شمال إسرائيل تحول إلى غابة: قطعان ابن آوى بين المنازل وكلاب تسللت من لبنان وصياد قاتل اقتحم المكان
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
أمام مبنى سكن الطلاب في كلية تل حاي الأكاديمية في كريات شمونة يجد الزائر لافتة كبيرة معلقة تقول: "الطلاب السعداء يعيشون بسعادة هنا". ولكن لا يوجد أحد في الداخل، المبنى فارغ خاو على عروشه.
يقول من بقي في المنطقة التي تتعرض بشكل شبه يومي لصواريخ حزب الله، أن الطلاب هم أول المغادرين، يليهم معظم سكان المدينة.
بحسب تقرير أجرته صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، خلت المنطقة من ساكنيها إلا الحيوانات، فبين ضجيج المروحيات القتالية وهدير المقاتلات الحربية وصفارات الإنذار المتكررة، يمكن للمرء أن يسمع ضجيج الحيوانات البرية التي غزت المنطقة الحضرية، وتتجول فيها كما يحلو لها.
يقول أحد مفتشي هيئة الطبيعة والحدائق العامة للصحيفة العبرية، "في الصباح يمكنك بالفعل رؤية قطعان ابن آوى تتجول بين المنازل". فليس ابن آوى من يمشي بحرية، بل أيضا الشيهم (النيص او الدعلج)، والآفات كالبعوض وذبابة الرمل التي قد تحمل أمراضا مختلفة، فقد وجدت جميعها مكانا في المنطقة المهجورة.
ويوضح الدكتور سيغيل بلومنفيلد، مدير المنطقة الشمالية بوزارة حماية البيئة، أن "البنية التحتية للصرف الصحي جافة تماما ونشهد زيادة في أعداد القوارض".
ويقول نوعام فاز، المفتش الإقليمي في هيئة الطبيعة والحدائق العامة: "جاءت الكلاب الضالة أيضاً من لبنان هرباً من القصف هناك". "لقد دخلوا عبر جبل دوف-الحرمون (جبل الشيخ) والجولان، في مناطق لا يوجد فيها سياج، إلى شمال إسرائيل بأكمله. وحتى لو لم يعد هناك أي طعام في الصناديق، فإنهم يجدون الحظائر المهجورة وبساتين الخضروات".
وتشير "غلوبس" إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالمنطقة المأهولة. حتى في المحميات الطبيعية تتكيف الحيوانات مع غياب الإنسان. "هناك عدد أقل من المسافرين في الشمال، حتى في المناطق التي لم يتم إخلاؤها، اعتدنا في عيد الفصح على رؤية نصف مليون شخص في المحميات ومئات الآلاف يبيتون ليلاً. هذا العام لم يكن هناك سوى عشرات الآلاف من المسافرين و ربما ألف ليلة مبيت، أما الغزلان التي كانت لا تخرج إلا بعد ساعات الإغلاق فتجوب كامل منطقة المحمية طوال اليوم".
ربما يمكن أن تروى هذه القصة على أنها قصة تثلج الصدر، قصة توضح كيف أن الطبيعة أقوى من أي شيء وتمكنت من استعادة نفسها في غياب البشر، كما رأينا خلال فترة كورونا.
لكن الواقع أكثر تعقيدا، فالكلاب الضالة القادمة من لبنان تحمل معها أيضا داء الكلب وتنقله إلى حيوانات أخرى، على سبيل المثال حظائر الأبقار، بعضها مهجور وبعضها يعمل بأيدي عاملة محدودة للغاية، فاللحل هو الحبس في حظيرة أو القتل، لكن من يريد إطلاق النار على كلب؟ إنه أصعب من إطلاق النار على خنزير بري، عاطفيا وعمليا. كما أنه من المستحيل تماما أسر مئات الكلاب وتطعيمها.
في النهاية، ماذا يحدث هو أن المزارعين سوف ينشرون السم، وجميع الحيوانات، بما في ذلك الكلاب الأليفة والحيوانات البرية، سوف تموت منه. ويحاول مفتشو هيئة الطبيعة والحدائق التعامل مع الوضع قدر الإمكان، لكن معظم المفتشين في جيش الاحتياط أو تم إجلاؤهم.
