اختتمت القوى السياسية والمدنية السودانية مؤتمرها اليوم “الأحد” بالقاهرة بلقاء عدد من ممثلي الأحزاب والشخصيات التي حضرت المؤتمر مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك بعد أن اختلفت الآراء أمس على البيان الختامي للمؤتمر، والذي رفضت قيادات من الكتلة الديمقراطية التوقيع عليه، على رأسها مالك عقار رئيس الحركة الشعبية شمال ونائب رئيس المجلس السيادي ودكتور جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية، ومني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان وحاكم إقليم دارفور، ومحمد الأمين ترك رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة والدكتور التيجاني سيسي رئيس الحراك الوطني وآخرون.

أسباب الرفض
وأخرجت المجموعة التي رفضت التوقيع بيانا حول هذا الرفض أوضحت فيه أسباب رفضها المباشر مع تنسيقية القوى المدنية “تقدم” في هذه المرحلة، وذلك لتحالفها مع مليشيا الدعم السريع وفقا لاتفاق موقع ومعلن بينهما، وذكر البيان أسباب أخرى لعدم التوقيع تتصل بعدم إدانة تقدم للانتهاكات الجسيمة لحقوق وكرامة الإنسان، و للممارسات المهينة، وانتهاكات العروض و السلب و النهب، وأوضح البيان أنه عطفا على ذلك تم رفض تشكيل آلية مشتركة مع تنسيقية تقدم، و لذلك امتنعت القوى السياسية والمدنية عن التوقيع على البيان الختامي لمؤتمر القاهرة، وأشار البيان إلى أن لقوى السياسية والمدنية قدمت رؤيتها بشكل منفصل حول القضايا الانسانية والسياسية وكيفية إيقاف الحرب للميسرين وتعديلاتها على المسودة الأولية للبيان الختامي، والإتفاق على أن يصدر بيان من الميسرين بالمخرجات باعتبار أن الدعوة قدمت بشكل شخصي.

وأوضحت هذه المجموعة في بيانها أن البيان الختامي الذي تم إصداره لم يستصحب ملاحظاتها وتعديلاتها ولم توقع عليه ولا يحظى بالتوافق، كما أن الشخص الذى تلى البيان غير متفق عليه، وقدمت هذه المجموعة الشكر لمصر على الدعوة لايجاد أفق لحل الأزمة السياسية وإنهاء الحرب، كما قدمت الشكر لمصر لاستضافتها لمواطنين سودانيين على أراضيها ووقوفها المستمر إلى جانب السودان وشعبه في مختلف المحافل، وأشاد البيان بكلمة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، والتي أكد من خلالها دعم ومساندة مصر لسيادة الدولة السودانية، وبقاء مؤسساتها وأمنها القومي.

عدم الإدانة
كما أوضح رئيس حركة تحرير السودان، حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، أن سبب رفضه مع عقار وجبريل إبراهيم التوقيع على بيان القاهرة الختامي لمؤتمر القوى السياسية والمدنية، يرجع إلى عدم إدانة البيان لانتهاكات لدعم السريع. وقال مناوي في تصريح خاص أمس السبت لـ ”المحقق” قلنا لهم طالما أنكم لا تريدون إدانة الدعم السريع في جرائمها في كافة أنحاء السودان، على الأقل علينا أن ندين ما يجري في الفاشر من الإبادة وحرق المستشفيات واستهداف التجمعات السكانية، وإدانة مجزرة ود النورة”.

وحول تأثير عدم توقيع مناوي وجبريل وعقار، على العلاقة بشركائهم في الكتلة الديمقراطية الذين وقعوا على البيان الختامي، قال مناوي إن ذلك لن يؤثر أبداً على علاقتنا بالشركاء في الكتلة الديمقراطية، مضيفاً: لا أدري إذا كانت القاهرة سوف تستمر في اجتماعاتها مع القوى السياسية والمدنية أم لا، متمنياً في الوقت نفسه أن تستمر مصر في مساعيها.

