دعت "إنترناشيونال أس أو أس"، الشركة العالمية الرائدة المتخصصة في مجال توفير الخدمات الطبية والمساعدة الصحية والأمنية، الشركات والمؤسسات في مصر إلى أخذ الحيطة والحذر واتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة القوى العاملة مع الارتفاع الذي يشهده العالم في موجات الحرّ الشديدة، التي تفرض بدورها تحديات ومخاطر كبيرة على صحة وسلامة العمال.

وتشير التوقعات العالمية أن حوالي نصف سكان العالم، بما في ذلك أكثر من مليار عامل، قد يتعرضون لنوبات خطيرة جراء درجات الحرارة العالية وموجات الحرّ القاسية، والتي تم رصدها في يونيو 2024، ولاسيما في أبريل من هذا العام، الذي يعتبر الأكثر سخونة على الإطلاق.
وتعدّ ضربات الشمس والجفاف والإرهاق الحراري بعضاً من المخاطر التي يواجهها العمال وسط موجات الحرّ، حيث يمكنها أن تؤدي إلى انخفاض إنتاجية اليد العاملة وزيادة الحوادث. وتظهر الإحصاءات أن 22.85 مليون إصابة مهنية و18,970 حالة وفاة مرتبطة بالعمل تعزى إلى الحرارة الشديدة. ويعتبر الإجهاد الحراري في دولة الإمارات مشكلة متكررة تواجه العاملين خارج الأماكن المغلقة وفي الهواء الطلق، لاسيما خلال فصل الصيف الذي يسجّل درجات حرارة مرتفعة تصل إلى 50 درجة مئوية. وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة العمل حظر تأدية الأعمال التي تؤدى تحت أشعة الشمس وفي الأماكن المكشوفة منذ الساعة الـ 12 والنصف ظهراً وحتى الساعة الثالثة من بعد الظهر خلال فصل الصيف. وبالإضافة إلى ذلك، كلفت الوزارة أصحاب العمل بتحديد ساعات عملهم وتوفير أماكن استراحة مناسبة مجهزة بمياه الشرب ومجموعات الإسعافات الأولية وتدابير الحماية من أشعة الشمس، خاصة بعدما وصلت نسبة أصحاب العمل الملتزمين بهذا القرار إلى حوالي 95.5 في المائة في العام 2023، بفضل الجهود الحثيثة التي بذلتها الوزارة للحفاظ على صحة العاملين وضمان الامتثال للقرارات والإجراءات المتوافق عليها. 
وعلماً أن معظم العمال في مختلف القطاعات يتأثرون بحالات الطقس الشديدة، إلا أن بعض المهن معرضة للخطر بشكل خاص لأنها تنطوي على مزيد من الجهد البدني تحت أشعة الشمس. ففي القطاع الصناعي، يواجه العاملون في بيئات العمل الداخلية مخاطر كبيرة إذا لم يتم تنظيم درجات الحرارة داخل المصانع وورش العمل بشكل صحيح. كما يصبح أداء المهام المكتبية اليومية خلال موجات الحرّ القاسية أمرًا بالغ الصعوبة، لما يمكن أن تسببه هذه الظروف من إجهاد ذهني وتراجع كبير على مستوى القدرات البدنية والمعرفية. لذلك، تعدّ التدابير الاستباقية التي يمكن للمؤسسات اتخاذها ضرورية للتخفيف من هذه المخاطر والحفاظ على صحة العمال وإنتاجيتهم.
وقال الدكتور نوسا أيهي، المدير الطبي الإقليمي للخدمات الطبية والبحرية في الشرق الأوسط، إنترناشيونال أس أو أس: "تشكل موجات الحرّ الشديدة والمتزايدة تحديًا كبيرًا يؤثّر على صحة وسلامة العاملين في الهواء الطلق وتحت أشعة الشمس أولاً، كما وأولئك العاملين في أماكن العمل الداخلية التي تفتقر لأنظمة التهوية والتكييف الملائمة. وفي ظلّ هذه الظروف المناخية القاسية، يتطلب من المنظمات اتخاذ خطوات تتجاوز تدابير الوقاية الأساسية من الإجهاد الحراري والعمل على دمج تقييمات مخاطر الإجهاد الحراري في سياساتها المرتبطة بالصحة والسلامة. كما يوصى بتنظيم برامج تدريب أساسية للموظفين، لتزويدهم بالمعارف اللازمة حول اكتشاف العلامات المبكرة للأمراض المرتبطة بظروف الحرّ الشديد، ما قد يحدّ من حالات الطوارئ الطبية ويجنّبنا عواقب صحية طويلة الأجل. ويمكن للمؤسسات حماية القوى العاملة لديها والحفاظ على صحة وسلامة عمالها وموظفيها، من خلال تعزيز ثقافة الوعي بمخاطر الحرّ الشديد وتشجيع العاملين على الالتزام بالترطيب المتكرر للبشرة والجسم والاستراحة أثناء درجات الحرارة المرتفعة. 
"كما يتطلب من المؤسسات امتلاك المعارف والخبرات اللازمة لتمييز المراحل المختلفة للأمراض المرتبطة بالحرارة. فضربة الشمس، على سبيل المثال، والتي تعدّ أشد الأمراض الناجمة عن الحرارة الحرارة، هي حالة طبية طارئة قد تحدث تأثيرًا طويل المدى إذا لم يتم معالجتها بصورة عاجلة، وتشمل أعراضها درجة حرارة جسم تتجاوز 40 درجة مئوية والغثيان و/أو القيء والارتباك والنوبات. يمكننا، من خلال التعرف على العلامات المبكرة للإجهاد الحراري، مثل التعرق والدوار والصداع والتشنجات، التدخل سريعاً لتجنب حالات الإجهار الحراري أو ضربات الشمس". 
وفي هذا الإطار، تقدم "إنترناشيونال أس أو أس" إرشادات للمؤسسات بهدف التخفيف من المخاطر الصحية التي قد تتعرض لها القوى العاملة جراء الحرارة الشديدة:
إجراء تقييمات دورية لمخاطر ارتفاع درجات الحرارة: تقييم العمليات المؤسسية بانتظام لرصد مخاطر الإجهاد الحراري المحتملة وتحديد المواقع والأنشطة عالية الخطورة والنظر في ملفات تعريف الموظفين الأكثر عرضة للأمراض، بما في ذلك أولئك الذين يعانون من حالات صحية معينة أو الذين يؤدون أعمالًا شاقة تحت أشعت الشمس.
دمج إجراءات الحماية من موجات الحرّ الشديدة في سياسات الصحة والسلامة: إيلاء الأهمية لإجراءات الوقاية من الإجهاد الحراري ودمجها في سياسات الصحة والسلامة المؤسسية، وإتاحة وصول العمال إلى المناطق المظللة المخصصة للاستراحة ومحطات المرطبات والسماح لهم بارتداء ملابس مناسبة لدرجات الحرارة المرتفعة.
توفير برامج تدريبية للتوعية بالإجهاد الحراري والوقاية منه: تنظيم برامج تدريبية تركز على إجراءات العمل الآمنة والسليمة وسط درجات الحرارة الشديدة وتعريف الموظفين بالممارسات اليومية المناسبة للترطيب وتدابير الحماية من أشعة الشمس وتوفير ساعات عمل أكثر مرونة لهم أثناء درجات الحرارة المرتفعة، كما وتزويدهم بالمعارف اللازمة لتحديد أعراض الإجهاد الحراري وتوفير بروتوكولات واضحة للترطيب والاستراحة.
تطوير بروتوكولات استجابة فعالة للتعامل مع موجات الحرّ الشديدة: وضع إجراءات محددة للاستجابة للأمراض الناجمة عن الحرارة، بما في ذلك الإسعافات الأولية والإجلاء في حالات الطوارئ. إبلاغ الموظفين بهذه البروتوكولات وتعريفهم بمعلومات الاتصال اللازمة في حالة الطوارئ المرتبطة بالحرارة.
مراجعة خطط الاستجابة وتحديثها باستمرار: إجراء مراجعات منتظمة لخطط الاستجابة المرتبطة بدرجات الحرارة المرتفعة للتأكد من أنها تتماشى مع أحدث الرؤى والمستجدات وأفضل ممارسات السلامة خلال موجات الحرّ الشديدة.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: درجات الحرارة المرتفعة الإجهاد الحراری القوى العاملة أشعة الشمس موجات الحر على صحة

