البوابة نيوز:
2025-06-23@23:08:30 GMT

العالم بين أوكرانيا والنيجر!

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

ربما نحتاج إلى عقد كامل أو يزيد حتى نرى العالم يعود إلى نوع من الاستقرار النسبى؛ بعد أن تفجرت حرب ثالثة بين القوى الكبرى تتخذ أشكالًا وصورًا غير تقليدية، يمتد مسرحها من شرق أوروبا إلي المحيطين الهندي والهادي، ومن بحر الشمال إلي وسط القارة السمراء.

الإنقلاب العسكرى الذى شهدته النيجر 26 يوليو الماضى ليس بعيدًا عن الصراع الدائر بين الشرق والغرب فى أوكرانيا، وفى بحر الصين الجنوبى حول جزيرة تايوان الصينية.

صحيح أن العملية العسكرية الروسية الخاصة بدأت فى 24 فبراير2022 لحماية الأمن القومى الروسى من أطماع حلف الناتو الذى كان يخطط لضم أوكرانيا ونصب صواريخه النووية على بعد بضعة كيلومترات من موسكو؛ إلا أن الأمر لن يتعلق منذ اللحظة الأولى بحدود هذه الأزمة.

الغرب الجماعى بقيادة الولايات المتحدة كان يسعى لبسط نفوذه وهيمنته على العالم بشكل متوازي، فبينما كان يحاول توسيع الناتو فى شرق أوروبا تلاعب فى الخفاء بما يعرف بمبدأ "الصين واحدة" لتعزيز تعاونه وتنسيقه مع الانفصاليين فى جزيرة تايوان فى الوقت الذى كانت القيادة العسكرية المركزية الأمريكية فى أفريقيا "أفريكوم" تحاول تعزيز تواجدها فى شمال افريقيا ووسطها.

لم يكن التحرك الروسى ليأتى منفردًا ودون تنسيق مع جمهورية الصين الشعبية التى كانت قد دخلت فى مواجهة تجارية أشبه بالحرب حامية الوطيس مع الولايات المتحدة بوصول الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب.

بعيدُا عن المواقف الرسمية، هزيمة روسيا فى أوكرانيا يعنى سقوط تايوان بين يدى الأمريكان، ولا يعنى ذلك أن موسكو كانت فى حاجة إلى دعم عسكرى صينى أو حتى دعم سياسى معلن، لكن القوتين اللتين تمثلان المعسكر الشرقى كانتا دائمًا تعملان بتنسيق فى أماكن دقيقة حول العالم.

انطلقت عدة مناورات عسكرية ضخمة للاسطولين البحريين الروسى والصينى فى منطقة المحيط الهادى والهندى ممتدة من بحر اليابان فى الشمال إلى بحر الصين الجنوبى ليؤكدا جاهزية عالية لأى مواجهة محتملة مع القطع الحربية الأمريكية والأوروبية التى تجوب المنطقة بين الحين والحين لتعزيز ما تسميه أمن التجارة العالمية وحرية الملاحة.

فى السياق ذاته، تأتى تحركات ومناورات مماثلة فى بحر الشمال، بل أن 11 قطعة حربية صينية وروسية اقتربت الأسبوع الماضى من سواحل ألاسكا الأمريكية ما أدى إلى استنفار الجيش الأمريكى الذى أرسل 4 مدمرات وطائرة استطلاع.

مع تصاعد العمليات العسكرية فى الساحة الأوكرانية ترتفع أصوات المحذرين من اندلاع حرب عالمية ثالثة يستخدم فيها السلاح النووى، ويبدو أن أغلب المراقبين والمحللين يذهبون فى تعريفهم أو وصفهم لشكل الحرب العالمية الثالثة بأنها تلك الحرب التى تستخدم الأسلحة التقليدية ثم تتطور لتستخدم أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووى؛ إلا أننا على ما يبدو بصدد حرب ثالثة فعليًا ولكن أطرافها لا يريدون تدمير ذواتهم وقرروا ألا ينخرطوا فى مواجهة مباشرة عبر حرب تقليدية أو نووية؛ إنهم يخوضون حربهم الثالثة بأدوات وأشكال جديدة، جانبها العسكرى يندلع بما يعرف بـ"الحرب بالوكالة" أى أن تقوم أوكرانيا نيابة عن حلف النيتو بقتال الدب الروسى وربما كان مخططًا أن تقوم تايوان بنفس الدور مع التنين الصيني.

