تقدم بوابة الوفد الإلكترونية بثًا مباشرًا لمؤتمر صحفي بحضور رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، للإعلان عن مشروع شراكة استثمارية بين الدولة والقطاع الخاص.

 

.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: بوابة الوفد الوفد مصطفى مدبولي شراكة استثمارية القطاع الخاص

إقرأ أيضاً:

العراق بين محاور الصراع ومصير الدولة

7 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: ناجي الغزي

لم يكن العراق في يوم من الأيام رقماً عابراً في معادلة الشرق الأوسط، بل كان وما زال أحد المفاتيح الجيوسياسية الكبرى في المنطقة. إلا أن ما يعيشه العراق اليوم من تخبط في القرار السياسي، وتحديات داخلية، وضغوط خارجية، يُعكس في جانب منه موقعه الجغرافي الفريد، وفي جانب آخر ما يمثّله من ثقل حضاري، ديني، وموردي لا يمكن تجاوزه في أي مشروع للهيمنة أو التوازن.
وفي ظل صعود سياسات المحاور والتخندق المذهبي، وإعادة تشكيل خرائط النفوذ الإقليمي على وقع “الابتزاز السياسي”، و”صفقات التطبيع”، و”أحلاف الردع”، يجد العراق نفسه أمام سؤال وجودي:
هل سيكون رقماً تابعاً في لعبة المحاور؟ أم مركز توازن يملك مشروعه وقراره ومكانته؟
هذا السؤال يُجسد جوهر المأزق العراقي الراهن، بل يمكن اعتباره عنواناً لمرحلة تاريخية مفصلية. فالعراق اليوم لا يُسأل فقط عن تحالفاته، بل عن هويته ومصيره ودوره في الإقليم. هو ليس أمام خيار سياسي بسيط، بل أمام سؤال وجودي مركّب:
هل يظل دولة تتحرك بردود الأفعال، تابعة لمحاور تتقاطع فوق أرضه، وتستنزف قراره وسيادته ومجتمعه؟
أم يتحول إلى مركز توازن إقليمي، يملك مشروعه الوطني المستقل، ويعيد صياغة علاقاته وفق منطق المصالح المتبادلة لا الاصطفافات القسرية؟
هذا السؤال لا يخص الدولة كسلطة فقط، بل يشمل النخب والتيارات والوعي الشعبي. لأن الانحياز لأي محور دون مشروع وطني متكامل، يعني التحلل من القرار، والانخراط في لعبةٍ تتجاوز حدود العراق، وتُسقطه في التبعية، أو تُحوّله إلى ساحة صراع لا لاعب فاعل.
العراق يملك المقومات الجيوسياسية، والتاريخية، والموارد الغنية، والثقل السكاني والثقافي، ليكون لاعباً لا ساحة، ومحور توازن لا أداة في المحاور. العراق إما أن يكون مركز ثقل نابع من ذاته، أو رقماً وظيفياً يُستثمر في معادلات غيره. والفرق بين الخيارين هو الفرق بين الدولة والمستعمرة المقنّعة.. ومن أجل تحقيق مشروعنا الوطني يتطلب أولاً: إعادة بناء القرار الوطني، وتحقيق الاستقلال السياسي عن الوصايات الناعمة والخشنة، وبلورة رؤية استراتيجية لا تكتفي بالمناورة بل تصنع المسار.

أولاً: موقف العراق – مع مَن؟

العراق لا ينبغي أن يُختزل في “مع أو ضد”، بل يجب أن يتجاوز ثنائية المحاور المذهبية والإقليمية إلى صياغة مشروع وطني مستقل ينطلق من أمنه القومي وهويته الجامعة ومصالحه الاستراتيجية. العراق لا يمكنه أن يكون أداة في صراع الغير، ولا يجب أن يكون ساحة لصراع الآخرين على أرضه. مشكلة العراق في جغرافيته الحرجة فهو محاط بقوى متصارعة: إيران من الشرق بمشروعها الثوري-العقائدي. وتركيا من الشمال بمشروعها العثماني-الاقتصادي. والخليج بمشروعه الايدولوجي- العضوي. والوجود الأميركي من الغرب بمشروعه الأمني- الإسرائيلي. العراق اليوم محاط بتصورات متعارضة، وكل طرف يراه من زاويته الخاصة كجزء من مشروعه لا ككيان مستقل بذاته:
1- إيران تنظر إليه كـ”عمق استراتيجي طبيعي” لامتدادها الشيعي، و”ساحة دفاع أمامية” تُشكّل درعاً جيوسياسياً في مواجهة أي اختراق أميركي أو إسرائيلي. فالعراق بالنسبة لطهران ليس جاراً فقط، بل جزء من هندستها الأمنية والعقائدية.
2- تركيا تتعامل مع العراق بوصفه فضاءً حيوياً لتصريف فائض طموحاتها الإمبراطورية – العثمانية الطابع – سواء عبر النفوذ الاقتصادي، أو التدخل العسكري شمالاً لضبط المسألة الكردية، أو عبر أدواتها السياسية والدينية التي تتحرك في الساحة السنية.
3- أما الولايات المتحدة، وخاصة في ظل إدارة ترامب الثانية، فترى العراق أداة وظيفية متعددة الأوجه: ورقة ضغط على إيران، ركيزة لضبط ميزان القوى الخليجي، ومنصة مستقبلية لفرض أجندة التطبيع مع إسرائيل، ولو بالقوة الناعمة أو عبر تفكيك بيئة الرفض.
4- السعودية ودول الخليج تدخل على خط الرؤية، حيث تعتبر العراق امتداداً لـ”عمقها العربي”، ومجالاً حيوياً لإعادة إنتاج التوازن المذهبي في وجه طهران، وساحة لاختبار مشروع “الشرق الأوسط الجديد” برؤية عقلانية من وجهة نظرهم!! تحكمها “اتفاقيات ابراهام” أو ” السلام الإبراهيمي “، ومنفتحة اقتصادياً، ومتصالحة مع اسرائيل والغرب.
وهنا تكمن المعضلة العراقية: لا يستطيع العراق أن يعزل نفسه عن هذه المحاور، ولا أن يندمج في أي منها دون أن يخسر شيئاً من سيادته أو وحدة مجتمعه.