إقرأ أيضاً:

دراسة: نصف البشرية تحت نيران التغير المناخي

في أحدث إنذار مناخي عالمي، كشفت دراسة دولية أن قرابة نصف سكان العالم – نحو 4 مليارات إنسان – تعرضوا لما لا يقل عن 30 يومًا إضافيًا من الحرارة الشديدة بين مايو 2024 ومايو 2025، بفعل التغير المناخي الناتج عن الأنشطة البشرية، لا سيما حرق الوقود الأحفوري. اعلان

أظهرت دراسة جديدة صدرت الجمعة أن نصف سكان العالم تحملوا شهرًا إضافيًا من الحرارة الشديدة خلال العام الماضي بسبب تغير المناخ من صنع الإنسان.

 وقال المؤلفون إن النتائج تؤكد كيف أن استمرار حرق الوقود الأحفوري يضر بالصحة والرفاهية في كل قارة، مع عدم الاعتراف بالآثار بشكل خاص في البلدان النامية. وقالت فريدريك أوتو، عالمة المناخ في إمبريال كوليدج لندن والمؤلفة المشاركة للتقرير: "مع كل برميل نفط يتم حرقه، وكل طن من ثاني أكسيد الكربون يتم إطلاقه، وكل جزء من درجة الاحترار، ستؤثر موجات الحر على عدد أكبر من الناس".

 تم إصدار التحليل - الذي أجراه علماء في World Weather Attribution وClimate Central ومركز المناخ التابع للصليب الأحمر، قبل يوم العمل العالمي للتحرك من أجل الحرارة في 2 يونيو، والذي يسلط الضوء هذا العام على مخاطر الإجهاد الحراري وضربة الشمس، وبحسب التحليل تسبب الحر الشديد في الإصابة بالأمراض والموت وخسارة المحاصيل والضغط على أجهزة الطاقة والرعاية الصحية.