"الحيوانات تشعر بالتوتر"وبصرف النظر عن بعض الحيوانات التي تجد مكانًا لها في المستوطنات الشمالية المهجورة، فإن الحرب تجلب معها بالطبع تدميرًا للطبيعة. تقول تمار رافيف، مديرة قسم التنوع البيولوجي والمناطق المفتوحة في وزارة حماية البيئة: "الشمال ليس مثل المناطق الأخرى التي تم تركها". "قد لا تكون مأهولة، ولكن هناك نشاط عسكري وزراعي طوال الوقت. كما تؤدي الهجمات نفسها إلى خلق حرائق لا نهاية لها. نحن نتحدث عن النفايات بمختلف أنواعها التي يتم إلقاؤها في الطبيعة، وبناء المنشآت العسكرية"، كل ما تم الحفاظ عليه في المحميات الطبيعية يتم الآن دهسه بالأقدام، هذه هي الحرب.
يقول أميت دوليف، عالم البيئة في المنطقة الشمالية في سلطة الطبيعة والحدائق: "لقد تم كسر الطرق في أماكن لم تكن هناك طرق فيها مطلقًا، ولم نرغب حقًا في الوصول إلى هذه الأماكن". "على سبيل المثال، هناك محمية صغيرة جدًا تسمى بساتين الفاكهة المنارة، تتميز بتربتها الفريدة وأزهار الأوركيد، وبعضها نادر جدًا. وهي قريبة من الحدود، الكل موجود هناك، قلبوا الأرض رأسا على عقب، ونحن لا نعرف ما بقي".
يقول راني أمير، نائب الرئيس الأول للموارد الطبيعية والقدرة على التكيف مع المناخ في وزارة حماية البيئة: "يمكنك أن ترى أن الأرض قد دمرت بالفعل وأعيد تشكيلها". إنها حفرة طبيعية تحمي التنوع البيولوجي المذهل، وقد تم استخدامها كأرضية للتجمع، ما نتج عنه تدمير كامل للحشرات والنباتات والطيور، كل شيء يداس ويموت".
قد يكون نشر الأسوار السلكية الحدودية أمرا آخر يضر الطبيعة. يوضح دوليف: "يمكن للحيوانات البرية أن تواجهه". "من المؤكد أنك ترى خفاشًا أو طائرًا جارحًا ليليًا يلتف حول السياج هنا من وقت لآخر، الانفجارات أيضا تضر صحة الحيوانات. وبصرف النظر عن الضرر المباشر، فإنها تشعر بالتوتر، وقد لا تتكاثر وتتوالد في العام المقبل".
النار هي أعظم صيادوتؤكد صحيفة "غلوس" في تقريرها، أن "كل المشاكل التي وصفناها حتى الآن تتضاءل أمام الحرائق التي دمرت أجزاء كبيرة من الشمال الساحر. قبل أن نصل إلى كريات شمونة، مررنا عبر الغابة في بيريا".
وتقع الغابة، وهي ثاني أكبر غابة في دولة إسرائيل، شمال مدينة صفد، وتنحدر على سفوح جبال الجليل، وهي معروفة في الأيام العادية بجمالها، أما الآن فقد تفحمت أجزاء كاملة منها.
وفي ظل الحرب، ومع سقوط الصواريخ وشظايا صواريخ القبة الحديدية، احترقت آلاف الدونمات، من أعلى إحدى نقاط المراقبة، يتحول المشهد إلى اللون الأسود. فالرائحة تحكي مأساة المكان، الكثير من الأخشاب أتت عليها النيران فلم تبقي ولا تذر.
يقول مسؤول في سلطة الطبية والحدائق: "في الشمال فقط، حتى اليوم، تم إحراق ما بين 70 ألف دونم إلى 100 ألف". ونقول دائمًا أن النار هي أكبر صياد.
يوضح إيلي حبيب، عالم البيئة المكانية في جمعية حماية الطبيعة، أن الحرائق تؤثر بشكل خاص على الأنواع التي تجد صعوبة في الهروب. فالزواحف أو السلاحف أو الثدييات الصغيرة معرضة للخطر. هناك أيضا طيور في أعشاشها، ومن الواضح ما سيحدث لصيصانها".