ثانياً: مصير الدولة العراقية

المخاطر التي تحيط بالعراق لا تقتصر على الحروب أو الانقلابات، بل تتجسّد اليوم في أخطر ثلاثة مشاريع ناعمة:
أولاً: مشروع التفكيك الناعم عبر تغذية النزعات الطائفية والإثنية، وتحويل العراق إلى ” ساحات حكم متنازعة بدل أن يكون دولة موحدة ذات سيادة ” هذا المشروع لا يهدف فقط إلى إضعاف السلطة المركزية، بل إلى إعادة تشكيل العراق ككيان منقسم تتحكم به ولاءات محلية وخارجية، مما يؤدي إلى تفريغ الدولة من مضمونها، وتحويلها إلى سلطة شكلية بلا قرار مستقل.
ثانياً: مشروع الترويض السياسي يتجلى هذا المشروع الى السعي لتطويع القرار العراقي وإخضاعه لمنطق التبعية الاقتصادية والأمنية، بحيث يُجرد من استقلاله ويُدار وفق إيقاع المصالح الخارجية. هذا المشروع يعمل على خنق مراكز القرار الوطني، وإضعافها عبر الضغوط المالية، والاتفاقات المشروطة، والتحالفات المفروضة، ليبقى العراق في موقع التلقي لا المبادرة، وتُصادر إرادته تحت غطاء “الشراكة” أو “الدعم الدولي”.
ثالثاً: مشروع الدمج القسري في محور “السلام الإبراهيمي” دون مراعاة هوية العراق وتاريخه ومزاجه الشعبي والثقافي. هذا المشروع لا يستند إلى حوار داخلي أو توافق وطني، بل يُفرض بمنطق الإملاء السياسي، متجاهلاً أن العراق ليس رقماً يمكن دمجه ضمن محاور إقليمية موجهة، بل هو بلد يحمل إرثاً تاريخياً معقداً وموقفاً مبدئياً من قضايا الأمة العربية والاسلامية.
وفي ظل هذه المشاريع، يقف العراق اليوم أمام مفترق تاريخي حاسم، لا يتعلق بمسار سياسي أو انتخابي عابر، بل بإعادة تعريف الدولة وهويتها ووظيفتها.
فإما أن ينهض بمشروع وطني حقيقي، يعيد تأسيس الدولة على قواعد المواطنة الجامعة، والسيادة غير المنقوصة، والقرار الحر المستقل، وهذا خيار لا يمكن أن يتحقق بشعارات فارغة أو تسويات هشة، بل يحتاج إلى إرادة نخبوية صلبة، ووعي شعبي عميق، ومشروع بنيوي يعيد ضبط العلاقة بين الدولة والمجتمع، ويحرر القرار الوطني من قبضة المصالح الخارجية والاصطفافات المذهبية والولاءات العابرة للحدود.
وإما أن يستمر في التآكل التدريجي، ويتحول إلى كيان هش فاقد للمبادرة، تتحكم به مراكز نفوذ داخلية مرتهنة، وتسيره بوصلة العواصم الخارجية لا بوصلته الوطنية. حينها لن يكون العراق دولة بالمعنى الكامل، بل هامشاً جيوسياسياً على خرائط الآخرين، يتلقى الأزمات بدل أن يصنع الحلول، ويستورد القرارات بدل أن ينتجها.
اللحظة الراهنة لا تقبل المنطقة الرمادية. فإما دولة لها قرارها ومكانتها، أو كيان مستلب تتقاذفه موجات التوازنات الكبرى دون مرساة وطنية تحميه.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • وزير الخزانة الأمريكي: واشنطن تستعد للإعلان عن الاتفاقات التجارية خلال 48 ساعة
  • بيان ثان للقوات المسلحة للإعلان عن عملية عسكرية نوعية في الرابعة عصرا
  • العراق بين محاور الصراع ومصير الدولة
  • نواب الرياضة يرفضون مصطلح النادي الخاص.. ومستشار الوزير: لا إجابة واضحة
  • بينها 11 مشروعًا.. 5 عقود استثمارية في الأحساء بـ 1.5 مليار ريال
  • مؤتمر حضرموت الجامع يؤكد التمسك بتنفيذ مشروع الحكم الذاتي لحضرموت كخيار استراتيجي
  • موتسيبي يعلن عن شراكة استثمارية بقيمة مليار دولار لتطوير الكرة الأفريقية
  • محافظ الأحساء يشهد توقيع أمانة الأحساء لعقود استثمارية بقيمة 1.5 مليار ريال ومذكرات شراكة في القطاع البلدي ويسلّم الوحدات السكنية
  • الإمارات و«بريكس».. شراكة استراتيجية لازدهار العالم
  • بالأسماء.. تشكيل المجلس الخاص للشئون الإدارية لمجلس الدولة