أكد فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر على أن ظاهرة جرأةُ البعض على التَّكفيرِ والتَّفسيقِ والتَّبديعِ، وما تُسوِّغُه من استباحةٍ للنُّفوسِ والأعراضِ والأموالِ، هي ظاهرةٍ كفيلةٍ بهدمِ المجتمعِ الإسلاميِّ والإتيانِ عليه مِن قواعدِه، لو تُرِكَت ولم تُواجَه بالفقهِ الصَّحيحِ والعلمِ الخالصِ الصَّريحِ، وأنّ الحل الأنجع لانحسار تلك الظاهرة هو التمسك بخاصية الأمة الإسلامية الكبرى وهي الوسطية، وهي وسطيَّة فكريَّة، بين المحكِّمين للعقل حتى وإن خالف النُّصُوص القطعيَّة والصَّريحة، وبين الباخسين لدورِه المحوري والشرعي في تأمل النُّصُوص وإدراك دلالاتها، كما أنها وسطية في أصل التشريع والغاية منه، إذ الإسلام وسط في تشريعِه ونظامِه القانونيِّ والاجتماعيِّ، وأبرز ما تتجلَّى فيه الوسطيَّة هنا هو: التوازن بين الفرديَّة والجماعيَّة.

 


وأشار شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM, بمناسبة منح فضيلته الدكتوراة الفخرية في دراسات القرآن والسنة، إلى أن تجلِّيات ذلك التوازن المطلوب اليوم، إنَّما تقع في المساحة الوسط بين اتِّجاه المقدِّسين للتراث، وإنْ بدا فيه قصور البشر، واتِّجاه المتقاطعينَ مع التُّراث، وإنْ تجلَّت فيه روائع الهداية الإلهيَّة، أو في المساحة بين الحَرفيَّة النَّصِّيَّة التي تجمد على ظواهر النُّصُوص، وبين التأويليَّة التي تشتط في التعامل مع دلالة نصوص الوحي ومصادر الدين وحدودها، حتى تُفقدها معانيها وتعطل مصادر الهداية والتوجيه فيها، متجاهلة المنهج الذي مضى عليه المسلمون في تراثهم الزاخر، حين كانوا يتعاملون مع الدِّين نصوصًا وروحًا ومقاصِدَ، قبل أن يؤول الأمر إلى ما نشهده الآن، حيث وَقَفَ كثيرٌ منَّا عند ظَواهِرِ بعض النُّصوص، وجَمَد على فهوم السَّابقين، ونظرَ إليها نظرتَه للنَّصِّ المعصومِ، مع أنَّها نصوصٌ قابلةٌ للفَهم المتجدِّدِ والقراءة الواعيةِ لأهدافِ النَّصِّ ومقاصِده، حتى لا يقع المُسلم في الشُّعورِ بالاغترابِ أو الانفصام النَّفسي بين فكرِه وسُلوكِه.

 

 

الوجهِ الحقيقيِّ للإسلامِ


وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن منهجُ الأزهرِ التَّعليميُّ منذ بدايتِه مَنهجًا يحرِصُ على أن يُرسِّخَ في عقولِ الطُّلَّابِ ووُجدانِهم صورةَ الوجهِ الحقيقيِّ للإسلامِ، عَبْرَ ترجمةٍ صادِقةٍ لطبيعةِ التُّراثِ الإسلاميِّ وجوهرِهِ، في أبعادِه الثَّلاثَةِ: النَّقليَّةِ والعقليَّةِ والذَّوقيَّةِ، وكيف أنَّ هذه الأبعادَ الثَّلاثةَ تمتزِجُ امتزاجًا كامِلًا متناغِمًا في طبيعةِ «التَّكوينِ العلميِّ الأزهريِّ» مِن خِلالِ دِراسةِ علومِ النَّصِّ، والعقلِ، والذَّوقِ.

 


مضيفا ان هذا المَنهجُ يُمثِّلُ وسَطيَّةَ الإسـلامِ الَّتي هي أخصُّ وصفٍ لهذا الدِّينِ القَيِّمِ، كما يُمثِّلُ الفَهمَ المُعتدِلَ لنصوصِ الكتابِ والسُّنَّةِ، وما نشَأَ حولَهما مِن إبداعاتٍ علميَّةٍ وفكريَّةٍ وروحيَّةٍ، يحقق التكامل بين ثوابت الشرع ومتغيرات العصر، بالاجتهاد المنضبط لثوابت الدين ومقاصده، المنفتح على المتغيرات المستجدة باستمرار.

 

وتحدث فضيلة الإمام الأكبر عن قضايا التجديد مبينا أن واقع المسلمين اليوم يطرح سؤالًا كبيرًا عن مآل مسار التجديد، ومدى تحقيقه لأهدافه في فعاليةِ التجديدِ بشكلٍ عامٍّ، وأهم هذه الأسبابِ، عــدمُ التفرقةِ- عملِيًّا- بين ما هو ثابِتٌ في الدينِ وما هو مُتغيرٌ، إذ مِن المسلَّمِ به عند المسلمين جميعًا: أن الإسلام يشتمل على ثوابت خالدةٍ، وعلى متغيراتٍ مُتحركةٍ، وأنه في مجالِ الثوابتِ جاء بضوابط قطعيةٍ خالدةٍ لا تتأثرُ بتقلباتِ الزمانِ ولا بحركاتِ التطورِ، وهي قابلةٌ للتطبيقِ في عصرِ الذرةِ وسُفُنِ الفضاءِ، مثلما كانت كذلك في عصرِ الصحراءِ والإبِلِ تمامًا بتمام.

