بارولين بعد لقائه بري: ليس من المستبعد إيجاد الحلول لكنها ليست مهمتي
تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT
إستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين والوفد المرافق، في حضور سفير الفاتيكان في لبنان المونسنيور باولو بورجيا والمستشار الإعلامي لرئيس المجلس علي حمدان ، حيث تم عرض للأوضاع العامة والتطورات السياسية لاسيما الملف الرئاسي.
وبعد اللقاء قال الكاردينال بارولين : "الحوار مع الرئيس بري كان جيدا ، تحدثنا عن الوضع في لبنان والحلول المحتملة وليس من المستبعد إيجاد الحلول لكنها ليست مهمتي إنما هي مهمة السياسيين العمل من أجل ذلك، كما نقلنا لرئيس المجلس رغبة قداسة البابا وسعادته بإنتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن .
وردا على سؤال، عما اذا كان الوضع في لبنان معقدا وأسباب الازمة داخلية أم خارجية، أجاب بارولين :"ربما لانها هي تحديات سياسية وربما أيضا لان هناك أطرافا عدة وهناك وجهات نظر سياسية متعددة ، نعم هناك أبعاد داخلية للازمة وكذلك أبعاد خارجية لكن الحل يبدأ من هنا وفي لبنان.
وعن أجواء لقائه بالرئيس نبيه بري قال: "تحدثنا بطريقة شفافة ومنفتحة وكل واحد منا عبر عن وجهة نظره، وهذه نقطة إنطلاق جيدة بالنسبة الينا كما شرحنا وجهة نظرنا".
وردا على سؤال عما اذا كانت المشكلة هي مسيحية، أجاب بارولين :"المشكلة هي مسؤولية الجميع، وطبعا المسيحيون تقع عليهم مسؤولية لا سيما في مسألة إنتخاب الرئيس لكن بالطبع هم ليسوا وحدهم ، هناك فئات وأطراف أخرى من المجتمع كلهم يجب ان يتحملوا المسؤولية". واختتم بارولين :" الحل يبدأ من هنا".
وبحث الرئيس بري تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة مع الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، في حضور السفير عبد الرحمن الصلح .
وبعد اللقاء تحدث السفير زكي :"سعدت اليوم بمقابلة دولة الرئيس نبيه بري في مطلع الزيارة الى لبنان التي تستمر لمدة يومين، لقد كان المفترض أن نكون موجودين قبل ذلك نتيجة للأوضاع في لبنان ، حيث تعودت الجامعة العربية على مواكبة الوضع اللبناني في كل تفاصيله ، لكن طبعا في ضوء ظروف كثيرة منها الظروف الاقليمية يمكن توقفنا عن هذه المواكبة والزيارات لعدة أشهر".
وأضاف :"الآن عدنا لإستئنافها مستشعرين حجم الوضع الإقليمي المتوتر وما يمكن أن يؤدي اليه من تداعيات سلبية على لبنان ، وطبعا في لبنان هناك عدة أمور ومشكلات سياسية أهمها وفي طليعتها وفي قلبها موضوع الشغور الرئاسي الذي يعطل الكثير من الملفات والامور والعمل في الدولة اللبنانية.
وتابع : طبعا وبالتأكيد الحوار مع الجميع ينصب على هذا الموضوع وعلى الوضع في الجنوب نتيجة الحرب الدائرة وكيفية الوصول الى نهاية لهذا الوضع ، وكيفية أيضا حل مسألة الشغور الرئاسي ، في هذا الإطار وفي هذا السياق تتم الزيارة وتتم اللقاءات مع مختلف الأطراف السياسيين اللبنانيين ورؤساء الكتل وإن شاء الله نستطيع في نهاية الزيارة نصل الى خلاصة إيجابية أكثر بشأن هذين الموضوعين الأساسيين.
أجاب :" نحن تعودنا أولا في المقابلات مع الرئيس بري، ان يكون فيها هذا النوع من تبادل الرأي الصريح أولا، لأنه هو وبطبيعة منصبه وبطبيعة وجوده السياسي المخضرم على الساحة هو شخصية لديها الكثير من القدرة والحنكة السياسية فالإستماع الى تقديره هو أمر في غاية الاهمية، أيضا دائما ننقل الى الرئيس بري وللجميع في هذه الزيارة ننقل لهم ما نراه من تقدير موقف عربي إقليمي دولي بحيث ان الجميع يتابع الوضع العربي والإقليمي ، لكن دائما نحرص على ان نضع رؤيتنا في هذا المجال لأننا نعتقد ان المشاركة في هذه الرؤى تفتح المجال أكثر في العمل السليم الصحيح المبني على أسس وعلى إدراك كامل لخبايا الاوضاع وبالتحديات التي يواجهها هذا البلد".