"الطبيعة تعرف كيف تتعافى بعد الحريق، ولكن عندما تتكرر الحرائق مراراً وتكراراً في نفس المكان، فإن القدرة على التعافي تتضاءل"، يوضح مفتش في سلطة الطبيعة والحدائق بقلق. "لا يقتصر الضرر على النباتات فحسب، بل على الأرض نفسها أيضًا. وإذا حدث حريق وسويت الأرض، فإن عملية الترميم ستستغرق وقتًا أطول".
المصادر الإضافية • صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بسبب صواريخ حزب الله.. كريات شمونة شمالي إسرائيل تتحول إلى مدينة مهجورة شاهد: شمال إسرائيل مشتعل مستعر وحرائق واسعة في الجولان بعد إطلاق حزب الله 200 صاروخ "عدو غير متوقع".. مئات الكلاب الضالة تدخل إسرائيل وتهاجم جنود الدولة العبرية إسرائيل حركة حماس لبنان فلسطين حزب الله الصراع الإسرائيلي الفلسطينيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الانتخابات الأوروبية 2024 فرنسا مارين لوبن حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الانتخابات الأوروبية 2024 فرنسا مارين لوبن حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل حركة حماس لبنان فلسطين حزب الله الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الانتخابات الأوروبية 2024 فرنسا مارين لوبن حركة حماس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسبانيا روسيا إسرائيل إيمانويل ماكرون فلسطين السياسة الأوروبية یعرض الآن Next حزب الله
إقرأ أيضاً:
قاع حفرة عملاقة.. غابة عمرها آلاف السنين تُكتشف صدفة في الصين
في اكتشاف جيولوجي نادر يقترب من حدود الخيال، عثر فريق من علماء الكهوف في الصين على حفرة طبيعية عملاقة في عمق الأرض تحتوي في قاعها على غابة بدائية معزولة، لم تصلها يد الإنسان ولا أضواء العصر الحديث.
ويفتح الاكتشاف الذي تم في منطقة "غوانغشي تشوانغ" ذاتية الحكم جنوب الصين، أبواباً علمية جديدة حول أنظمة بيئية معزولة وربما كائنات لم تُكتشف بعد.
وتعرف الحفرة محليًا باسم "تيانكنغ"، أو "البئر السموية"، وهي واحدة من أكثر التكوينات الكارستية المذهلة في الصين، حيث يبلغ عمقها نحو 192 متراً، وطولها أكثر من 300 متر، وتُقدر مساحتها الإجمالية بحوالي 5 ملايين متر مكعب، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا".
ووجد المكتشفون داخل الحفرة، غابة كثيفة تضم نباتات يصل ارتفاعها إلى أكتاف البشر، وأشجارًا شاهقة يتجاوز طول بعضها 30 مترًا، بالإضافة إلى ثلاث كهوف كبيرة في جدرانها الصخرية، ما يشير إلى استقرار هذا النظام البيئي منذ قرون دون تدخل بشري.
وقال المهندس "تشانغ يوانهاي" من معهد جيولوجيا الكارست الصيني إن هذا النوع من الاكتشافات “نادر للغاية” ويُظهر قدرة الطبيعة على الحفاظ على التنوع الحيوي في عزلة تامة.
وتقع هذه الحفرة ضمن نطاق جيولوجي يُعرف بـ"التضاريس الكارستية"، وهي بيئات طبيعية تتشكّل نتيجة ذوبان الصخور القابلة للتحلل مثل الحجر الكلسي أو الجبس، بفعل مياه الأمطار الحمضية.
وينتج هذا النوع من التضاريس كهوفًا ضخمة، ووديانًا ضيقة، وحفرًا عميقة تُعرف باسم "Sinkholes". وتشير هيئة الحدائق الوطنية الأميركية إلى أن مثل هذه التكوينات شائعة في مناطق محددة من العالم كفلوريدا، والمكسيك، والبحر الميت، وجنوب الصين
والجدير بالذكر أن "كارست جنوب الصين" أدرج ضمن قائمة التراث الطبيعي العالمي من قبل منظمة اليونسكو، لما يحمله من قيمة جيولوجية واستثنائية، ويوصف بأنه "أحد أعظم المناظر الطبيعية على وجه الأرض"