 

يذكر ان  جامعة العلوم الإسلامية الماليزية USIM، منحت الدكتوراة الفخرية في دراسات القرآن والسُّنَّة، لفضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين ، حيث سلمها لفصيلته سمو ولي العهد السيد، تونكو علي رضاء الدين، ولي عهد ولاية نجري سمبيلان بماليزيا، بحضور السيد، داتؤ سري أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا، والبروفيسور محمد رضا وحيدين، رئيس جامعة العلوم الإسلامية الحكومية الماليزية USIM، ولفيف من الوزراء والعلماء والأساتذة والباحثين والطلاب الماليزيين

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزهر شيخ الأزهر جامعة العلوم الماليزية الدكتوراة الفخرية الإمام الأکبر شیخ الأزهر

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر يهنئ الأمة بعيد الأضحى ويطالب المجتمع الدولي بوقف فوري للعدوان على غزة

هنأ فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، الرئيسَ عبد الفتاح السيسي، رئيسَ جمهورية مصر العربية، وملوكَ ورؤساءَ وأمراءَ وشعوبَ الأمتين العربية والإسلامية؛ بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، داعيًا المولى عزَّ وجلَّ أن يُعيد هذه المناسبة المباركة على الأمة الإسلامية والإنسانية كلها بالخير، والأمن، والسلام، واليُمنِ، والبركات.

شيخ الأزهر يهنئ الملك حمد بن عيسى بفوز البحرين بعضوية غير دائمة في مجلس الأمنوزيرة التنمية المحلية تهنئ شيخ الأزهر بمناسبة عيد الأضحى

وتابع شيخ الأزهر في بيانه : ويَعِزُّ علينا، ونحن نستقبل عيد الأضحى المبارك، أن نشاهد ما يتعرَّض له إخوانُنا في قطاع غزة من عدوانٍ، لما يقارب العامين، وفاقت وحشيته حدودَ الخيال والتصوُّر، فلم يرحم طفلًا، ولا شيخًا، ولا امرأةً، ولا مريضًا، ولم ينجُ منه حجرٌ، ولا شجرٌ، ولا بشرٌ، بعد أن ضَرَبَ بكلِّ المواثيقِ الدوليةِ والإنسانيةِ عرضَ الحائط، دون وازعٍ من دينٍ، أو ضميرٍ، أو أخلاق.

وطالب شيخ الأزهر المجتمعَ الدوليَّ، وجميعَ القوى الدولية والإقليمية الفاعلة، بتحمُّل مسؤولياتهم كاملةً، والإسراعِ في رفعِ الحصارِ الجائرِ المفروضِ على قطاع غزة، والذي حوَّل حياةَ مليوني فلسطيني إلى جحيمٍ لا يُطاق، ويشدد فضيلتُه على أهميةِ ممارسةِ أقصى درجات الضغط لوقف هذا العدوان فورًا، ودون شروط، وفتحِ كافةِ المعابر لتيسير وصولِ المساعداتِ الإنسانية، والغذائية، والطبية، لإنقاذ الأبرياء الذين يواجهون الموتَ ليلَ نهارٍ، سائلًا الله تعالى أن ينصرَهم على عدوِّهم، وأن يُثبِّت أقدامَهم، وأن يحفظَ عليهم أرضَهم ووطنَهم؛ إنَّه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

طباعة شارك شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب عيد الأضحى غزة

مقالات مشابهة

  • كيفية قضاء صلاة العيد.. رأي الأزهر ودار الإفتاء
  • توك شو| الإمام الأكبر يهنئ الرئيس السيسي وقادة العالم الإسلامي بعيد الأضحى.. وعدد الحجاج يبلغ 1.7 مليون من 171 جنسية
  • الإمام الأكبر يهنئ الرئيس السيسي وقادة العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك
  • الإمام الأكبر يهنئ الرئيس السيسي وقادة العالم الإسلامي بعيد الأضحى
  • رسالة من شيخ الأزهر إلى العالم بشأن الحرب على غزة قبل عيد الأضحى
  • شيخ الأزهر يهنئ الأمة بعيد الأضحى ويطالب المجتمع الدولي بوقف فوري للعدوان على غزة
  • شيخ الأزهر يهنئ الأمة الإسلامية بعيد الأضحى ويطالب المجتمع الدولي بوقف فوري للعدوان على غزة
  • وزيرة التنمية المحلية تهنئ شيخ الأزهر بمناسبة عيد الأضحى
  • البابا تواضروس يهنئ شيخ الأزهر بعيد الأضحى
  • “الجهاد الإسلامي” تحمل المجتمع الدولي مسؤولية استمرار جرائم العدو الإسرائيلي