تفاصيل غير مهمة
وحول مدى تأثير ذلك على مكونات الكتلة الديمقراطية، والتي وقعت مجموعات منها على البيان الختامي، أكد مصدر قريب من الكتلة الديمقراطية أن رفض التوقيع على البيان لم يكن موفقاً، وقال المصدر لـ “المحقق” إن الرفض جاء في تفاصيل غير مهمة، وإن الأهم كان هذا التجمع الكبير للقوى السياسية والمدنية المختلفة لأول مرة تحت سقف واحد، وإن ذلك معناه التخلص من فكرة الإقصاء التي كانت موجودة من قبل، مضيفاً أن الهدف الأهم كان في تثبيت المنبر السياسي في مصر، وأن هذا يعد أكبر مكسب للعملية، بحضور كل الشركاء الاقليميين والدوليين، وأعرب المصدر عن استغرابه لرفض هذه المجموعة الجلوس مع مكونات تقدم والنقاشات معها بشكل مباشر، وقال على الرغم من أن مثل هذه النقاشات تدور بشكل مباشر في عواصم أوربية في جنيف وباريس وهلسينكي وغيرها، كاشفاً عن لقاء مباشر بين الطرفين أقيم في العاصمة السويسرية بداية الشهر الجاري لمدة 3 أيام، متسائلا لماذا يحدث ذلك هناك ولم يحدث في القاهرة، وقال المصدر رغم أن النقاشات في سويسرا كانت أعمق، لدرجة أن طلب الحاضرون أن تربط هذه النقاشات بمبادرة القاهرة، لاتفاق الجميع على أنها أفضل مكان يمكن النقاش والحوار فيه، وكشف المصدر عن أن مالك عقار كان موافقاً على البيان، وأنه لو كان ذكر اسمه من الموقعين لن يرفض، وعاد المصدر لتعجبه مرة أخرى قائلا نفس هذه المكونات كانت تقف على الحياد في الحرب لفترة طويلة، فماذا حدث الآن، وقال مع ذلك المواقف ليست بعيدة، مشددا على ضرورة الحفاظ على تحالف الكتلة الديمقراطية، وترك الباب مفتوحا أمام الحوار واستمراره تحت رعاية القاهرة، مضيفاً ليس صعباً التواصل بين الأطراف مرة أخرى، وعلى مصر أن تستمر في جهودها،

وعن عدم حضور المجموعة الرافضة للقاء الرئيس السيسي، أوضح المصدر أن الطرف المصري هو الذي حدد من سيحضر اللقاء.

خلاف جوهري
من جانبها أكدت المجموعة الرافضة على رغبتها في استمرار القاهرة في الحوار، موضحة أن الاعتراض كان على البيان الختامي وليس على صاحبة الدعوة، وأن “تقدم” رفضت من جانبها إدانة الدعم السريع، دون إدانة الجيش معه، كما أبانت مصادر قريبة من الإجتماعات أن تلبية المكونات للدعوة وتمثيلها على أعلى مستوى جاء لمكانة مصر ودورها، وقالت المصادر لـ “المحقق” إن التمثيل في أي عاصمة أخرى يكون بمستويات أقل، ولفتت المصادر إلى أنه كان من الصعوبة الإتفاق بين هذه المكونات المختلفة في يوم واحد، وكان ينبغي أن تستمر العملية السياسية، مبينة أن الخلاف حول البيان الختامي جوهريا، وتابعت أن المجموعة الرافضة كانت ترغب في تسميته مخرجات وليس بيانا، لأن البيان لديه التزامات أكبر.

الثوابت المصرية
ويبقى أن القاهرة أثبتت وتثبت دائما أنها على مسافة واحدة من كل الأطراف السياسية السودانية، وأنها جددت على لسان الرئيس السيسي خلال لقائه عدداً من المكونات السياسية والمدنية التي شاركت في المؤتمر التأكيد على ضرورة أن يتضمن الإنتقال للمسار السياسي للأزمة مشاركة كافة الأطراف، وفقاً للمصلحة الوطنية السودانية دون غيرها، وأن يكون شعار
“السودان أولاً” هو المحرك لجميع الجهود الوطنية المخلصة، فضلاً عن ضرورة أن ترتكز أية عملية سياسية ذات مصداقية، على احترام مبادئ سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، باعتبارها أساس وحدة وبناء واستقرار السودان وشعبه.
مؤكداً حرص مصر على التنسيق والتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لحل الأزمة السودانية، مشدداً على أن مصر لن تألو جهداً، ولن تدخر أية محاولة، في سبيل رأب الصدع بين مختلف الأطراف السودانية، ووقف الحرب، وضمان عودة الأمن والاستقرار، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني، مؤكداً ضرورة تكاتف المساعي للتوصل لحل سياسي شامل، يحقق تطلعات شعب السودان، وينهي الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي يعيشها السودان، بما تحمله من تداعيات كارثية على مختلف الأصعدة، السياسية والاجتماعية والإنسانية، كما أكد الرئيس أن الدولة المصرية تبذل أقصى الجهد، سواء ثنائياً، أو إقليمياً ودولياً، لمواجهة تداعيات الأزمة السودانية، وذلك عبر تقديم كافة أوجه الدعم، بما يعكس خصوصية العلاقات المصرية السودانية، حيث تستمر مصر في إرسال عدد كبير من شحنات المساعدات الإنسانية للأشقاء في السودان، فضلاً عن استضافة ملايين الأشقاء السودانيين بمصر.

