونصرة قضاياها.