أضاف :" نحن هنا ايضا للتضامن مع أشقائنا اللبنانيين ومع الدولة اللبنانية في ما تواجهه من مخاطر بخصوص الوضع في الجنوب والحرب مع اسرائيل ، وبغض النظر عن أية امور، الجامعة العربية تقف مع لبنان بشكل كامل".
وردا على سؤال حول قدرة الجامعة العربية للوصول الى حل للشغور الرئاسي في ظل الانقسام العمودي الذي كان قائما منذ سنتين ؟ أجاب زكي :" الإنقسام بالفعل من سنتين كان انقساما عموديا وكانت الامور صعبة، الآن في هذه الزيارة وانا لم استكمل لقاءاتي ولكن ما استشعره من الحوارات التي اجريتها حتى الان الانقسام ليس كما كان. هناك مساع للوصول الى تفاهمات بما في ذلك حقيقة ما تحدث عنه الرئيس بري ومسعاه للحوار أعرف أن الرؤى قد لا تتلاقى بالكامل حول هذا الموضوع ولكن في النهاية يحتاج أمر حسم الشغور الرئاسي الى المزيد من التشاور بين السياسيين ، هذا الامر ليس امرا سيئا في حد ذاته ولكنه ليس بالضرورة أن يكون شرطا في كل مرة يحصل فيها إنتخابات رئاسية تمشي الامور بهذا الشكل، فما بين هذه وتلك لا بد أن هناك مساحة للسياسيين لكي يتوصلوا الى شخصيات أو شخصية واحدة يمكن أن تكون مناسبة للمنصب الرئاسي ، ولا بد أيضا على الجميع أن يكون لديه هذا القدر المطلوب من إبداء المرونة لكي تتقدم الأمور بالبلد ، لانه حقيقة ما إستشعرته أن الوضع الداخلي يعاني كثيرا بسبب الشغور الرئاسي من ضمن أمور أخرى طبعا تؤثر على أداء الدولة والمؤسسات بالشكل الكفؤ الذي كان يجب ان يكون موجودا وقائما .
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الشغور الرئاسی الرئیس بری فی لبنان الوضع فی
إقرأ أيضاً:
الدبلوماسية الإنسانية.. كيف تتحول الحلول إلى أدوات إطالة لأزمة غزة؟
بينما تتوالى مشاهد إسقاط المساعدات جوا فوق قطاع غزة، تتسع الفجوة بين ما يُروّج له دبلوماسيّا على أنه جهود إنسانية وبين واقع الغزيين المحاصر بالموت والجوع.
تلك المفارقة بين المشهد التلفزيوني وصورة الأطفال الذين ينهارون جوعا تختصر ملامح مقاربة إسرائيلية باتت تستخدم فيها "الدبلوماسية الإنسانية" كأداة سياسية لتخفيف الضغط الدولي من دون أي نية حقيقية لإنهاء الكارثة.
فالحكومة الإسرائيلية -وفق تحليل الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"- لا تسعى فعليا إلى تخفيف معاناة الغزيين، بقدر ما توظف "بروباغندا" الإسقاطات الجوية لتنفيس الغضب الدولي والشعبي ضدها، لا سيما مع تفاقم الاتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
هذه المسرحيات الإنسانية، التي تُنفّذ على مرأى العالم، لا تمثّل سوى "قطرة في بحر" الاحتياجات الأساسية لقطاع يتضور جوعا، ويحتاج إلى مئات الشاحنات يوميا وليس حفنات من المساعدات المتساقطة في مناطق خاضعة لسيطرة الاحتلال.
المقاربة الإسرائيلية لا تُقاس هنا بحجم المساعدات بل بغاياتها السياسية، فبدلا من فتح المعابر البرية وتمكين الأمم المتحدة من توزيع المساعدات بفعالية، تلجأ تل أبيب إلى منهج التفاف إنساني يمنحها مظلّة لمواصلة حربها، ويمنع عنها مزيدا من العزلة الدولية.
الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور بلال الشوبكي يرى أن إسرائيل وجدت في هذه الخطوة وسيلة لتقديم "صورة مقابل صورة"، مقابل صور المجاعة التي حرّكت الضمير العالمي، خصوصا مع بروز مؤشرات على تململ حتى داخل إسرائيل.
وما يبدو ظاهريا مبادرة إنقاذية، يخفي -وفق تحليل الشوبكي- رسالة تفاوضية مزدوجة: مفادها أن إسرائيل ما زالت تمسك بزمام اللعبة، وأنها مستعدة للحديث مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فقط في سياق صفقات الأسرى، وليس لإدارة شؤون غزة أو رفع الحصار.