القاهرة – المحقق – صباح موسى

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوى السیاسیة والمدنیة الکتلة الدیمقراطیة على البیان الختامی

إقرأ أيضاً:

نقل الرفات إلى مقابر رسمية يجدّد حزن العائلات السودانية

الخرطوم – خلال فترة الحرب في ولاية الخرطوم، اضطرت إيمان عبد العظيم إلى دفن شقيقها في فناء المنزل بمدينة بحري بمساعدة جيرانها، بعد أن أصبح الوصول إلى المقابر مستحيلا بسبب المعارك، وتقول للجزيرة نت إن حزنهم تجدد وعاشوا ألم الفقد مرة ثانية، بعد نقل رفاته إلى مقبرة عامة.

ومثل إيمان، عاشت مئات الأسر في الخرطوم مشهد دفن جثامين ذويها مرتين، الأولى كانت تحت أزيز الرصاص وفي ساحات المنازل والمدارس والمساجد وحتى الميادين العامة، حينما كان الخروج إلى المقابر الرسمية ضربا من المستحيل أثناء المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالعاصمة.

أما الثانية فتجري اليوم وسط ترتيبات رسمية وحملة حكومية تهدف إلى نقل الرفات إلى مقابر مخصصة، لتبدأ معها مرحلة جديدة من الألم.

عمال سودانيون ينبشون قبورا لاستخراج جثث مدفونة داخل مدرسة لنقلها إلى مقابر عامة للدفن (الفرنسية)حملة منظمة

وأعلنت ولاية الخرطوم مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، بدء حملة منظّمة لحصر ونقل الرفات من مواقع الدفن الاضطراري إلى مقابر مجهزة، وشُكّلت لجانا ولائية (نسبة للولايات) ومحلية تضم ممثلين من الطب العدلي والدفاع المدني والهلال الأحمر السوداني، إضافة إلى لجان التسيير والخدمات بالأحياء.

وقال المدير التنفيذي لمحلية بحري عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن، للجزيرة نت، إن هذه الحملة تهدف إلى تخفيف العبء النفسي على الأسر وتنظيم المشهد الصحي والإنساني في الخرطوم.

ووفق عبد الرحمن، تشرف على هذه الحملة "اللجنة العليا لجمع رفات المتوفين أثناء معركة الكرامة"، وتستهدف نقلها من الميادين والأحياء السكنية.

وتعتمد عملية النقل على 4 مراحل:

حصر مواقع الدفن الاضطراري داخل الأحياء. إبلاغ العائلات وإشراك ممثلين عنهم في كل خطوة من النبش وحتى الدفن. نبش الرفات تحت إشراف مختصين من الطب العدلي. إعادة الدفن في مقابر مخصصة مع توثيق كامل للبيانات. إعلان

من جهته، أوضح مدير هيئة الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين -في حديث للجزيرة نت- أن عمليات نقل رفات الضحايا بدأت منذ سيطرة الجيش السوداني على الولاية، حيث قامت فرق ميدانية بدفن جثامين لمواطنين ومقاتلين في مقابر رسمية.

وأكد أن الربع الأول من العام 2026 سيشهد خلو الخرطوم بمحلياتها السبع من أي قبر مدفون خارج المقابر المخصصة، وأشار إلى تحديات تواجه عمل الفرق الميدانية المعنية بعمليات النبش والدفن، منها نقص الأكياس المخصصة للجثامين، "مما قد يؤثر على سير العمل بالصورة المطلوبة".