أما المناورت التى تحوم حول مناطق تماس خطرة ليست سوى رسائل تهديد خشنة، وفيما يبدو أن منطقة الساحل الافريقى ستشهد مواجهة عسكرية جديدة بين المعسكرين الشرقى والغربى بالوكالة أيضًا والنيجر ستكون مسرحًا لعملياتها.

فرنسا أعلنت عبر وزارتى الخارجية والدفاع دعمها لإنذار منظمة "إيكواس" الاقتصادية لمجموعة دول غرب افريقيا للعسكريين الذين انقلبوا على حكم محمد بازوم فى النيجر.

الموقف الفرنسى الرسمى لم يشر إلى تدخل عسكرى مباشر مكتفيًا بدعم موقف "ايكواس"، لكن تقارير صحفية تحدثت عن استعدادات مقاتلات فرنسية مقاتلة فى قاعدة بدولة جيبوتى.

تعانى معظم دول غرب افريقيا من اقتصادات ضعيفة ربما لا تساعدها على تمويل حرب طويلة مع النيجر التى أعلنت كل من مالى وبوركينا فاسو وقوفها إلى جانبها لمواجهة أى تدخل عسكرى خارجى معتبرة إعلان الحرب على النيجر إعلاناً للحرب عليهما.

فى الشمال تقف الجزائر معارضة لأى تدخل عسكرى لأنه من ناحية سيشكل تهديدًا لأمنها القومى، ومن ناحية أخرى سيؤدى إلى تزايد نشاط التنظيمات الإرهابية المنتشرة فى المنطقة (داعش وبوكو حرام).

ومن اللافت فى هذا السياق أن تنظيم داعش الذى تدعى القوات الفرنسية والأمريكية المتواجدتان فى النيجر محاربته، قاما بمهاجمة قافلة مساعدات أرسلتها مالى إلى النيجر خلال الاسبوع المنصرم.

هناك مخاوف جادة من أن تعمل الولايات المتحدة على استخدام التنظيمات الإرهابية فى هذه الحرب على غرار ما فعلت فى العراق وسوريا، وجميعنا يذكر حمولات المؤن والأسلحة التى كانت تلقيها الطائرات الأمريكية إلى عناصر داعش زاعمة أنها ألقيت بطريق الخطأ؛ فكان من اللافت أن دحر التنظيم الإرهابى وغيره من التنظيمات المسلحة فى سوريا لم يتم إلا بعد التدخل الروسى.

هنا يأتى دور قوات فاجنر المتواجدة فى مالى والتى من المرجح أن تقوم بتقديم الدعم لجيش النيجر حال اندلعت هذه الحرب.

فى هذا الإطار لابد من التذكير بالمناورات العسكرية التى أجرتها كل من الولايات المتحدة وروسيا مع دول إقليمية أخرى فى الشمال الافريقى يضاف إلى ذلك النفوذ الصينى المتنامى عبر المشروعات الاقتصادية فى المنطقة والذى يعد شكلًا آخر للمواجهة بين المعسكرين بالنظر إلى المصالح والشركات الفرنسية التى عملت طوال الوقت بذات المنطق الاستعمارى فى نهب ثروات افريقيا لتظل شعوبها فقيرة إلى حد الجوع.

إندلاع الحرب فى الساحل الافريقى ستكون له تداعيات خطيرة التى ستمتد إلى الجزائر وليبيا وسيخلق تحديًا جديدًا للأمن القومى المصرى على حدودها الغربية والجنوبية ولن تكونا تونس والمغرب بعيدتان عن تلك التداعيات، لذلك يتعين على دول الشمال الافريقي الكبرى (مصر-الجزائر – المغرب) العمل على صياغة استراتيجية لاحتواء هذا الصراع قبل اندلاعه، أو التعامل مع تداعياته الأمنية والسياسية حال وقوعه حتى لا يطالنا وهج سعيرها.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أوكرانيا النيجر الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