أدوات تكتيكية
بهذا المعنى تتحول المساعدات إلى أدوات تكتيكية في يد تل أبيب، تُستخدَم حين تشتد الضغوط، وتُسحب حين تنتفي الحاجة إليها.
إعلانولا تقف الازدواجية عند إسرائيل، بل تشمل أيضا الموقف الأميركي، الذي يتجلى في تصريحات الرئيس دونالد ترامب، إذ يعرب عن "قلقه" من المجاعة في قطاع غزة، ثم لا يتخذ أي خطوات ملموسة لتسهيل تدفق المساعدات.
ويذهب السفير الأميركي السابق بيتر غالبريث إلى أن الولايات المتحدة -بقيادة ترامب- تتصرف أحيانا بلا انتظام أو معنى، فتارة تشكك في وجود مجاعة، وتارة تطالب بإنهائها، بينما الواقع على الأرض يؤكد استمرار الحصار والتجويع بلا هوادة.
غالبريث اعتبر أن إسقاط المساعدات من الجو وسيلة غير فعالة، بل عبثية، خاصة إذا قورنت بوفرة المساعدات المخزنة خلف المعابر المغلقة، ويحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تعقيد الوضع الإنساني لرفضها التعاون مع الأمم المتحدة وحرمان مسؤوليها من دخول القطاع.
كما أشار إلى أن الإصرار الأميركي على إبقاء ملف المساعدات خارج أيدي الأمم المتحدة يعكس تحالفا ضمنيا مع إسرائيل في إدارة التجويع كوسيلة ضغط سياسي.
وعلى وقع هذه الممارسات، تتنامى مؤشرات التغير في الرأي العام الغربي، فكما يلفت الشوبكي، باتت الصور الآتية من غزة تصنع رأيا عاما مستقرا، لا مجرد موجات غضب مؤقتة، وهو ما قد يؤثر على تشكيل نخب سياسية مستقبلية في دول غربية طالما وقفت خلف إسرائيل.
لكن هذا التحول -رغم أهميته- يفتقر حتى الآن إلى التأطير الفلسطيني والعربي الذي يترجمه إلى ضغط منظم وفعّال على مراكز القرار الدولية.
تعمق الانقسام الداخلي
وبدأت التقارير الأممية والحقوقية بدورها تكسر جدار الصمت داخل إسرائيل، فمنظمة "بتسيلم" ذاتها وصفت ما يجري بأنه إبادة جماعية، في سابقة بالغة الدلالة على عمق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه بشأن أخلاقيات الحرب.
واعتبر غالبريث أن هذا الموقف من داخل إسرائيل يعكس تصدعا في رواية تل أبيب الرسمية، ويضيف ثقلا أخلاقيا لحملة الاتهامات الدولية الموجهة لها.
ورغم كل هذا الزخم، فلا تزال العدالة الدولية في موقع المتفرج، فمحكمة الجنايات الدولية، ورغم إصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، فلم تتمكن من المضي قدما في تنفيذها.
ويعزو الحيلة هذا العجز إلى المظلة الأميركية التي تمنح نتنياهو الحصانة السياسية، بل وتدفع الكونغرس إلى تقنين العقوبات ضد القضاة أنفسهم، وهذا السلوك، وفق المحلل ذاته، يفضح مدى انحراف واشنطن عن مبادئ العدالة، ويجعل من إسرائيل "دولة فوق القانون" قادرة على ارتكاب الجرائم من دون محاسبة.
وفي حين تبدو الدعوات إلى محاسبة إسرائيل مجرد تكرار لمواقف إعلامية مألوفة، يعكس حديث غالبريث شيئا من الأمل، مستشهدا بتجربة يوغوسلافيا السابقة، إذ تمكنت العدالة الدولية من ملاحقة مجرمي الحرب رغم التشكيك الواسع حينها، لكنه يقر بأن الطريق طويل، وأن النيات وحدها لا تصنع العدالة.
كل ذلك يعيد طرح سؤال أساسي: هل المساعدات فعلا إنقاذ للمدنيين أم غطاء لإطالة أمد المجزرة؟ وتتضح الإجابة مع استمرار القتل اليومي في غزة، فكما يرى الشوبكي، فإن النخب الإسرائيلية الحاكمة لا تكترث لصورتها، بل تؤمن أن "أهداف الحرب" تبرر كل الوسائل، بما في ذلك إدارة المجاعة بحنكة سياسية.
إعلانوعليه، فإن "الدبلوماسية الإنسانية" لم تعد تعبيرا عن التزام أخلاقي أو قانوني، بل باتت أداة ناعمة في خدمة أجندة عسكرية تواصل سحق قطاع بأكمله، وفق ما خلص إليه محللون في حديثهم للجزيرة.