باريس- انتهت نتائج تصويت الموعد الأول للناخبين الفرنسيين مع صناديق الاقتراع، يوم الأحد 30 يونيو/حزيران، بفوز "التجمع الوطني" بالمركز الأول بنسبة 29.25% من الأصوات، وجاء اتحاد اليسار تحت راية "الجبهة الشعبية الجديدة" ثانيا بنسبة 27.99%، فيما حصل المعسكر الرئاسي على 20.04%، وفق وزارة الداخلية.

وتأتي هذه الانتخابات التشريعية الـ17 في عهد الجمهورية الخامسة في سياق سياسي استثنائي، بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الانتخابات الأوروبية، في 9 يونيو/حزيران، حل البرلمان، واضعا هيكلة الحكومة على المحك بعد الجولة الثانية من التصويت في السابع من يوليو/تموز الجاري.

وفيما كان يأمل ماكرون "ببداية ديمقراطية" و"صحوة الناخبين على مخاطر التطرف"، يبدو أن ساكن قصر الإليزيه خسر الرهان بمركز ثالث أمام تصدر "متوقع" لليمين المتطرف وإثبات تفوق اتحاد اليسار، تاركا الباب مواربا أمام سيناريوهات كثيرة تزيد من غموض المشهد السياسي في فرنسا.

الديمقراطية في الميزان

شهدت نسبة المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية لهذا العام نسبة غير مسبوقة بلغت 66.7%، بمقابل 47.5% في عام 2022، أي بارتفاع ملحوظ قدره 19.2 نقطة.

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي جان بيير بيران، أن فوز حزب التجمع الوطني وحلفائه كان "متوقعا"، بسبب عدم رغبة الفرنسيين في رؤية التناوب التقليدي بين اليمين واليسار.

ولفت في حديث للجزيرة نت إلى أن "ذلك لا يعني أن كل الأشخاص الذين صوّتوا لزعيمة الحزب مارين لوبان هم يمينيون متطرفون، إذ تقدر نسبة المتعاطفين مع هذا التوجه بنحو 10% فقط وليس 33%، وهو ما يضع 23% في خانة الساخطين أو اليائسين من وضعهم الحالي الذي يعود إلى أكثر من 20 عاما".

وكشفت صناديق الاقتراع أن أكثر من واحد من كل اثنين من الشباب تحت سن 25 عاما شاركوا في هذه الانتخابات، وفق معهد "إبسوس" المتخصص في الدراسات السياسية وتحليل استطلاعات الرأي.

وفي هذا الشأن، قال بيران إن "تفسير نسبة الشباب الذين صوّتوا لصالح حزب لوبان يظل غامضا بعض الشيء، وخاصة أولئك الذين لم يعملوا من قبل"، وأضاف "يعتقد الناس عموما أن اليمين الشعبوي سيجلب لهم العودة إلى السلطة، أي تحقيق الأمن والنظام في الشوارع والمدارس، رغم أنه لم يتطرق إلى ذلك في برنامجه الانتخابي".

من جانبه، يرى الخبير في الشأن الفرنسي عمر المرابط، في حديثه للجزيرة نت، أن نسبة الشباب المرتفعة الذين صوّتوا لليمين المتطرف ـوخاصة من الطبقة الفقيرةـ قد تدل على اعتقادهم بأن المهاجرين والهجرة تحرمهم من مناصب الشغل وبعض الامتيازات، إلا أن نسبة مهمة تقدر بـ48% من الشباب صوّتوا لصالح الجبهة الشعبية الجديدة، معظمهم من خلفيات مهاجرة أو مسلمة.

وعند تحليل الأصوات التي حصل عليها اليمين المتطرف، سنجد أن نسبة 33.15% تتضمن تحالف التجمع الوطني (29.25%) مع حزب إريك سيوتي (3.90%)، مما يعني أن الفارق بين نتائج التجمع الوطني وتحالف اليسار (27.99%) ضئيل جدا، وفق المرابط.

المعسكر الرئاسي حلّ في المركز الثالث بعد التحالف اليساري (الجزيرة) عنصر المفاجأة

وفي أوقات الأزمات عندما تتعثر الديمقراطية، يصبح اللجوء إلى التحالفات الخيار الأكثر منطقية للخروج بأقل الخسائر. ويمكن القول إن الأحزاب اليسارية نجحت في ضمان ذلك بالفعل تحت اسم "الجبهة الشعبية الجديدة".

فبعد أن كان اليسار مشتتا خلال الانتخابات الأوروبية، جاء اتحاده في الانتخابات التشريعية بمثابة عنصر مفاجأة لإستراتيجية معسكر ماكرون، الذي كان يركز أساسا على نيل المركز الثاني في ظل تفوق اليمين المتطرف المحسوم مسبقا.