الحملة يشارك فيها الطب العدلي والدفاع المدني والهلال الأحمر السوداني ولجان التسيير والخدمات بالأحياء (الفرنسية)تخريب

وحسب زين العابدبن، قامت قوات الدعم السريع بتخريب وحدات الحمض النووي (دي إن إيه) المخصصة لحفظ عينات أعداد من الجثامين المدفونة، وهو ما صعّب مهمة التعرّف على الكثير من الضحايا، وأوضح أنهم لجؤوا لحلول بديلة من خلال ترقيم الجثامين وتوثيق مراحل الدفن، ومن ثم دفنها في مقابر جُهزت خصيصا لمجهولي الهوية.

ودعا مدير هيئة الطب العدلي الجهات الفاعلة والمنظمات والمواطنين إلى مساعدتهم في تجهيز القبور، وأكد أن العمل الذي ينتظرهم كبير ويحتاج لتضافر الجهود بين الحكومة والمواطنين.

من جانبها، قالت نائبة رئيس لجنة التسيير والخدمات بحي شمبات بمدينة بحري شيرين الطيب نور الدائم، للجزيرة نت، إن اللجنة قامت بعمليات حصر للقبور الموجودة داخل المنازل والمساجد والميادين في عدد من الأحياء، كخطوة أولية قبل وصول الفرق الطبية وبدء عمليات النبش ونقل الجثامين.

وأضافت أن الحملة انطلقت في عدد من المناطق بمدينة بحري يوم الاثنين الماضي بمشاركة الجهات الحكومية والمنظمات.

أدوار المشاركين في الحملة تشمل تحديد مواقع القبور الاضطرارية وتجميع البيانات (الفرنسية)أدوار

وحول دورهم فيها، أفادت نور الدائم بأنهم يقومون بإبلاغ ذوي الضحايا للحضور ومتابعة الإجراءات الرسمية مع الفرق القانونية والطبية حتى تتم عملية النقل والدفن. وفي حالة عدم حضور أحد من أقارب المتوفين يتم إيقاف عملية النبش وفقا لتوجيهات عمل "اللجنة العليا لجمع رفات المتوفين".

وتشمل أدوارهم في حملة نقل الرفات:

الحصر الميداني، وتحديد مواقع القبور الاضطرارية، وتجميع البيانات، والتواصل المباشر مع الأسر. التنظيم الميداني ودعم الفرق في عمليات النبش والدفن. التنسيق بين الفرق الميدانية وأهالي المتوفين وضمان حضور الأسرة أو ممثل عنها.

وطالبت نائبة رئيس لجنة التسيير والخدمات بحي شمبات المواطنين بالتبليغ عن أماكن وجود القبور الاضطرارية حتى تتمكن الفرق الميدانية من الوصول إليها.

وأشارت إلى أن البلاد تحتاج إلى مزيد من الجهود لاستكمال عمليات البناء وإعادة الإعمار، وأن ما يقومون به هو "عمل يمهّد لتهيئة بيئة سليمة لعودة المواطنين".

وعلى الرغم من صعوبة أن يعيش الناس وداعا ثانيا لأحبائهم، فإن عمليات النبش ونقل رفات المتوفين تمثل في جوهرها خطوة من خطوات التعافي وإعادة ترتيب ما خلفته الحرب في ولاية الخرطوم.

إعلان

مقالات مشابهة

  • القاهرة الإخبارية: 6 قتلى في استهداف مقر للأمم المتحدة بمدينة كادوقلي جنوب السودان
  • خلال اتصال هاتفي.. السيسي يؤكد لماكرون دعم مصر لوحدة السودان وإنهاء الحرب
  • نقل الرفات إلى مقابر رسمية يجدّد حزن العائلات السودانية
  • الجيش السوداني: ماضون في مسيرة تحرير الوطن والدفاع عن سيادته
  • لجميع مشتركي ألفا... إليكم هذا البيان
  • مسيرة لقوات الدعم السريع تستهدف حي طيبة شرقي مدينة الأبيض السودانية
  • بريطانيا: عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بينهم عبد الرحيم دقلو
  • الحسن القاهرة والفيوم يتصدران مجموعتي دوري السلة للكراسي المتحركة رجال
  • الحسن القاهرة والفيوم يتصدران مجموعتي دوري السلة للكراسي المتحركة للرجال بعد نهاية الدور الأول
  • الحسن القاهرة والفيوم يتصدران دوري السلة للكراسي المتحركة رجال