17 خطوة نحو السلام.. مبادرة أمريكية لرسم مستقبل أوكرانيا

البلاد (واشنطن)

مع اقتراب موعد انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” في مدينة لاهاي، تجد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نفسها أمام لحظة حاسمة، تستدعي طرح رؤية شاملة للسلام في أوكرانيا، تتجاوز الطروحات التقليدية الرامية فقط إلى وقف إطلاق النار، نحو خطة أكثر طموحاً تتضمن معالجة شاملة لجذور الصراع، وتوازن دقيق بين الأمن الإقليمي والمصالح الإستراتيجية لجميع الأطراف. فعلى الرغم من التعقيدات الجيوسياسية المحيطة بالملف الأوكراني، التي تتضمن تشدد موسكو، وتزايد الانشغالات الغربية في ظل التصعيد المتسارع في الشرق الأوسط، إلا أن غياب مبادرة دبلوماسية أمريكية واضحة يفتح الباب أمام تفاقم الأوضاع، ويعرض واشنطن لمخاطر انزلاق تدريجي نحو أزمات مفتوحة لا تملك السيطرة عليها بالكامل. فمواصلة الدعم العسكري غير المرتبط بخطة سياسية متكاملة؛ قد تتحول إلى عبء استراتيجي طويل الأمد، في حين أن أي انسحاب مفاجئ من هذا الدعم؛ قد يفضي إلى انهيار الدفاعات الأوكرانية، ومن ثم إضعاف مصداقية الغرب في وجه خصومه.
من هذا المنطلق، تبدو الحاجة ملحّة إلى تقديم خارطة طريق للسلام تتضمن سبعة عشر بندًا تشكل حجر الأساس لأي تسوية محتملة. تبدأ الخطة بوقف إطلاق نار دائم على خطوط التماس الحالية مع إمكانية محدودة لتبادل الأراضي بشكل متفق عليه، تليه ضمانات متبادلة بعدم تغيير الحدود بالقوة أو اللجوء إلى التخريب. وتشير الخطة إلى أهمية رعاية الأمم المتحدة لمفاوضات مستقبلية تهدف إلى تحديد الوضع النهائي للمناطق المتنازع عليها مثل دونباس وشبه جزيرة القرم، مع احترام إرادة السكان المحليين عبر آليات ديمقراطية. كذلك تشدد الخطة على ضرورة منع جميع أشكال العمليات التخريبية عبر الحدود، بما يعزز الثقة ويحد من احتمالات التصعيد المتجدد.
أما في ما يتعلق بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا، فتقترح الخطة رفعًا تدريجيًا مشروطًا، مع الاحتفاظ بآلية تضمن إعادة فرضها تلقائيًا في حال حدوث أي خرق من الجانب الروسي. وتدعو إلى تحويل الأصول الروسية المجمدة إلى صندوق إعمار أوكراني تديره الأمم المتحدة، ويوزع عائداته بشكل متوازن على المناطق الخاضعة لكييف وتلك الواقعة تحت السيطرة الروسية، بهدف تحقيق العدالة والتنمية المتوازنة. كما تتضمن الخطة بنودًا خاصة بضمان الحقوق الثقافية واللغوية للأقليات في البلدين، على أن تُكفل دستوريًا، بما يحد من خطاب الكراهية ويعزز الانسجام الاجتماعي.
ومن النقاط الجوهرية في هذا المقترح دعوة أوكرانيا إلى تبني حياد دائم في دستورها، والتخلي عن مساعي الانضمام إلى الناتو، مقابل تجميد توسع الحلف في مناطق جديدة، بما في ذلك استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد أي طلبات عضوية إضافية. في المقابل، تنص الخطة على اعتراف روسي واضح بحق أوكرانيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وعلى ضرورة احترام سيادتها في بناء قدراتها الدفاعية دون قيود تعسفية. ومع ذلك، تضع الولايات المتحدة قيودًا على نوعية المساعدات العسكرية التي تقدمها لكييف، بحيث لا تشمل صواريخ بعيدة المدى أو دبابات ثقيلة أو طائرات مقاتلة، تجنبًا لاستفزاز موسكو.