وفي هذا السياق، يرى عمر المرابط أن إستراتيجية الحزب الرئاسي تغيرت اليوم بعد تحالف اليسار، خاصة أن اتهامات معاداة السامية تم اعتبارها كنوع من أنواع "المكر السياسي"، وتكتيكا لم يعد مجديا في ظل تصويت التقدميين الداعمين للقضية الفلسطينية لصالح حزب فرنسا الأبية اليساري.

وأضاف نائب العمدة السابق في الضاحية الباريسية أن "من الواضح تفضيل ماكرون التعايش مع اليمين المتطرف على حساب اليسار، لأنه يريد القول للشعب الفرنسي إن التصويت العقابي الذي تم ضده كان أيديولوجيا أيضا، مشيرا إلى أن حسابات الرئيس كانت خاطئة، "لأنه لم يحلّ الجمعية الوطنية فقط بل أضعف أغلبيته البرلمانية أيضا".

وتابع المرابط "ماكرون كشف أن سياسته يمينية متطرفة بامتياز، لكنها مغلفة بغطاء حقوق الإنسان والعلمانية، خاصة فيما يتعلق بملف الهجرة والمسلمين، بينما تظل سياسة التجمع الوطني أكثر وضوحا ويمكن التظاهر ضدها بشكل علني".

ورغم أن ماكرون لا يخفي في العادة ارتباطه الوثيق بتاريخ الجمهورية، فإنه لم يستفد من الدروس التاريخية من التصويت الذي أعقب حل البرلمان في عهد الرئيس الراحل جاك شيراك، وقد تكون هفوته السياسية الكبرى عند اعتقاده أن اليسار سيظل منقسما كما كان خلال الانتخابات الأوروبية.

وتعليقا على ذلك، أكد المحلل السياسي الفرنسي بيران أن تشكيل "الجبهة الشعبية الجديدة" واختيار مرشحين مشتركين خلال يومين فقط من النقاشات كان عنصر المفاجأة بالنسبة لماكرون في نتائج الجولة الأولى، لأنه لم يتوقع فعالية وتفوق تحالف اليسار مرة أخرى كما حدث في الماضي بانتخابات عام 1981 عندما فاز فرانسوا ميتران.

سيناريوهات محتملة

وبعد أن استطاع حزب التجمع الوطني وحلفاؤه استقطاب أكثر من 10 ملايين صوت، دعا الرئيس ماكرون الأحد إلى "تجمع كبير وديمقراطي جمهوري واضح" ضد اليمين المتطرف في الجولة الثانية من الانتخابات.

وفي هذا الإطار، يضع الخبير في الشأن الفرنسي عمر المرابط المشهد السياسي الذي تقبل عليه البلاد في 4 احتمالات مختلفة، تتمثل في:

حصول اليمين المتطرف على الأغلبية المطلقة بأكثر من 289 مقعدا، وهو أمر مستبعد -حسب مرابط- مع وجود التحالف اليساري، لكن في حال تحالف اليسار ومعسكر ماكرون فقد يؤدي ذلك إلى الاحتجاج والتصويت لصالح التجمع الوطني. أما السيناريو الثاني، فيتمثل في حصول اليمين المتطرف على أغلبية نسبية قوية بأكثر من 255 أو 260 مقعدا ودعم غير مباشر من بعض الجمهوريين. لكن مرشح اليمين جوردان بارديلا سبق أن أعلن في تصريحاته أنه لن يقبل تولي منصب رئيس الوزراء في حال وقع هذا السيناريو. وسيكون الاحتمال الثالث في وجود أغلبية نسبية قد تدفع ماكرون إلى تعيين شخصية يمينية ـمن الجمهوريين مثلاـ تستطيع إنشاء تحالف مع اليمين المتطرف لتولي منصب رئاسة الحكومة. أما الرابع، فيتمثل في تحقيق اليسار قفزة في التصويت وإنشاء تحالف مع الوسط.

ومع وجود مجال ضيق للمناورة، أشار بيران، إلى أن ماكرون يجد نفسه عالقا أمام يسار متحد ويمين متطرف قوي، "لذا سيحاول التعامل مع أغلال الأغلبية المطلقة وربما التكنوقراط أيضا، لكن هذا سيجعل حكم فرنسا أمام اختبار صعب".

