عربي21:
2025-08-01@02:48:05 GMT

حين يتصادم المشروع الوطني مع الاستعماري

تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT

لا يُجدي اللفّ والدّوران حول طبيعة وآفاق الحرب التدميرية الجارية منذ تسعة أشهر، وهي مفتوحة على الزمن. بينما يستمرّ الخطاب الفلسطيني العام يتحدث عن هدف تحقيق الدولة على الأراضي المحتلة العام 1967، في مجاراة غير حقيقية ولا هي واقعية للموقف الدولي الجامع الذي يتحدث عن «حل الدولتين»، لا تترك دولة الاحتلال فرصة للتأكيد على رفضها المطلق لهذا الحل.


كل الطيف الإسرائيلي الرسمي و»المعارض»، مُجمِع على رفض «حل الدولتين»، ويتأكد هذا الإجماع عبر ممارسات وسياسات وإجراءات عملية لا يخطئ أهدافها وأبعادها إلّا من يركض خلف الأوهام، أو أنّه يتعمّد التضليل.

الصراع دخل مرحلة حاسمة، لا رجعة عنها، ليس بسبب قرار وفعل فلسطيني، ولا إقليمي أو دولي، وإنّما بفعل قرار وفعل إسرائيلي يتجلّى على الأرض بسياسات لا يمكن فهمها خارج سياق الخيار الوحيد الذي تعمل على تنفيذه السياسة الاحتلالية الإسرائيلية. منطقياً، تجد إسرائيل نفسها ومستقبلها ووجودها في خيار واحد، وهو التطهير العرقي، ولو اقتضى ذلك شنّ حرب إبادة جماعية كما يحصل في قطاع غزة، الذي يشكل «بروفة»، إن نجحت فستتحوّل نحو الضفة الغربية والقدس.
ترفض إسرائيل، ولا يمكنها أن تقبل بـ»حل الدولتين»، لأنها تعتقد أن دولة فلسطين ستكون إرهابية، ولأن وجودها سيقوّض وجود دولة الاحتلال. وترفض إسرائيل خيار الدولة الديمقراطية، التي يتساوى فيها المواطنون، لأنها لا يمكن أن تكون ديمقراطية، وعنصرية في الوقت ذاته طالما أنها تصرّ على يهودية الدولة. هذا الخيار مرفوض جذرياً من قبل إسرائيل، لأنّ الفلسطينيين سيتفوّقون ديموغرافيا على اليهود في فلسطين التاريخية حيث تتساوى الأعداد بنحو 7 ملايين و300 ألف حتى الآن حسب مصادر موثوقة. أما إذا سعت إسرائيل للإخلال بهذا التوازن الديموغرافي من خلال تهجير سكان القطاع، وهو أمر قد فشلت في تحقيقه حتى الآن فإنّها ستكون دولة عنصرية بكلّ المعايير.
لم يبقَ أمام إسرائيل سوى خيار واحد، وهو خيار حرب الإبادة الجماعية والتدميرية الذي تمارسه في القطاع وتحضّر لممارسته في الضفة.

هذا يعني أن ثمة تصادماً، بين المشروع الوطني الفلسطيني والمشروع الاستعماري الكولونيالي الإسرائيلي، ولا مجال للجسر بين المشروعين عبر المفاوضات أو المشاريع السياسية.

المجتمع الدولي يدرك أبعاد الحرب العدوانية الجارية، ويدرك أبعاد وأهداف السياسة الإسرائيلية، لكنه يمتنع عن الاعتراف بهذه الحقيقة ويحاول تأجيل هذا الصدام.

هكذا تكون دولة الاحتلال قد أدخلت نفسها في ورطة تاريخية جديدة، فهي قد فشلت في تحقيق أبسط وأي من أهدافها، فلا تهجير، ولا قضاء على حركة حماس، ولا إفراج عن الأسرى الإسرائيليين.
لقد قدمت الولايات المتحدة والدول الغربية الشريكة لإسرائيل، ولا تزال تقدم كل الدعم المادي والعسكري والاستخباري والدبلوماسي والاقتصادي، ووظفت كل قدراتها لمنع توسع الحرب الدموية، لكن كل ذلك لم يسعف إسرائيل أو يساعدها على تحقيق أهدافها في القطاع.

بعد تسعة أشهر، تستجدي إسرائيل الولايات المتحدة، لمواصلة تقديم الدعم العسكري، كما لو أنّها دولة ضعيفة ومحدودة القدرات، ليس لتحقيق أهدافها من العدوان على غزة، بعد أن وقعت في حرب استنزاف تركت بصماتها بوضوح على الجيش والمجتمع الإسرائيلي.

واضح أن نتنياهو بحاجة إلى الأسلحة والذخائر الأميركية، من أجل توسيع دائرة العدوان، حتى لو أدى إلى حرب إقليمية، وحتى لو تورطت الولايات المتحدة في مثل هذا العدوان.

الولايات المتحدة تدرك المخاطر الكبيرة التي تنتظر الدولة العبرية إذا انزلقت الأوضاع إلى حرب واسعة في الشمال، وما ينطوي عليه ذلك من احتمالات دخول أطراف إقليمية أخرى على الخط، خصوصاً إيران.

ولذلك فإنها تسعى بكل السبل، لإقناع حلفائها الإسرائيليين بضرورة التوقف عن التصعيد في الشمال، واعتماد الحل الدبلوماسي لوقف إطلاق نار مؤقّت في غزّة، والإفراج عن الأسرى، لضمان وقف إطلاق النار على الحدود مع جنوب لبنان. في ضوء هذه الرؤية الأميركية، فإن مفاوضات الصفقة، لا تمنع إسرائيل من مواصلة حربها العدوانية لتحقيق أهدافها في غزة، والإدارة الأميركية لا تنكر قناعتها بهذه الرؤية.