كذلك، تدعو الخطة إلى نشر قوات حفظ سلام محايدة تحت إشراف الأمم المتحدة، ومنع تواجد أي قوات تابعة للناتو داخل الأراضي الأوكرانية. وتتضمن ضمانات أمنية روسية في مقابل التزام أمريكي بعدم نشر قوات عسكرية في الدول المتاخمة لروسيا، مع احتفاظ واشنطن بحق التراجع عن هذا التعهد إذا أقدمت موسكو على أي هجوم جديد ضد أوكرانيا. وعلى صعيد التسلح، تقترح الخطة اتفاقية جديدة بشأن الصواريخ المتوسطة المدى، تُلزم روسيا بسحب منظوماتها من بيلاروسيا وكالينينغراد، مقابل التزام أمريكي بعدم نشر صواريخ مماثلة في ألمانيا. كما تعيد الخطة فتح باب التفاوض حول الحد من الأسلحة النووية عبر استئناف المحادثات انطلاقًا من معاهدة “ستارت”، في إطار رؤية أوسع للحد من مخاطر التسلح النووي في أوروبا.
وتتوج هذه الخطة بطرح فكرة إنشاء مجلس أمن أوروبي دائم ضمن هيكلية الأمم المتحدة، يضم الدول النووية الخمس، مع إمكانية انضمام دول أخرى مؤثرة مثل الهند والبرازيل وألمانيا، على أن يتولى هذا المجلس متابعة الأزمات الأوروبية ووضع آليات دائمة للردع والحوار.
أما على صعيد آليات التنفيذ، فتؤكد الخطة أن انطلاق مفاوضات السلام مرهون بقبول أوكرانيا وحلفائها في الناتو لهذه الشروط. فإذا وافقوا عليها، يتم طرحها على الجانب الروسي، وفي حال رفضها الكرملين، يتعين على الولايات المتحدة الاستمرار في دعم كييف عسكريًا دون تغيير. أما إذا رفض الأوكرانيون والأوروبيون هذه الخطة، فيجب على واشنطن أن تعلن صراحة أن هذا الرفض سيترتب عليه وقف الدعم العسكري الأمريكي، مع تحميلهم مسؤولية ما قد يترتب على استمرار الحرب وتصاعدها.
ويشكّل التوقيت عاملًا حاسمًا في هذا السياق، إذ يعاني القادة الأوكرانيون من ضغوط داخلية هائلة، ويحتاجون إلى غطاء سياسي خارجي – وخاصة من الولايات المتحدة – يمنحهم هامش مناورة لتقديم تنازلات قد تبدو غير شعبية على المستوى الداخلي، على غرار ما حدث تاريخيًا في تجارب مشابهة مثل خروج فرنسا من الجزائر أو انسحاب أمريكا من فيتنام. وتعدّ مواكبة واشنطن للموقف الأوكراني في هذه المرحلة الحساسة أمرًا ضروريًا ليس فقط لتحقيق السلام، وإنما للحفاظ على مكانة الولايات المتحدة القيادية في النظام العالمي.

مقالات مشابهة

  • الكرملين مؤيدا ترامب: أوكرانيا خسرت القرم منذ سنوات
  • لوبوان: 4 أسئلة لفهم أزمة اليورانيوم بين النيجر وشركة أورانو الفرنسية
  • القناة 7 الإسرائيلية: 36 ألف طلب تعويض عن الحرب مع إيران
  • أوكرانيا تتوعد بتكثيف هجماتها في العمق الروسي
  • الأرصاد: ضباب في الشمال الغربي والحرارة ضمن معدلاتها
  • 17 خطوة نحو السلام.. مبادرة أمريكية لرسم مستقبل أوكرانيا
  • بوتين: على أوكرانيا الاعتراف بنتائج الاستفتاء في دونباس
  • الأرصاد: لا تغيّر كبير في الطقس حتى نهاية الأسبوع وحرارة مرتفعة مؤقتًا شمالًا
  • عدوى تأميم المناجم تصل النيجر وتدشن خلافا جديدا مع فرنسا
  • أسبوع صيفي “مريح” على العراق.. ولكن: “غليان” فوق أوروبا سيشعل المنطقة