هل تتحمل ذراع إيران تكلفة عودة الحرب مع السعودية؟
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
صعّدت جماعة الحوثي، ذراع إيران في اليمن، من لغتها العدائية نحو السعودية، مهددة إياها بقصف مصالحها الحيوية، كردة فعل عقب فشلها في استثمار خطفها لطائرات "اليمنية" والتي أدت إلى إغلاق مطار صنعاء الخاضع لسيطرتها.
الفشل في ملف المطار، عمق الأزمة التي تعاني منها الجماعة الحوثية جراء فشلها في مواجهة خطوات وقرارات الحكومة اليمنية الأخيرة الهادفة لنزع سلطة الجماعة على مؤسسات وملفات مهمة كالبنوك التجارية، والذي اعتبرته الجماعة بأنها "حرب اقتصادية".
وما يضاعف من وطأة الأزمة على الجماعة أن فشلها اليوم يحدث في مواجهة خصمها الداخلي وهي الحكومة الشرعية التي ظلت طيلة السنوات الماضية تسخر منها، ما دفعها إلى الترويج بأن هذه الحرب الاقتصادية موجهة ضدها من قبل أمريكا والغرب على خلفية الهجمات التي تشنها ضد الملاحة الدولية.
وتكمل الجماعة الحوثية روايتها الموجهة نحو أنصارها بأن تنفيذ هذه الحرب الاقتصادية يأتي عبر السعودية وأن وقفها يمكن من خلال تهديد الأخيرة باستهداف مصالحها بالصواريخ والمُسيرات، كما عبر عنه زعيم الجماعة في خطابه الأخير باستهداف مطارات وموانئ وبنوك السعودية مقابل المطارات والموانئ والبنوك الخاضعة لسيطرتها.
ورغم أدراك الجماعة الحوثية بأن الرياض التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية منذ 2015م لا تقف خلف قرارات وخطوات الحكومة الأخيرة، وأن رغبتها المعلنة خلال السنوات الأربع الأخيرة تتمثل في إغلاق ملف الحرب باليمن، إلا أن الجماعة الحوثية ترى بأن تهديد السعودية بعودة الحرب هو الحل الوحيد لإجبارها على ممارسة ضغوط ضد الحكومة الشرعية لوقف إجراءاتها وقراراتها التي تحظى اليوم بفرصة كبيرة لنجاحها جراء غياب الضغوط الغربية كما كان يحدث في الماضي.
إلا أن الجماعة الحوثية تدرك في الوقت ذاتها أن دولة كالسعودية لا يمكن أن تخضع لتهديد وابتزاز من قبل جماعة مسلحة، وهو ما يضع الجماعة أمام خيارين كل منهما أصعب من الآخر، الأول يتمثل في انتظار دخول عُمان على خط الوساطة والخروج بحلول تحفظ لها ماء وجهها ولكنها بالتأكيد ستكون أقل مما تطرحه اليوم ما سيمثل بالأخير هزيمة غير مباشرة أمام أنصارها.
أما الخيار الثاني، يتمثل في تنفيذ الجماعة الحوثية لتهديداتها باستهداف مصالح السعودية، وهنا تقف أمامها تحديات في التنفيذ ومدى قدرتها على ذلك وحجم التأثير والنتائج، وتحديات في تحمل تداعيات ما بعد تنفيذ تهديداتها بقصف مصالح حيوية للرياض وحجم الفاتورة التي ستدفعها جراء ذلك.
فاستهداف مصالح هامة بالسعودية ومنها ما نشره إعلام الجماعة في منشورات دعائية عقب تهديد زعيمها تتضمن رصداً لأهم المطارات المدنية والموانئ بالسعودية، تطرح تساؤلات وشكوكا حول قدرات الجماعة في تنفيذ ذلك خاصة بالنظر الى محاولاتها السابقة أثناء الحرب منذ 2015م حتى توقفها باتفاق الهدنة أبريل 2022م.
حيث فشلت أغلب محاولات مليشيا الحوثي في استهداف المواقع المدنية والعسكرية بما فيها المطارات خلال سنوات الحرب باستخدام ما تملكه من صواريخ بالستية بسبب امتلاك الرياض لأحدث منظومات الدفاع الجوي والتي يمكنها التصدي لصواريخ المليشيا الحوثية، وفي حين تفشل هذه المنظومات في اعتراض المُسيرات بسبب صغر حجمها إلا أن تأثيرها على الهدف محدود للغاية.
وفي حين تتفاخر الجماعة الحوثية بتبني مسئولية الهجوم الأبرز الذي تعرضت له السعودية خلال الحرب وهو استهداف منشآت لشركة أرامكو السعودية غرب البلاد في سبتمبر 2019م، إلا أن التحقيقات السعودية اثبتت أن الطائرات المُسيرة والصواريخ المجنحة التي استخدمت بالهجوم انطلقت من شمال البلاد (إمّا من الأراضي الإيرانية أو العراقية).