وبغض النظر عن نتائج الجولة الثانية، يضيف المحلل السياسي أن "رئيس الدولة سيحارب ضد تجمع وطني قوي"، معتبرا أن مشكلة الطرفين ستتكشف اعتبارا من 14 يوليو/تموز الذي يصادف العيد الوطني، خاصة ماكرون ورئيس الوزراء ووزير الدفاع، متسائلا "هل سيتصافحون كما يقتضي البروتوكول؟ وكيف سيحلون اختلافاتهم السياسية بشأن دعم أوكرانيا ضد روسيا؟".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجبهة الشعبیة الجدیدة الیمین المتطرف التجمع الوطنی تحالف الیسار أکثر من

إقرأ أيضاً:

وكيل الشيوخ: تعديل قانون الانتخابات يعزز الوعي العام والانتماء الوطني

كتب- نشأت علي:

أكدت النائبة فيبي فوزي، وكيل مجلس الشيوخ، أن تعديل قانون انتخابات مجلس الشيوخ يمثل خطوة مهمة نحو ترسيخ مبادئ العدالة التمثيلية والديمقراطية، ويُسهم في تحقيق التوازن المطلوب بين مختلف فئات المجتمع ومناطقه.

جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، والمخصصة لمناقشة مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ الصادر بالقانون رقم 141 لسنة 2020، والمقدم من النائب عبد الهادي القصبي وأكثر من عُشر عدد أعضاء مجلس النواب، والذي تم مناقشته وإقراره من اللجنة المختصة تمهيدًا لإحالته لمجلس النواب.

وأوضحت وكيل المجلس، أن التعديل يستهدف أن يُمثل المجلس كافة فئات المجتمع تمثيلًا عادلًا، بما يعكس التوزيع السكاني والجغرافي والثقافي لجميع أقاليم الدولة، وبما يواكب مبادئ الجمهورية الجديدة التي تضع تحقيق التنمية الشاملة والعدالة في توزيع الموارد على رأس أولوياتها.

وشددت النائبة فيبي فوزي، على أن التمثيل المتوازن لا يقتصر فقط على تحقيق العدالة بين المواطنين، بل يلعب دورًا محوريًا في تعزيز الانتماء الوطني والوعي العام، ويدعم الاستقرار السياسي والاجتماعي من خلال مشاركة جميع الفئات في صناعة القرار الوطني.

وأضافت أن التعديل ينطلق من الالتزام الكامل بأحكام الدستور، الذي يخول للمشرع تحديد النظام الانتخابي وتوزيع الدوائر وفق أسس منضبطة، مشيرة إلى أن المشروع يراعي أن يكون هناك نسبة تفاوت لا تتجاوز 25% زيادة أو نقصانًا في التمثيل السكاني بين الدوائر، لضمان تحقيق العدالة النسبية.

كما نوهت إلى أن التعديل يأخذ في الاعتبار التحولات الديموغرافية التي تشهدها البلاد، خاصة في بعض محافظات الصعيد، بما يضمن تمثيلًا واقعيًا يعكس تلك التغيرات، بالإضافة إلى مراعاة الأهمية الخاصة لبعض الدوائر في المحافظات الحدودية، لما لها من دور استراتيجي في دعم الأمن القومي.

اقرأ أيضًا:

الحكومة تطرح 15 ألف شقة "مساحات ومناطق وتمويل عقاري"

موعد انخفاض الحرارة.. تعرف على طقس الأسبوع المقبل

تعرف على طرق حجز أضاحي وزارة الزراعة 2025 وأماكن توافرها

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

مجلس الشيوخ فيبي فوزي عبد الوهاب عبد الرازق تعديل قانون الانتخابات

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة انطلاق الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تعديلات قانون المجلس أخبار "الشيوخ" يبدأ مناقشة تعديل قانونه.. ووكيل "التشريعية" يستعرض التفاصيل أخبار عضو بـ "الشيوخ" يشيد بإدراج الذكاء الاصطناعي بالمناهج أخبار الأحد المقبل.. مصراوي يٌطلق برنامج "الطريق إلى البرلمان" أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

وكيل "الشيوخ": تعديل قانون الانتخابات يعزز الوعي العام والانتماء الوطني

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • ماكرون يبدأ الأحد جولة بجنوب شرق آسيا لتعزيز إستراتيجية فرنسا
  • وكيل الشيوخ: تعديل قانون الانتخابات يعزز الوعي العام والانتماء الوطني
  • القاهرة الإخبارية: رسائل سياسية في جولة الرئيس اللبناني جنوب البلاد
  • تنفيذاً لتوجيهات رئيس الدولة وإيمانويل ماكرون.. انعقاد لجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي في باريس
  • قيادي بمستقبل وطن: تعديلات قوانين الانتخابات خطوة متقدمة بمسار الإصلاح السياسي
  • اليسار أصبح يمينيًا.. كيف تغير وجه السياسة الإسرائيلية منذ عهد باراك؟
  • البخبخي: المشهد السياسي في ليبيا تحكمه توزانات قوى ترفض التغيير   
  • نائب الشيوخ : تعديلات قوانين الانتخابات تدعم مسار الإصلاح السياسي
  • التأهيل السياسي للرئيس السوري أحمد الشرع.. دور أميركي عبر منظمة بريطانية في إعادة رسم المشهد السوري
  • العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعيد الوطني الـ 35