Relatedإصابة العشرات بضربة شمس في طوكيو جراء الحرارة الشديدة10 دول تتصدر القائمة... أوروبا تسجل أسرع زيادة في درجات الحرارة عالمياًشاهد: الشواطئ الرومانية تعج بالسياح مع ارتفاع درجات الحرارة

 ولتقييم تأثير الاحتباس الحراري، حلل الباحثون الفترة من 1 مايو 2024 إلى 1 مايو 2025، وعرّفوا "أيام الحر الشديد" بأنها الأيام التي تزيد فيها درجات الحرارة عن 90 في المائة من درجات الحرارة المسجلة في موقع معين بين عامي 1991 و2020، ولتحديد تأثير الاحتباس الحراري، قام العلماء بمحاكاة مناخ خالٍ من الانبعاثات البشرية وقارنوه ببيانات درجات الحرارة الفعلية، وكانت النتائج صارخة: فقد شهد ما يقرب من أربعة مليارات شخص - أي 49 في المائة من سكان العالم - ما لا يقل عن 30 يومًا إضافيًا من الحر الشديد أكثر مما كانوا سيشهدونه لولا ذلك.

 وسجلت جزيرة أروبا الكاريبية الرقم الأعلى في عدد الأيام الحارة، بـ187 يومًا من الحرارة الشديدة – أي أكثر بـ45 يومًا مما كانت لتشهده في غياب تغير المناخ.

وفي المجمل، حددت الدراسة 67 موجة حر شديدة على مستوى العالم خلال الفترة المدروسة، وجميعها حملت بصمات واضحة لتغير المناخ البشري المنشأ.

ويتزامن ذلك مع تسجيل عام 2024 كأكثر الأعوام حرارة في التاريخ، متجاوزًا أرقام عام 2023، في حين كان يناير 2025 أكثر الشهور دفئًا على الإطلاق، وتشير البيانات إلى أن متوسط درجات الحرارة العالمية في 2024 تجاوز لأول مرة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهو الحد الذي وضعته اتفاقية باريس للمناخ كخط أحمر لتجنب أسوأ كوارث المناخ.

 من جهتها، شهدت ألمانيا العام الماضي ما يقرب من ضعف عدد أيام الحر الشديد، مقارنةً بما كانت ستشهده لولا تغير المناخ، وفقاً للتحليل الجديد الذي نُشر اليوم الجمعة. وخلال الفترة بين مايو (أيار) 2024 ومايو (أيار) 2025 شهدت ألمانيا 50 يوماً من أيام الحر الشديد، وارتبط 24 منها ارتباطاً مباشراً بتغير المناخ الناجم عن أنشطة بشرية.

 وسلّط التقرير الضوء على نقص حاد في البيانات المتعلقة بالآثار الصحية المرتبطة بالحرارة في المناطق ذات الدخل المنخفض. فعلى سبيل المثال، سجّلت أوروبا أكثر من 61,000 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة خلال صيف عام 2022، وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Nature Medicine. ومع ذلك، فإن الأرقام القابلة للمقارنة في أماكن أخرى من العالم تعتبر نادرة، حيث يُعزى العديد من الوفيات المرتبطة بالحرارة إلى حالات كامنة مثل أمراض القلب أو الرئة، مما يخفي الأثر الحقيقي للحرارة.

 وأوصى التقرير بضرورة إنشاء أنظمة إنذار مبكر، وتعزيز الوعي المجتمعي، ووضع خطط حضرية تستجيب لأخطار الحرارة، تشمل تصميم مبانٍ أكثر ملاءمة للظروف المناخية من خلال التهوية والتظليل، إضافة إلى تعديلات سلوكية مثل تقليل الأنشطة البدنية خلال ذروة الحرارة.

  لكن الباحثين شددوا على أن هذه الإجراءات، رغم أهميتها، لن تكون كافية ما لم يتم الإسراع بالتخلي عن الوقود الأحفوري، باعتباره العامل الرئيسي في تسارع وتيرة وشدة موجات الحر عالميًا.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • دراسة: نصف سكان العالم تعرضوا لشهر إضافي من الحر الشديد بسبب تغير المناخ
  • حملة عالمية لمواجهة موجات الحر في العالم
  • دراسة: نصف البشرية تحت نيران التغير المناخي
  • في أجواء لاهبة.. وزارة الصحة السعودية تتدخل لإنقاذ حجاج من «الإجهاد الحراري»
  • الحصيني: ما نعيشه من درجات الحرارة العالية أمر معتاد
  • الحصيني: انخفاض درجات الحرارة خلال الأيام المقبلة
  • 14 ألف جنيه.. 600 فرصة عمل بمشروع محطة الضبعة النووية
  • كيف تكافح أكثر مدن أوروبا سخونة موجات الحر وتستعد لاستقبال ملايين السياح؟
  • تحذير من موجات حر قاسية.. هل يتحول صيف 2025 إلى كارثة مناخية؟
  • لا موجات حر كبرى.. هل سيكون صيف المنطقة العربية معتدلا هذا العام؟