إلا أن تهديدات الجماعة الحوثية اليوم باستهداف السعودية تأتي بعد مزاعمها مؤخراً بامتلاكها صواريخ "فرط صوتي" وهي صواريخ يصعب اعتراضها حالياً من قبل منظومات الدفاع الجوي الحديث، ما يعني أن استخدام الجماعة لهذه الصواريخ –في حالة صحة مزاعمها– يمكن أن يحدث تأثيرا ودمارا كبيرا في حالة استخدامها ضد مواقع مدنية.
لكن حدوث سيناريو مثل هذا ستكون له تداعيات كارثية على الجماعة الحوثية، حيث إنه سيعطي الرياض ضوءاً أخضر برد مفتوح لاستهداف مواقع وقيادات الجماعة وقد يشمل الرد إغلاق كافة المطارات والموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثي كما حدث مع انطلاق الحرب في مارس 2015م، ولا يستبعد أيضا أن تلجأ الجماعة الحوثية لتفجير الحرب على كل الجبهات داخلياً.
كارثية هذا المشهد على الجماعة تتمثل في قدرتها على استئناف الحرب داخلياً وخارجياً في الوقت الذي تعيش فيه حرباً مصغرة مع واشنطن التي تشن منذ شهر يناير غارات تستهدف مواقع الجماعة بمناطق سيطرتها والتي تنطلق منها الهجمات على السفن وتعلن بشكل شبه يومي عن تدمير صواريخ ومُسيرات ومنصات إطلاقها.
يضاف إلى أن أول ثمن ستدفعه الجماعة الحوثية في حالة شنها هجمات عنيفة ضد مصالح حيوية داخل السعودية وعودة الحرب معها، هو نسف مسار السلام نهائياً وما يعنيه ذلك من خسارة فادحة للجماعة لما حصلت عليه في هذا المسار وأهمها خارطة الطريق التي تم التوصل لها عقب مفاوضات شاقة امتدت لعامين وبوساطة عُمانية، وتم تجميدها لاحقاً بقرار أمريكي غير مُعلن يربط تنفيذها بوقف الهجمات على السفن، وهو ما ترفضه بشدة الجماعة وظلت طيلة الأشهر الماضية تناشد الرياض البدء بتنفيذ الخارطة وعدم الاكتراث بالضغوط الأمريكية.
فاتورة ثقيلة تنتظر الجماعة الحوثية دفعها في حالة إقدامها على تنفيذ تهديدها تجاه الرياض والهروب نحو إشعال الحرب من جديد، في ظل ما تعانيه من أزمة اقتصادية خانقة بمناطق سيطرتها باتت تهدد قبضتها عليها وتهدد بأن لا يقبل اليمنيون الخاضعون لقبضتها في عودة مشهد الحرب من جديد وأن يكونوا وقوداً لها.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الجماعة الحوثیة فی حالة إلا أن
إقرأ أيضاً:
مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
مع بلوغ الحرب الإسرائيلية يومها الـ600، صادقت حكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- رسميا على عملية "عربات جدعون"، الرامية لاحتلال قطاع غزة بشكل كامل وتهجير سكانه.
وقد أشار تقرير أعده صهيب العصا للجزيرة، إلى أن العصابات الصهيونية أطلقت سنة 1948 عملية حملت الاسم نفسه (عربات جدعون) في الأطراف الشمالية للضفة الغربية -المحاذية للأردن- لتهجير الفلسطينيين منها واحتلالها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شهيد في قلقيلية وإصابات واعتقالات في طولكرمlist 2 of 2في غزة الورد يحترق والمدرسة مقبرةend of listوسيتم تنفيذ العملية الجديدة في غزة على 3 مراحل تستهدف احتلال القطاع وإخضاع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) واستعادة الأسرى وذلك وفقا لمخطط قوات الاحتلال.
وستبدأ العملية بتهجير سكان شمال القطاع إلى مدينة رفح في الجنوب حيث تقول إسرائيل إنها ستقيم "منطقة آمنة"، تمهيدا لتوزيع المساعدات بالتعاون مع شركات مدنية ستفرضها تل أبيب التي تواصل استخدام التجويع سلاحا في هذه الحرب.
تهجير السكان
وفي المرحلة الأخيرة من العملية، ستتوغل قوات الاحتلال تدريجيا في قلب القطاع لتهيئة الأرض لبقاء طويل الأمد وإنهاء المقاومة وتدمير الأنفاق بشكل كامل.
يأتي ذلك، فيما تتصاعد الانتقادات الدولية لهذه العملية التي تستهدف تهجير الفلسطينيين من القطاع من خلال تجويعهم، وهو ما أكده نتنياهو بنفسه في خطابه الأخير، بينما لم تتخذ الدول العربية موقفا من هذه التطورات.
إعلانفي المقابل، تواصل المقاومة تنفيذ عمليات ضد قوات الاحتلال الموجودة في القطاع بين الفينة والأخرى، حيث تم استهداف العديد من الآليات والدبابات والجنود خلال الشهرين الماضيين.
وتقول إنها مستعدة للتفاوض على اتفاق ينهي الحرب ويضمن انسحاب الاحتلال من القطاع وتبادل الأسرى، من دون التفريط في سلاحها، وهو ما ترفضه إسرائيل.