بينما يربط «حزب الله» اللبناني بشكل صادق، وقف إطلاق النار في المستوطنات المتاخمة لجنوب لبنان بوقفه التام في قطاع غزة، فإن إسرائيل تكذب في أنها لا ترغب في تصعيد الحرب العدوانية على لبنان.

الولايات المتحدة تسعى لحماية إسرائيل من التبعات الكارثية التي ستتعرض لها الدولة العبرية، ولكنها لا تعمل ما يجب عمله، من أجل وقف جنون الحكومة الإسرائيلية.

إسرائيل من أجل مواصلة الحرب، تطلب المزيد من السلاح والذخائر من قبل الولايات المتحدة، وتقوم بتجنيد المزيد ممن هم في سن الخدمة بما في ذلك من «الحريديم»، بعد أن اتخذت المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً بهذا الخصوص، وتحضر لتشكيل فرقة جديدة يتجاوز تعدادها الأربعين ألفاً. لا يمكن أن تكون هذه التحضيرات لمعاودة شن حرب واسعة على قطاع غزة، التي تقول مصادر جيش الاحتلال إن قواته أكملت المهمة، وإنها على وشك الانتهاء من رفح.

إذا كانت هذه هي الحقيقة، وهي أن إسرائيل تخوض حرباً دموية وتدميرية في سياق جذري، لشطب المشروع الوطني الفلسطيني من أساسه، وحسم الصراع على أرض فلسطين التاريخية، فإن الأداء العربي بالإجمال قاصر عن إدراك هذه الحقيقة، وقاصر عن التعامل معها وفق مقتضيات المصلحة القومية العربية.

ليس هذا وحسب، بل إن استمرار الانقسام الفلسطيني وفشل المحاولة الأخيرة التي بادرت إليها الصين لجمع الفرقاء الفلسطينيين، يشير إلى عوار كبير وخطير في الوضع الفلسطيني الذي لا يرقى إلى الحد الأدنى من متطلبات الوطنية الفلسطينية، ومن الالتزام الحقيقي بالمشروع الوطني الذي لم يعد الكلام فقط، قادراً على تبرئة ذمة المتمسكين بهذا المشروع.

الأمر الطبيعي في هذه الحالة، أن يتجنّد كل الفلسطينيين في كل مكان وبكل الوسائل المتاحة، وأن يضعوا جانباً خلافاتهم وحساباتهم الفئوية دفاعاً عن الشعب والقضية، فليس في هذا العالم من يحمي الفلسطينيين وقضيتهم سوى الفلسطينيين أنفسهم.

(الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني التطهير العرقي غزة فلسطين غزة تطهير عرقي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة المشروع الوطنی

إقرأ أيضاً:

ستارمر: بريطانيا ستعترف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر إذا لم تتحرك إسرائيل لإنهاء الحرب

أبلغ رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، حكومته أن المملكة المتحدة تعتزم الاعتراف رسميا بدولة فلسطينية في سبتمبر المقبل، ما لم تقدم إسرائيل على خطوات ملموسة لإنهاء "الوضع المروع" في قطاع غزة.

وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني: علينا فتح المعابر البرية وإدخال 500 شاحنة غذاء إلى غزة يوميا".

ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن هذا القرار بالتزامن مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

تاياني يطالب إسرائيل بإعادة فتح معابر غزة للسماح بدخول المساعدات الإنسانيةتقرير: نتنياهو يدرس ضم أراض في غزة حال فشلت مفاوضات وقف إطلاق النار

يأتي هذا التصريح عقب موقف مماثل أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث يتوقع أن تعترف باريس أيضا بالدولة الفلسطينية الجمعية العامة للأمم المتحدة.

في المقابل، نفى السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، وجود أي توتر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واصفا التقارير بهذا الشأن بأنها "أخبار كاذبة يروجها الإعلام"، وذلك خلال مقابلة مع قناة "فوكس نيوز".

وانتقد هاكابي بشدة الخطوة البريطانية والفرنسية، معتبرًا أن الاعتراف بدولة فلسطينية في هذا التوقيت يمثل "خطأ جسيما" من شأنه تشجيع حركة حماس وتقويض جهود السلام. وأضاف بسخرية: "إذا كان الرئيس الفرنسي حريصا إلى هذا الحد على إقامة دولة فلسطينية، فبإمكانه منحهم جزءًا من الريفييرا الفرنسية. إنهم لا يقدمون شيئًا سوى الأقوال".

طباعة شارك كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني الاعتراف رسميا بدولة فلسطينية إسرائيل قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • ألمانيا: عزلة “إسرائيل” تزداد بسبب الحرب على غزة
  • ألمانيا: عزلة إسرائيل تزداد وبرلين ستتخذ إجراءات أحادية بشأن دولة فلسطينية
  • عاجل. بسبب تدويل الأزمة مع إسرائيل.. الولايات المتحدة تعلن عن عقوبات ضد السلطة الفلسطينية
  • ألمانيا: عزلة إسرائيل تزداد وبرلين ستتخد إجراءات أحادية بشأن دولة فلسطينية
  • إيران تطالب الولايات المتحدة بالتعويض قبل الدخول في محادثات نووية
  • بين الهدنة والانقلاب.. خطة عربية من 22 دولة تربك حماس وتفاجئ إسرائيل
  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • ترامب: سأسمح للاجئين الأوكرانيين بالبقاء في الولايات المتحدة حتى انتهاء الحرب
  • 15 دولة غربية تدعو للاعتراف الجماعي بفلسطين في الأمم المتحدة.. المبعوث الأمريكي يزور إسرائيل
  • ستارمر: بريطانيا ستعترف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر إذا لم تتحرك إسرائيل لإنهاء الحرب